انهيار النظام الشيوعي والتنبؤات السماوية

بمناسبة الاحتفالات التي يقيمها العالم وخاصة أهل أوروبا الشرقية بالذكرى السنوية الأولى لانهيار الشيوعية، نقدم إلى حضرات القراء مقتبسًا من خطاب هام ألقاه فقيد الإسلام حضرة مرزا بشير الدين محمود أحمد ، قبل حوالي نصف قرن حينما كانت الشيوعية في أوج نشوتها، أمام حشد كبير من العلماء، والدكاترة، والأساتذة، والسياسيين والطلاب بلاهور في فبراير 1945، بيّن فيه حضرته أن النظام الشيوعي سوف ينهار، ليس لأنه نظام غير طبيعي فحسب، بل لأن الله قد نبأ بانهياره منذ آلاف السنين. (وقد نُشر المقال بالعربية بعنوان: نظام الاقتصاد في الإسلام).

كما نُردف المقتبس بمقتطف هام من خطبة جمعة لسيدنا مرزا طاهر أحمد أيده الله تعالى، الإمام الحالي لجماعتنا والخليفة الرابع لسيدنا المهدي ، يبين فيه كيف أن الله تعالى قد قرب زمن تحقق هذه النبوءات، وكيف في حادث انهيار الشيوعية حقق الله تعالى كشفًا رآه حضرته قبل بضع سنوات، رأى حضرته كتابة (Friday the 10th)، أي الجمعة اليوم العاشر، وقد فهم منه أن حدثًا جللاً سوف يقع في ذلك اليوم. (المحرر)

ما هي روسيا؟ هي بلد ظفر بمكانته وأهميته خلال ثلاثة قرون أو أربعة، وقبل ذلك كان الشعب الروسي أشتاتًا. كانت هناك بضع قبائل بددا، وكل قبيلة كانت تستقل بمنطقة صغيرة، لكنها أيضًا لم تكن ذات سيطرة فيها. وكانت روسيا قبل ألف سنة خاملة مجهولة، وكانت خرابًا لا يلتفت إليها أحد لأجل تفاهتها وخرابها، وكانت قبل ألفين وخمسمائة سنة بحيث لا يعرفها أحد إلا من شذ وندر من علماء الجغرافيا، حتى كان لا يكاد أحد يتوجه نحوها في تلك الأحقاب المجهولة البعيدة. عندما لم تكن لروسيا أية أهمية تنبأ نبي الله حزقيال قبل اليوم بألفين وخمسمائة سنة بنبأ عظيم ما زال مسجلاً بالتفصيل في صحف العهد القديم، وذلك في الإصحاحين 38 و39 من كتاب حزقيال كما يلي:

“وَكَانَ إِلَيَّ كَلاَمُ الرَّبِّ قَائِلاً: «يَا ابْنَ آدَمَ، اجْعَلْ وَجْهَكَ عَلَى جُوجٍ، أَرْضِ مَاجُوجَ رَئِيسِ رُوشٍ مَاشِكَ وَتُوبَالَ، وَتَنَبَّأْ عَلَيْهِ وَقُلْ: هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هأَنَذَا عَلَيْكَ يَا جُوجُ رَئِيسُ رُوشٍ مَاشِكَ وَتُوبَالَ. وَأُرْجِعُكَ، وَأَضَعُ شَكَائِمَ فِي فَكَّيْكَ، وَأُخْرِجُكَ أَنْتَ وَكُلَّ جَيْشِكَ خَيْلاً وَفُرْسَانًا كُلَّهُمْ لاَبِسِينَ أَفْخَرَ لِبَاسٍ، جَمَاعَةً عَظِيمَةً مَعَ أَتْرَاسٍ وَمَجَانَّ، كُلَّهُمْ مُمْسِكِينَ السُّيُوفَ. فَارِسَ وَكُوشَ وَفُوطَ مَعَهُمْ، كُلَّهُمْ بِمِجَنٍّ وَخُوذَةٍ، وَجُومَرَ وَكُلَّ جُيُوشِهِ، وَبَيْتَ تُوجَرْمَةَ مِنْ أَقَاصِي الشِّمَالِ مَعَ كُلِّ جَيْشِهِ، شُعُوبًا كَثِيرِينَ مَعَكَ. اِسْتَعِدَّ وَهَيِّئْ لِنَفْسِكَ أَنْتَ وَكُلُّ جَمَاعَاتِكَ الْمُجْتَمِعَةِ إِلَيْكَ، فَصِرْتَ لَهُمْ مُوَقَّرًا. بَعْدَ أَيَّامٍ كَثِيرَةٍ تُفْتَقَدُ. فِي السِّنِينَ الأَخِيرَةِ تَأْتِي إِلَى الأَرْضِ الْمُسْتَرَدَّةِ مِنَ السَّيْفِ الْمَجْمُوعَةِ مِنْ شُعُوبٍ كَثِيرَةٍ عَلَى جِبَالِ إِسْرَائِيلَ الَّتِي كَانَتْ دَائِمَةً خَرِبَةً، لِلَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنَ الشُّعُوبِ وَسَكَنُوا آمِنِينَ كُلُّهُمْ. وَتَصْعَدُ وَتَأْتِي كَزَوْبَعَةٍ، وَتَكُونُ كَسَحَابَةٍ تُغَشِّي الأَرْضَ أَنْتَ وَكُلُّ جُيُوشِكَ وَشُعُوبٌ كَثِيرُونَ مَعَكَ.

هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: وَيَكُونُ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ أَنَّ أُمُورًا تَخْطُرُ بِبَالِكَ فَتُفَكِّرُ فِكْرًا رَدِيئًا، وَتَقُولُ: إِنِّي أَصْعَدُ عَلَى أَرْضٍ أَعْرَاءٍ. آتِي الْهَادِئِينَ السَّاكِنِينَ فِي أَمْنٍ، كُلُّهُمْ سَاكِنُونَ بِغَيْرِ سُورٍ وَلَيْسَ لَهُمْ عَارِضَةٌ وَلاَ مَصَارِيعُ، لِسَلْبِ السَّلْبِ وَلِغُنْمِ الْغَنِيمَةِ، لِرَدِّ يَدِكَ عَلَى خِرَبٍ مَعْمُورَةٍ وَعَلَى شَعْبٍ مَجْمُوعٍ مِنَ الأُمَمِ، الْمُقْتَنِي مَاشِيَةً وَقُنْيَةً، السَّاكِنُ فِي أَعَالِي الأَرْضِ. شَبَا وَدَدَانُ وَتُجَّارُ تَرْشِيشَ وَكُلُّ أَشْبَالِهَا يَقُولُونَ لَكَ: هَلْ لِسَلْبِ سَلْبٍ أَنْتَ جَاءٍ؟ هَلْ لِغُنْمِ غَنِيمَةٍ جَمَعْتَ جَمَاعَتَكَ، لِحَمْلِ الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ، لأَخْذِ الْمَاشِيَةِ وَالْقُنْيَةِ، لِنَهْبِ نَهْبٍ عَظِيمٍ؟

«لِذلِكَ تَنَبَّأْ يَا ابْنَ آدَمَ، وَقُلْ لِجُوجٍ: هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: فِي ذلِكَ الْيَوْمِ عِنْدَ سُكْنَى شَعْبِي إِسْرَائِيلَ آمِنِينَ، أَفَلاَ تَعْلَمُ؟ وَتَأْتِي مِنْ مَوْضِعِكَ مِنْ أَقَاصِي الشِّمَالِ أَنْتَ وَشُعُوبٌ كَثِيرُونَ مَعَكَ، كُلُّهُمْ رَاكِبُونَ خَيْلاً، جَمَاعَةٌ عَظِيمَةٌ وَجَيْشٌ كَثِيرٌ. 16وَتَصْعَدُ عَلَى شَعْبِي إِسْرَائِيلَ كَسَحَابَةٍ تُغَشِّي الأَرْضَ. فِي الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ يَكُونُ. وَآتِي بِكَ عَلَى أَرْضِي لِكَيْ تَعْرِفَنِي الأُمَمُ، حِينَ أَتَقَدَّسُ فِيكَ أَمَامَ أَعْيُنِهِمْ يَا جُوجُ.

« هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هَلْ أَنْتَ هُوَ الَّذِي تَكَلَّمْتُ عَنْهُ فِي الأَيَّامِ الْقَدِيمَةِ عَنْ يَدِ عَبِيدِي أَنْبِيَاءِ إِسْرَائِيلَ، الَّذِينَ تَنَبَّأُوا فِي تِلْكَ الأَيَّامِ سِنِينًا أَنْ آتِيَ بِكَ عَلَيْهِمْ؟ وَيَكُونُ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ، يَوْمَ مَجِيءِ جُوجٍ عَلَى أَرْضِ إِسْرَائِيلَ، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ، أَنَّ غَضَبِي يَصْعَدُ فِي أَنْفِي. وَفِي غَيْرَتِي، فِي نَارِ سَخَطِي تَكَلَّمْتُ، أَنَّهُ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ يَكُونُ رَعْشٌ عَظِيمٌ فِي أَرْضِ إِسْرَائِيلَ. فَتَرْعَشُ أَمَامِي سَمَكُ الْبَحْرِ وَطُيُورُ السَّمَاءِ وَوُحُوشُ الْحَقْلِ وَالدَّابَّاتُ الَّتِي تَدُبُّ عَلَى الأَرْضِ، وَكُلُّ النَّاسِ الَّذِينَ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ، وَتَنْدَكُّ الْجِبَالُ وَتَسْقُطُ الْمَعَاقِلُ وَتَسْقُطُ كُلُّ الأَسْوَارِ إِلَى الأَرْضِ. وَأَسْتَدْعِي السَّيْفَ عَلَيْهِ فِي كُلِّ جِبَالِي، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ، فَيَكُونُ سَيْفُ كُلِّ وَاحِدٍ عَلَى أَخِيهِ. وَأُعَاقِبُهُ بِالْوَبَإِ وَبِالدَّمِ، وَأُمْطِرُ عَلَيْهِ وَعَلَى جَيْشِهِ وَعَلَى الشُّعُوبِ الْكَثِيرَةِ الَّذِينَ مَعَهُ مَطَرًا جَارِفًا وَحِجَارَةَ بَرَدٍ عَظِيمَةً وَنَارًا وَكِبْرِيتًا. 23فَأَتَعَظَّمُ وَأَتَقَدَّسُ وَأُعْرَفُ فِي عُيُونِ أُمَمٍ كَثِيرَةٍ، فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ.

«وَأَنْتَ يَا ابْنَ آدَمَ، تَنَبَّأْ عَلَى جُوجٍ وَقُلْ: هكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: هأَنَذَا عَلَيْكَ يَا جُوجُ رَئِيسُ رُوشٍ مَاشِكَ وَتُوبَالَ. وَأَرُدُّكَ وَأَقُودُكَ وَأُصْعِدُكَ مِنْ أَقَاصِي الشِّمَالِ وَآتِي بِكَ عَلَى جِبَالِ إِسْرَائِيلَ. وَأَضْرِبُ قَوْسَكَ مِنْ يَدِكَ الْيُسْرَى، وَأُسْقِطُ سِهَامَكَ مِنْ يَدِكَ الْيُمْنَى. فَتَسْقُطُ عَلَى جِبَالِ إِسْرَائِيلَ أَنْتَ وَكُلُّ جَيْشِكَ وَالشُّعُوبُ الَّذِينَ مَعَكَ. أَبْذُلُكَ مَأْكَلاً لِلطُّيُورِ الْكَاسِرَةِ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ وَلِوُحُوشِ الْحَقْلِ. 5عَلَى وَجْهِ الْحَقْلِ تَسْقُطُ، لأَنِّي تَكَلَّمْتُ، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ. وَأُرْسِلُ نَارًا عَلَى مَاجُوجَ وَعَلَى السَّاكِنِينَ فِي الْجَزَائِرِ آمِنِينَ، فَيَعْلَمُونَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ. وَأُعَرِّفُ بِاسْمِي الْمُقَدَّسِ فِي وَسْطِ شَعْبِي إِسْرَائِيلَ، وَلاَ أَدَعُ اسْمِي الْمُقَدَّسَ يُنَجَّسُ بَعْدُ، فَتَعْلَمُ الأُمَمُ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ قُدُّوسُ إِسْرَائِيلَ.

