خروج يأجوج ومأجوج
  • من هم يأجوج ومأجوج؟
  • ما التفسير التاريخي لخروجهم وانتشارهم في الأرض؟

____

قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا (الكهف 96)

 شرح الكلمات:

رَدْمًا: الردم: ما يسقُط من الجدار المتهدم (الأقرب).

التفسير:

قال ذو القرنين: لقد أعطاني الله تعالى علم هذه الأمور، وأستطيع القيام بها على أحسن وجه. سأضع الخطة، وأما أنتم فأعينوني بقوة.. أي أنكم أهل المنطقة وبإمكانكم مساعدتي بالعمال والمهنيين، فأْتوني بهم أَجعلْ بينكم وبين يأجوج ومأجوج جدارًا.

آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آَتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا (الكهف 97)

شرح الكلمات:

زُبَر: الزُّبَر جمعُ الزُّبْرَة هي القطعة الضخمة (الأقرب). فالمراد من زُبَر الحديد قِطَعُه.

ساوَى: ساوَى الشيئين وساوَى بينهما أي سوّى (الأقرب).

الصَّدَفَين: تثنية الصَّدَفِ، والصدفُ كلُّ شيء مرتفع عظيم كالهدف والحائط والجبل. وساوَى بين الصدفين» أي بين رأسَي الجبلِ المتقابلَين (الأقرب).

أُفْرِغْ: مِن أَفرغَ الماءَ: صَبَّه. وأفرغَ الدماءَ: أراقَها. وأفرغَ الذهبَ والفضّةَ: صَبَّها في قالب (الأقرب).

قِطْرًا: القِطر النحاسُ الذائبُ (الأقرب).

فالمراد من قوله: آتُوني أُفرِغْ عليه قطرًا: آتُوني بالنحاس الذائب أصبُّه على الجدار.

التفسير:

إلى جانب مطلبه بتوفير العمال والمهنيين طلَب ذو القرنين منهم أن يأتوه بالحديد والنحاس. ذلك أن إقامة السد كان ضروريًّا لحمايتهم من هجمات العدو، كما كان لا بد لهم من الأبواب في الجدار كيلا تتضرر تجارتهم وليبقى سبيل القوافل التجارية مفتوحًا. وكان لا بد من الحديد لكي تكون الأبواب صلبة قوية، وكان النحاس ضروريًّا كيلا تصاب الأبواب بالصدأ.

كما تنبئ هذه الآية أن يأجوج ومأجوج لن يخرجوا من خلال خرق في جدار من الجدران، بل سيأتون عبر البحار. وتنبئ أيضًا أنهم سيستولون على البحار وستمخر سفنهم في بحار العالم كلها، لأن الآية تقول وهم مِن كلِّ حَدَبٍ ينسِلون .. أي أنهم سيأتون راكبين أمواج البحار. كذلك تخبرنا هذه الآية أن أسفارهم ستُطوَى بسرعة كبيرة، وفي هذا إشارة إلى اختراع المراكب البحرية التي تجري بطاقة البخار.

فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا (الكهف 98)

التفسير:

أي بعد اكتمال بناء السد انتهت غارات يأجوج ومأجوج. كان السد عاليًا فصعب عليهم عبوره، كما كان ضخمًا فما استطاعوا خرقه.

ولكن ليس المراد أن هذا السد أو الجدار كان من نوع يستحيل الصعود عليه أو نقبه، بل المراد أن الحرس المقيمين في أبراجه وحصونه كانوا يقومون بحراسته على الدوام مما جعل من المستحيل على يأجوج ومأجوج أن يظهَروه أو ينقبوه، لأن أحدًا لا يقدر على القتال وهو يصعد على الجدار، ولكن الحراس القاعدين في المراصد فوق الجدار يستطيعون منعه بدون صعوبة.

قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا (الكهف 99)

 التفسير:

إن قول كورش هذا يدل على عظمة إيمانه بالله تعالى، حيث يؤكد أن المؤمن لا يصاب بالكبر والزهو مهما أتى بأعمال عظيمة، بل ينسب إنجازاته كلها إلى الله تعالى دائمًا.

