الدجال ويأجوج ومأجوج دعائم الفتنة المسيحية
  • كيف كان الدجال ويأجوج ومأجوج مظهرين للفتنة المسيحية في هذا العصر؟
  • أي سبيل للنجاة من هذه الفتنة؟

___

قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (الكهف 104-105)

 شرح الكلمات:

صُنْعًا: الصُّنْعُ: العملُ؛ الإحسانُ؛ إيجادُ شيءٍ مسبوقٍ بالعَدَم (الأقرب).

التفسير:

أي أنهم جعلوا غاية حياتهم القصوى اختراع الأشياء التي تنفع الإنسان في دنياه فقط، ولا يلتفتون إلى الدين، وإنما يعدّونه لغوًا لا جدوى منه.

أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا (106)

التفسير:

أي لن نبقي لمخترعاتهم أثرًا، ولن نقيم لهم يوم القيامة بسببها وزنًا، لأن كافة أعمالهم كانت من أجل الدنيا لا للآخرة.

ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُوًا (الكهف 107)

 التفسير:

أي أن عدم إقامة الوزن لأعمالهم يوم القيامة ليس كعقاب، بل هو الجزاء الوِفاق لأعمالهم، لأنهم ما داموا لم يفعلوا لله أي شيء فكيف يمكن أن يرجوا من الله تعالى أيَّ ثواب أُخْرويّ على ما فعلوا.

ولفظ «جهنم» عطفُ بيانٍ لـ «جزاؤهم»، والمعنى أن مرادنا من الجزاء جهنم، وذلك لكفرهم واتخاذهم آياتِ الله ورسله هُزُوًا.. أي أن هذه الشعوب لن تَكِنَّ أيَّ احترام تجاه كلام الله تعالى ورسلِه الكرام. سيؤلِّهون إنسانًا ليتخذوا جميع الأنبياء سخريةً وهُزُوًا.

وهذه هي بالضبط حال المسيحيين كما تشاهدون. اتخذوا المسيح ابنًا لله تعالى، ويسيئون إلى سائر الأنبياء إساءة بالغة، ويعدّونهم لغوًا لا جدوى منهم، كما يعتبرون الشريعة لعنةً.

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا * خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا (108-109)

شرح الكلمات:

الفردوس: الجَنّةُ التي تُنبت ضُروبًا من النبات؛ البستانُ يجمَع كلَّ ما يكون في البساتين (الأقرب).

حِوَلاً: الحِوَلُ: الزوالُ والانتقال (الأقرب).

التفسير:

يخبر الله تعالى هنا: عندما يحل العذاب على هؤلاء القوم سيبتدئ زمن رقي المؤمنين لينالوا الجزاء على صبرهم، وسيجدون في تقديم التضحيات لله ودينِه متعة عظيمة حتى إنهم لن يريدوا الخروج من هذا الوضع رغم ما يبذلون من تضحيات بالأموال والأرواح؛ وإنما سيشعرون باللذة كلها في هذا السفر راكبين تلك «السفينة المخروقة» ولن يريدوا مغادرتها.

قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا (الكهف 110)

شرح الكلمات:

مِدادًا: المدادُ: النِّقْس (الأقرب) أي الحِبْر.

التفسير:

أي أن هؤلاء يُطلقون دعاوي عريضة بأنهم اخترعوا كذا وكذا من المصنوعات، واكتشفوا كيت وكيت من العلوم، وأنهم على وشك أن يدركوا سر الكون كله، لكن قل لهم يا محمد ، وبكلمات أخرى قولوا يا أتباعَ محمد الموجودين في ذلك الزمان: إن محاولاتكم لمعرفة سر الكون ستبقى دائمًا كيومها الأول، وستجدون أنفسكم رغم كل المحاولات والجهود واقفين على الدوام حيث بدأتم رحلتكم هذه، ولن تكتشفوا من أسرار الكون وخواص الأشياء التي أودعها الله تعالى خَلْقَه ما يساوى قطرةً إزاء بحر.

كما تتضمن هذه الآية الإشارةَ إلى كون ذلك العصر عصرَ نشر الكتب، وأن هذه الشعوب ستهتم كثيرًا بإخراج مؤلفات علمية.

قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (111)

التفسير:

بعد ذكر هذه الأنباء والعلوم الغيبية يأمر الله تعالى رسوله أن قُلْ لهم يا محمد: لقد بيّنت لكم هذا القدر من العلوم السماوية، ومع ذلك لا أقول لكم إني ابن الله أو أني متصف بالصفات الإلهية؛ إنما أنا بشر مثلكم، ولا يميّزني عنكم شيء سوى كوني موردًا لوحي الله تعالى. فإن كنتم راغبين في اقتناء هذه النعم فكونوا موحِّدين مثلي، واعملوا بوصايا الله تعالى، وامتنِعوا عن الإشراك به؛ ثم انظروا كيف يتفضل الله عليكم، ويفتح لكم خزائن الغيب.

وقال رسول الله : «مَن قرأ عشرَ آيات من آخر الكهف عُصم من فتنة الدجال» (مسند أحمد: مسند القبائل رقم الحديث 26244). وقوله هذا أيضًا برهان قوي على أن المراد من الدجال ويأجوج ومأجوج ليس إلا الفتنة المسيحية، لأن هذه الآيات إنما تتحدث عن هؤلاء القوم، كما لا يخفى ذلك على من يقرأها بتدبر وإمعان.

* بنشر هذه الحلقة من المجلد الرابع من التفسير الكبير نكون قد أشرفنا على نشر هذ المجلد كاملا على صفحات التقوى. ندعو الله عز وجل أن تعم الفائدة. (التقوى)

Share via
تابعونا على الفايس بوك