«هَا هُوَ قَدْ أَتَى وَصَارَ، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ. هذَا هُوَ الْيَوْمُ الَّذِي تَكَلَّمْتُ عَنْهُ. وَيَخْرُجُ سُكَّانُ مُدُنِ إِسْرَائِيلَ وَيُشْعِلُونَ وَيُحْرِقُونَ السِّلاَحَ وَالْمَجَانَّ وَالأَتْرَاسَ وَالْقِسِيَّ وَالسِّهَامَ وَالْحِرَابَ وَالرِّمَاحَ، وَيُوقِدُونَ بِهَا النَّارَ سَبْعَ سِنِينَ. فَلاَ يَأْخُذُونَ مِنَ الْحَقْلِ عُودًا، وَلاَ يَحْتَطِبُونَ مِنَ الْوُعُورِ، لأَنَّهُمْ يُحْرِقُونَ السِّلاَحَ بِالنَّارِ، وَيَنْهَبُونَ الَّذِينَ نَهَبُوهُمْ، وَيَسْلُبُونَ الَّذِينَ سَلَبُوهُمْ، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ. وَيَكُونُ فِي ذلِكَ الْيَوْمِ، أَنِّي أُعْطِي جُوجًا مَوْضِعًا هُنَاكَ لِلْقَبْرِ فِي إِسْرَائِيلَ، وَوَادِي عَبَارِيمَ بِشَرْقِيِّ الْبَحْرِ، فَيَسُدُّ نَفَسَ الْعَابِرِينَ. وَهُنَاكَ يَدْفِنُونَ جُوجًا وَجُمْهُورَهُ كُلَّهُ، وَيُسَمُّونَهُ: وَادِيَ جُمْهُورِ جُوجٍ. وَيَقْبِرُهُمْ بَيْتُ إِسْرَائِيلَ لِيُطَهِّرُوا الأَرْضَ سَبْعَةَ أَشْهُرٍ. كُلُّ شَعْبِ الأَرْضِ يَقْبِرُونَ، وَيَكُونُ لَهُمْ يَوْمُ تَمْجِيدِي مَشْهُورًا، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ. وَيُفْرِزُونَ أُنَاسًا مُسْتَدِيمِينَ عَابِرِينَ فِي الأَرْضِ، قَابِرِينَ مَعَ الْعَابِرِينَ أُولئِكَ الَّذِينَ بَقُوا عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ. تَطْهِيرًا لَهَا. بَعْدَ سَبْعَةِ أَشْهُرٍ يَفْحَصُونَ. فَيَعْبُرُ الْعَابِرُونَ فِي الأَرْضِ، وَإِذَا رَأَى أَحَدٌ عَظْمَ إِنْسَانٍ يَبْنِي بِجَانِبِهِ صُوَّةً حَتَّى يَقْبِرَهُ الْقَابِرُونَ فِي وَادِي جُمْهُورِ جُوجٍ، وَأَيْضًا اسْمُ الْمَدِينَةِ «هَمُونَةُ»، فَيُطَهِّرُونَ الأَرْضَ.

«وَأَنْتَ يَا ابْنَ آدَمَ، فَهكَذَا قَالَ السَّيِّدُ الرَّبُّ: قُلْ لِطَائِرِ كُلِّ جَنَاحٍ، وَلِكُلِّ وُحُوشِ الْبَرِّ: اجْتَمِعُوا، وَتَعَالَوْا، احْتَشِدُوا مِنْ كُلِّ جِهَةٍ، إِلَى ذَبِيحَتِي الَّتِي أَنَا ذَابِحُهَا لَكُمْ، ذَبِيحَةً عَظِيمَةً عَلَى جِبَالِ إِسْرَائِيلَ، لِتَأْكُلُوا لَحْمًا وَتَشْرَبُوا دَمًا. تَأْكُلُونَ لَحْمَ الْجَبَابِرَةِ وَتَشْرَبُونَ دَمَ رُؤَسَاءِ الأَرْضِ. كِبَاشٌ وَحُمْلاَنٌ وَأَعْتِدَةٌ وَثِيرَانٌ كُلُّهَا مِنْ مُسَمَّنَاتِ بَاشَانَ. وَتَأْكُلُونَ الشَّحْمَ إِلَى الشَّبَعِ، وَتَشْرَبُونَ الدَّمَ إِلَى السُّكْرِ مِنْ ذَبِيحَتِي الَّتِي ذَبَحْتُهَا لَكُمْ. فَتَشْبَعُونَ عَلَى مَائِدَتِي مِنَ الْخَيْلِ وَالْمَرْكَبَاتِ وَالْجَبَابِرَةِ وَكُلِّ رِجَالِ الْحَرْبِ، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبُّ. وَأَجْعَلُ مَجْدِي فِي الأُمَمِ، وَجَمِيعُ الأُمَمِ يَرَوْنَ حُكْمِي الَّذِي أَجْرَيْتُهُ، وَيَدِي الَّتِي جَعَلْتُهَا عَلَيْهِمْ، فَيَعْلَمُ بَيْتُ إِسْرَائِيلَ أَنِّي أَنَا الرَّبُّ إِلهُهُمْ مِنْ ذلِكَ الْيَوْمِ فَصَاعِدًا.

