أرسلت إلى الخلق كافة
  • دلالات من القرآن الكريم تؤكد على ان نبينا الأكرم محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم قد كان مبعوثا إلى الناس جميعا.
  • أمر الله أهل الكتاب بتصديق المصطفى
  • يؤكد القرآن ان هناك أنباء في التوراة والإنجيل عن بعثته صلى الله عليه وسلم.
  • تؤكد الآية أن هذا النبي يأمر أهل الكتاب بالمعروف وينهاههم عن المنكر.
  • تخير اليهود والنصارى أن من يؤمن بمحمد فسوف ينال الفوز والنجاح .
__
وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ الله مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (5)

شرح الكلمـات:

لِيُبيِّن: بيَّنه: أوضحه (الأقرب)

يُضِلُّ: أضَلَّه: أهلكه (الأقرب)

التفسـير:

لقد قال البعض في تفسير قوله تعالى وما أرسلنا من رسولٍ إلا بلسان قومه ليبين لهم إن المراد منه أنه لا ينبغي أن ينزل الوحي على أي رسول إلا بلسان قومه فقط. ولكن هذا خطأ. والمعنى الصحيح هو أنه يجب أن ينـزل عليه الوحي بلسان قومه، لأنه لو نزلت عليه الرسالة بغير لسان قومه لصعب عليه تبليغها لهم. ولكن لا حرج في نزول بعض الوحي عليه بلسانٍ غير لسان قومه كآية ومعجزة.

لقد قمت بتوضيح هذا الأمر لأن بعض معارضي سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود يعترضون على إلهاماتٍ لحضرته قائلين: كيف يمكن أن يكون صادقاً من يدّعي أن الله تعالى قد أوحى إليه بغير لسان قومه أيضاً؟  (محمديه باكت بك ص 179).

يؤكد القرآن أن هناك أنباء في التوراة والإنجيل عن بعثة النبي . وإذا كان محمد لم يبعث إلى أهل الكتاب فما الحاجة أن تسجل أسفارهم البشارات عن مجيئه، خاصةً وأن المكيين العرب ما كانوا يؤمنون بالتوراة والإنجيل،

والحق أن الوحي الذي نزل عليه بلغات أخرى غير العربية والأردية، لم يكن إلا آية ومعجزة من الله تعالى. لقد نزل عليه الوحي بالعربية لأنها لغة دينيّة ورسميّة للإسلام ولغة قومية للمسلمين، ونزل عليه الوحي بالأردية أيضًا لأن الناطقين بها كانوا أول من خاطبهم حضرته. والواقع أننا لو درسنا الوحي النازل عليه لوجدنا أن الجزء الأساسي والحيوي منه كان إما بالعربية أو بالأردية، وما نزل عليه بلغات أخرى ليس مما يحول فقدانُه دون تبليغ دعوته، وإنما كان بمثابة معجزة تدعم دعوته.

لقد أثار النصارى وخاصة القسيس وهيري اعتراضاً على شخص النبي ، بناءً على هذه الآية، إذ قال: هذه الآية تبين أن محمداً بُعث للعرب فقط. وأضاف قائلاً: وفي هذا دليل على جواز ترجمة القرآن إلى لغات أخرى (تفسير وهيري للقرآن، تحت هذه الآية).

وهناك تعارض في قوله هذا: إذا كان محمد رسولاً إلى العرب فقط، ولا علاقة لرسالته بالأمم الأخرى فلا ضرورة لترجمة الوحي النازل عليه إلى لغات الشعوب الأخرى. وإذا كان هناك جواز لترجمة القرآن فثبت أن رسالته كانت موجهة إلى الأمم الأخرى أيضاً.

بيد أن الرد الحقيقي على اعتراضه هو أن الآية لا تعني أبداً أن محمداً  كان رسولاً إلى العرب فقط، لأن القرآن الكريم يصرح بكل جلاء ووضوح في أماكن عديدة منه بأنه كان رسولاً إلى الناس جميعاً. يقول الله تعالى: وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ الله إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ لا إِلَهَ إِلاّ هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِالله وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِالله وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (الأعراف: 157ـ159)

لقد ذكر الله هنا خمسة براهين على كون النبي الكريم مبعوثاً إلى الدنيا كلها وهي كالآتي:

أولهـا: لقد أمر الله أهل الكتاب هنا بتصديق هذا النبي، ووَعَدهم برحمةٍ واسعة خاصة، فقال: فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُـونَ وَيُؤْتـُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآَيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإنْجِيلِ

وهنا نسأل إذا كان محمد مبعوثاً إلى العرب فقط فلمَ وعد الله أهل الكتاب بالرحمة الخاصة شريطةَ أن يتبعوه.

