قصة المفتري اليسوعي الكسندر دوئي

قصة المفتري اليسوعي الكسندر دوئي

مصطفى ثابت

السيرة المطهرة (30)

“ذكرنا في العدد الماضي ما آل إليهفي بريطانيا أمر جون هيو سميث بيجوت الذي ادعى أنه الإله المعبود وقد نزل من السماء، فأرسل إليه سيدنا أحمد من الهند يحذره من ترديد هذه الدعوى الكاذبة وإلا فسوف يهلكه الله تعالى أثناء حياة سيدنا أحمد. ويبدو أنه قد استولى عليه رعب شديد جعله يتوقف تماما عن ترديد هذه الدعوة الكاذبة، بل وهجر كنيسته التي كان يعظ فيها وتخلى عن أتباعه الذين آمنوا به، وانزوى بعيدا حتى طواه النسيان. ونستطرد في هذا العدد تبيان ما وقع من أمور مع رجل من أمريكا فاق في خبثه وكذبه رجل بريطانيا”.

 

كان جون ألكسندر دوئي رجلا اسكتلنديا، حيث إنه قد وُلد في أيدنبرج عام 1847، وكان قد اتجه إلى الدراسات اللاهوتية في مقتبل عمره. وفي عام 1872 ذهب إلى أستراليا كرجل دين إكليركي، وذاعت شهرته هناك لقدرته على شفاء المرضى. وفي عام 1888 سافر إلى الولايات المتحدة الأمريكية، حيث بدأ في إصدار صحيفة سماها “أوراق الشفاء”. وفي عام 1896 أنشأ حركة دينية، سماها الفرقة المسيحية الكاثوليكية. ثم في عام 1901 بدأ في بناء مدينة لتكون المقر الرئيسي لحركته الدينية، وكان ذلك في ولاية إلينوي Illinois في الشمال من مدينة شيكاغو، وسماها مدينة صهيون. وقد أنشأ العديد من المصانع في المنطقة التي تقع فيها المدينة، وصار في واقع الأمر.. الملك غير المتوج لمدينة صهيون. وفي نفس العام أعلن عن نفسه أنه إيليا الثالث.. على اعتبار أن إيليا الأول هو النبي اليهودي الذي جاء لبني إسرائيل، وأن يوحنا المعمدان.. أو يحيى .. هو إيليا الثاني الذي ذكرت التوراة أنه يأتي قبل المسيح، ثم إيليا الثالث الذي أعلن دوئي أن قدومه سيكون قبل نزول المسيح من السماء، وزعم أنه هو ذلك إيليا الثالث.

كان دوئي من ألد أعداء الإسلام.. يفيض قلبه بغضا وكراهية للنبي الأكرم ، وكثيرا ما عبّر في مناسبات متعددة عن تلك العداوة للإسلام في خطبه وفي كتاباته التي كان ينشرها في جريدته: “أوراق الشفاء”. وفي إحدى المناسبات ألقى بنفسه خطابا ضمّنه افتراءات ووصفا مشينا للإسلام حيث قال:

“إنني أتفكر في كذب وزيف افتراءات محمد فينتابني الازدراء والامتعاض. فلو أنني قبلت تلك الافتراءات الكاذبة على أنها حقائق، لكان عليّ أن أؤمن بأن في هذا المجمع العظيم.. بل في واقع الأمر.. في كل مكان على ظهر هذه الأرض التي خلقها الله.. لا توجد امرأة واحدة لها روح آدمية تبقى بعد الموت. إنه سيكون عليّ أن أقبل أنكن.. معشر النساء.. لستن سوى حيوانات بريّة، يمكن أن يستعملكن الرجل لمدة ساعة أو يوم، مثل الدمية التي يلعب بها الطفل ثم يلقي بها. وعلى هذا.. فأنتن ليس لكُن وجود ولا بعث ولا قيامة، وإن هؤلاء الرجال الذين غلبت عليهم الشهوات الحيوانية.. بعد أن يُشبعوا شهواتهم منكن، فإنكن سوف تمتن ميتة الكلاب. هذه ستكون نهايتكن.. فهذه هي ديانة محمد.” (أوراق الشفاء الجزء السابع-العدد الخامس عام 1900)

وفي مناسبة أخرى ذكر دوئي:

“إنني أحذر الأقوام المسيحية في أمريكا وفي أوربا أن الإسلام لم يمت بعد، وما زالت فيه قوة كبيرة، فيجب القضاء تماما على الإسلام وعلى المحمدية. إن دمار الإسلام لن يتحقق بمجهودات الكنيسة اللاتينية أو الكنيسة اليونانية الضعيفة.” (أوراق الشفاء 25 أغسطس- آب 1900)

وقد أثارت تلك الكتابات المتدنية عن الإسلام نفس سيدنا أحمد ، وآلمته الأوصاف البذيئة التي وصف بها دوئي نبيَّ الإسلام ، ورغبتُه التي كان يكررها باستمرار عن أمانيه لتدمير الإسلام والقضاء على المسلمين. ولذلك فقد قرر الإمام المهدي والمسيح الموعود ، أن يكشف زيفه وخداعه للعالم أجمع، وأن يتصدّى له دفاعا عن الإسلام وعن رسوله الأعظم ، فأرسل إليه التحدي التالي وكان ذلك في عام 1902:

