التقوى منكم وإليكم

التقوى منكم وإليكم

رد خاص

تعليقًا على التحقيق الصحفي الذي نشرته “التقوى” في عددها الثاني من المجلد العاشر تحت عنوان “مآسي الزواج المختلط” أرسل إلينا الأخ الفاضل ف.ب.ا. وهو تونسي مقيم في الدنمارك رسالة ضمنها كثيرًا من المعاني الطيبة والآراء السديدة. نقتبس لقرائنا الكرام منها ما يلي:

“.. إنني أطالع مجلتكم لأن فيها ما هو ثقافي وعلمي والحق يُقال تعودت قراءتها وزادت معلوماتي الدينية كثيرًا.

كيف تحصلت عليها؟ عن طريق زوجتي التي قد أنعم الله عليها بديننا الإسلامي بالرغم من أنها دنماركية الأصل لكنها اعتنقت الإسلام وكانت من خير المسلمين، كما أنها بايعت إمام جماعتكم وانضمت إلى الأحمدية.

كنت ضد ذلك ولا زلت أصر على رأي لكن لما وجدت أن الأحمدية تدعو للإسلام قلت لنفسي أن ذلك كاف للسماح لها بمواصلة دراسة كتبكم. وكانت النتائج باهرة جدًا..

أكتب هذه الرسالة لأوضح شيئًا أرى أنه هام لكل مسلم تزوج أو يفكر في التزوج من أجنبية.. أوضح: الزواج من أجنبية ليس بمأساة كما يذكر البعض. على عكس ذلك، الزواج المختلط هو فائدة للاثنين، للزوج والزوجة، وللأطفال فيما بعد..

لكن أقسم لك أن تجربتي في الزواج من أجنبية ناجحة وأشكر الله على ذلك اليوم الذي تزوجت فيه من أجنبية، وقد مضى على ذلك أربع عشرة سنة لم أر فيها إلا طيبة القلب والسعادة والطاعة والاحترام المتبادل. منهج حياتنا الإسلام حتى إنني قبلت أنها تصبح أحمدية وذلك احترامًا لها وتقديرًا لمبادئها.”

أود في البداية أن أشكر الأخ الفاضل على اهتمامه بالتعليق على التحقيق المذكور وأهنئه بما أنعم الله عليه بزوجة دنماركية مسلمة أحمدية تقية، كما أدعو الله مخلصًا أن يديم عليه السعادة والهناء. في واقع الأمر، أتفق مع الأخ الكريم على أن هناك عشرات من الزيجات المختلطة السعيدة الهانئة وأن الاختلاف القومي ليس دائمًا سبب فشل أي زواج، وأؤيدك في القول بأن الحضارة الغربية لها جوانبها الإيجابية الكثيرة التي يمكن أن نتعلم منها الكثير، وأنت وأنا نعلم أن الإسلام دين لكل البشر لا فضل فيه لعربي على أعجمي إلا بالتقوى وأن نبينا المصطفى تزوج من سيدة قبطية وأنجبت له ابنًا، سيدنا إبراهيم . ولا يخلو سجل زوجات الخلفاء والملوك المسلمين من نساء روميات وفارسيات وغيرهن..

ولكن موضوع التحقيق تطرق لظاهرة معينة في الزواج المختلط وهي الزواج على أسس هشة وغير متينة؛ أسس عاطفية عابرة أو بسبب أوراق الإقامة، وهي قد تكون حتى موجودة في الزواج الغير المختلط، لكن الذي يصنع الفرق هنا هو الاختلاف الديني أي أن الزوجين يتبعان دينًا مختلفًا، دون أن يصلا إلى اتفاق محدد مما يهدد الصحة الروحية والنفسية للأسرة بالاضطراب ويعرضها للانهيار. وكاتب هذه السطور قد رأى بعينه تداعيات هذه الزيجات والمآسي التي ذكرتها، نسأل الله أن يعافينا وجميع المسلمين منها وأن يكتب لنا الصالحات في الدنيا والآخرة.

وأنت أخي الكريم ترى بعينك كيف أن الوحدة الروحانية بين الزوج والزوجة تنتج ثمارًا شهية فيصبح البيت فردوسًا على الأرض تظلله الرحمة والهدى.