أما قول كورش فإذا جاء وعدُ ربي جعَله دكّاءَ فيدل على أن الله تعالى أخبره بالإلهام أن هذه الشعوب ستتقدم إلى الجنوب والشرق في يوم من الأيام مرة أخرى، وعندها سيصبح هذا السد بلا جدوى؛ هذا هو المراد من قوله تعالى جعَله دكّاءَ . وفي سورة الأنبياء آياتٌ تنبئ صراحة أن هذه الشعوب ستنتشر في العالم كله عن طريق البحر.

وقد يعني تهدُّم الجدار انهيارَ حكم المسلمين.

وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا (الكهف 100)

التفسير:

إلى هنا انتهى كلام ذي القرنين، حيث يخبر الله تعالى الآن أنه عندما يحين الميعاد الإلهي الذي أشار إليه ذو القرنين هنا سيبعث الله هؤلاء الأقوام ويمكّنهم في الأرض مرة أخرى، وستتحارب الأمم، وتختلط شعوب الشمال والغرب بشعوب الجنوب والشرق، وهكذا سيجمع الله تعالى العالم كله.. بمعنى أن السفر في ذلك الزمان سيصبح سهلاً بحيث ستكون الدنيا كلها كبلد واحد. والحق أن هذه العلامات تنطبق تمامًا على عصرنا هذا.

لقد أخبر القرآن الكريم في مقام آخر عن انتشار يأجوج ومأجوج بالكلمات التالية: حتى إذا فُتحتْ يأجوجُ ومأجوج وهم مِن كلِّ حَدَبٍ ينسِلون، واقتربَ الوعدُ الحقُّ فإذا هي شاخصةٌ أبصارُ الذين كفَروا يا وَيلَنا قد كُنّا في غفلة مِن هذا بل كُنّا ظالمين (الأنبياء: 97-98). أي عندما نُـزيل العائق مِن أمام يأجوج ومأجوج ليقطعوا المسافات الطويلة على متون أمواج البحر، وينتشروا في الدنيا كلها مسرعين، عندها سيتحقق وعدُنا بهلاكهم؛ وسيأخذهم العذاب وهم يقولون في حيرة واستغراب: استمررنا في ظلم العالم ولم نتوقع أن العذاب سيدركنا، فدمارنا اليوم مؤكد.

كما تنبئ هذه الآية أن يأجوج ومأجوج لن يخرجوا من خلال خرق في جدار من الجدران، بل سيأتون عبر البحار. وتنبئ أيضًا أنهم سيستولون على البحار وستمخر سفنهم في بحار العالم كلها، لأن الآية تقول وهم مِن كلِّ حَدَبٍ ينسِلون .. أي أنهم سيأتون راكبين أمواج البحار. كذلك تخبرنا هذه الآية أن أسفارهم ستُطوَى بسرعة كبيرة، وفي هذا إشارة إلى اختراع المراكب البحرية التي تجري بطاقة البخار.

ترون كيف تحقَّقَ هذا النبأُ القرآني حرفيًّا! لقد انتشرت هذه الشعوب في الشرق عبر البحار، والسفر في البحار في زمنهم يتم بسرعة لا نظير لها في الأزمنة الغابرة.

وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكَافِرِينَ عَرْضًا (الكهف 101)

التفسير:

يخبر هنا الله تعالى: ستكون تلك الأيام كمثل جهنم، حيث يكثُر التشاحن والعداء بين الناس، وتتناحر الدول والبلاد لتستولي بعضها على بعض. والمعنى الثاني هو أن هذه الشعوب ستصبح لادينية، غافلة عن الله تعالى تمامًا، وستأتي أعمالاً تُدخل صاحبها في نار جهنم.

الَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَكَانُوا لَا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعًا (الكهف 102)

التفسير:

يخبر الله تعالى هنا أن العبادة ستتلاشى من بينهم كلية. إن هؤلاء القوم الذين تجشموا المشاق الجِسامَ من أجل الله تعالى في بداية رقيهم، سينسَون الله تعالى كلية في الزمن الأخير، وسينسبون كل إنجاز من إنجازاتهم إلى كفاءتهم الذاتية.