ويتضح من الآية التي نحن بصدد تفسيرها أن اللغة العربية هي أم اللغات كلّها، لأن الرسول المبعوث في العرب هو الذي عُهد إليه إصلاح الناس كافة. فجعلُ الوحي النازل باللغة العربية هدايةً للعالم كله يؤكد كون العربية أمّاً للغات كلها بطريق أو بآخر، وأن اللغات الأخرى لغات مشتقة منها.

ثانيهـا: يؤكد القرآن أن هناك أنباء في التوراة والإنجيل عن بعثة النبي . وإذا كان محمد لم يبعث إلى أهل الكتاب فما الحاجة أن تسجل أسفارهم البشارات عن مجيئه، خاصةً وأن المكيين العرب ما كانوا يؤمنون بالتوراة والإنجيل، في حين أن الأنباء إنما تساعد الناس على معرفة صدق المدّعي. فما دامت أنباء مجيئه مسجلة في التوراة والإنجيل فلا بد من التسليم بأن الإيمان بمحمد كان فرضاً واجباً على اليهود والنصارى، إذ لم يشر القرآن إلى هذه الأنباء إلاّ ليؤكد ضرورة إيمان أهل هذه الأسفار بالنبي الموعود.

ثالثهـا: تؤكد الآية أن هذا النبي يأمر أهل الكتاب بالمعروف وينهاهم عن المنكر. فلماذا يسدي إليهم هذا النصح إذا لم تكن رسالته موجهةً إلى أهل الكتاب؟

ورابعهـا: تخبر الآية أن مَن يؤمن مِن اليهود والنصارى بمحمد فسوف ينال الفوز والنجاح. ونقول: لو كان محمد مرسلاً إلى العرب دون غيرهم، للزم أن يعاقب الله من يصدّقه من أهل الكتاب بدلاً من أن يشملهم بإنعامه وفضله.

هذه الأدلة الأربعة تؤكد أيما تأكيد على أنه سواءً كان سيدنا محمد مرسلاً إلى أحد أم لا فإنه كان مرسلاً إلى اليهود والنصارى حتماً.

خامسهـا: وهو برهان غاية في الوضوح والصراحة كما أنه نتيجة منطقية لما سبق ذكره، حيث يأمر الله رسوله: قل يا أيُّها الناسُ إني رسول الله إليكم جميعاً مما يؤكد أنه لم يبعث إلى اليهود والنصارى فحسب، بل إلى الإنسانية جمعاء.

ثم هناك آية أخرى توضح الموضوع بجلاء: وما أرسلناك إلا كافّةً للناس بشيراً ونذيراً (سبأ:29)

كما أعلن النبي صراحة بقوله: (بُعثتُ إلى الأَحمر والأسود) (مسند أحمد ج3ص304) وهم العجم والعرب.

وفي رواية ” بُعثتُ إلى الناس عامة” (مسند أحمد ج3 ص 304).

وفي رواية أخرى: “أُرسلت إلى الخلق كافة” (مسلم، المساجد؛ الترمذي، السِيَر).

إن جميع هذه الآيات والأحاديث تدل دلالة واضحة على أن النبي الكريم كان مبعوثاً للعالم أجمع، وأن اعتراض الكتّاب النصارى باطل لا أساس له. كما تؤكد أن الوحي ينزل على النبي بلسان قوم يخاطبهم أولاً، فيقوم هؤلاء بنقل رسالته إلى الأمم الأخرى بعد أن يستوعبوها ويفهموها بأنفسهم.

ويتضح من الآية التي نحن بصدد تفسيرها أن اللغة العربية هي أم اللغات كلّها، لأن الرسول المبعوث في العرب هو الذي عُهد إليه إصلاح الناس كافة. فجعلُ الوحي النازل باللغة العربية هدايةً للعالم كله يؤكد كون العربية أمّاً للغات كلها بطريق أو بآخر، وأن اللغات الأخرى لغات مشتقة منها.

