إلى من وجه الخطاب؟
  • القرآن لن ينمحي من العالم
  • معارف القرآن تظل معدومة بالنسبة لمن هم في معزل عن بركاته
  • النبوءة المشيرة إلى رفع القرآن في يوم من الأيام
__
وَلَئِنْ شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا وَكِيلًا (الإسراء: 87)

التفسير:

الخطاب هنا موجَّه في الظاهر إلى رسول الله ، ولكنه لم يسأل ولم يعترض؛ فثبت أن الخطاب موجَّه في الواقع إلى غيره ممن سأل أو اعترض. وقد خوطب النبي في الظاهر تأكيدًا للموضوع فحسب.يقول عزَّ مِن قائل: إن الروح بدون أمر ربها ناقصة لدرجة أنه لو اندرست المعارف النازلة من عند الله تعالى فلن يستطيع هؤلاء الأرواحيون أن يأتوا بها ولو كان بعضهم لبعض ظهيرًا؛ فأنَّى لهم – والحال هذه – أن يأتوا بمعارف روحانية جديدة من عند أنفسهم. فمثلاً لو أخفينا معارف القرآن، فلن يقدر أحد منهم أن يأتي بها.رب قائل يقول: هذه دعوى فارغة؟ ولكن الحق أنه ليس ادعاء فارغًا، وإنما هو دليل عظيم الشأن. ذلك أن القرآن الكريم لن يندثر ولن يندرس من الدنيا، ولكن معارفه معدومة بالنسبة للذين عقولهم في معزل عن البركات القرآنية. ولو أراد هؤلاء أن يأتوا بتعليم كالقرآن الكريم فلن يقدروا على ذلك أبدًا. والآيات التالية أيضًا تؤيد ما أقول.كما تتضمن هذه الآيةُ الإشارةَ إلى أن القرآن الكريم سوف يُرفع من الدنيا في يوم من الأيام، ويؤكد ذلك الحديثُ الشريف أيضًا حيث روى ابن مردويه عن ابن مسعود وابن عمر عن النبي أن القرآن سوف يُرفَع من الدنيا، ولن يبقى إلا «لا إله إلا الله». وفي رواية أخرى عن حذيفة أن النبي قال إن القرآن والإسلام سيُرفَعان من الدنيا (ابن ماجة: كتاب الفتن، وشعب الإيمان للبيهقي: باب في نشر العلم)تؤكد هذه الروايات أن في هذه الآية نبأ أنه سيأتي على الناس زمان لن يبقى من القرآن الكريم إلا رسمُه، وستختفي حقائقه، وأن المتصوفين الزائفين الذين يدّعون مناجاة الأرواح لن يستطيعوا أن يأتوا بمعارف القرآن مرة أخرى.كنت ولا أزال أقول: ضَعُوا أمام هؤلاء المتصوفين الزائفين بعض الآيات القرآنية الصعبةِ ليُخبرونا- مستعينين بالأرواح التي يدّعون الاتصال بها- ما فيها من معارف ومفاهيم؟ فلو توصَّلوا إلى دقائقها لكانوا صادقين وإلا فهم كاذبون. ولكن لم يتقدم حتى اليوم أحد لقبول هذا التحدي، ولن يتقدم في المستقبل أبدًا.

الخطاب هنا موجَّه في الظاهر إلى رسول الله ، ولكنه لم يسأل ولم يعترض؛ فثبت أن الخطاب موجَّه في الواقع إلى غيره ممن سأل أو اعترض. وقد خوطب النبي في الظاهر تأكيدًا للموضوع فحسب.

إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّ فَضْلَهُ كَانَ عَلَيْكَ كَبِيرًا (الإسراء: 88)

التفسير:

يقول الله تعالى: حين يرتفع القرآن من الدنيا فلن يأتي به مرة أخرى إلا ربك، لأن فضله عليك كان كبيرًا. والمراد من ذلك أنه عند اختفاء معارف القرآن من الدنيا لن يستطيع أحد – من دون المعونة الإلهية – حتى بيانها مرة أخرى، ناهيك عن أن يأتي أحد بمثل القرآن.

قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا (الإسراء: 89)

شرح الكلمات:

ظهيرًا: ظهَر عليَّ: أعانني. ظهَر فلان بفلان وعليه: غلَبه. ظهَر بزيدٍ: أعلَى به ورفَع مرتبتَه. الظهير: المعينُ (الأقرب).

التفسير: لقد اتضح بهذه الآية وضوح الشمس في رابعة النهار أن المعنى الذي بينتُه من قبل هو الصحيح، لأن هذه الآية تكمّل نفس الدليل الذي أشرتُ إليه آنفًا. يقول الله تعالى: تدّعون بأن الإنسان يستطيع أن يصقلَ قواه الروحانية بتمارين خاصة ويتلقى العلوم الروحانية بمناجاة أرواح الموتى. فاجتمِعوا أيها الناس، واستعينوا أيضًا بالأرواح الخفية التي تزعمون أنها تمدّكم بعلوم السماء، ثم أَجمِعوا أمرَكم لكي تأتوا كتابًا مثل هذا القرآن، إن كنتم صادقين. فإن أتيتم بمثله فلا شك في صدق دعواكم، وإلا فأنتم كاذبون. فما دمتم أنتم وهذه الكائنات الخفية التي تعينكم في زعمكم لا تستطيعون أن تأتوا بمثل هذا القرآن فما أشدَّ افتراءَكم بأن محمدًا قد اطّلع على هذه المعارف من خلال بعض التمارين الروحانية. مع العلم أن المراد من َ الْجِنُّ هنا تلك الأرواح التي كانوا يدّعون معرفة العلوم الروحانية عبرَ مناجاتها. ولما كانت هذه الأرواح – على حد قولهم – خفية عن أعينهم لذلك سمِّيت هنا بهذه التسمية.

Share via
تابعونا على الفايس بوك