“إنني مندهش لمسلك بعض المبشرين المسيحيين الذين درسوا علوم الفلسفة والطبيعة والفلك وغيرها.. ومع ذلك فإنهم يدعون الناس للإيمان بإنسان ضعيف على أنه إله. وقد ظهر حديثا في الولايات المتحدة الأمريكية، رجل يزعم أنه رسول ليسوع.. واسمه دوئي. وهو يزعم أن يسوع.. باعتبار أنه الرب.. قد أرسله في العالم ليدعو الناس إلى عقيدة أنه لا إله إلا يسوع. ولكن.. أي إله ذلك الذي لم يستطع أن يدفع عن نفسه الأذى؟ لقد ذهب مرة إلى شجرة تين، آملا أن يأكل من ثمارها، ولم يكن يعلم أنه لا يوجد عليها ثمر. وحين سُئل عن ميعاد يوم القيامة، اعترف بأنه يجهل ذلك. ثم.. إنه صار ملعونا، وهذا يعني أن قلبه قد صار دنسا، وأنه ابتعد عن الله، وأنه قد طُرد من رحمة الله. لقد تسلق صاعدا إلى السماء، لأن الآب كان بعيدا عنه بملايين الأميال، وكان من المستحيل تجاوز هذه المسافة بغير صعوده في السماء بجسده المادي. وما أكثر المتناقضات هنا! فمن ناحية يؤكد على أنه هو والآب واحد، ومن ناحية أخرى يضطر إلى قطع ملايين الأميال لكي يتقابل مع الآب. فإذا كان الآب والابن واحدا، فما وجه الضرورة أن يتكبد الابن مشقة التعب والجهد في رحلة طويلة كهذه؟ إن الآب كان من المفروض أن يكون معه حيثما كان، إذا كان من الصحيح أنه هو والآب واحد. وإذا كان الاثنان واحدًا، فعن يمين من جلس الابن؟

والآن فإننا نتوجه إلى دوئي الذي يؤلّه يسوع، ويزعم أنه رسوله، ويقول إن النبوءة المذكورة في سفر التثنية 18: 15 قد تحققت في شخصه، وأنه كذلك إيليا وأنه رسول الزمان. إنه لا يدرك أبدا أن إلهه المزيف لم يخطر بتاتا على بال موسى ، وأن موسى قد حض بني إسرائيل مرارا وتكرارا ألا يؤلهّوا أحدا من المخلوقات، سواء من الإنسان أو الحيوان.. في الأرض أو في السماء. وقد ذكّرهم بأن الله قد خاطبهم، مع أنهم لم يروه بأعينهم، لأن ربهم أكبر وأعظم من أن يكون له شكل أو جسد.

ولكن دوئي نبذ إله موسى، واتخذ إلها له أم وأربعة من الإخوة، وأعلن مكررا في صحيفته أن إلهه يسوع قد أخبره أن كل المسلمين سوف يتم القضاء عليهم، ولن يبق منهم ولا فرد واحد.. عدا أولئك الذين يتخذون ابن مريم إلها، ويقبلون دوئي رسولا لهذا الإله المزيف.

إن لدينا رسالة لدوئي.. إن عليه ألا يشغل نفسه كثيرا بالقضاء على جميع المسلمين، فكيف يمكن لهم أن يتخذوا الابن المتواضع لامرأة مسكينة إلها لهم، خاصة وأنه.. في هذا العصر.. قد تم اكتشاف القبر المدفون فيه إله دوئي في هذه البلاد، وإن المسيح الموعود موجود بينهم.. وهو المسيح الذي كان من المرتقب ظهوره في نهاية الألف السادس وبداية الألف السابع.. والذي تجلت لظهوره العديد من الآيات والعلامات؟ إن ادّعاء دوئي بأن جميع المسلمين سوف يُقضَى عليهم.. ولن ينجو منهم سوى أولئك الذين يتخذون يسوع إلها ودوئي رسولا لهذا الإله.. إنما يُشكل خطرا حتى بالنسبة للمسيحيين الآخرين، الذين يؤمنون بابن مريم كإله، ولكن لا يؤمنون بذلك الرسول المزيف. لقد أعلن دوئي بكل وضوح في الوحي الذي يزعم أنه تلقاه من إلهه، أنه ليس كافيا أن يقبل الناس يسوع كإله، إلا إذا قبلوا دوئي أيضا على أنه إيليا، وأنه رسول الزمان حسب النبوءة المذكورة في سفر تثنية 18: 15، فهم لن ينالوا النجاة إلا إذا أقرّوا بكل هذا، وإلا فسيصيبهم أيضا الهلاك. وعلى ذلك.. فإن على جميع مسيحيي أوربا وأمريكا، أن يسرعوا بقبول دوئي حتى لا يصيبهم الهلاك. وحيث إنهم قد قبلوا عقيدة سفيهة.. وهي عقيدة ألوهية يسوع، فليس من الصعب عليهم أن يقبلوا عقيدة سفيهة أخرى، وهي أن دوئي رسول لهذا الإله.

أما فيما يختص بالمسلمين.. فنود أن نبين بكل احترام لمستر دوئي، أنه لا داعي مطلقا لتنفيذ وعيده بالقضاء على ملايين المسلمين، فهناك وسيلة بسيطة وسهلة لتقرير ما إذا كان إله دوئي أو إلهنا هو الإله الحق. وهذه الوسيلة هي أنه لا داعي لمستر دوئي أن يكرر مرارا وتكرارا نبوءاته الخاصة بالقضاء على جميع المسلمين، ولكن عليه أن يجعلني أنا وحدي في اعتباره، وأن يصلي ويدعو أن من كان من بيننا نحن الاثنين كاذبا فليمت قبل الآخر. إن دوئي يؤمن بعيسى على أنه إله وأنا أعتبره عبدا ضعيفا ونبي الله. فالقضية إذن هي: من الذي على الحق من بيننا نحن الاثنين؟ إن على مستر دوئي أن ينشر هذا الدعاء، الذي يجب أن يُصدّق عليه على الأقل ألفٌ من الأشخاص. وحين تصلني نسخة الصحيفة التي نشر فيها هذا الدعاء، فإنني أيضا سوف أدعو الله وسوف أجمع شهادة ألف من الأشخاص على هذا الدعاء إن شاء الله. وأنا على يقين أننا إذا اتبعنا هذه الوسيلة فإن هذا سوف يفتح الطريق أمام مستر دوئي.. وكل المسيحيين.. لمعرفة الحق.

إنني لم أكن البادئ باقتراح هذا الدعاء. إن مستر دوئي بإعلاناته المتكررة، قد وضع نفسه في هذا الموقف، وإن الله الغيور الذي يرى كل هذا، قد حثني على هذا التصدي. ويجب أن يوضع في الاعتبار أنني لست مجرد مواطن عادي من مواطني هذا البلد.. بل إنني أنا المسيح الموعود الذي ينتظره مستر دوئي. والفرق الوحيد هو أن مستر دوئي يقول إن المسيح الموعود سوف يظهر خلال خمسة وعشرين عاما، وأنا أعلن أنه قد ظهر فعلا وأنني هو ذلك المنتظر. إن المئات من الآيات قد تجلت لتأييدي في الأرض وفي السماء، وقد وصل تعداد أفراد جماعتي إلى ما يقرب من مائة ألف ويزداد عددهم باطراد مستمر.

