جزاء الصابرين من رب العالمين
أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُهْتَدونَ (158)

شرح الكلمات:

صلوات –الصلاة هنا بمعنى المغفرة وحسن الثناء وليست بمهني العبادة، لأن العبادة تكون لله وليست منه. وكذلك الصلاة هنا ليست بمعنى الرحمة، لأن كلمة الرحمة مذكورة بعد الصلاة.

التفسير:

لقد بيّن الله هنا أن الذين يقولون (إنا لله وإنا إليه راجعون) بصدق القلب عند حلول الآفات السماوية والأرضية فإن الله يعطيهم نصيبا من مغفرته، أي أنه يعوضهم عما فقدوا، ويحوّل فشلهم إلى نجاح، وألمهم إلى الراحة. كذلك يتفضل عليهم بحسن الثناء عليهم.. أي يوطد سمعتهم الحسنة في العالم، ويُجري ذكرهم بالخير على ألسنة الناس. انظروا كيف أن المسلمين بذلوا تضحيات جساما لنشر الإسلام. لقد ضحوا بأرواحهم ونفوسهم وأولادهم دون تردد، ولم يكترثوا بأي مصيبة مهما كبرت، وكانت النتيجة أن أعداء الإسلام أيضا لا يجدون مفرّا اليوم من مدحهم والثناء عليهم. إنهم يعترضون على الإسلام ولا شك، ولكن عندما يتطرق الحديث إلى تضحيات الصحابة فلا بدّ لهم من التسليم بأن ما قدموه من تضحيات في سبيل نصرة دينهم لا يوجد له مثيل. يقول أحد المؤرخين الفرنسيين ” إن أشد ما يثير حيرتي هو أننا نجد بعض الناس في ثياب رثّة بالية في المدينة داخل مسجد بسيط مغطى بجريد النخل يتساقط من سقفه المطر.. نجدهم يهمسون في آذان بعضهم البعض، وعندما نقترب منهم لنعرف ماذا يقولون.. نسمعهم يخططون كيف يُلحقون الهزيمة بقيصر وكسرى. ثم نرى أنهم فعلا بعد بضعة أعوام قد حققوا ما أرادوا. هؤلاء الضعفاء الدراويش الذين لا حيلة لهم.. تمكنوا من تمزيق حكومات قيصر وكسرى “. وهكذا اضطر أشد الأعداء إلى الثناء عليهم والاعتراف بأنهم حققوا إنجازات غير عادية.

لقد جمع الله بين الصلاة والرحمة لحكمة هي أن حكومات الدنيا عندما تكرّم أحدا فإن تكريمهم يتم بطريقتين: إما أن تخلع عليه لقبا، أو تكافئه بالمال والإنعام. ولكن الألقاب التي تمنحها الحكومات لا قيمة لها في الحقيقة، بل إنها في بعض الأحيان تخلع ألقابا مثل “خان بهادور”- أي أشجع الشجعان –على شخص جبان يرتعد من الجرذان، ولكن إذا خلع الله لقبًا على أحد فلا بد أن يكون أهلا له وجديرا به حقا. وللأسف أن الناس يقعون في الخداع من الناحيتين: فإنهم يعتبرون من فاز بلقب شجاع من الحكومة شجاعا حقا، أما من خلع الله عليه لقب شجاع فلا يقيمون له وزنا ولا قيمة.. مع أن الله تعالى إذا منح أحدا لقبا فإنه يخلق فيه ما يؤهله لهذا اللقب. كان في زمن سيدنا المهدي –عليه السلام – شخص من الأحمديين في عقله شيء، جاء إلى قاديان وقال له: لقد أُلهمتُ أنني محمد وأنني موسى وأنني عيسى. فقال له سيدنا المهدي: وهل تنال شيئا مما أوتي موسى وعيسى ورسولنا الكريم؟ قال: لا. قال: فهذا إلهام شيطاني.. لأن الله لا يستهزئ بأحد ويخلع عليه ألقابا ثم لا يخلق فيه صفات تؤهله لها، بل عندما يخلع على أحد لقبًا فإنه يخلق فيه طاقاتٍ وقوى مناسبة له. فإنما ذلك الشيطان الذي لا يعطيك شيئًا، ولكن يدعوك موسى وعيسى ومحمدا-عليهم سلام الله.