والآن انظروا وفكروا كيف تنبأ حزقيال النبي حينما لم يكن أحد يعرف روسيا وعندما لم يكن في حسبان أحد أن ستقدم تقدما تسود به سائر العالم، إنه أخبر قائلاً:

يا ملك روش وموسكو وطوبالسك، إن إلهك يقول إنني سأزيدك في أواخر أيام الدنيا قوة ومنعة وعظمة زيادة خارقة حتى أنك في نشوة القوة المتزايدة والشوكة المتوسعة ستسعى في الاستيلاء على البلاد الأجنبية، وتحاول استلاب أموالها ودوابها، حتى أنك ستسيطر على فارس أيضًا (وهذه السيطرة في طريق التحقق بمطالبة روسيا حقها في منابع فارس). فيا ملك “روش وموسكو وطوبالسك” إنك ستخرج من بلدك لتنهب ثروات البلاد الأجنبية وتستولي على ذهبها وفضتها وتستلب أموالها وماشيتها (وهذا الجزء من النبأ ليدل على أن النظام الاقتصادي الشيوعي هو أشد خطرا للبلاد الأخرى من سائر النظم)، وإنك لتواصل الزحف والهجوم على البلاد الأخرى حتى أنك ستقصد إلى التسلط على أورشليم العازلة عن وسائل الدفاع، وعندئذ سيلتهب غضبي عليك، وأمطر عليك النيران والكبريت، وإنني سأطعنك بالخناجر حتى أمزق فمك وفكيك، وإنني أدمرك وأبيدك، حتى تمتلئ الغابات بجثث أمواتك وسيحفر الناس شهورا لدفنهم.

إنني أعلن للذين لا يعتقدون بالأنباء السماوية، أنه إن لم يكن للدنيا من إله يُطلع أنبياءه على الغيب، فمن الذي أخبر النبي حزقيال قبل ألفين وخمسمائة سنة بأن روسيا ستصير يوما قوة عظمى، وتهجم على البلاد الأخرى لأجل استلاب ذهبها وفضتها، وسوف تغشاها كالسحاب المطبق، ولكن لن يلبث أن يثور عليها غضب الله، فتصير عرضة لعذاب الله حتى تبيد عن آخرها؟ إن التفكير في هذه الحقيقة لا بد وأن يوجه الإنسان إلى الاعتراف بأن الله وحده يخبر بالغيب. فإن كان للدنيا إله واحد، وهو الذي أخبر حزقيال بهذا النبأ الذي ما زال مكتوبًا في التوراة، فلا يعني هذا الخبر قبل ألفين وخمسمائة سنة إلا أن الله العليم القدير لا يرضى ببقاء هذا النظام الشيوعي في العالم.

نبأ حضرة سيدنا المهدي عن روسيا

والآن استمعوا إلى نبأ جديد، إن سيدنا المهدي قد أخبره الله في هذا العصر عن قيصر روسيا، بأنه سيصاب بعذاب أليم، كما قال حضرته في بعض أشعاره الأردية:

“زار بهي هوگا تو هوگا اُس گهرى با حالِ زار”

أي أن قيصر روسيا أيضًا سيكون في تلك الساعة العصيبة بحال يرثى لها. فطبق هذا النبأ إن الشيوعيين في روسيا عذبوا قيصر وسيدات عائلته أشد التعذيب، وقتلوه وإياهن شر قتلة بعد الاعتداء عليهن اعتداء وحشيًا. وتلك الحوادث الأليمة القاسية لتذوب لها اليوم أيضًا قلوب ألد أعداء قيصر وترتعد فرائصهم.

