الإلحاد إزاء الإيمان

الإلحاد إزاء الإيمان

فيض رسول

الإلحاد إزاء الإيمان بالله يمثّل خلافًا قديمًا قدم الدّهر. كان هناك دائمًا مفكّرون من ذوي الثّقافة العالية… يؤمنون بوجود الله، منهم أفلاطون وتلاميذه، ومفكّرون مثلهم من المثقّفين أيضًا.. يكفرون بوجود الله، منهم أرسطوطاليس وأتباعه.

وفي الأزمنة القديمة كان هناك جماعة (الرّواقيّين) المتديّنين، وأناس دنيويّون، وجماعة (الأبيقوريّين) الماديّين.. الّذين اعتقدوا في أنّ السّعادة القصوى في هذه الدّنيا، ولكنّ واحدًا من قمم الإلحاد في عصرنا، سيجموند فرويد ،اعتقد بأنّ السّعادة غير ممكنة في هذه الحياة، بسبب التّعاسة الّتي تنجم عن الكوارث الطّبيعيّة وتصرّفات الآخرين والأمراض الّتي في داخلنا، وليس لنا سيطرة على أيّ منها.

وفي العصور الوسطى آمن جون كالفن، وجون هس، وجون فوكس بالإله التّقليدي، في حين أنّ فولتير وروسّو وتوم باين لم يؤمنوا. وكانت هناك مشادّات كبيرة بين ملحدي القرن التّاسع عشر: ماركس وداروين وهكسلي وبين آباء الكنيسة. أمّا شارلز برادلو، عضو البرلمان ورئيس الجمعيّة العلمانيّة البريطانيّة.. فقد تحدّى في اجتماع عام أن يضر به (الرّب) بصاعقة في مدى خمس دقائق، وأثبت بذلك أنّ (الرّب) غير موجود!

ولاتزال الأمور على حالها. هناك أصحاب الفلسفة الإنسانيّة الّتي تقول بقدرة الإنسان على تحقيق الذّات عن طريق العقل، وترفض الإيمان بأيّة قوّة خارقة للطّبيعة، والملحدون موجودون في بريطانيا وبلاد الغرب، كما يوجد المسيحيّون المؤمنون بالرّب.

وفي مقدّمة الملحدين في بريطانيا اليوم (1984م).. البروفيسور جون أليجرو، فقيه اللغة ومؤلّف كثير من الكتب. وعلى رأس المؤمنين في بريطانيا الآن..حضرة مرزا طاهر أحمد، الخليفة الرّابع للحركة الإسلاميّة الأحمديّة، الكاتب العظيم الّذي يتقن عدّة لغات.

ومع علمنا بوجود المتعصّبين بين كلّ من المتديّنين والملحدين، فسنحاول أن ننقل إليكم جانب القضيّة بنزاهة. ووجود (الرّب) أو عدم وجوده مسألة مهمّة، لأنّه لو كان هناك (رب)..بينما نعيش ونرتّب أمور حياتنا الدّنيويّة على أساس أنّه لا (ربّ) هناك.. لكنّا جالسون فوق فوهة بركان حيّ.. والعكس صحيح.. ولعلّنا نجلس بالفعل فوق البركان.

يبتدئ الملحد العصري الموضوع قائلاً: لقد تخيّل الإنسان البدائي وجود الآلهة عندما هاجمته الظّواهر الطّبيعيّة كالعواصف والزّلازل والطّوفان. وقد تطوّرت فكرة الآلهة القديمة إلى التّوحيد في العصور المتأخّرة مع ارتقاء الفكر البشري. ونظرًا لأنّه لم يرو إنسان بدائي ماتخيّله  إلى أحد من الملحدين العصريّين.. فإنّ هذا من جانب الملحد (تخيّل) لما (يفترض) أن (تخيّله) الإنسان البدائي.

وفي مقابل ذلك، تعلّم المسلمون من القرآن أن الله تعالى أرسل الأنبياء إلى كلّ الأقوام، ودعوا إلى إله ونادوا بإله واحد فرد. بيد أنّ الأقوام اتّجهوا بعد ذلك نحو تعدّد الآلهة. وهذا يمكن التّحقّق منه، فقد اعتقد الصّينيّون أصلاً في التّوحيد ثمّ صاروا إلى التّعدّد فيما بعد. فمنذ أكثر من 2500 عام خلت، كان الطّاويون الصّينيّون في الموحّدين. وليس (طاو) في الحقيقة سوى مايسمّونه في الغرب (الرّب). طاو واحد، البداية والنّهاية، كلّ شيء من قبضته، وإليه يرجع كلّ شيء.(من كتاب: إيقاع الحياة). كانت الهندوسيّة في بدايتها توحيديّة، ولكن الهندوس أخذوا بالتّعدّديّة في الأزمنة المتأخّرة. ودعا أخناتون (1375 إلى 1385ق.م) في مصر إلى التّوحيد، ولكنّ الكهنة الّذين أخذوا بالتّعدّد قمعوه.

ويعتقد المسلمون بأنّ القرآن هو الكتاب الّذي يحوي كلمات الله الّتي أوحاها للنّبي محمّد ، وأنّ الكون الّذي يحوي الأشياء والأحداث الّتي خلقها الله هو أيضًا قرآن. والاثنان لاينفكّان يتطابقان، ويؤيّد كلّ منهما الآخر، ومايقوله قرآن منهما سوف يحدث في العالم الآخر. ومع أنّ الديانات والكتب المقدّسة جاءت أصلاً من الله، إلّا أنّها أصابها التّحريف فيما بعد، وقد نسخها الله بالقرآن.

يقول جورج سيل لترجمة القرآن عام 1734: “لا أجدني بحاجة إلى الاعتذار لنشر هذه التّرجمة، أو السّعي للتّدليل على أنّها عمل ذو نفع، وأيضًا من باب حبّ الاستطلاع.