وقوله تعالى وكانوا لا يستطيعون سمعًا يعني أن الرَّين والصدأ الروحاني سيغشى قلوبهم بحيث تخلو تمامًا من أية قوة أو رغبة لسماع كلام الله تعالى. وهذه هي بالضبط حال الشعوب الغربية اليوم. فبدلاً من أن يستمعوا لوحي الله الجديد الذي أنـزله بعد كتابهم، جعلوا كتابهم، الذي يؤمنون به في الظاهر، هدفًا لأقذعِ الطعن وأشنعِه. يؤلفون في كل يوم جديد الكتب ليُثبتوا فيها أن المسيح المذكور في العهد الجديد لم يكن إلا شخصية وهمية، وأن الكتاب المقدس لم يكن من وحي الله تعالى، بل كان من افتراء البشر.

نظرة إجمالية على البيان السابق:

لقد تحدثت الآيات السابقة عن ازدهار الشعوب المسيحية وانتشارها في الدنيا في الزمن الأخير، وإهمالِها الدينَ، وتغافُلِها عن ذكر الله تعالى. وكذلك أخبر الله تعالى أنه سيهيئ من الأسباب الغيبية ما يبدّل به رقيَّها بالانتكاس والانحطاط، فيأخذها القنوط واليأس، فتتوجه أخيرًا إلى الدين كما يشير إليه الكشف الذي رآه موسى ، فتدرك أنها كانت على خطأ، فترجع إلى مجمع البحرين وتميل إلى الإسلام.

وأرى من المناسب أن أذكر في هذا المقام الأنباء المذكورة في التوراة عن مصير يأجوج ومأجوج. ورد في رؤيا يوحنا اللاهوتي: «ثم متى تمّت الألفُ السَّنةِ يُحرَّر الشيطان مِن سجنه، ويخرُج ليُضِلَّ الأممَ الذين في أربعِ زوايا الأرض جوجَ وماجوجَ، ليجمَعهم للحرب» (رؤيا يوحنا اللاهوتي 20: 7 و8).

علمًا أن المراد من «الألف السنةِ» هنا ألف سنة من العام الهجري، أي أن الشيطان سيتحرر من سجنه بعد ألف سنة من ظهور سيدنا محمد . وهكذا وقع، فإن الشعوب الغربية ثبّتت أقدامَها في الهند سنة 1611 الميلادية، وكانت هذه بداية عهد ازدهار يأجوج. (الموسوعة البريطانية مجلد 11 كلمة India)

وإذا قرأنا معًا ما ورد في رؤيا يوحنا اللاهوتي هذه وما ورد في رؤيا حزقيال الواردة في حزقيال 38 و39 تبيَّنَ لنا أن رقيهم كان سيبدأ في القرن السادس عشر؛ وأما غلبتهم على العالم كله واستيلاؤهم على جميع البلاد فيكون في الزمن الأخير.

ولقد سبق أن أشرتُ إلى أنه كان من المقدر أن يظهر في آخر الزمان مثيلٌ لذي القرنين في ظروف مشابهة لظروفه، لأن القرآن الكريم قد ذكر هذه الواقعة كنبأ غيبي أيضًا سيتحقق في المستقبل. ومن أراد التفصيل فعليه مراجعة كتاب مؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية المسمى بـ «البراهين الأحمدية» الجزء الخامس ص 90 – 92 الطبعة الأولى.

يخبر هنا الله تعالى: ستكون تلك الأيام كمثل جهنم، حيث يكثُر التشاحن والعداء بين الناس، وتتناحر الدول والبلاد لتستولي بعضها على بعض. والمعنى الثاني هو أن هذه الشعوب ستصبح لادينية، غافلة عن الله تعالى تمامًا، وستأتي أعمالاً تُدخل صاحبها في نار جهنم.

أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبَادِي مِنْ دُونِي أَوْلِيَاءَ إِنَّا أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلًا (الكهف 103)

 شرح الكلمات:

نُـزُلاً: النُـزُلُ ما هُيِّئَ للضيف (الأقرب).

 

التفسير:

تتحدث هذه الآيات عن أولئك الذين يزعمون أن المسيح مخلِّص وابنُ الله، والذين جاء ذكرهم في مستهل هذه السورة. إذًا فقد تبيّنَ من هذه الآية جليًّا أن المذكورين في الآيات السابقة هم المسيحيون ليس إلا.

Share via
تابعونا على الفايس بوك