فالصلاة تشير إلى النعم الروحانية، والرحمة تتعلق بالإنعامات المادية يراها من حولهم. يقول الله: إن من سنته أنه يمنح الصامدين في الابتلاءات بركات روحانية، وكذلك يمتعهم بمنافع مادية وأنواع الرقي بين مَن حولهم.

(وأولئك هم المهتدون)…لا تعنى الهداية هنا المشي في الصراط المستقيم. لأنهم فعلا يسيرون عليه، وإنما أن الله تعالى لا ينفكّ يأخذهم بعيدا في صراط الهداية، ويزيدهم كثيرا في إخلاصهم وإيمانهم.

والمعنى الثاني أنه في وقت المصائب والشدائد يدلهم على مَخرج منها.

والمعنى الثالث أن العبد عندما يقول بصدق (إنا لله وإنا إليه راجعون)ويتمسك بأهداب الصبر عند المصائب، فإن الله برؤية حال عبده يضطرب من عرشه للقائه، ويجازيه على حبه وإخلاصه.. فيأخذه على صراط هدايته ويوصله إلى غايته المقصودة. فكأنه نتيجةً للصبر والاستقامة يدخل في جماعة المنعم عليهم وتنفتح عليه أبواب الوصال الإلهي.

إذن، فإن الله تعالى يعِدُ هؤلاء الصابرين المخلصين ثلاثة جوائز: أولا –يدلهم على طريق الهداية، وثانيا-يهديهم إلى حلول تُخرجهم من المشاكل، وثالثا –وصالهم الدائم مع حبيبهم وربهم. والذي ينال هذه المنافع …كيف يمكن أن يقلق على ما لحق به من خسارة مؤقتة.

 

إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَو اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ (159)

شرح الكلمات:

الصّفا –جمع صفاة وهي الحجر الصلد الضخم لا يُنبت، والصخرة الملساء لا يمكن حراثتها (الأقرب). والصفا اسم لجبل قرب الكعبة يتكون من صخور كبيرة.

المروة– مفرد مرْوٍ، والمروة حجارة بيض رقاق براقة تقدح منها النار. والمروة أيضا جبل بقرب بيت الله الحرام (الأقرب). وسمي بهذا الاسم لأن حجارته صغيرة.

فالصفا والمروة جبلان عند الكعبة المشرفة. وقد اتسعت الكعبة واتصلت بهما، وهناك باب ينفتح عليهما، وهناك سوق يسمى سوق الصفا، وصار جزءا من المدينة، وعنده يقومون بالسعي بين لصفا والمروة وقت الحج. وفي بادئ الأمر كان الجبلان منفصلين، ولكنهم ملئوا ما بينهما بالتراب والأحجار، فصارا كأنهما جبل واحد. وقد جعل الناس هناك علامتين يعرفون بهما بداية السعي ونهايته.

شعائر-جمع شعيرة، وهي العلامة، وطُرُق العبادة المقررة تسمى أيضا شعائر، ولكنها هنا بمعنى العبادة (الأقرب).

حجَّ –الحج هو القصد، ويعني في الشرع زيارة بيت الله الحرام وأداء مناسك خاصة هناك.

اعتمر –اعتمر المكان: قصد له وزاره. ويقال: اتخذنا ناديا نعتمره أي مجلسا نجلس فيه مرة بعد أخرى ونتقابل هناك. فالاعتمار في الحقيقة هو زيارة مدينة أو مكان مقدس في نفسه أو بسبب التقاء الإخوان هناك.

