"أنا سيد ولد آدم"
  • الفوارق بين التوراة والقرآن فيما جاء بخصوص قصة يوسف u
  • مماثلات بين الرسول ويوسف عليه السلام

__

  إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُـمْ لِي سَاجِـدِينَ (يوسف: 5).

شرح الكلمات:

يا أبتِ: أصله يا أبي، أُبدلت ياء المتكلم تاءً بسبب النداء، فيقولون: يا أبتِ ويا أمتِ، تعبيرًا عن الحب الشديد.

التفسـير:

لقد تعرّض بعض الكتاب المسيحيين للقرآن الكريم بالنقد فيما يتعلق بحادثة يوسف ، لذلك سوف أوضح أولاً بأولٍ الفوارقَ بين ما ورد في التوراة وما ورد في القرآن الكريم في هذا الشأن.

الفارق الأول: هو أن التوراة تناولت هذا الحادث بذكر نَسَب يوسف ،  ولكن القرآن الكريم استهله بذكر الرؤيا التي كانت النقطة المركزية في حياة يوسف ومحوراً لكل ما جرى له من أحداث، دون أن يخوض في ذكر نسبه وغير ذلك مما يخص المؤرخين.

وبغض النظر عن فروق أخرى بين بيان المصدرين فإن هناك بونًا شاسعا بينهما في شأن تناولهما لهذه الحادثة، وإننا لو وضعنا هذا الأمر أمام أي من المعلقين المحايدين فسوف يحكم لصالح القرآن الكريم نظرًا لبراعة استهلاله للحادث، إذ إن رؤيا يوسف هي التي كانت العامل الأساسي لنجاحه ، وهي التي غيرت مجرى حياته تمامًا، وجعلت إخوته أعداءً له، وتحقيقًا لتلك الرؤيا جاء الله بهم إلى مصر وألقى بهم على قدميه مرغمين. ولو أردنا تعيين ذلك الجانب من حياته  الذي كان درسًا وعبرةً للآخرين فلن نجد أي شيء أفضل من رؤياه هذه.

والفارق الثاني بين المصدرين هو أن القرآن الكريم قد قدّم ذكر الأحد عشر كوكبًا على ذكر الشمس والقمر في بيان الرؤيا، ولكن التوراة فعلت العكس، فقد ورد فيها: “فقال إني حلمت حلماً أيضًا، وإذا الشمس والقمر وأحد عشر كوكبا ساجدة لي. وقصَّه على أبيه وإخوته”. (التكوين 37: 9و10).

وهذا الاختلاف أيضا يكشف فضل القرآن الكريم على التوراة، لأن كليهما متفق على أن المراد من الكواكب إخوته ومن الشمس والقمر أبواه، وأن أول من التقى به وخضع له أدبًا واحترامًا – بعد أن أكرمه الله في مصر-هم إخوته، أما أبواه فقد التحقا به فيما بعد. فالترتيب الذي راعاه  القرآن في بيان الرؤيا هو الصواب، وأما الترتيب الذي راعته التوراة فإنه خاطئ ومستغرَب. ولا شك في أن الله تعالى قد أرى يوسف أولاً أولئك الأشخاص من أسرته الذين قُدّر لهم أن يقابلوه أولاً، ثم أراه أولئك الذين قُدّر لهم مقابلته فيما بعد.

فإنه لا يعني أنهم سيسجدون له حقيقةً، بل المراد هو أنهم سيصبحون خاضعين وتابعين له. وهذا ما حصل بالضبط إذ حضر إليه في مصر إخوته وأبواه واستوطنوا عنده حيث كان يتقلد منصب الوزارة. وهكذا أصبح هؤلاء الناس تابعين له يعيشون تحت لوائه.

أمّا السجود المذكور في قوله تعالى: رأيتهم لي ساجدين فإنه لا يعني أنهم سيسجدون له حقيقةً، بل المراد هو أنهم سيصبحون خاضعين وتابعين له. وهذا ما حصل بالضبط إذ حضر إليه في مصر إخوته وأبواه واستوطنوا عنده حيث كان يتقلد منصب الوزارة، وهكذا أصبح هؤلاء الناس تابعين له يعيشون تحت لوائه .