إن مستر دوئي يفخر بأنه قد شفى الآلاف من المرضى باستخدام قدراته الخاصة، ونحن نسأل: لماذا إذن لم يستطع أن يشفي ابنته، وتركها تموت وراح ينعي فقدها؟ ولماذا لم يكن في استطاعته أن يشفي زوجة أحد أتباعه، التي كانت في آلام شديدة أثناء عملية الولادة، واستُدعي دوئي ليكون بجانبها ولكنها ماتت؟ إنه من المعروف أن المئات من الناس هنا في هذا البلد يمارسون فن شفاء بعض المرضى، والكثير منهم قد صاروا خبراء في هذا الفن، ومع ذلك فإن أحدا لا يعترف بأنهم يتمتعون بقوى روحانية خاصة. لهذا فإنه من المدهش أن يقع الأمريكيون السذج في شراك مستر دوئي. هل لأنهم يحملون وزر تأليه يسوع بغير داع.. حتى إنهم حملوا أيضا هذا الوزر الثاني؟

إذا كان مستر دوئي محقا في ادعائه، وكان يسوع هو الإله فعلا.. فإن هذا الأمر يمكن أن يتقرر بموت شخص واحد فقط، ولا داعي للقضاء على جميع المسلمين في كل أنحاء الأرض. ولكن إذا لم يرد مستر دوئي على هذه الرسالة، ويتقدم بدعائه كما كان يفخر بذلك دائما.. ثم أزاحه الله من هذا العالم قبل موتي.. فإن هذه ستكون آية بيّنة لكل أهل أمريكا. والشرط الوحيد هو ألا يتم موت أحدنا بفعل فاعل من البشر، ولكن يتم الموت بسبب المرض، أو عن طريق صعق البرق، أو بعضّة ثعبان سام، أو بافتراس وحش كاسر. وإنني أعطي مستر دوئي فترة ثلاثة أشهر، ليقرر رأيه عما إذا كان يوافق على طلبي، وأرجو أن يكون من الصادقين.

إن الأسلوب الذي أقترحه هو أن ينْزل مستر دوئي أمامي في ساحة الميدان بإذن إلهه المزيف. إنني رجل قد ناهزت السادسة والستين من عمري، وإنني أعاني من مرض السكر والدوسنطاريا والصداع المزمن وفقر الدم. ولكني أدرك أن حياتي لا تتوقف على حالتي الصحية، ولكنها تتوقف على أمر ربّي الله. وإذا كان إله مستر دوئي المزيف يتمتع بأي قدرة.. فإنه بغير شك سوف يمكنه من الفوز عليّ. وإذا أمكن.. بدلا من القضاء على المسلمين.. تحقيق الغرض الذي يسعى إليه مستر دوئي بتحقيق موتي.. فإنه يكون بذلك قد حقق آية عظيمة، يترتب عليها أن الملايين من الناس سوف يؤمنون بيسوع على أنه إله، ويؤمنون أيضا بدوئي على أنه رسوله. وإنني أؤكد له على أنه إذا كان من الممكن أن نضع كل الازدراء الذي يشعر به مسلمو العالم تجاه إله المسيحية في كفة من كفتي ميزان، ويوضع في الكفة الأخرى الازدراء الذي أشعر أنا به، فإن كفتي سترجح على كفة جميع مسلمي العالم. والحق هو أن عيسى بن مريم هو مني وأنا من عند الله تعالى. ألا بورك من عرفني.. وما أتعس ذلك الإنسان الذي حُجبتُ عن عينيه.” (مجلة مقارنة الأديان -أردو- الجزء الأول عدد 9 ص342 إلى 348)

هجرته زوجته، وتخلى عنه أولاده، واتُّهم بأنه كان على علاقات مشينة تنافي الأخلاق. واستمر دوئي يعاني من تلك الآلام والكوارث والمصائب، التي انصبّت على رأسه وانهالت عليه من كل صوب، إلى أن لفظ آخر أنفاسه وهو مشلول وفي حالة مزرية في 9 مارس (آذار) عام 1907. وبذلك فقد تحققت نبوءة سيدنا احمد المسيح الموعود .

لقد أثار هذا التحدي الذي أعلنه المسيح الموعود دويّا هائلا في الصحافة الأمريكية، وذلك للمكانة الكبيرة التي كان يشغلها دكتور ألكسندر دوئي في المجتمع الأمريكي. وقد تحدثت عنه الصحف الأمريكية حتى إن بعض الصحف والمجلات نشرت ملخصا وافيا لنص كلمات المسيح الموعود . وكان من بين تلك الصحف والمجلات جريدة ليتراري دايجست Literary Digest في عددها الصادر بتاريخ 2 يونيو (حزيران) 1903، وبرلنجتون فري برس Burlington Free Press بتاريخ 27 يونيو 1903، وجريدة الكومرشال أدفرتيزر التي تصدر في نيويورك The New York Commercial Advertiser بتاريخ 26 أكتوبر (تشرين الأول) 1903.

أما جريدة الأرجونوت The Argonaut التي تصدر في سان فرانسيسكو في عددها الصادر أول ديسمبر (كانون الأول) 1902 فقد نشرت ملخصا للتحدي تحت عنوان: “مسابقة بين الدعاء العربي والإنجليزي”، وأنهت مقالها بما يلي:

“وباختصار فإن مرزا قد كتب إلى دوئي يقول: إنك زعيم فرقة كبيرة، وأنا أيضا لي أتباع عديدون، ومن السهل الوصول إلى قرار يثبت من منا على الحق، وعلى كل منا أن يدعو الله أن يُهلك الكاذب، ويتوفاه أثناء حياة الصادق. ومن يُستجاب دعاؤه يُعتبر من عند الإله الحق”. ثم علقت الجريدة قائلة: “إن هذا الأسلوب في واقع الأمر أسلوب معقول جدا وعادل”.