في النهاية أشكرك على رسالتك اللطيفة وتقديرك للمجلة وإن شاء الله ننتظر منك رسالة تفيدنا فيها عن ثمرة خبرتك في الغربة وكن واثقًا أن كثيرًا من قراء “التقوى” سيستمتعون بقراءتها.

 

الماء ودوره في صحة الإنسان

“الإكثار من تناول المياه النقية يُحافظ على الصحة ويُبعد الأمراض”.

جاء ذلك في دراسة قدّمها الدكتور فِرِيدون -الإيراني الأصل- وفيما يلي خلاصتها: يدخل الماء في تركيب جسم الإنسان بنسبة عالية، حوالي 70%، وأي انخفاض في هذه النسبة يُلحق بالجسم أضرارًا فادحة، ولا سيما إذا استمر مدة طويلة فإنه قد يؤدي إلى الموت. لأن سر صحة الإنسان كامن في التوازن النسبي بين الماء والأملاح والكيماويات. والمرض إنما هو عبارة عن اختلال هذا التوازن. يفرز جسم الإنسان العادي يوميًا حوالي (3.5) ليترات من الماء، ليترين بالتبول، وليترًا بالتنفس، ونصف ليتر عن طريق التعرق. وبناء على ذلك فإن الجسم الإنساني يحتاج إلى الماء بشكل مستمر ليبقى محافظًا على وظائفه.

ومن البديهي أنه لا بد من تعويض الجسم بكمية مماثلة لما يفرزه يوميًا من الماء، وإلا فإنه سيطرأ خلل ما في هذا الجهاز، وبالتالي يتعرض الجسم للأمراض. يقول فريدون: إن التقليل من تناول الماء يسبب أمراضًا جسمية كالربو، وارتفاع ضغط الدم، والقرحة المعدية، والصداع، وآلام الظهر والمفاصل، والتهاب الكولون، والسكري، والبدانة، والتوترات الكثيرة، وأنواع من تفاعلات التحسس. وذلك لأن خلايا الجسم العطشى تُبدي تفاعلات عدة للسيطرة على النقص المائي في الجسم، وفي بعض الأحيان تكون هذه التفاعلات شديدة لدرجة قد تتحول بنفسها إلى أمراض مستقلة، وهذا ما يُسمى بالتفاعل الأرَجي (Allergic Reaction)ـ ويضيف الدكتور فريدون: إن المياه الغازية والشاي والقهوة لا تحقق فوائد الماء، بل هي تعمل عكس ذلك، لأن جميع هذه المشروبات تحتوي عل كميات لا بأس بها من مادة الكافين (Caffeine) التي تعمل على إخراج الماء من الجسم عن طريق التبول، لكونها مُدرّة للبول. فيُنصح بعد شرب كل كوب من القهوة بتناول كمية مماثلة من الماء ليتبدد تأثيرها المؤذي. ولا يختلف الحال بالنسبة إلى عصير الفواكه، إذ أن تناول عصير البرتقال يزيد من مقدار البوتاسيوم (Potassium) في الجسم مما يساهم في اخلال التوازن الداخلي للجسم. لذلك فإن المفيد الوحيد للمحافظة على التوازن الداخلي للجسم هو الماء العادي النقي فقط.

الجدير بالذكر أن الدكتور فريدون حُكم عليه بالإعدام عقب الثورة الإسلامية في إيران. ظل ينتظر نهايته وراء القضبان مع زهاء ثلاثة آلاف سجين آخرين، حيث الخدمات العلاجية كانت مفقودة، والأدوية الطبية غير متوفرة. فبدأ بمداواة المرضى المعتقلين مستخدمًا الماء والملح وسيلة للمعالجة، وسرعان ما اكتشف أن الماء يمكن أن يستخدم كدواء ناجع في بعض الأمراض. فظل عاكفًا على إثبات هذه النظرية من خلال ممارسته العلاجية على السجناء، حتى تأكد من نجاعة استخدام الماء في حالات مرضية كثيرة. وهكذا فإنه أقر بصحة تلك التجارب التي أجراها الأطباء الفرس القدامى الذين عاشوا قبل ألفي سنة من يومنا هذا، فكانوا يستخدمون الماء والملح دواءً في بعض أنواع الآلام والصدمات. وبناء على جهوده الخيرية واعترافًا بمساعيه النبيلة، رفع عنه حكم الإعدام وأطلق سراحه ويقيم حاليًا في الولايات المتحدة.