ولكن العمرة في الشريعة الإسلامية تعني الطواف ببيت الله والسعي بين الصفا والمروة. ويمكن أداء هذه العبادة في أي وقت من السنة، ولكن للحج وقتًا خاصًا. وهناك فرق آخر بين العمرة والحج وهو أنهم يحرمون للعمرة من مكة ويحلقون، ولكن للحج مواقيت خاصة للإحرام من عندها.

جُناح– جَنَحَ: مال. ويطلق الجَناح على الأطراف والأرياش لميلانها. وكذلك يسمى الإثم جُناحا، لأن الإنسان يميل فيه إلى السيئة. وكلمة (كَناه) في الأردية ترجع إلى أصل عربي.

يطّوّف – طوّف حول الشيء وبه: طاف وأكثر المشي حوله (الأقرب). وطاف وطوّف بمعنى واحد، فقد جاء: طاف بالقوم وعليهم: استدار وجاء من نواحيهم (اللسان). وفي القرآن الكريم (يطوف عليهم وِلْدان مخلّدون) (الواقعة: 18). وليس المراد من الطواف هنا أنهم يطوفون حول الصفا والمروة وإنما المعنى أنهم يزورونهما مرارا.

تطوّع– تبرع بلا قصد أجرة لاحتمال مشقة. وتطوع كذا: تحمله طوعا (المفردات). والمطَّوِّع: الذي لا يأخذ أجرا على عمله.

شاكر– إذا وردت الكلمة في حق الله فمعناها الذي يُنـزل نعمه ويجازي على العمل بأوامره. وعندما ترد في حق العبد فمعناها أن يشكر الله على نعمه (المفردات).

التفسير:

قوله تعالى (إن الصفا والمروة من شعائر الله): الصفا والمروة جبلان يقوم الحجاج والمعتمرون بالسعي بينهما بعد الطواف بالكعبة المشرفة سبع مرات، أو أربع عشرة مرة. ولكن هذا الرأي الأخير ضعيف، والحق أن السعي الثابت عن الرسول هو سبع مرات فقط (البخاري، كتاب المناسك)، يبدءون من الصفا وينتهون بالمروة، ثم يرجعون إلى الصفا. هذا السعي إحياء لذكرى السيدة هاجر أم إسماعيل.. ولذلك يُعتبر هذان الجبلان من آيات الله.

لقد أُمر سيدنا إبراهيم أن يأخذ زوجته هاجر مع ابنهما إسماعيل (عليهم السلام) ويتركهما في برية العرب حيث لا زرع فيها ولا ماء. فنفَّذ إبراهيم أمر الله وتركهما في واد غير ذي زرع ولا ماء عند الموضع الذي فيه الكعبة الآن. وترك معهما قِربة ماء وكيسا به تمر، وودعهما بعيون دامعة داعيا ربه. وعندما نفذ الماء اشتد العطش بإسماعيل، وبدأ يضطرب لشدة الظمأ، فلم تستطع الأم رؤية ذلك. فخرجت بحثا عن الماء.. تجري هنا وهناك. فصعدت جبل الصفا علَّها ترى أحدا تستقي منه، ولكنها لم تر أحدا. فأسرعت إلى الجهة الأخرى وصعدت جبل المروة. ونظرت فلم تر أحدا. فرجعت إلى الصفا، ثم إلى المروة مرة أخرى، وتكرر منها هذا السعي سبعة أشواط. وفي الجولة الأخيرة عند المروة سمعت نداء هاتف، فقالت: يا هذا، إن استطعتَ فساعِدْنا. وكان هذا صوت ملاكٍ مرسلٍ من لدن الله تعالى.. فقال: يا هاجر، اذهبي وانظري، فقد فجّر الله عينا تحت أقدام إسماعيل. فرجعت إلى ابنها فوجدت عين ماء بجوار إسماعيل الذي كان يتلوّى من العطش. تلك العين هي بئر زمزم قد فجّرها الله لإسماعيل كآية منه سبحانه وتعالى. وبفضل هذه العين ازدهر هذا المكان وصار مدينة عظيمة بإذن الله.