ولم تصدر عن دوئي أية إجابة أو استجابة لتحدي سيدنا أحمد ، ولكنه أعلن في “أوراق الشفاء” في 14 فبراير (شباط) 1903:

“إنني أدعو الرب أن يتم في القريب العاجل القضاء على الإسلام حتى يختفي من العالم. استجب يا إلهي لدعائي هذا.. يا رب اقض على الإسلام.”

وفي الثالث والعشرين من أغسطس (آب) من نفس العام نشر المسيح الموعود ، رسالة أخرى موجهة إلى مستر دوئي قال فيها:

“إنني لا أدّعي من تلقاء نفسي أنني أنا المسيح الموعود، ولكن الله الذي خلق السماوات والأرض يشهد لي. وقد أظهر.. ولا يزال يُظهر لي.. مئات من الآيات لتأييدي. إنني أقول بكل الحق إن فضله تعالى عليّ، قد زاد أضعافا مضاعفة عن ذلك الفضل الذي أضفاه على المسيح الذي ظهر من قبلي، وقد تجلت سمات وجهه في مرآة نفسي، أكثر مما تجلت في مرآة المسيح. وإذا كنت أقول هذا الكلام من عند نفسي فإني أكون من الكاذبين. إنه سبحانه هو الذي يشهد لي، ولا يستطيع أحد أن يصمني بالكذب. إن لي آلافا من الآيات من لدنه تعالى، التي تشهد لي ولا أستطيع عدّها…. وإحدى هذه الآيات هي أنه إذا قبل مستر دوئي التحدي الذي وجهته إليه، ووضع نفسه في مواجهتي، سواء كان ذلك بشكل صريح أو ضمني، فإنه سوف يُغادر هذه الحياة في ألم شديد وعذاب أليم أثناء حياتي.

إن دوئي لم يُعلن حتى الآن موقفه من التحدي الذي وجهته له، ولم يذكر عنه شيئا في جريدته. لذلك فإني أعطيه سبعة شهور بدءا من هذا اليوم 23 أغسطس 1903، فإذا ظهر خلال هذه الفترة في موقف معادٍ، ونشر إعلانا في جريدته بأنه قد قبل تماما الخطة التي تقدمت بها، فإن العالم سرعان ما يُشاهد نهاية هذا النّزال. إنني أقترب من السبعين من العمر، وأما دوئي فهو حسب كلامه الذي ذكره بنفسه أقرب إلى الخمسين، ولكنني لا أبالي بهذا الفرق الكبير في العمر بيننا، فإن الأمر لا يتقرر على أساس العمر. إن الأمر كله بين يدي الله تعالى، الذي هو رب السماوات والأرض وهو خير الحاكمين. وإذا تهرّب مستر دوئي من هذا النّزال، فإني أدعو شعوب أمريكا وأوربا ليكونوا شهداء على أن ذلك التهرب يُعد هزيمة له، وفي هذه الحالة يمكن استنباط أن دعواه بأنه إيليا ليست سوى ادعاء زائف وخداع. إنه قد يحاول الهروب من الموت بهذه الحيلة، ولكن عليه أن يدرك أن هروبه هذا من التحدي، هو في حقيقة الأمر نوع من الموت. وعلى هذا.. كن على يقين بأن الكارثة سوف تحل بكل تأكيد على مدينة صهيون في القريب العاجل.”

وأخيرا.. أعلن مستر دوئي في صحيفته “أوراق الشفاء” في شهر ديسمبر (كانون الأول) عام 1903:

“يوجد في الهند مسيح محمدي يكتب لي دوما أن يسوع المسيح مدفون في قبر بكشمير، ويسألني الناس لماذا لا أرد عليه الرد المناسب؟ فهل تظنون أن عليّ أن أرد على تلك الحشرات والهوام؟ إنني إذا مددت قدمي سوف أقتلها سحقا. وفي الحقيقة إنني أعطيها الفرصة لكي تطير بعيدا وتتمتع بالحياة.”

وبهذا الإعلان الذي نشره دوئي تحددت القضية بينه وبين سيدنا أحمد . وبدءا من تلك اللحظة.. بدأ نجم دوئي البراق في الأفول، وأخذ يعاني من انهيار مستمر في كل شؤونه، وبدأت أحواله الصحية تتدهور وتنتابه الأمراض، كما بدأ أتباعه تساورهم الشكوك فيه، وأخذوا يتساءلون عن حقيقة ادعاءاته، ثم بدأ يواجه المشاكل والمصاعب المالية. وفي عام 1905 أصيب بشلل جعله عاجزا عن الحركة، وكان ذلك في قدمه التي ادّعى أنه إذا مدّها فإنه سيسحق بها المسيح الموعود. وقد أوصاه الطبيب المعالج أن ينتقل إلى مكان أكثر دفئا، فأخذوه إلى المكسيك ثم بعد ذلك إلى جاميكا. فترك أمور مدينة صهيون في يد أحد الأشخاص الذين عيّنهم لذلك، ولكن هذا الشخص سرعان ما انقلب ضده. كذلك فقد هجرته زوجته، وتخلى عنه أولاده، واتُّهم بأنه كان على علاقات مشينة تنافي الأخلاق. واستمر دوئي يعاني من تلك الآلام والكوارث والمصائب، التي انصبّت على رأسه وانهالت عليه من كل صوب، إلى أن لفظ آخر أنفاسه وهو مشلول وفي حالة مزرية في 9 مارس (آذار) عام 1907. وبذلك فقد تحققت نبوءة سيدنا احمد المسيح الموعود .

وقد كتبت صحيفة دنفيل جازيت Danville Gazette التي صدرت في 7 يونيو (حزيران) عام 1907 تقول:

“لقد تنبأ الرجل القادياني بأنه إذا قبل دوئي التحدي، فسوف يغادر هذا العالم أمام عينيه مثقلا بالهموم والآلام. وإذا تجنب دوئي قبول التحدي، فقد قال المرزا إن النهاية ستؤجل بعض الوقت فقط، ولكن الموت ينتظره على أي حال، وستحل الكارثة بمدينة صهيون. لقد كانت هذه هي النبوءة العظمى: إن صهيون سوف تسقط وسوف يموت دوئي قبل أحمد.”