والّذين يتوجّسون من أيّ خطر من مثل هذا الزّيف البيّن.. لابدّ وأنّ لديهم رأي وضيع عن الدّين المسيحي، أو أنّ جذورهم فيه ضعيفة. ولن أبحث هنا عن الأسباب الّتي جعلت شريعة محمّد تلاقي مثل هذا الّلقاء الّذي لامثيل له في الدّنيا (لأنّ الّذين يتصوّرون أنّه انتشر بالسّيف وحده وقعوا في خدعة كبيرة)، ولن أبحث عن الوسائل الّتي جعلت أممًا تعتنقها مع أنّها لم تشعر بقوّة الأسلحة المحمّديّة، بل وأممًا جرّدت العرب من فتوحاتهم، وقضت على سيادتهم، وحتّى خلفائهم. لكن يبدو أنّ هناك شيئًا ما فوق مايتصوّره العامّة عن ديانة  حقّقت ذلك التّقدّم المدهش.. وأيضًا كي نتمكّن من كشف هذا الدّجّال بدرجة فعّالة… لقد نجح البروتستانت وحدهم.. في مهاجمة القرآن، ومن ثمّ حفظت لهم العناية الإلهيّة مجد هزيمتهم”.

بعد قراءة ترجمة (سيل) كتب المؤرّخ إدوارد جيبون قائلاً: “بروح الحماس أو الغرور.. يعلّق النّبيّ صدق رسالته على فضل كتابه، يتحدّى الإنسان والملائكة أن يأتوا بمثل جماله صفحة واحدة منه، ويتجاسر فيؤكّد أنّ الله وحده الّذي يستطيع أن يملي مثل هذا الكلام الّذي لانظير له. ومثل هذا الحوار يوجّه بكلّ قوّة إلى العربي الورع، الّذي تهيّأ عقله مع الإيمان والنّشوة، والّذي تبتهج أذنه لموسيقا الألحان، والّذي لا يمكن تجاهله من تمييز نتاج النّبوغ البشري. فالانسجام والوفرة في الأسلوب لن تصل من خلال التّرجمة إلى الأوروبّي الكافر. إنّه سيقرأ بصبر نافذ ملحمة لا تنتهي من الخرافة والوصايا والخطابة، نادرًا ما تثير عاطفة أو فكرة، والّتي تزحف أحيانًا في التّراب، وأحيانًا أخرى تضلّ في السّحاب. إنّ الصّفات الإلهيّة تسمو بخيال المبعوث العربي، ولكن أسمى ألحانه لابدّ وأن يذعن للبساطة الرّفيعة في سفر أيّوب الّذي أنشئ منذ زمن بعيد، في نفس الإقليم وبنفس اللّغة.

إذا كان القرآن يفوق ملكات الإنسان، فإلى أيّ ذكاء علوي تنسب إلياذة هوميروس، وخطب ديموستين الفيليبية؟ مقتبسة عن (القرآن، تبسر أربري، وألن وأيون).

وفي مقدّمة القسّ روديول لترجمة القرآن (1861م) قال :

“وفي اتّصال وثيق بالملاحظات السّابقة.. تقف مسألة إخلاص محمّد وصدق غرضه من تقدمه كرسول لله. فلو أنّه كان حقًّا الشّخص الأمّي كما يتمثّله المسلمون.. لتعذّر التّهرّب من استنتاجهم بأنّ القرآن معجزة قائمة.. كما يؤكّدون. ولكن، من ناحية أخرى، لو كان القرآن كتابًا مزيجًا من عدّة مصادر، وبعون خارجي كثير، ونشر على أنّه وحي إلهي.. لكان مؤلّفه مستحقًّا على الفور لتهمة الدّجّال الأعظم، بل والكفر الشرّير. وتبيّن الدّلائل بالأحرى أنّ محمّدًا في كلّ مافعل وكتب كان مدفوعًا برغبة مخلصة لتحرير قومه من وثنيّتهم المنحطة.. وأنّه كان متحرّكًا برغبة قويّة لإعلان الحقيقة العظمى بوحدانيّة الله الّتي ملكت عليه روحه كليّة، وأنّ النّهاية المستهدفة برّرت لعقله الوسائل الّتي اتّخذها في إنشاء سوره، وأنّه شغل نفسه باعتقاد أنّه تلقّى نداء الله، وأنّه حمل بفضل قوّة الظّروف والنّجاح المتزايد بالتّدريج إلى تصديق نفسه بكونه رسول السّماء المفوّض”.

وبسبب نجاحات العلم العظيمة ونشاطه في القرن الماضي وشطرًا من هذا القرن، اعتقد أهل أوروبا أنّ بوسع العلم معالجة كلّ شيء، يجعل الدّنيا أفضل، وينقذ البشر، ويجيب على كلّ الأسئلة، وأنّ الرّب ميت، فقد قتله العلم. وهذا لم يعد صحيحًا.

فهناك علماء بارزون لايؤمنون بالله، وهناك علماء أجلّاء آخرون يؤمنون بالله. فمّمن لايؤمنون هناك البيولوجي هالدين، والفيزيائي برنال، والبيولوجي هكسلي وغيرهم. ومن المؤمنين الفيسيولوجي الطّبّي هوروبين، والذّرّي ولترهيتلر، والفلكي هوويل وغيرهم. لايستطيع العلم أن يثبت أو ينفي وجود الله، لأن العلم يستطيع فقط التّعامل مع المادّة الخاضعة للقياس. وبذلك يكون القرآن هو كتاب العالم، والإسلام هو دين العالم، ومحمّد هو نبيّ العالم. أمّا العالم المسيحي، سواء منهم المتديّنون أو العلمانيّون المحدثون.. فإنّهم يسخرون من كلّ ذلك.