فبذكر الصفا والمروة وجّه الله الأنظار إلى أن الذين يصبرون لله تعالى ويثبتون ويواظبون على خدمة الدين لا يضيعهم الله أبدا، بل يريهم آياته السماوية كما فعل مع هاجر وإسماعيل، ويهب لهم حياة دائمة أبدية، وينعم عليهم بنعم غير عادية. فإذا صبرتم أنتم أيضا فإن الله سوف ينعم عليكم بهذه النعم ويجعلكم من شعائر الله.

قوله تعالى (فلا جناح عليه أن يطّوّف بهما). كان بعض الناس يظنون أن الطواف بالصفا والمروة إثم، لذلك قال تعالى (لا جناح عليه).. ولا يعني ذلك أنكم مخيّرون بين الطواف أو عدمه، لأن السعي بينهما في الحج والعمرة ضروري. فالعبارة لا تعني أن الطواف بهما جائز، لأنه إذا قيل مثل هذا الكلام في أمر يظن الناس بكونه حراما فإنما يكون المراد نفي ظنهم هذا. ومذهب السيدة عائشة رضي الله عنها أن الطواف ضروري، فقد ورد أن ابن أختها عروة بن الزبير سألها عن هذه الآية وقال (فوالله، ما على أحَد جناح ألاّ يطّوّف بالصفا والمروة! قالت: بئسما قلت يا ابن أختي! إن هذه لو كانت كما أولتها عليه لكانت: لا جناح عليه أن لا يطّوّف بهما (البخاري، كتاب الحج).

تبين هذه الرواية أن عروة بن الزبير كان يرى أن الطواف بهما ليس ضروريا، كذلك ابن عباس وأنس وعطاء ومجاهد. أما الإمام أحمد بن حنبل فمذهبه أن الطواف بهما ليس ضروريا، ولكن لا يليق بأحد أن يتركه عمدا. وإذا تركه ناسيا فلا جناح عليه، ولكن الأنسب أن يطوف بهما. أما الإمامان الشافعي ومالك فيريان أن الطواف بالصفا والمروة من أركان الحج. أما الإمامان الثوري وأبو حنيفة فيريان أن مَن ترك الطواف بهما عمدا في الحج فعليه تقديم الهدي والأضحية (جامع البيان تحت هذه الآية).

وقد ذكرت السيدة عائشة السبب وراء ذلك فقالت: (.. أُنزلت في الأنصار. كانوا قبل أن يُسلموا يُهِلّون لـ”مناة” الطاغية التي كانوا يعبدونها عند المشَلَّل، فكان من أَهَلَّ يتحرج أن يطوف بالصفا والمروة. فلما أسلموا سألوا رسول الله عن ذلك، قالوا يا رسول الله إنا كنا نتحرج أن نطوف الصفا والمروة. فأنزل الله تعالى: إن الصفا والمروة من شعائر الله.. الآية) (البخاري، كتاب الحج).

وما دامت هناك جماعة ترى أن السعي بين الصفا والمروة ليس جائزا، فإذا سأل أحد: هل السعي بينهما إثم أم لا؟ لكان الجواب: كلا. لا إثم في السعي بينهما.

والسؤال عما إذا كان هذا السعي جائزا أم واجبا.. فيجب أن نعرف أن القرآن قد اكتفى بتخطئة من يقولون بأن السعي إثم، وإلا فإن الرسول قد أثبت بسُنته أن هذا السعي ضروري، فقوله تعالى (لا جُناح عليه أن يطوف بهما) لا يعني أن السعي بينهما أمر اختياري.. وللمرء أن يسعى أو لا يسعى! الحق أن هذا أسلوب للنصيحة، عندما لا يهتم الإنسان بأمر ضروري فيقال له: هذا ليس إثما. والمراد: ربما لم تهتم بهذا العمل ظنّا منك أنه إثم، مع أنه ضروري.