وعلقت صحيفة هيرالد أوف بوستن Herald of Boston في عددها الصادر في 23 يونيو (حزيران) عام 1907 فقالت:

“لقد مات دوئي موتا مزريا، بينما تتمزق مدينة صهيون بسبب المنازعات الداخلية.”

وهكذا.. مات دوئي شر ميتة.. ودفنوه في أرض مهجورة، فراح في طيّ النسيان. وقد كان من الممكن أن يزول اسم دوئي، وينتهي ذكره تماما من هذه الدنيا، ولكن في تلك الحالة سيكون من الصعب التحقق من صدق نبوءة سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود . وقد حدث مؤخرا أن أراد مجلس بلدية مدينة صهيون الاحتفال بذكرى إنشاء المدينة، فراحوا يبحثون في السجلات القديمة عمن أنشأها، ولما عرفوا أنه دكتور ألكسندر دوئي.. راحوا يتتبعون السجلات ليتعرفوا على المكان الذي دُفن فيه، وأخيرا اهتدوا إلى مكان قبره. ولم يكن عليه ما يدل على أن دوئي مدفون هناك، فأقاموا شاهدا على القبر كتبوا عليه اسم دوئي. وقد حدث أن زار كاتب هذه السطور مدينة صهيون في عام 1973 أثناء حضوره الاجتماع السنوي للجماعة الإسلامية الأحمدية التي أنشأها المسيح الموعود ، وكان ذلك في مدينة ليك فورست Lake Forest في ولاية إلينوي Illinois وهي تقع على مسافة غير بعيدة من مدينة صهيون، وقد رأى الشاهد المقام فوق القبر، وكان واضحا أنه قد أقيم حديثا.

لقد انتهى ذكر دوئي من العالم، ولم يبق اسمه إلا في السجلات القديمة، وفي بعض كتب الجماعة الإسلامية الأحمدية، التي تتحدث عن تلك الآية العظيمة، والتي أظهرها الله تعالى للدلالة على صدق عبده المسيح الموعود ، تماما كما حفظ القرآن الكريم اسم أبي لهب، ليكون عبرة لمن يتجاسر على معارضة رسل الله وأنبيائه. ولقد انتهت كذلك الحركة التي أنشأها دوئي واندثرت جماعته، فليس لها وجود الآن في أي مكان من العالم، ولا حتى في الولايات المتحدة الأمريكية. أما جماعة الإمام المهدي والمسيح الموعود ، فقد انتشرت في جميع أنحاء العالم، وفي الولايات المتحدة الأمريكية نفسها، بل وأقامت لها مركزا في نفس مدينة صهيون. فما أعظم ذلك من برهان يقيني على صدق سيدنا أحمد ، وما أعظم ربه الذي أوضح لكل من له عينان أنه حقا رب السماوات والأرض، وعالم الغيب والشهادة.. هو الإله الواحد الأحد.. الذي لم يتخذ صاحبة ولا كان له ولد.. ولم يكن له كفوا أحد. فالحمد لله الذي صدق وعده، ونصر عبده، وأعز جنده، وهزم أعداء الإسلام وحده.

وقد ذكر سيدنا أحمد ، بأسلوبه العربي الشيّق، ما وقع بينه وبين دوئي، فكتب يقول:

“اعلموا، رحمكم الله، أن من نموذج نصرته تعالى، ومن شهاداته على صدقي، آية أظهرها الله تعالى لتأييدي، بإهلاك رجل اسمه “دوئي”. وتفصيل هذه الآية الجليلة، والمعجزة العظيمة، أنّ رجلاً مسمّى بـ “دوئي”، كان في أمريكة من النصارى المتموّلين، والقسيسين المتكبّرين. وكان معه زهاء مائةِ ألفٍ من المريدين، وكانوا يُطيعونه كالعباد والإماء على منهج اليسوعيّين. وكان كثير الشهرة في قومه وغير قومه، حتى طَبّق الآفاقَ ذكرُه، وسخّر فوجًا من النصارى سِحْرُه. وكان يدَّعي الرسالة والنبوّة، مع إقرار ألوهيّة ابن مريم، ويسبّ ويشتم رسولنا الأكرم، وكان يدَّعي مقامات فائقة ومراتب عالية، ويحسب نفسه من كلّ نفس أشرفَ وأعظم. وكان يزيد يومًا فيومًا في المالِ والشهرة والتابعين، وكان يعيش كالملوك بعد ما كان كالشحّاذين. فالناظر من المسلمين في ترقّياته، مع افترائه وتقوُّله، إن كان ضعيفًا.. ضلّ وحارَ، وإن كان عَرِيفًا..لم يأمَن العثارَ. وذلك أنه كان عدوّ الإسلام، وكان يسبّ نبيَّنا خيرَ الأنام، ثمّ مع ذلك صعد في الشهرة والتموّل إلى أعلى المقام، وكان يقول إني سأقتل كلّ من كان من المسلمين، ولا أترك نفسًا من الموحّدين المؤمنين.

وكان من الذين يقولون ما لا يفعلون، وعلا في الأرض كفرعون ونسي الـمنون. وكان يجعل النهارَ لنهب أموال الناس، والليلَ للكاس، واجتمع إليه جهّال اليسوعيين، وسفهاء المسيحيين، فما زالوا يتعاطون أقداح الضلالة، ويصدّقون من جهلهم دعوى الرسالة. وكان هو عَبْدَ الدنيا لا كَحُرٍّ، وكصدفٍ بلا دُرٍّ، ومع ذلك كان شيطانَ زمانه، وقرينَ شيطانه، ولكـن الله مهَّله إلى وقتٍ دعوتُه للمباهلة، ودعوتُ عليه في حضرة العزّة.

وكنتُ أجد فيه ريح الشيطان، ورأيت أنه صريع الطاغوت وعدوّ عباد الرحمن، نجّس الأرض ونجّس أنفاس أهلها من أنواع خباثة الهذيان، وما رأيتُ كمثله عِمِّيتًا ولا عِفريتًا في هذا الزمان. كان مجنونَ التثليث، وعدوَّ التوحيد، ومصرًّا على الدين الخبيث، وكان ينظر مضرّاتِه كحسنةٍ، ومعرّاتِه كأسباب راحةٍ.