يقول الدكتور وهو يستعيد ذكرياته في السجن: جاءه رجلاً يشكو من ألم حاد في البطن، فسقاه كأسين من الماء الصافي ولم تمض سوى دقائق ثمان حتى زال الألم وشفي تمامًا. يقول فريدون: إن في الجسم الإنساني مادة كيميائية، من شأنها تنظيم الوظائف المختلفة داخل الجسم، ولكنها لا تقوم بعملها إلا بعد ذوبانها في الماء. كما أن ثمة مادة أخرى يفرزها الجسم وتسمى بالهستامين (Histamine) تساهم في نقل تعليمات الدماغ إلى بقية أعضاء الجسم، وتنظيم عملية استهلاك الماء، والتحكم في نظام المناعة. ولكن وظيفتها هذه مرتبطة بكمية معينة من الماء. فإن قلت تلك الكمية المطلوبة، زادت نسبة هذه المادة في الجسم، فتزداد فعاليتها مما يؤدي إلى تضيق القصبات التنفسية وبالتالي يجد الإنسان صعوبة كبيرة في التنفس.

ولقد لوحظ أن كمية الهيستامين هذه تتكون أكثر نسبيًّا في رئة المريض المصاب بداء الربو، وفي هذه الحالة إذا طرأ انخفاض في كمية الماء المطلوبة في الجسم، فإنه يؤدي إلى الإكثار من إفرازات الرئة المخاطية الكثيفة. وإن استخدام الملح في هذه الحالة يساعد على إنقاص كثافة المخاط. لذلك يُستحسن إعطاء المريض قليلاً من الملح عندما يشتد مرضه. والطريقة المثلى لذلك هي أن توضع نتفة من الملح على لسان المريض مما يوهم الدماغ أن الملح قد وصل إلى الجسم فيوعز الجهاز المعني بترقيق المفرزات المخاطية، ونتيجة لذلك تسترخي الألياف العضلية المتقلصة، ويعود نظام التنفس إلى مجراه الطبيعي وبالتالي يشعر المريض بالتحسن والارتياح.

ويضيف فريدون لو تناول المصاب بالربو الماء حسب تعليماته فإنه سيبرأ من مرضه خلال أسبوعين فقط. (إن شاء الله) إن الإكثار من تناول الماء يقلل من حموضة المعدة، كما أنه يفيد في الإمساك أيضًا شريطة أن يكون الماء نقيًا وإن كان الأفضل أن يكون معقمًا. أما بالنسبة إلى الملح، فإن الملح البحري أفضل من الصخري. ومن المعروف أن الأطباء يصفون تناول الماء المملح لتفادي حالات الجفاف الخلوي في الجسم، وذلك إما عن طريق الفم أو إدخاله بواسطة السيروم.

لا يوجد شيء أعز ولا أثمن من الماء للإنسان بل إنه ضروري وأساسي لكل كائن حي وعليه قوام الحياة كما يقول الله : وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ولعله يحتل المركز الثاني بعد الهواء من حيث حاجة الإنسان إليه. وفي الحقيقة لا بديل له في إرواء غليل العطش. ولكن المؤسف أن المياه الغازية والمشروبات الأخرى بدأت تحتل مكانه في جميع الطبقات الاجتماعية. وتحولت هذه الظاهرة إلى موضة. فترى أناسًا يستعيضون عن الماء بتهافتهم على أنواع من الكولا وبذلك فإنهم لا يحرمون أنفسهم من الماء فحسب، بل يتعاطون موادًا مضرة لصحتهم. ومن ضروريات الضيافة المعاصرة تقديم هذه المشروبات الغازية بالرغم من أنها تكلف أصحاب الدخل الضعيف الذين يصرون على تقديمها لضيوفهم وذلك تأدية لواجبات الموضة لا الضيافة.

– فيا ليت الضيف يبادر بطلبه الماء العادي مفضلاً إياه على أي مشروب آخر- أليس فيه ارتياح للجميع يا ترى؟! ..*

*المرجع: كتاب Your Body’s Many Cries for Water للدكتور فريدون.

مساهمة الصديق: محمد طاهر نديم (دمشق ـ سوريا)

Share via
تابعونا على الفايس بوك