وهذا المعنى يوضّحه قول الله تعالى (وإنِ امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا، والصلح خير) (النساء: 129). فقوله تعالى (لا جناح عليهما) يعني أنه إذا فكر الزوجان لوجدا أن الصلح لا إثم فيه. فإذا كان التقصير من المرأة مما يغضب الزوج فعليها أن تتجنب هذا التقصير، وإذا كان الخطأ من الرجل فعليه أن يصلح من أمره.

فبذكر الصفا والمروة وجّه الله الأنظار إلى أن الذين يصبرون لله تعالى ويثبتون ويواظبون على خدمة الدين لا يضيعهم الله أبدا، بل يريهم آياته السماوية كما فعل مع هاجر وإسماعيل، ويهب لهم حياة دائمة أبدية، وينعم عليهم بنعم غير عادية.

فقوله تعالى (فلا جناح عليه أن يطّوّف بهما) كمعنى قوله تعالى (فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا). ولقد نفى الله هنا رأي أولئك الذين يرون السعي بينهما غير جائز أو إثما، وقال: إن السعي بين الصفا والمروة لا إثم فيه. ربما لا تهتمون به ظنا منكم أنه إثم. كلا، إنما هو ضروري.

وفي قوله تعالى (ومن تَطَوَّع خيرا) يشير إلى أن بعض الناس يشتركون في أعمال الخير نظير جزاء وإنعام.. وهذا النوع من المساومة مع الله تعالى ليس أمرا محببا، فالرغبة في المقابل على العبادة رغبة تافهة، وإنما المقام الحقيقي للإنسان هو في أن ينهمك في عبادة الله ليل نهار ويحني رأسه أمامه دائما لكسب رضوانه فقط، وشكرا على نعمه العديدة التي لا حصر لها.

ولنتذكر أن قوله تعالى (ومن تطوع خيرا) لا ينفي وجوب الطواف، وإنما المراد أنكم كلما قمتم بالعمرة والحج ازددتم ثوابا. وكأنه حضّ على أن يؤدي المرء الحج والعمرة، ويقوم بزيارة هذه الأماكن المقدسة مرة بعد أخرى.

وقوله تعالى (إن الله شاكر عليم) يعني: لا تساوموا الله تعالى، بل ينبغي أن تتوكلوا عليه توكلا صادقا، فلن يضيع أعمالكم الحسنة، وسوف يجازيكم عليها خير الجزاء، لأنه يُقدّر الأعمال حق قدرها، ويعلمها تماما. ولقد أضاف صفة العلم إلى الشكر، لأن الجزاء الذي يناله الإنسان على أنواع: فبعضه يدمر الإنسان، وبعضه نافع مبارك. فمثلا لو منحتَ الأعمى منظارا، أو المجذوب ملابس فخمة.. فلن ينتفع هذا ولا ذاك، لذلك يقول الله تعالى إنه عليم بأحوالكم، وسوف يُنعم عليكم بحسبها، ويجازيكم على أعمالكم جزاء ينفعكم على الدوام.

الترتيب والربط:

قوله تعالى (إن الصفا والمروة من شعائر الله) يؤكد أيضا صحة ما ذهبتُ إليه في تفسير قوله تعالى (ومن حيث خرجتَ فوَلِّ وجهك شطر المسجد الحرام)، لأنه لا ربط بين تحويل القبلة وبين ذكر أن الصفا والمروة من شعائر الله.. لأن المسلمين وقتئذ ما كان بوسعهم الذهاب إلى الصفا والمروة حتى يُذكرا ذِكرا خاصا. الحقيقة أن هذه الآية (ومن حيث خرجت.. ) تأمر المؤمنين بفتح مكة.. فهذا يفتح لهم السبيل إلى الحج، ويمكّنهم من السعي بين الصفا والمروة.

Share via
تابعونا على الفايس بوك