واجتمع الجهّال عليه من الأُمراء وأهل الثروة، ونصروه بمالٍ لا يوجد إلا في خزائن الملوك وأرباب السلطنة. وكان يساق إليه قناطيرُ الدولة، حتى قيل إنّه ملك ويعيش كالملوك بالشأن والشوكة. ولما بلغت دولته منتهاها، تبع نفسَه الأمّارة وما زكَّاها. وادّعى الرسالة والنبوّة من إغواء الشيطان، وما تحامى عن الافتراء والكذب والبهتان. وظنّ أنه أمرٌ لا يُسأل عنه، ويُزجّي حياته في التنعّم والرفاهة، ويزيد في العظمة والنباهة، بل سلك معه طريقَ الكبر والنخوة، وما خاف عذاب حضرة العزّة. ولا شكّ أنّ المفتري يؤخذ في مآل أمره ويُمنع من الصعود، وتفترسه غيرة الله كالأُسُود، ويرى يوم الهلاك والدمار الموعود في كتاب الله العزيز الودُود. إن الذين يفترون على الله ويتقوّلون، لا يعيشون إلا قليلاً ثم يؤخذون، وتتبعهم لعنة الله في هذه وفي الآخرة، ويذوقون الهوان والخزي ولا يُكرَمون. ألم يبلغك ما كان مآل المفترين في الأوّلين؟ وإن الله لا يخاف عقبى المتقوّلين، ويهزّ لهم حُسامه، فيجعلهم من الممزَّقين.

ولما اقترب يوم هلاكه دعوتُه للمباهلة، وكتبتُ إليه أن دعواك باطلٌ ولستَ إلا كذّابًا مفتريًا لجِيفةِ الدنيا الدنيّة، وليس عيسى إلا نبيًّا، ولستَ إلا متقوّلاً، ومن العامّة والفِرق الضالّة المضلّة. فاخْشَ الذي يرى كذبك، وإني أدعوك إلى الإسلام والدين الحقّ والتوبة إلى الله ذي الجبروت والعزّة. فإن تولّيتَ وأَعْرضتَ عن هذه الدعوة، فتعالَ نباهلْ ونجعلْ لعنة الله على الذي ترك الحقّ، وادّعى الرسالة والنبوّة على طريق الفِرية. وإن الله يفتح بيني وبينك، ويهلك الكاذب في زمن حياة الصادق، ليعلم الناس مَنْ صدق ومَنْ كذب، ولينقطع النـزاع بعد هذه الفيصلة.

ووالله، إني أنا المسيح الموعود الذي وُعد مجيئه في آخر الزمن وأيام شيوع الضلالة. وإنّ عيسى قد ماتَ، وإن مذهب التثليث باطل، وإنك تفتري على الله في دعوى النبوّة. والنبوّة قد انقطعت بعد نبيّنا ، ولا كتاب بعد الفرقان الذي هو خير الصحف السابقة، ولا شريعة بعد الشريعة المحمديّة، بَيْدَ أني سُمّيتُ نبيًّا على لسان خير البريّة، وذلك أمر ظلّي مِنْ بركات المتابعة، وما أرى في نفسي خيرًا، ووجدتُ كُلّ ما وجدت من هذه النفس المقدّسة. وما عنى الله من نبوّتي إلا كثرة المكالمة والمخاطبة، ولعنة الله على من أراد فوق ذلك، أو حسب نفسه شيئًا، أو أخرج عنقه من الرِّبْقة النبويّة. وإن رسولنا خاتم النبيين، وعليه انقطعتْ سلسلة المرسلين. فليس حقّ أحدٍ أَن يدّعي النبوّة بعد رسولنا المصطفى على الطريقة المستقلّة، وما بقي بعده إلا كثرة المكالمة، وهو بشرط الاتّباع لا بغير متابعة خير البريّة. ووالله، ما حصل لي هذا المقام إلا من أنوار اتّباع الأشعّة المصطفوية، وسُمِّيتُ نبيّا من الله على طريق المجاز لا على وجه الحقيقة. فلا تهيج ههنا غيرة الله ولا غيرة رسوله، فإني أُربَّى تحت جناح النبيّ، وقدمي هذه تحت الأقدام النبويّة. ثم ما قلتُ من نفسي شيئًا، بل اتّبعتُ ما أُوحي إِليّ من ربّي. وما أخاف بعد ذلك تهديد الخليقة، وكلّ أحدٍ يُسأل عن عمله يوم القيامة، ولا يخفى على الله خافية.

وقُلتُ لذلك المفتري.. إن كنتَ لا تباهل بعد هذه الدَّعْوة، ومع ذلك لا تتوب مما تفتري على الله بادّعاء النبوّة، فلا تحسبْ أنك تنجو بهذه الحيلة، بل الله يهلكك بعذابٍ شديدٍ مع الذلّة الشديدة، ويخزيك ويذيقك جزاء الفرية.

وكان يراقب موتي وأراقب موته، وكنتُ أتوكّل على الله ناصر الحقّ وحامي هذه الملّة.

ثم أشعتُ ما كتبتُ إليه في ممالك أمريكة إشاعةً تامّةً كاملةً، حتى أُشيعَ ما كتبت إليه في أكثر جرائد أمريكة، وأظنّ أنّ ألوفا من الجرائد أشاعتْ هذا التبليغ، وبلغت الإشاعة إلى عِدّة ما أستطيع أن أُحصيها، وليس في القرطاس سعة أَنْ أُمْليها. وأمّا ما أُرْسِلَ إليّ من جرائد أمريكة التي فيها ذكرُ دعوتي وذكر المباهلة وذكر دعائي على “دوئي” لطلب الفيصلة، فرأيتُ أن أكتب في الحاشية أسماء بعضها، ليعلم الناس أنّ هذا الأمر ما كان مكتومًا مخفيًّا، بل أشيع في مشارق الأرض ومغاربها، وفي أقطار الدنيا وأعطافها كلّها، شرقًا وغربًا وشمالاً وجنوبًا. وكان سبب هذه الإشاعة أنّ “دوئي” كان كالملوك العظام في الشهرة، وما كان رجل في أمريكة ولا في يورُب من الأكابر والأصاغر إلا كان يعرفه بالمعرفة التامّة. وكانت له عظمة ونباهة كالسلاطين في أَعْيُن أهل تلك البلاد، ومع ذلك كان كثير السياحة، يصطاد الناس بوعظه كالصياد. فلذلك ما أبى أحدٌ من أهل الجرايد أن يطبع ما أُرْسل إليه في أمره من مسألة المباهلة، بل ساقهم حرص رؤية مآل المصارعة إلى الطبع والإشاعة. والجرائد التي طُبعتْ فيها مسألة مباهلتي ودُعائي على “دوئي” هي كثيرة من جرائد أمريكة، ولكنّا نذكر على طريق النموذج شيئًا منها في حاشيتنا هذه:

(1) شكاكو إنتربريتر- 8 جون سنة 1903م:

ترجمة خلاصة مضمونها: إن الميرزا غلام أحمد رجل من الفنجاب، وهو يدعو “دوئي” للمباهلة. أيظنّ أنه يخرج في هذا الميدان؟ وإن الميرزا يكتب أن “دوئي” مفتر كذّاب في دعوى النبوّة، وإني أدعو الله أن يهلكه ويستأصله كلّ الاستئصال. ويقول: إني على الحقّ، وإن دوئي على الباطل، فالله يحكم بيننا بأنه يهلك الكاذب، ويستأصله في حين حياة الصادق. وإن الميرزا غلام أحمد يقول: إني أنا المسيح الموعود، وإن الحقّ في الإسلام.

(2) تيليكراف – 5 جولائي سنة 1903م: مطابق بما سبق بأدنى تغيّر الألفاظ.

(3) أركونات سان فرانسسكو – واحد دسمبر سنة 1902م:

مطابق بما سبق بأدنى تغيّر الألفاظ، ومع ذلك قال: إن هذا الطريق طريق معقول ومبنيّ على الإنصاف. ولا شكّ أنّ الرجل الذي يستجاب دعاؤه فهو على الحقّ من غير شبهةٍ.

(4) لتريري دايجست نيويارك – 20 جون سنة 1903م:

ذكر مفصّلا كلّ ما دعوت به “دوئي” للمباهلة، وطبع عكْس صورتي وصورته، والباقي مطابق بما سبق.

(5) نيويارك ميل أيند أيكسبريس – 28 جون سنة 1903م:

عنوان ذكره: “مباهلة المدّعيين”، وذكر دعائي على “دوئي”، ثم ذكر أن الأمر الفيصل هلاك الكاذب في حين حياة الصادق. والباقي مطابق بما سبق.

(6) هيرلد روتشستر – 25 جون سنة 1903م: ذكر أن “دوئي” دُعي للمباهلة، ثم ذكر تفصيلا ما سبق من البيان.

(7) ريكارد بوستن – 27 جون سنة 1903م: مطابق لما سبق.

(8) أيدورتائيزر – 25 جون سنة 1903م: مطابق لما سبق.

(9) بايلات بوستن – 27 جون سنة 1903م: ذكرني وذكر “دوئي”، ثم ذكر دعاء المباهلة.

(10) باث فايندر واشنغتن – 27 جون سنة 1903م : ذكر كمثل ما سبق.

(11) إنتر أوشن شكاغو – 27 جون سنة 1903م: ذكر كمثل ما سبق.

(12) ديموكريت كرانيكل روتشستر – 25 جون سنة 1903م: عنوان ذكره للمباهلة،   والباقي مطابق لما سبق.

(13) شكاغو: مطابق لما سبق.

(14) برلنغتن فري بريس – 27 جون سنة 1903م: مطابق لما سبق.

(15) ووستر سبائي – 28 جون سنة 1903م: مطابق لما سبق.

(16) شكاغو انترأوشن – 28 جون سنة 1903م: ذكر دعاء المباهلة.

(17) ألبني بريس – 25 جون سنة 1903م: مطابق لما سبق.

(18) جيكسنول تايمز – 28 جون سنة 1903م: مطابق لما سبق.

(19) بالتيمور أمريكن – 25 جون سنة 1903م: مطابق لما سبق.

(20) بفلو تايمز – 25 جون سنة 1903م: مطابق لما سبق.

(21) نيويارك ميل – 25 جون سنة 1903م: مطابق لما سبق.

(22) بوستن ريكارد – 27 جون سنة 1903م: مطابق لما سبق.

(23) ديزرت إنجلش نيوز – 27جون سنة 1903م: مطابق لما سبق.

(24) هيلينا ريكارد – واحد جولائي سنة 1903م: مطابق لما سبق.

(25) جروم شاير غزت – 17 جولائي سنة 1903م: مطابق لما سبق.

(26) نونيتن كرانيكل – 17جولائي سنة 1903م: مطابق لما سبق.

(27) هيوستن كرانيكل – 3 جولائي سنة 1903م: مطابق لما سبق.

(28) سونا نيوز – 29جون سنة 1903م: مطابق لما سبق.

(29) ريتشمند نيوز – واحد جولائي سنة  1903م: مطابق لما سبق.

(30) جلاسجو هيرلد – 27 أكتوبر سنة 1903م: مطابق لما سبق.

(31) نيويارك كمرشل أيدورتائيزر – 26 أكتوبر سنة 1903م: مطابق لما سبق.

(32) دي مارنـنغ تيلغـراف – 28 أكتوبر سنة 1903م: ذكـر دعـاء المبـاهـلة وذكر دوئي.   منه.