وسوف نقتبس مقتطفات عن مختلف الكتّاب المعروفين.. منها ما يؤيّد، ومنها مايعارض القرآن والإسلام والنّبيّ محمّدًا .

أوّل ترجمة للقرآن إلى اللّغة الإنجليزيّة قام بها الكسندر روس عام 1647م، يتوجّه في مقدّمتها إلى القرّاء المسيحيّين فيقول:

“لطالما تضافرت فرق وهرطقات كثيرة ضدّ الحقّ. ولما وجدت محمّدًا لايصمد للاختبار، رأيت من الخير أن أكشف عن حقيقته، فإنّك إن رأيت عدوّك بحجمه الكامل أخذت أهبتك لمواجهته، وترجو الغلبة عليه. ولعلّك تجفل إذ تراه يتكلّم الإنجليزيّة، كما لو أنّه قد غزا الأمّة، ولكنّك سرعان ما تتخلّص من هذا الخوف وتحسّ بالسّعادة.. إذا فكّرت في أنّ القرآن (وهو أساس الدّين التّركي) قد ترجم من قبل إلى كلّ لغات العالم المسيحي (أكثرها شيوعًا على الأقلّ كاللّاتينيّة والإيطاليّة والفرنسيّة إلخ) ولم يكسب أتباعًا قطّ.. حيثما لايسود السّيف، وهو أقوى حججه وأمضاها..

“ولسوف تجده (أي القرآن) فجًّا، متعارضًا، حشوه بالمتناقضات والهرطقات والقول الفاحش والخرافات السّخيفة.. ومع كونه سمّاً لوّث جزءًا كبيرًا، هو الأقلّ حصافة، من العالم، فسوف ينقلب ترياقًا يقوّي الإيمان بالمسيحيّة”.

وأوّل إنجليزي أثنى على القرآن هو (توماس كارليل)، صاحب (الأبطال وعبادة الأبطال)، في كتابه (البطل النّبيّ: محمّد الإسلام)،1941م، كتب يقول:

“… لقد اخترنا محمّدًا، ليس بوصفه أبرز الأنبياء، وإنّما بوصفه الواحد الّذي نكون أكثر حريّة في الكلام عنه. وهو ليس أصدق الأنبياء على الإطلاق، ولكن أحسبه صادقًا.

“وبالإضافة إلى ذلك، فمادام ليس هناك خطر على أحد منّا أن (يصير محمّديًّا)، فإنّي عازم على قول كلّ شيء حسن أستطيع قوله عنه بإنصاف. وهذا هو السّبيل للتّوصّل إلى سرّه. هيّا نحاول فهم ماذا أراد محمّد لهذا العالم، فيتّضح لنا أكثر الجواب عن ماذا أراد العالم، ومايريد منه.

“وفكرتنا الحاليّة عن محمّد أنّه كان دجّالاً ماكرًا، والباطل متجسّدًا، وأنّ دينه كومة من الشّعوذة والسّخافة المحض، ولايمكن لأحد أن يتمسّك بها. إنّ الأكاذيب الّتي كدّسها الحماس المتعمّد ضدّ هذا الرّجل..عار وخزي لنا وحدنا…”.

“ومن الغريب حقًّا أنّ المرء إذا بحث عن (التّناقضات في الذّوق القومي)، فهناك أبرز مثال لها! فبوسعنا أن نقرأ القرآن، وترجمتنا الّتي قام بها (سيل) معروفة بأنّها ترجمة أمينة. ويجب عليّ القول بأنّها أشدّ ماقرأته مشقّة على نفسي.. فهي خليط مضطرب مضجر، فجّ، تكرار لاينتهي، وهراء، تعقيدات أشد الفجاجة، incondite، وبالإجمال هو بلاهة لا سند لها. ولولا الإحساس بالواجب لن يستطيع شيء أن يحمل الأوروبي على قراءة القرآن. إنّنا نقرأه كما  نقرأ في الأوراق الحكوميّة حيث توجد أكوام من سقط المتاع غير المقروء، قد نجد فيها بعض لمحات من رجل له شأن. الحقيقة أنّنا نأخذه مأخذ العيوب، ويرى العرب فيه منهجًا لهم أكثر ما نجد…

“… ولكن ينبغي القول بأنّ حبّ العرب له بهذه الدّرجة ليس أمرًا غامضًا. فلو خلّصت رأسك من هذه الجلبة القرآنيّة المربكة المشوّشة، وأزحتها خلف أذنيك بمسافة كافية، بدأت سمته الجوهريّة تتضح. وفي هذا ميزة تختلف تمامًا عن سمته الأدبيّة. فإذا جاء الكتاب من القلب، فإنّه لايزال يصل إلى قلوب الآخرين، وتكون قيمته الفنيّة والصّناعيّة عندئذٍ قليلة بالمقارنة إلى الأخرى. ويمكن القول بأنّ الخاصيّة الأساسيّة للقرآن هي أصالته ومصداقيّته…”.

ونقتبس هنا عن ه .ج ويلز.. الكاتب الّذي أحبّ الإسلام ولكنّه لم يحبّ نبيّه، من كتابه (مختصر التّاريخ) Outline of History ، وعن برناردشو الكاتب الّذي أحبّ النّبيّ لأسباب تختلف عن تلك الّتي لدى المسلمين، من كتابه (مغامرات البنت السّوداء بحثًا عن الإله).

قال ويلز: “كان للإسلام حتّى اليوم أساتذة ومدرّسون ووعاظ، ولكن ليس له قس. كان مفعمًا بالعطف والسّماحة والإخاء. كان دينًا بسيطًا مفهومًا. كان مشبعًا بمشاعر الشّهامة البدويّة، ووصلت جاذبيّته مباشرة إلى أكثر الغرائز شيوعًا في تكوين الإنسان العادي.