وقد ورد في تفسير “روح المعاني” بأن طاعة الوالدين والإخوة ليوسف ليس بأمر ذي بالٍ فلذا علينا أن نعبّرَ الشمس بالملك والقمر بالوزير والكواكب بعليّة القوم.

ولكن هذا المعنى باطلٌ، لأن ملِك مصر لم يكن تابعًا ليوسف بل كان يوسف خاضعا لقوانين بلده كما صرح بذلك القرآن في قوله تعالى: ما كان ليأخذ أخاه في دين الملِك (الآية: 77).. أي ما كان ليوسف أن يحتجز أخاه عنده وفق القانون الملكي. ثم إن الملك مهما كان احترامه لوزيرٍ من وزرائه كبيرًا فلا يمكن أن يعبَّر عن تقديره له بكلمة سجود، لأنه لا يحترمه عن طاعة وخضوع وإنما عطفًا ولطفًا منه.

وحيث إن السجود المادي تمثيلٌ لكمال الطاعة لذلك لن يطلَق السجود هنا ولو مجازًا إلاّ على صور مختلفة للطاعة. والواقع أن طاعة الأبوين والإخوة أمرٌ عظيم أيضاً، لأن الآباء لا يكونون عمومًا طائعين للأولاد. ولكن الأمر في حادثة يوسف عجيب جدًا. لقد أخبره الله بالرؤيا وهو صغير أنه سيأتي يوم سوف يدخل فيه أبواه في طاعته. مع العلم أن يوسف كان يبلغ حينئذٍ أحد أو اثني عشر عامًا، وكان أبوه  قد تجاوز الخمسين. ومن ذا الذي يستطيع أن يضمن – طوال هذه المدة- أنه سيعيش ويحقق رقيًا، وأن أبويه وإخوته الأحد عشر سيبقون أيضًا أحياء ويصبحون طائعين له طوال هذه الفترة. إذًا فتحقُّق الرؤيا في هذه الظروف ليس بأمر عادي أبدًا.

لقد أخبرتُ من قبل في تأويل (أحد عشر كوكبًا) أن المراد منها أحد عشر أخًا ليوسف. وقد ذكرت التوراة أسماءهم كما يلي: رأُوبين، شمعـون، لاوي، يهوذا، يسَّاكر، زبولـون، بنيامـين، دان، نفـتالي، جـاد وأشير. (التكوين 29و30و35).

هذا، وقد ذكـرت التـوراة معـاني غريبـة لهذه الأسمـاء التي أطلقـتها عليهم أمهـاتهم إلاّ بنيـامين.

المماثلة الأولى:

بين النبي الكريم وسيدنا يوسف ، وهي في كيفية نزول الوحي الأول. فكما حدث ليوسف كذلك نزل أول وحي على النبي وهو في “غار حراء”، وقد حمل هذا الوحي أنباءً تخبره بأنه سوف يفوق ويتغلب عليهم جميعًا إذ قال الله له اقرأْ وربك الأكرم الذي علّم بالقلم، علّم الإنسانَ ما لم يعلم (سورة العلق:4-6). أي اقرأْ هذا الكلام الذي أنزله عليك أكرمُ مَن في الوجود، بمعنى أن الله الأكرم  سوف يجعلك أنت أيضا أكرم مخلوق في الأرض، وسوف يعلّمهم بواسطتك ما لم يعلّمه أحدًا من الأولين.. بمعنى  أنك سوف تصبح أشرف كائن في الأولين وفي الآخرين، لأنك سوف تُعطى ما لم يعطَ الأنبياء الأولون. وكأنه تعالى يقول للرسول: ستكون سيدًا لإخوتك.. أي لقومك وكذلك لآبائك الروحانيين أي الأنبياء السابقين، وذلك كما قال النبي : ‘‘أنا سيد وُلْدِ آدم’’ (ابن ماجة، الزهد)، وأعلن: ‘‘لو كان موسى وعيسى حيَّين لما وَسِعهما إلا اتباعي’’ (ابن كثير، الآية: وإذ أخذ الله ميثاق النبيين).