وعلاوة على هذا الخبر قد أخبر الله سيدنا مؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية بنبأ آخر وهو كما يلي تعريبه:

“إنني رأيت في 22 يناير 1903م بحالة الكشف أن عصا قيصر روسيا بيدي، هي طويلة رائعة الجمال. فأمعنت فيها النظر، فوجدتها بندقية، ولكنها لا تبدو لي كبندقية. وفيها أنابيب سرية، فكأنها تبدو بالظاهر كعصا، لكنها بندقية أيضًا” (التذكرة، مجموعة إلهامات وكشوف سيدنا الإمام المهدي عليه السلام، ص 429).

وإعطاء عصا حكومة في الرؤيا عبارة عن الفوز بالسلطان والسيطرة على تلك البلاد. فكما أن نبأ حزقيال يدل على أن النظام الاقتصادي الشيوعي لن يرضى الله ببقائه في العالم، وأن أصحابه الذين يتولون تنفيذه سيتعرضون لأشد العذاب الذي سيجعلهم عبرة لسائر الدنيا إذا لم يتوبوا إلى الله عن ذلك، ولم يكفوا عن التدخل في شؤون البلاد الأخرى، كذلك فإن حضرة مؤسس الحركة الأحمدية قد أُخبر من الله العليم الخبير، بأن نظام روسيا أيضًا سيخضع لتصرفنا وسيفوض إلينا القيام بإصلاحه.

هذه الأنباء من قبل إله العالمين، وهي جاءت في حين لم تكن تبدو فيه أية عوامل لظهورها أو تحققها، ولا تبدو لنا الآن أيضًا. إن نبأ حزقيال النبي ألقي إليه قبل المسيح الناصري بستمائة عام حينما لم يكن أحد يعرف روسيا، ولم يكن الممكن أيضًا أن يخطر ببال أحد أنها ستنال قوة تتدخل بها في شؤون البلاد الأخرى، وتستولي بها على ذهبها وفضتها. ففكروا الآن أيها المستمعون، ما أعظم هذا النبأ عن روسيا، ثم إنني قد قرأت على مسامعكم النبأ الذي تلقاه سيدنا مؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية بهلاك قيصر. والدنيا شاهدة على أن نبأه هذا قد تحقق. والنبأ الثاني منه هو أن حكومة روسيا ستتطور تطورًا عظيمًا تنتقل به عصا حكومتها إلى يد حضرة الإمام المهدي المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام. لقد رأى سيدنا ومولانا محمد أنه أُعطي مفاتيح كنوز كسرى وقيصر، لكن تلك المفاتيح أعطيت لعمرَ بدلاً منه. فكذلك إن عصا قيصر روسيا، وإن قدمت في الرؤيا لحضرة مؤسس الحركة الأحمدية عليه الصلاة والسلام مباشرة، ولكن هذا النبأ سيتحقق بواسطة أتباعه ، لأن أخبار الأنبياء لا تتحقق كلها بوجودهم، بل إن معظمها يتحقق بواسطة أتباعهم. وهذا النبأ الأخير أيضًا سيظهر بهذه الصورة، وليس ذلك بأمر خيالي، بل إننا نتيقن يقينا أكيدا بأن الله قد ولانا إصلاح مفاسد روسيا وتعديل نظامها، وسيطبق أهل روسيا بعد إسلامهم يومًا من الأيام النظام الذي تمثله الأحمدية، وإن الخطر الشيوعي المتهدد سيزول عاجلاً أو آجلاً، وإن العالم سيتبين أن إصلاح فساد الدنيا وعلاج آلامها منوط بالتعاليم الإسلامية وحدها.

رؤيا أخرى

رأيت في المنام قبل أربعة وعشرين عامًا أنني قائم في ميدان واسع، فإذا أنا بِجِنّيٍ ضخم بصورة أفعى عظيمة تسعى إليّ من بعيد. طولها يتراوح بين عشرة وعشرين ذراعًا وعرضها كعرض ساق دوحة عظيمة. ورأيتها تتقدم إليّ بسرعة، ويبدو كأنها آتية من نهاية الدنيا، وتأتي على كل ما يعترض طريقها من الأحياء حتى وصلت إلى المكان الذي كنا فيه. فرأيتها وهي تبتلع الناس. وسعت رواء أحمدي، فأخذ يهرب أمامها وهي تلاحقه. فلما رأيتها بهذه الصورة طاردتها وبيدي عصا. لكني أشعر في الرؤيا أنني لا أستطيع أن أسعى بسرعة الأفعى، وكلما أخطو نحوها خطوة سبقتني بعشر خطوات، ولكني واصلت السعي حتى رأيت ذلك الأحمدي أنه وصل إلى شجرة فتسلقها بسرعة، وظن أنه سينجو من الأفعى بهذا الطريق، لكنه لم يكد يصل منتصف الشجرة حتى فاجأته الأفعى فابتلعته. فكرَّت عليّ غاضبة لأني كنت أردت تخليص ذلك الأحمدي منها. ولما هجمت عليّ رأيت بقربي هيكل سرير خشبي غير منسوج. وعندما اقتربت الأفعى إليّ، قفزت إلى السرير، فقمت على هيكله واضعًا كلاً من قدمي على جانبيه.