وبإزاء الإسلام كانت اليهوديّة الشّوهاء.. الّتي أخذت من الإله ذخيرة للعنصريّة، والمسيحيّة الّتي تدعو إلى تثليث وعقائد وهرطقات لايستطيع الإنسان العادي أن يعرف لها رأسًا من قدم، ومزدكية، هي دين زرادشت المجوسي الّذي أوحى بصلب (ماني).

“معظم النّاس الّذين وصلهم تحدّي الإسلام لم ينزعجوا بكون محمّد من أهل الهوى أم لا، أو أنّه فعل بعض الأفعال الماكرة المريبة، وإنّما الّذي أعجبهم كان ذلك الإله الّذي دعا إليه محمّد:

الله، الّذي كان بحسب معيار الضّمير في قلوبهم..إلهًا للبرّ والخير، وأنّ القبول المخلص لعقيدته وطريقته فتح الباب واسعًا.. من عالم الشّكّ والخيانة والتّمزّق الّذي لايحتمل، إلى أخوّة عظيمة متنامية بين رجال أمناء على الأرض، وإلى جنّة ليست لتدريبات الحمد والعبادة.. يتبوّأ فيها القدّيسون والكهنة والملوك الممسوحون الدّرجات العلى، وإنّما جنّة من الرّفاق المتساوين، والمباهج البسيطة المعقولة.. الّتي طالما اشتاقت إليها نفوسهم. لقد أدخل محمّد تلك العقائد الجذّابة إلى قلوب البشر من دون رمزيّة غامضة، وبغير ظلمات الهياكل والمذابح وترانيم الرّهبان..”.

وقال برنارد شو: “أسّس محمّد الإسلام بعد يسوع بستمائة عام. وتقدّم بخطوات واسعة، من وثنيّة خالصة للعجز والصّنم.. إلى عقيدة التّوحيد متحرّرة متنوّرة للغاية. ومع أنّه مات فاتحًا منتصرًا، ونجا بذلك من أن يكون المشهد الرّئيسي في غرفة الرّعب العربيّة، فإنّه وجد من المحال حكم العرب من دون إغرائهم وتخويفهم، بوعد الحياة البهيجة للمؤمنين، وتهديد بالعذاب المرعب للأشرار.. ذلك بعد الموت الجسدي. ثمّ وبعد احتجاج صادق من جانبه، قبل ما أضفاه عليه أتباعه المؤمنون بالخرافات الصّبيانيّة من صفات خارقة للعادة، وبسبب ذلك يتطلّب الأمر إعادة اكتشافه في طبيعته الحقيقيّة قبل أن يرجع الإسلام إلى الأرض كدين حيّ”.

وفي كتاب (معاني القرآن المجيد)، وهو ترجمة تفسيريّة بقلم محمّد مارماديوك بيكثال، جاء بالمقدّمة:

“الغرض من هذا العمل أن يقدم للقرّاء الإنجليز مايعتقده المسلمون في أنحاء العالم عن مدلول كلمات القرآن وطبيعة ذلك الكتاب.. في لغة موجزة بعيدة عن عدم الّلياقة، مع نظرة إلى متطلّبات المسلمين الإنكليز. ومن المعقول الاحتجاج بأنّه لايمكن لكتاب مقدّس أن يحظى بتقديم عادل على يد من لايؤمن بوحيه ورسالته، ولكن هذه أوّل ترجمة إنجليزيّة  للقرآن قام بها رجل إنجليزي مسلم. وتحتوي بعض التّرجمات على تعليقات تنفّر المسلمين، كما أنّهم كلّهم تقريبًا.. يستخدمون أسلوبًا يتعرّف عليه المسلمون على الفور، ويجدونه جائرا غير لائق.

“ويعتقد الشّيوخ السّلفيّون أنّ القرآن لايمكن ترجمته، وهذا أيضًا مايراه الكاتب. وقد قدّم الكتاب هنا بطريقة حرفيّة تقريبًا، وبذل كلّ مافي الجهد لاختيار اللّغة اللّائقة. ولكن ثمرة كلّ ذلك ليس القرآن المجيد..تلك السّمفونيّة الفريدة، الّتي تحرّك نغماتها دموع النّاس ووجدهم. إنّ هذا العمل محاولة لتقديم معاني القرآن، وربّما شيئًا من جماله، باللغة الإنجليزيّة، ولايمكن أبداً أن تحلّ هذه التّرجمة محلّ القرآن في لغته العربيّة، ونحن من جانبنا لم نرد ذلك”.

وكتب البروفسور أرثر أربري في كتابه (تفسير القرآن): “القرآن، كتاب المسلمين المقدّس، يضمّ في سوره المائة وأربع عشرة مجموع الوحي الّذي يعتقد بأنّه تنزّل على النّبي محمّد، بوصفه التّعبير النّهائي لمشيئة الله ومراده للإنسان. وقد تلقّى هذا الوحي بطريقة خارقة، في أحوال تشبه الغشيان.. وذلك على مدى سنوات عديدة، وفي دفعات.. كانت السّورة الأولى (رقم 96) عام 610م، والأخيرة قبيل موت محمّد عام 632م.

“وليس من اليقين تسجيل نص القرآن كاملاً في حياة النّبيّ، فقد قيل إنّه كان أمّيًّا، وأنّه لم يزد عن تلاوة الكلمات الّتي تلقّاها من السّماء. وفيما عدا تعديلات إملائيّة محدودة، أريد بها إزالة اللّبس وتسهيل قراءة النّصّ الأصلي.. فإنّ القرآن المطبوع في القرن العشرين مطابق تمامًا للقرآن الّذي أجازه الخليفة الثّالث عثمان منذ أكثر من 1300 عاما.