وبالاختصار لقد أُخبر النبي لدى أول وحي تلقاه أنه سـوف يصير سيدًا مطاعاً لإخوته ولآبائه القدامى.

المماثلة الثانية:

لقد حكى يوسف رؤياه لأبيه عليهما السلام، كذلك ذكر النبي   بمشورة من زوجته رضي الله عنها حـادثَ بدء نزول الوحي لِشـخص صـالح من أسـرتها هـو ورقـة بن نوفل. (البخاري، بدء الوحي).

قَالَ يَا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوٌّ مُبِين (يوسف: 6)

شرح الكلمـات:

يا بُنيّ: كلمة (بُنيّ) تصغير من (ابني). ولا يُقصد بالتصغير الإشارة إلى ولد صغير السن وإنما يقصد به التعبير عن شدة الحب. وهذه الكلمة تُستخدم لكبار الأولاد أيضًا، لأن الولد مهما كبر فهو يبقى صغيرًا بالنسبة إلى أبيه ويستحق عطفه ومحبته. فقد ورد في القرآن الكريم قول نوح لابنه عند الطوفان: يا بُنيَ اركبْ معنا (هود:43)، وقول لقمان لابنه: يا بُنيّ لا تشركْ بالله (لقمان: 14).

فيكيدوا: كاده يكيد كَيْدا: خدعه ومكر به، والاسم المكيدة؛ وعلَّمَه الكيدَ، وبه فُسِّر كذلك كدنا ليوسف أي علّمناه الكيد على إخوته. وكاد له: احتال عليه. وكاد فلانًا: حاربه؛ أراده بسوءٍ. والكيدُ: المكرُ والخبثُ؛ الحيلةُ؛ الحربُ؛ إرادةٌ مضرّةٌ غيرخفية. وهو من الخَلق الحيلةُ السيئة، ومن الله التدبيرُ بالحق لمجازاة أعمال الخلق (الأقرب).التفسـير:هنا أيضا نجد اختلافًا بين بيان المصدرين، فالقرآن يصرّح أن سيدنا يوسف قد قصَّ رؤياه على والده أولاً، فنهاه أن يقُصّها على إخوته قائلاً: لا تقصص رؤياك على إخوتك ، ولكنّ التوراة تقول بأنه قصّها على إخوته قبل أبيه. (التكوين 37: 9).

وبيان القرآن هو الحق والصواب كما تشهد بذلك التوراة نفسها إذ ورد فيها أن يوسف كان قد رأى رؤيا أخرى قبل هذه ورواها لإخوته فبدأوا يبغضونه حيث قيل: (وحلم يوسف حُلمًا وأخبر إخوته. فازدادوا أيضًا بغضًا له) (التكوين 37: 5) وورد فيها أيضا (فقال له إخوته لعلك تملك علينا مُلكًا  أم أن تتسلط علينا تسلطا. وازدادوا أيضًا بغضًا له من أجل أحلامه ومن أجل كلامه) (التكوين 37: 8).

فهل يُعقل بعد ظهور هذه الكراهية من إخوته أن يحكيَ لهم يوسف رؤياه الثانية التي كانت مشابهة لرؤياه الأولى في فحواها قبل أن يحكيها لأبيه؟ كلا بل إن المنطق السليم يفرض أن يخفي رؤياه الثانية عن إخوته لما رآه منهم في المرة الأولى، وأن يحكيها لأبيه. فبيان القرآن الكريم أقرب إلى العقل والصواب وذلك بشهادة التوراة نفسها.