فلما رأى الناس أن الأفعى تقترب إلي قالوا لي: لا يمكنك أن تقاومها، لأن رسول الله قد سبق أن قال: “لا يدانِ لأحد بقتالهما”. فعندئذ أدركت أن هجوم الأفعى إنما يعني هجوم يأجوج ومأجوج، لأن هذا الحديث النبوي ورد عنهما، وعندئذ أظن أيضًا أن هذا هو الدجال أيضًا. وخلال ذلك زادت الأفعى اقترابًا إلي، فرفعت يدي إلى السماء وأخذت أبتهل إلى الله بالدعاء. وفي هذه الأثناء توجهت للأحمديين الذين منعوني من مقاومة الأفعى قائلين: إن رسول الله قد سبق أن قال إنه لا يمكن لأحد في العالم أن يناضل يأجوج ومأجوج، وقلت لهم: إن رسول الله إنما قال: لا يدان لأحد بقتالها، أي ليست هناك من يد تقاومهما، لكنني لم أرفع يدي للمقاومة، إنما رفعتها إلى الله تعالى، ولم ينكر رسول الله رفع اليدين إلى الله وطلب الانتصار منه.

فبدأت عندئذ بالدعاء قائلاً: اللهم إني لا أملك قوة على مقاومة هذه الفتنة، لكنك مصدر كل قوة وطاقة، إنني أتضرع إليك أن تكشف عنا هذه الفتنة. فلما دعوت الله بهذا التضرع، رأيت أن تغيرًا سماويًا أخذ يطرأ على تلك الأفعى، وكما تتغير وتذوب الدودة البرية بإلقاء الملح عليها، فأخذت ثورة الأفعى تخف حتى استلقت بهدوء. وعندئذ رأيتها فإذا هي كغدة، فصارت كماء سال وانتهى. فقلت لأصحابي: انظروا الآن، ما أقوى تأثير الدعاء. لا شك بأنني كنت عاجزا عن مقاومتها، لكن الله ربي كان يقدر على تبديد هذا الخطر.

أمر جدير بالذكر

وما ينبغي أن لا يغيب عن بالكم أننا لسنا أعداء لأحد، إنما نحن ناصحون للجميع، ولا نضمر في قلوبنا العداء لأحد، حتى ولا لألد أعدائنا. إنما نريد أن تنتصر الأخلاق الحسنة في العالم وتزدهر الروحانية الدينية، وتتأسس حكومة الله ورسوله. إنما نبغي أن يكون النظام اقتصاديًا كان أو سياسيًا، ثقافيًا كان أو اجتماعيًا، يتسع لله تعالى ورسوله الكريم ، ولا يحول دون اتباع الناس بأحكامها. فإننا لسنا أعداء لروسيا ولا للشيوعية، بل إنني أكن لروسيا المواساة من صميم فؤادي، وإنني لأتمنى أن يتقدم هذا الشعب الذي ظل عدة قرون هدفًا للاضطهاد والظلم، وتزول أيامه السود، غير أنني لا أرضى ولا يرضى كل رجل حر باتخاذ فلسفة خاطئة أداة لتقدم بعض الشعوب وتأخر البعض الآخر. فإن اضطلع أحد من النظم العالمية بتعليمات الله ورسوله وصبغ هيئته بصبغة إسلامية، فإننا نرحب به كل الترحيب، لكنه إذا لم يفعل ذلك فأتباع الدين مضطرون لرفضه، لأن أزمة الجوع، وإن كانت أشد الأزمات، لكن الدين هو المتاع الأعز الذي للمؤمن ألا يضحي به في أي وضع كان.

Share via
تابعونا على الفايس بوك