“وفي محاولتي هذه.. الّتي أسعى بها إلى تحسين أداء من سبقوني، وتقديم شيء مقبول يعكس صورة، ولو باهتة، للبلاغة العربيّة الرّفيعة القرآنيّة.. جهدت كثيرًا لدراسة النّغمات الغنيّة المتداخلة، والتي إلى جانب الرّسالة نفسها، تساند القرآن في دعواه الّتي لاتنكر كواحد من أعظم الرّوائع الأدبيّة.

“وقمت بهذه المهمّة دونما تهاون، رغم ما كنت فيه من كرب شديد، ووجدت فيها مواساة ومؤازرة بحيث لاينفكّ الكاتب ممتنًّا لها. ولذلك يعترف الكاتب بامتنانه لتلك القوّة..أيًّا كانت.. والّتي ألهمت الإنسان والنّبيّ.. فكان أوّل من تلا هذه الصّحف المقدّسة.

“وأتمنّى لهذه الترجمة.. الّتي تمثّل صدًى ضعيفًا للأصل المجيد.. أن ترشد القارئ وإلى حد ما، أن تلهمه”.

ونقرأ في كتاب مارتن لنجز (ماهي الصّوفيّة؟)؟:

“كان من عادة الصّوفي الأندلسي العظيم، محي الدّين العربي، أن يدعو بدعاء يقول في أوّله: اللهمّ أدخلني في محيط وحدانيّتك اللّانهائي. وفي التّعبير الصّوفي، يذكر هذا (المحيط) مرارا وتكرارا على سبيل الرّمز إلى الغاية الّتي يتّجه إليها طريقهم”.

دعنا إذن نبدأ القول، اعتقادًا على هذا الرّمز، في الجواب على سؤال: ماهي الصّوفيّة؟.

“من حين لآخر ينساب الوحي في موجة مدّ عظيمة..من محيط اللّانهائيّة إلى شطآن دنيانا المحدودة، والصّوفيّة هي المعرفة وقواعد السّلوك وعلم الغوص في إحدى هذه الموجات، عند انحسارها والذّهاب معها وهي تنسحب إلى مصدرها السّرمدي اللّانهائي”.

“وإذا كان السّؤال بالإشارة إلى رمزيّتها الأساسيّة.. إلى أين تأخذ الموجة المديّة، فيكون الجواب أنّها تأخذ إلى ماهو من أسلوب كلّ كتاب.. والقرآن بالتّحديد..”

“ومن خصائص القرآن..وهو الوحي الأخير..أن يبدو أحيانًا كما لوكان شفّافًا كي يتألّق الوحي الأوّل من خلال آياته، وهذا الوحي الأوّل، وأعني كتاب الطّبيعة..ينتمي لكلّ إنسان…”.

ويكتب فرثجوف شون Frithjol Schuon في كتابه (فهم الإسلام) Understanding Islam):

“القرآن كالدّنيا.. واحد ومتعدّد في نفس الوقت. فالدّنيا تعدّد يشتت ويفرّق، والقرآن تعدّد يقرب معًا ويقود إلى الوحدة. فتعدّد الكتاب المقدّس، ينبوع كلماته وعباراته وصوره وقصصه، يملأ الرّوح ثمّ يستغرقها دائمًا في (براعة إلهية)!”

ويكتب العالم الفرنسي موريس بوكاي Maurice Bucaille، في كتابه (الكتاب المقدّس والقرآن والعلم، ص 8و9، 150و151):

“كانت دراستي الأولى للوحي القرآني بروح موضوعيّة تمامًا وبدون أفكار مسبقة. كنت أبحث عن درجة الإنسجام بين النّصّ القرآني وحقائق العلم الحديث. وعرفت من ترجمات القرآن أنّه كثيرًا ما ألمح وأشار إلى كلّ أنواع الظّواهر الطّبيعيّة، ولكنّ معرفتي عنه كانت معرفة موجزة فحسب. ولقد درست النّصّ العربيّ عن قرب، ودوّنت قائمة بهذه الظّواهر، وفي نهاية الأمر كان عليّ الإقرار بما بين يديّ من دليل: فالقرآن حقًّا لايحتوي على عبارة واحدة تلقى اعتراضًا من وجهة النّظر العلميّة الحديثة.

“وأعدّت الدّراسة ذاتها على العهد القديم والأناجيل بنفس النّظرة الموضوعيّة. في العهد القديم، لم أجدني بحاجة للمضيّ بعد السّفر الأوّل (التّكوين.. كي أجد عبارات لاتساير بالمرّة حقائق العلم الحديث).

“وبمجرد فتح الأناجيل يواجه المرء مشكلة خطيرة على الفور، إذ في الصفحة الأولى نجد نسب يسوع. ولكن المتن حول هذا الموضوع في إنجيل متى يتعارض مع نظيره في إنجيل لوقا”.

“وهناك مشكلة إضافية، فبيانات إنجيل لوقا عن إنسان العصور القديمة لا تتوافق مع المعارف الحديثة”. “وللوحي القرآني تاريخ يختلف أساسا عن الكتابين الآخرين”.

لقد امتد لفترة تزيد على عشرين عاما، وبمجرد أن تلقاه محمد من رئيس الملائكة جبريل.. تعلمه المؤمن عن ظهر قلب. كما أنه دُون في حياة محمد. وأنجز المراجعة الأخيرة للقرآن بتوجيه الخليفة عثمان بعد وفاة النبي باثنتي عشرة عاما، وتمت بعده بأربعة وعشرين عاما. وكان لديهم ميزة المراجعة على يد أناس حفظوا النص عن ظهر قلب؛ لأنهم تعلموه وقت وحيه وتلوه بعدئذ على الدوام. ونظرا لذلك فإننا نعلم أن النص قد حفظ بحرص ودقة، ولا يتسبب في أي مشكلة من جهة بأصالته.