وأما قول سيدنا يعقوب لابنه لا تقصصْ رؤياك على إخوتك فقد ذكر القرآن الكريم نفسه سبب هذا النّهي حيث قال: فيكيدوا لك كيدا يعني أنهم سوف يدركون بذلك أن لك مستقبلاً باهرًا، فيحسدونك ويبغضونك، ناسين أن لا خيار للإنسان في شأن الرؤيا، وسيحاولون القضاء عليك. وهذا ما تؤكـده التوراة أيضاً بأنهم كـانوا ناقـمين عليه نتيـجة أحلامه ورؤاه.

المماثلة الثالثة:

وهي كما أن يوسف عندما قصّ رؤياه على أبيه يعقوب عليهما السلام أنذره بأنه سيواجه عداءً من قِبل إخوته، كذلك لماّ قصّ النبي حادث الوحي الأول على ورقة بن نوفل أخبره قائلاً: “يا ليتني فيها جَذَعًا، ليتني أكون حيًا إذ يخرجك قومك”.. أي ليتني كنت شابًا قويًا أساعدك. وحينما سأله النبي في حيرة: (أوَ مُخرِجِيَّ هُمْ) أي هـل قومي حـقًّا سيـطردونني مـن بلـدي؟ أجـابه ورقـة: “لم يأتِ رجل قط بمثل ما جئت به إلاّ عـوديَ’’ (البخـاري، الوحـي).

وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (يوسف: 7).

التفسـير:

أي سوف يعاملك الله تعالى تمامًا كما رأيت في الرؤيا، وسوف يعطيك ما وعدك به من حظوة واصطفاء.

وأما قوله تعالى ويعلمك من تأويل الأحاديث فله مفهومان؛ الأول: سوف يحقق الله تعالى لك ما رأيت في الرؤيا من بشارة. والثاني: سوف يهب لك مَلَكَةً تعرف بها تأويل الرؤيا.

أما قوله تعالى ويتـم نعـمته عليك فالمراد من إتمام النعمة هو التشريف بالنبوة، فبشره الله بذلك أنه سوف يهب له أيضًا النبوة وهكذا يكرم آل يعقوب؛ بمعنى أنهم سوف ينالون نصيبًا من النبوة بالإيمان بيوسف.

هنا أيضًا يختلف القرآن مع التوراة، فإنه يقول: إن سيدنا يعقوب فرح  برؤيا ابنه وأيقن بصدقها وصحتها. ولكن التوراة تقول إنه زجره على رؤياه، حيث جاء فيها: (فانتهره أبوه وقال له ما هذا الحلم الذي حلمت، هل نأتي أنا وأمك وإخوتك لنسجد لك إلى الأرض. فحسده إخوته. وأما أبوه فحفظ الأمر) (التكوين 37: 10و11)

ولا جرم أن بيان التوراة مخالف للعقل، لأن أي إنسان ذي عقل سليم لا يزجر أحدا على ما يراه في المنام، لأن الحلم أو الرؤيا ليس في خيار أحد. نعم، يمكن أن يزجر الإنسان أحدًا إذا كان يظن أن الشخص كاذب ولم يرَ أيّة رؤيا، ولكن التوراة تقول بأن يعقوب زجره قائلاً: ما هذه الرؤيا التي رأيت، مما يعني أنه يعتبره كاذبًا. إذنْ فادعاؤها بأن أباه زجره على الرؤيا أمر غير منطقي، وكل عاقل سوف يصدق القرآن في بيانه حتمًا.

ثم إن التوراة نفسها تعارض بيانها هذا، إذ تضيف أن يعقوب حفظ هذه الرؤيا. والبديهي أنه حفظها لأنه أيقن بأنها من الله الرحمن. إذن فمن المستحيل أن يزجره على سماعها، خاصةً وأن الابن كان لا يملك أي خيار في أن يراها أو لا يراها.

المماثلة الرابعة:

يتضح من هذه الآية أن سيدنا يعقوب أيقن أن ما رآه ابنه كان رؤيا رحمانية وآمن بها واعتبرها شرفًا ومكرمة لشعبه، وهذا ما حدث للنبي حيث صدّقه ورقة بن نوفل عند سماع حادث الوحي الأول واعتبره مدعاة عزٍ وشرف لقومه قائـلا: “هذا الناموس (أي الوحي) الذي نزّل الله على موسى” (البخاري، الوحي).