كما أن الآية تمثل دحضاً للآريين -وهي فرقة هندوسية- الذين يقولون بأن كلام الله يجب أن ينـزل بلغة لا يتكلم بها ولا يفهمها أحد حتى تتم المساواة بين الناس (ستيارت بركاش، باب 14 ص498). ولكن القرآن يعارض هذه الفكرة الرديئة قائلاً: يجب نزول الوحي بلغة يتحدث بها الناس حتى يشرحه النبي لقومه فيفهموه. فما الجدوى من إنزال الوحي بلغة لا يتكلم بها أحد ولا يفهمها أحد؟

ويمكن كشف فساد هذه العقيدة الآريّة بطريق آخر أيضاً، وذلك أن شريعتهم (فيدا) وإن كانت قد نزلت بلغة غير مفهومة -كما يزعمون- فإما أن الرِشِّيّين (وهم كبار صلحائهم الأوائل) لم يفهموها لدى نزولها، وهكذا يصبح إنزالها عبثاً، أو أن الله تعالى يكون قد فهّمهم إياها، فلم تعد إذن هناك أية مساواة يدّعون بها! وإذا كان الناس العاديون موجودين عندئذٍ إلى جانب الرِشِّيّين، وشرح الله لغة الفيدا لهؤلاء جميعاً فلا شك أنهم صاروا متساوين، ولكن لم تبقَ المساواة بين هؤلاء وبين الذين جاءوا بعدهم ممن يجهلون لغتها، بل الحق أن معظم زعمائهم الدينيين أنفسهم لا يفهمون اليوم لغة شريعتهم “الفيدا”.

وبما أن إمام هذا العصر سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود قد تلقى معظم الوحي باللغة الأردية -بعد العربية- فلذا أرى بناءً على هذه الآية أن الأردية ستكون اللغة السائدة في الهند في المستقبل، ولن تستطيع أية لغة الوقوفَ في وجهها.

لقد أردف الله قوله ليبيّن لهم بقوله فيُضل الله من يشاء ليشير إلى أن الذي لا تتيسر عنده الوسائل لفهم الدين الحق لا يُدخله الله في عداد الضالين، بل الضالّ المجرم هو من قامت عليه الحجة وبلغه الأمر بشكل واضح صريح ومفهوم ومع ذلك يرفضه. ومعنى ذلك أن الله تعالى لا يصدر القرار بضلال أحد إلا بعد تبيين الأمر له، كما أنه لا يعاقب الذين حُرموا من الإيمان لأن رسالة دينه الحق لم تبلغهم بصورة واضحة نقية؟

إنني أود هنا إبطال التهمة التي يوجّهها إلينا الأحمديون اللاهوريون* إذ يزعمون أننا نحن الأحمديين التابعين لنظام الخلافة نعتقد أن كلَّ من لا يؤمن بسيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود   سوف يعاقبه الله تعالى- سواء بلغته دعـوته أم لم تبلغه. وهــا إنـي أقــولها علناً إنـها تــهمة باطلة وبهتـان مبين. إذ كيف يمكن أن نُفتي بهذا والقـرآن الشريف يعلن صراحةً أن فتوى الضلال والهلاك ضد أي إنسان إنما تصدر بعد تبيين الأمر له وإقامة الحجة عليه.

وأكد بقوله وهو العزيز الحكيم   أنه غالب وقادر على إنزال العقاب على من يشاء، ولكنه ذو حكمة بالغة أيضاً، فلا يعاقب أحداً بدون مبرر.

وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ الله إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ   (6)

شرح الكلمات:

ذكِّرْ: ذكَّرَ الناس: وعظهم. ذكّره إياه: جعله يذكر (الأقرب).

صبّار: صيغة المبالغة من الصبر.(وانظر أيضاً شرح الكلمات للآية 23 من سورة الرعد).

شكور: صيغة المبالغة من الشكر. شكره وشكر له: أثنى عليه بما أولاه من المعروف (الأقرب).

التفسـير:

يقول الله تعالى لرسوله: لقد عهدنا إليك نفسَ المهمة التي عهدناها إلى موسى، فعلى المجادلين في أمرك -سواء أكانوا ممن يؤيدونك أو يعارضونك- أن يضعوا أحوال موسى في الحسبان.