“ويلي القرآن الكتابين الموحى بهما من قبله، ومع سلامته من التناقضات في رواياته.. فهناك علاقة متعددة على التلاعب البشري من الأناجيل.. ولكنه يكشف عن نوعية خاصة به وحده لمن يدرسون بطريقة موضوعية وعلى ضوء العلم.. أعني توافقه التام مع معطيات العلم الحديث. وفوق ذلك فهو يحتوي على تقارير تتصل بالعلم، (كما سبق عرضه، ومع ذلك فلا يتطرق التفكير إلى أنها من تأليف رجل من عصر محمد. ويتيح لنا العلم الحديث أن نفهم آيات معينة من القرآن كان المستحيل تفسيرها).

“والمقارنة بين عديد من الروايات الكتابية والقرآنية في نفس الموضوع تكشف عن وجود فروق أساسية بين الروايات الكتابية، وهي غير مقبولة؛ وتكشف أيضا في القرآن عن بيانات متفقة تماما مع الحقائق العلمية الحديثة. وهكذا كان الحال في مسألة خلق العالم والفيضان مثلا. وقد جاء في القرآن تكملة لموضوع “الخروج Exodus” في الكتاب المقدس. وهي تكملة مهمة للغاية.. حيث تتفق النصوص إلى درجة كبيرة مع الاكتشافات الأثرية التي ترجع إلى زمن موسى. وإلى جانب ذلك، هناك اختلافات هامة بين القرآن والكتاب المقدس حول موضوعات أخرى، وهي تدحض كل المزاعم العارية من أي أثر لدليل.. والقائلة بأن محمد قد نقل عن الكتاب المقدس ليؤلف نصوص القرآن.

“وعندما أجريت دراسة مقارنة للتصريحات المتعلقة بالعلم الموجودة في مجموعة “الأحاديث” المنسوبة إلى محمد، (وهي ظنية الثبوت، وإن كانت تعكس عقيدة عصرها).. والبيانات المشابهة في القرآن، فإن البيان يبدو واضحا حتى إنها تستبعد أي فكرة عن وجود أصل مشترك.

“وبالنظر إلى مستوى المعرفة زمن محمد.. لا يمكن تصديق نسبة البيانات القرآنية المتصلة بالعلم إلى عمل الإنسان. وفضلا عن ذلك يحق تماما اعتبار القرآن تعبيرًا عن الوحي، وأن يُمنح منزلة خاصة جدا.. بناء على مايتميز به من توثيق مضمون، وما يقدمه من بيانات علمية.. إذا دُرست اليوم قامت تتطلب التفسير بعبارات بشرية”. (Science in God, P74)

إن العقبة أو الحائل الحقيقي أمام الملحدين أو العقلانيين من كل صنف هو الوحي الإلهي، أن يتكلم الرب مع رسله المصطفين. ولقد قلنا من قبل، ونعيده هنا أن نجاح العلم العظيم في القرن التاسع عشر وما بعده.. جعل العلماء والمثقفين يعتقدون أن بوسع العلم، إذا أُعطي الوقت الكافي أن يجيب على كل تساؤل، ويعالج كل المشاكل، وينقذ البشرية. وهذا لم يعد صحيحا بعد. ومنذ العلم الذري.. صارت مقاييس الأشياء التي يعتمد عليها العلم مستحيلة. وهذا يسدل الستار على مزاعم العلم. يقول برناردشو Bernard Show:

“قد يكون المعمل جنة الأحمق أو جنة المتشائم: فقد هُيء ليكون واحدا من الاثنين. قد يوصد باب في وجه المتافيزيقا: بما فيها الشعور، والهدف، والعقل، والتطور، والخلق، والاختيار وأي شيء آخر يواجهنا من شتى نواحي عالم الحقيقة. ولأن العلم لم يكتشف فرقا كيميائيا بين الجسد الحي والميت، وإنما هو فارق السلوك فحسب، فقد يفترض العلم أنه ليس هناك فرق، وقد يلغي كل الحقائق التي تتفق مع الإصرار الفيزيائي على أنها أوهام ميتافيزيقية. وباختصار، فإنه سوف يحول نفسه إلى سخافة باسم العلم بحروف كبيرة”.(Everybody’s Political What’s What? 1944,P190)

كتب البروفسور دافيد هوروبين: (David F.Horrabin. Science is God)

“أجملَ هيزنبرج Heisenberg، المشاكل في مبدئه الشهير “مبدأ الشك” الذي صاغه عام 1927… هناك عائق أمام المعرفة يبدو من المستحيل الذهاب فيما ورائه، ليس لأي سبب وإنما بسبب نظري لا يمكن اجتنابه. ليس بوسع الإنسان أن يعرف كل ما هناك ليُعرف عن الذرة وتركيبها”.

فإذا كان الإنسان لا يعرف كل شيء عن المادة، فهناك احتمال أقل ليعرف ما وراء المادة.. كالوحي الإلهي على سبيل المثال.

وفي أحد كتُب برناردشو لمناقشة شؤون الإنسان.. وصل إلى نقطة معينة وقال: هذا القدر الذي وصل إليه عقلنا”.

وفي سنواته الأخيرة أثناء الحرب العالمية الثانية كتب 5.ج. ويلز (H.G. Wells)، كُتيبا اسمه “العقل عند غاية طاقته” (The Mind at The End of its Tether?)

ويدل هذان التصريحان على أن هناك “منطقة” لا يستطيع ذكاؤنا المنطقي أو عقلنا أن يتوغل داخلها، وعندما نتحدث عن الوحي الإلهي فإننا نتحدث عن أخبار النبوات القادمة من “منطقة” الغيب إلى رسله المختارين، أو الأنبياء من وسطنا.