لَـقَــدْ كَـــانَ فِـي يُـوسُـفَ وَإِخْـوَتِـهِ آيَـاتٌ لِـلسَّائِلِـينَ (يوسف: 8)

التفسـير:

أي أن في هذا الحادث آياتٍ للذين يسعون لفهم صدق النبي . وكأنه تعالى ينبئ هنا أن هذا الرسول أيضا سوف يتعرض لما مرّ به يوسف من ظروف ومحن. فالآية دليل واضح على أن القرآن لا يحكي حادث يوسف كقصة تاريخية، وإنما يسرده ليزوّد الباحثين عن صدق محمد رسول الله بالبراهين الدالة على صدقه.

… سوف تصبح أشرف كائن في الأولين وفي الآخرين، لأنك سوف تُعطى ما لم يعطَ الأنبياء الأولون. وكأنه تعالى يقول للرسول: ستكون سيدًا لإخوتك.. أي لقومك وكذلك لآبائك الروحانيين أي الأنبياء السابقين…،

إِذْ قَـالُوا لَيُوسُـفُ وَأَخُـوهُ أَحَـبُّ إِلَى أَبِيـنَا مِـنَّا وَنَـحْنُ عُصْبَـةٌ إِنَّ أَبَـانَا لَفِـي ضَلَالٍ مُبِينٍ (يوسف: 9).

شرح الكلمـات:

عُصبَة: العصبة من الرجال والخيل والطير العصابةُ، والعصابةُ: الجماعةُ أي المجموعة؛ وقيل: العشرةُ؛ وقيل ما بين العشرة إلى الأربعين. (الأقرب).

وقد فضّل المفسرون معنى العشرة لأن إخوة يوسف المعادين له كانوا عشرة. والعصبة تدل على القوة أيضا لأنها مشتقة من العصب، وكأنهم قالوا نحن الذين نكدح ونكسب للأسرة فلماذا يؤثر أبونا يوسف وأخاه علينا.

التفسـير:

المماثلة الخامسة:

لقد واجه النبي نفس الموقف في عدة أشكال، فمثلا كان لسيدنا عمر عمّ اسمه زيد بن عمر بن نفيل، وكان قد تعلّم التوحيد من علماء اليهود، وكان يقوم بالوعظ ضد الوثنيين. وعندما سُئِل عن دعوى النبي قال: أنا الذي كنت أحارب الشرك في مواعظي وخطبي، فكنت أنا أحق بالنبوة. (البخاري، المناقب؛ والسيرة لابن هشام).

وقد أثار اليهود والنصارى نفس هذا الاعتراض ضد النبي إذ زعموا أنهم حملة دين الله وأحقُّ بنعمة النبوة. بل يتبين من القرآن الكريم أن الفكرة نفسها كانت تختمر في أذهان مشركي مكة أيضًا. يقول القرآن: وقالوا لولا نُزّل هذا القرآن على رجلٍ من القريتـين عظيم (الزخرف:32). أي لماذا لم ينـزله الله على زعيم من زعماء مكة أو الطائف. وكأنهم احترقوا غيظاً وحسدًا إذ كيف أن الله اختار هذا الشخص الضعيف  من بيننا لهذا الفضل والشرف؟ فردّ الله عليهم بقوله أهم يَقسِمون رحمة ربك (الزخرف:33).

وقولهم إن أبانا لفي ضلال مبين يعني: أنه من واجب أبينا أن يحبنا نحن لما نقوم به من جهود وأعمال من أجل الأسرة ولكنه يحنو على يوسف الذي لا يحرك ساكنًا، وهذا من أبينا خطأٌ كبير. وقولهم هذا يدل على أنهم كانوا ناقمين عليه غاية النقمة.

Share via
تابعونا على الفايس بوك