والمراد من قوله تعالى إنّ في ذلك لآياتٍ لكلِّ صبّارٍ شكور أن أمة موسى صبروا على الشدائد فجنوا ثماراً طيبةً لصبرهم. كذلك لا بدّ لكم أيها المسلمون من أن تواجهوا شتّى المصائب والمحن، ولا مناصَ لكم من أن تصبروا عليها وتثابروا حتى يكون النجاح حليفكم. كما يجب أن تتذكروا أن أمة موسى عندما تنكّروا لنعم الله نزل عليهم الغضب والعذاب. فانظروا إلى نعم الله دائماً نظرة تقدير وشكر، وحذارِ أن تجحدوها وإلا سيصيبكم ما أصابهم.

وبقوله تعالى وذَكِّرْهم بأيّام الله علّمنا طريقين لإخراج الناس من الظلمات إلى النور: الأول: الترغيب في نعم الله وأفضاله، والثاني: الترهيب من عقابه وعذابه، لأن “أيام الله” تعني الزمن الذي أنزل الله فيه نِعمه وبركاته خاصة، وأيضاً تعني الزمنَ الذي صبّ الله فيه عذابه بشكل خاص.

إن العلمانيين في هذا العصر يركّزون على قولهم: ما قيمة الإيمان الذي يكون نتيجة التخويف والترهيب؟ ولكن الواقع أن زعمهم هذا يتنافى مع الفطرة الإنسانية، لأننا نجد أن الخوف هو الذي يدفع القطاع الأكبر من الناس لاتخاذ الخطوة الأولى إلى الإيمان. ولولا تذكيرهم مرة بعد أخرى بمؤاخذة الله وعقابه لبقُوا محرومين من الخير كليّةً. فالشريعة الكاملة لا تهيئ الهداية للناس الذين هم كاملون في إيمانهم وفي حالتهم الروحانية فحسب، بل إنها تصف العلاج للذين هم دونهم أيضاً.

وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ الله عَلَيْكُمْ إِذْ أَنْجَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (7)

شرح الكلمات:

يسومون: سامَ فلاناً الأمرَ: كلّفه إياه، وأكثر ما يُستعمل في العذاب (الأقرب). السَّوْم: أصله الذهابُ في ابتغاء الشيء، فهو لفظ لمعنىً مركّب من الذهاب والابتغاء، وأُجريَ مجرى الذهاب في قولهم: سامت الإبل فهي سائمة، ومجرى الابتغاء في قولهم سُمتُ كذا، قال: يسومونكم سوءَ العذاب (المفردات).

يُذَبِّحون: الذبحُ: الهلاك (التاج).

بلاءٌ: البلاءُ: الاختبارُ يكون بالخير والشر (الأقرب). وفي القرآن الكريم: وبلوناهم بالحسنات والسيئات (الأعراف).

القـرآن الشريف يعلن صراحةً أن فتوى الضلال والهلاك ضد أي إنسان إنما تصدر بعد تبيين الأمر له وإقامة الحجة عليه.

التفسـير:

إن الذبح يعني الهلاك أيضاً كما ذكرتُ آنفاً. وبما أن التوراة تذكر أن فرعون كان يأمر بقتل مواليد الإسرائليين بإلقائهم في النهر، لذا فمن الأنسب تفسير كلمة “يذبّحون” بمعنى يُهلكون. فقد ورد في التوراة “ثم أمر فرعون جميع شعبه قائلاً: كلُّ ابن يولد تطرحونه في النهر، لكن كلّ بنتٍ تَستحيونَها” (الخروج 22:1).

وقوله تعالى يسومونكم سوء العذاب إشارة إلى المعاملة المخزية المهينة التي كان فرعون يعامل بها بني إسرائيل من فرض الضرائب الثقيلة عليهم أو تسخيرهم في أعمال شاقة دونما أجر. فقد ورد في التوراة:”فجعلوا عليهم رؤساءَ تسخير لكي يُذلّوهم بأثقالهم. فبنوا لفرعون مَدِينتي مخازنَ فِيثومَ ورعمسيسَ” (الخروج 11:1) كذلك جاء فيها: “ومرّرُوا حياتَهم بعبودية قاسية في الطين واللَّبِن وفي كل عمل في الحقل. كل عملهم الذي عملوه بواسطتهم عنفاً” (الخروج 14:1) .

والبلاء هو الاختبار سواء كان بالإيلام أو الإنعام. ولما كان بنو إسرائيل قد اختُبروا بقتل مواليدهم الذكور وهو إيلام، وبحياة مواليدهم الإناث وهو إنعام، لذلك استـخدم الله تعالى هنا كلمة البلاء التي تؤدي مَعْنَيَي الاختبار كليهما.

Share via
تابعونا على الفايس بوك