ها نحن نحكي بإيجاز عن الكون.. كيف بدأ، والهدف من خلقه، وما هي نهايته.. بأخبار من القرآن أو أقوال النبي محمد من الحديث: “كان الله كنزا مخفيا فأراد أن يُعرف”. فكان لا بد من خلق الإنسان، متصفا بالإدراك حتى يعرف الله أو يُنكر وجوده، ومن ثم كان الكون الضرورة العظمى.. وإن كان ذلك “لأجل محدود”. وكذلك الإنسان كائن ليعرف الله، ويعبده، ويرجع إليه في الحياة الآخرة. تلك المنطقة الغيبية التي أسلفنا ذكرها. الإنسان في هذه الحياة في طريق وعر كي يكتسب لنفسه ممرا إلى الجنة في الحياة الأخرى. ويمكن له ذلك باتباع تعاليم خالقه وربه، تماما كما نتبع توجيهات صانع أي آلة مثلا، كي نحصل على أفضل النتائج، توجيهات الله تعالى، ويوم الدين، وحياة التقوى في هذه الدنيا. بهذه الطريقة يمكن لإنسان أن ينال تذكرته إلى الجنة في الحياة الآخرة، وعلى ذلك يقوم مجتمع إنساني في هذه الحياة الدنيا.لقد خلق الله الإنسان من جوهر “الطين”، ثم سلالته من “ماء دافق”. هؤلاء السادة من الماء الدافق، والذين يسمون البشر تأدبا.. بدلا من اتباع أوامر الله تعالى، يتبعون أهواءهم ونزواتهم ويعيشونها، مما أدى إلى عالم ظالم، صاخب إجرامي. وكم سيد في “ماء دافق” شب ليكون عدوا لله.. ثم تتساقط أسنانه، ثم يضمر، ثم يصير عجوزا أخرق.. وينسى تماما أنه كان ذات مرة يترافع في القضية ضد الله تعالى. قبل أن يجره ملك الموت ليقف بين يدي الله. هذه هي قضية الجنس البشري.

والآن نقتبس فقرة أو اثنتين على كل موضوع من القرآن الكريم. (القرآن، تفسير أربري، الناشر جورج آلن وآنون،1955

The Koran, interpreted by A.j.Arberry, published by George Allen & Unwin Ltd

يقول القرآن الكريم عن الله تعالى:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (الإِخلَاص: 1-5)

اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (البقرة: 256)

وعن الخلق يقول الله تعالى:

اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ * وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ * وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (الرعد: 3-5)

وعن خلق الإنسان يقول

يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ * ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِي الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ (الحج: 6-8)

ويقول

وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ * ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ * ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ (المؤمنون: 13-17)

وعن الحياة الدنيا يقول القرآن الكريم:

وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (الأَنعام: 33)

ويقول:

يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (فاطر: 6)

وعن الموت يقول القرآن المجيد:

كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ (آل عمران: 186)

[قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ] (السجدة: 16).

ويقول القرآن عن نفسه:

أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (النساء: 83)

ويقول: 

وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (يونس: 38)

وعن يوم القيامة يقول القرآن المجيد:

أَيَحْسَبُ الْإِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدًى * أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى * ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى * فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى * أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى (القيامة: 37-41)

ويقول الله تعالى عن الجنة والنار:

إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (الأَحقاف: 14-15)

وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ (الأَحقاف: 21)

وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ (إِبراهيم: 23-24)

ويقول الله عن النبي :

قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا (الأَعراف: 159)

ويقول:

مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (الأحزاب: 41)

ويقول:

الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ * وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ * ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِنْ رَبِّهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ (محمد: 2-4)

وعن الدين يقول الله تعالى.

إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ (آل عمران: 20)

ويقول: 

اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (البقرة: 256)

ويقول:

وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ ( الشورى: 31).

ويقول:

لَا يُكَلِّفُ اللَّـهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ.. (البقرة: 287).

ويقول:

إِلَيهِ مَرجِعُكُم جَميعًا وَعدَ اللَّـهِ حَقًّا إِنَّهُ يَبدَأُ الخَلقَ ثُمَّ يُعيدُهُ لِيَجزِيَ الَّذينَ آمَنوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ بِالقِسطِ وَالَّذينَ كَفَروا لَهُم شَرابٌ مِن حَميمٍ وَعَذابٌ أَليمٌ بِما كانوا يَكفُرونَ (يونس:5).

ويقول:

تَنزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّـهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (الجاثية: 2).

ويقول:

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ * خَالِدِينَ فِيهَا وَعْدَ اللَّـهِ حَقًّا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (لقمان: 9- 10)

ويقول:

… الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا.. (المائدة: 4).

ونروي الآن ثلاثة نبوءات جاءت منذ 14 قرنا، وتحققت جميعها في عصرنا الحاضر. اثنتان منها جاءتنا في القرآن المجيد، وثالثة وردت في الحديث النبوي الشريف. الاثنتان في كلام الله تعالى، والثالثة إخبار الله تعالى لنبيه، قالها بكلماته .

النبوءة الأولى تتعلق بفرعون، ملك مصر الذي غرق في البحر الأحمر بينما كان يطارد بني إسرائيل يقودهم موسى في عملية الخروج من مصر. يقول القرآن الكريم

وَجاوَزنا بِبَني إِسرائيلَ البَحرَ فَأَتبَعَهُم فِرعَونُ وَجُنودُهُ بَغيًا وَعَدوًا حَتّى إِذا أَدرَكَهُ الغَرَقُ قالَ آمَنتُ أَنَّهُ لا إِلـهَ إِلَّا الَّذي آمَنَت بِهِ بَنو إِسرائيلَ وَأَنا مِنَ المـُسلِمينَ * آلآنَ وَقَد عَصَيتَ قَبلُ وَكُنتَ مِنَ المـُفسِدينَ * فَاليَومَ نُنَجّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكونَ لِمَن خَلفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثيرًا مِنَ النّاسِ عَن آياتِنا لَغافِلونَ (يونس: 91 – 93).

يقول موريس بيكاي:

“إن علاقة هذه الآفات بالفساد الذي ذكرت مصادره آنفا يجعل حفظ مومياء فرعون مسألة مشكوكا فيها، مالم تتخذ الاحتياطات والإجراءات الوقائية على الفور. ولا بد لهذه الإجراءات أن تكفل الاحتفاظ بالدليل الحاسم.. والذي لا يزال بين أيدينا.. ومع مرور الزمن، الدليل على غرق فرعون موسى، الذي طارد بني إسرائيل عند خروجهم من مصر.. ونجاة جسده بتقدير من الله.

ومن الأمور المرغوبة عند البشر دائما.. العمل على حفظ آثار تذكارية من تاريخهم؛ ولكن لدينا في هذه الحالة شيئا وراء ذلك؛ إنه الوجود المادي لجسد محفوظ.. لرجل عرف موسى، وعارض مطلبه، وطارده عندما هرب، ثم فقد حياته في هذه العملية. ونجى من الفناء ما تبقى من جسده الدنيوي.. بإرادة الله، ليكون آية للناس كما يقرر القرآن.

والذين يفتشون في المعطيات العصرية، بحثًا عن دليل على صدق الكتب المقدسة.. سيجدون بيانا رائعا لصدق الآية القرآنية التي تتعلق بجسد فرعون.. إذا هم زاروا قاعة الموميات الملكية في متحف الآثار المصرية بالقاهرة”.

وفي النبوءة الثانية أخبر الله تعالى كل أنبيائه في أرجاء العالم أن يبلغوا أقوامهم عن مجيء النبي العالمي.. سيدنا محمد المصطفى ، وأن يصدقوه عندما يبعث. يقول القرآن الكريم:

وَإِذْ أَخَذَ اللَّـهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَىٰ ذَٰلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ * فَمَن تَوَلَّىٰ بَعْدَ ذَٰلِكَ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (آل عمران: 82 -83).

والقرآن أحدث كتب الوحي نزولا في الدنيا؛ فالعهد الجديد (الإنجيل) نزل قبله بستة قرون، والأسفار الأخرى أسبق منه بأكثر من ألف عام. وكان الناس في الماضي يعيشون بمعزل عن بعضهم البعض، وقلما عرفوا عن كتب غيرهم. ولم يبدأوا في التعرف على بعضهم سوى في القرنين الأخيرين، ولم يشرعوا في الاطلاع على أسفار بعضهم سوى في القرون الحديثة. وذلك وجد أن ظهور النبي محمد ورد ذكره في عديد من الأسفار الدينية.

ويعتقد المسلمون الأحمديون أن حضرة ميرزا غلام أحمد القادياني (1835 – 1908) هو المسيح الموعود والإمام المهدي للمسلمين، الذي جاء بعد سيدنا محمد بأربعة عشر قرنا كذلك. وهناك مشابهات عديدة بين المسيحين: الإسرائيلي والمحمدي؛ فالأول عاش في إقليم اليهودية من فلسطين تحت الحكم الروماني، والثاني عاش في إقليم بنجاب بالهند تحت حكم بريطاني. والأول حاكَمَه الوالي الروماني بيلاطس النبطي، والثاني حاكَمَه الكابتن م. دوجلاس القاضي البريطاني لمحافظة جورداسبور.. بتهمة قتل باطلة. ارتد في نحر المدَّعِي. والأول رفضه معظم قومه من اليهود، والثاني: لم يقبله حتى اليوم الجانب الأكبر من المسلمين وسواد البشر الذين بُعث إليهم.

أورد الحافظ الدارقطني، المحدث المعروف، قول النبي :

“إن لمهدينا آيتين لم تكونا منذ خلق السماوات والأرض؛ ينخسف القمر لأول ليلة من رمضان وتنكسف الشمس في النصف منه. ولم تكونا منذ خلق الله السماوات والأرض”. (سنن الدارقطني، باب صفة صلاة الكسوف والخسوف وهيئتهما).

ومن المعلوم أن خسوف القمر يقع في ليلة من ليالٍ ثلاث في الشهر القمري هي:27، 28، 29. طبقا لهذا الخبر النبوي، يجب أن يقع خسوف القمر في أول ليلة من ليالي الخسوف، أي ليلة 13 من شهر رمضان؛ وأن يحدث كسوف الشمس في منتصف أيام الكسوف وهو يوم 28 من نفس الشهر؛ وأن يقع الحدثان بعد ظهور الإمام المهدي وليس قبله. ولقد تحقق ذلك تماما: ففي ليلة 13 من شهر رمضان عام 1311، الموافق 21 مارس 1894 وق خسوف القمر، وفي يوم 28 من شهر رمضان نفسه الموافق 6 أبريل 1894 كسفت الشمس.. بما يطابق نبوءة المصطفي حق المطابقة.

ويمكن التحقق من صحة هذه الأحداث بسهولة من سجلات مكتب الإرصاد الهندي والأمريكي أيضا.

وهناك نبوءات مشابهة عن وقوع الحربين العالميين الأولى والثانية قبل نشوبهما بزمن طويل. نبوءات المسيح الموعود متنوعة ويصعب تصديقها. قال عن الحرب العالمية الثالثة:

“سوف تكون بحجم كبير مرعب. سوف ينهمر الموت والدمار من السماء. سوف يخر عملاق الحضارة الغربية على الأرض. ولسوف يتصادم المعسكران المتعارضان تصادما سريعا بحيث يفجأ كل إنسان. وسيقف الناجون من الهلاك مبهوتين ذاهلين من وقع المأساة. وسيفيق الروس قبل الغرب من الكارثة..”

يقول تعالى:

وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُّكْرًا * فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْرًا * أَعَدَّ اللَّـهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فَاتَّقُوا اللَّـهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ آمَنُوا قَدْ أَنزَلَ اللَّـهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا (الطلاق: 8-9).

 

Share via
تابعونا على الفايس بوك