وخلاصة الكلام أنّ “دوئي” كان شرّ النّاس، وملعون القلب، ومثيل الخنّاس، وكان عدوّ الإسلام بل أخبث الأعداء، وكان يريد أن يجيح الإسلام حتى لا يبقى اسمه تحت السماء. وقد دعا مرارًا في جريدته الملعونة على أهل الإسلام والملّة الحنيفية، وقال: اللهمّ، أَهْلِكْ المسلمين كلّهم، ولا تُبْقِ منهم فردًا في إقليم من الأقاليم، وأَرِني زوالهم واستيصالهم، وأَشِعْ في الأرض كلّها مذهب التثليث وعقيدة الأقانيم. وقال أَرْجُو أَنْ أرى موت المسلمين كلّهم وقَلْعَ دين الإسلام، وهذا أعظم مراداتي في حياتي، وليس لي مراد فوق هذا المرام. وكلّ هذه الكلمات موجودة في جرائده التي موجودة عندنا في اللسان الإنكليزية، ويعلمها من قرأها من غير الشكّ والشبهة. فكفاكَ أيُّها الناظر لتخمين خُبث هذا المفتري هذه الكلماتُ، ولذلك سمّاه النبيّ – صلى الله عليه – خنـزيرًا بما ساءتْ هذا الخبيثَ الطيّباتُ، وسرّتْه نجاسة الشرك والمفتريات.

وقد عرف الناظرون في كلامه توهين الإسلام فوق كلّ توهين، وشهد الشاهدون على ملعونيّته فوق كل لعين، حتى إنه صار مثلاً بين الناس في الشتم والسبّ، وما كان منتهيًا من المنع والذبّ. وإذا باهلتُه ودعوته للمباهلة، ليَظهَر بموت الكاذب صدقُ الصادق من حضرة العزّة، فقال قائل من أهل أمريكة وطبع كلامه في جريدته، وتكلّم بلطيفةٍ رائقةٍ ونُكتةٍ مضحكةٍ في أمر “دوئي” وسيرته، فكتب أنّ “دوئي” لن يقبل مسألة المباهلة، إلا بعد تغيير شرائط هذه المصارعة، فيقول: لا أقبل المباهلة، ولكن ناضِلوني في التشاتم والتسابّ، فمن فاق حريـفه في كثرة السبّ وشدّة الشتم فهو صادق، وحريفه كاذبٌ من غير الارتياب. وهذا قول صاحب جريدةٍ كان تقصَّى أخلاقَه، وجَرّب ما يخرج من لسانه وذاقَه. وكذلك قال كثير من أهل الجرائد، وإنّهم من أعزّة أهل أمريكة ومن العمائد.

ثم مع ذلك إني جرّبتُ أخلاقه عند مسألة المباهلة، فإذا بلغه مكتوبي غضب غضبًا شديدًا واشتعل من النَّخْوة، وأرى أنيابَ ذياب الأجمةِ، وقال: ما أرى هذا الرجلَ إلا كبعوضة بل دونها، وما دعتني البعوضة بل دعت منونها. وأشاع هذا القول في جريدته، وكفاك هذا لرؤية كبره ونخوته، فهذا الكبر هو الذي حثّني على الدعاء والابتهال، متوكّلا على الله ذي العزّة والجلال.

وكان هذا الرجل صاحب الدولة العظيمة قبل أن أدعوه إلى المباهلة، وكنت دعوت عليه ليُهلكه الله بالذلّة والمتربة والحسرة. وإنّه كان قبل دعائي ذا السطوة السلطانية، والقوّة والشوكة، والشهرة الجليلة، التي أحاطت الأرض كالدائرة. وكان صاحب الدُّور المنجّدة، والقصور المُشيّدة. وما رأى داهية في مُدّة عمره، ورأى كلّ يوم زيادة زمره. وكان له حاصلاً ما أمكن في الدنيا من الآلاء والنعماءِ، وكان لا يعلم ما يوم البأساءِ وما ساعة الضرّاءِ. وكان يلبس الديباج، ويركب الهِمْلاج، وكان يظنّ أنه يرزق عمرًا طويلاً غافلاً من سهم المنايا، وكان يزجّي النهار كالمسجودين والمعبودين والمعظَّمين، ويفترش الحشايا بالعشايا. وإذا أنـزل الله قدره ليُصدّق ما قلتُ في مآل حياته، فانقلبت أيّام عيشه ومسرّاته، وأراه الله دائرة السَّوْء، ولُدغ كلَّ لَـدْغٍ مِن حَيَواته، أعني أفاعي أعمالِه وسيّآته. فعاد الهِمْلاجُŒ قَطُوفًاv، وانقلب الديباج صوفًا، وهلمّ جرّا. إلى أنه أُخرج من بلدته التي بناها بصرف الخزائن، وحُرّم عليه كلّ ما شَيّد من المقاصر ببذل الدفائن، بل ما كفى الله على هذا، وأنزل عليه جميع قضائه وقدره، وحطّ سائر وجوه شأنه وقدره، وانتقل إلى رجلٍ آخر كلُّ ما كان في قبضته، وجمعتْ غياهبَ البُؤْسِ رياحُ نخوته، حتى يئس من ثروته الأولى، وارتضع من الدهر ثديَ عقيمٍ، وركب من الفقر ظهرَ بهيمٍ. ثمّ أخذه بعض الورثاء كالغرماء، ورأى خِزيًا كثيرًا من الزوجة والأحباب والأبناء، حتى إنّ أباه أشاع في بعض جرائد أمريكة أنه زنيمٌ ولدُ الزنا وليس من نُطفته. وكذلك انتسفتْه رِيَاحُ الإدبار والانقلاب، وكمّل له الدهرُ جميعَ أنواع الذلّة، فصار كرميم في التراب، أو كسليم غَرض التباب، وصار كنكرة لا يُعرف، بعد ما كان بكلّ وجاهة يوصف. وانتشر كلُّ مَن كان معه من الأتباع، وما بقي شيء في يده من النقد والعَقار والضِّياع، وبرز كالبائس الفقير، والذليل الحقير. غِيضتْ حياضه، وجَفَّتْ رياضه، وخَلَتْ جِفانه، ونحُس مكانه، وطُفئ مصباحه، ورُفعت صياحه، ونُـزعت عنه البساتين وعيونها، والخيل ومتونها، وضاق عليه سهلُ الأرض وحُزونها، وعادته الأودية وبطونها، وسُلِبت منه الخزائن التي ملك مفاتحها، ورأى حروب العدا ومضائقها. ثم بعد كلّ خزي وذلّة فُلج من الرأس إلى القدم، ليرحّله الفالج من الحياة الخبيث إلى العدم. وكان يُنقل من مكان إلى مكان فوق ركاب الناس، وكان إذا أراد التبرّز يحتاج إلى الحقنة من أيدي الأناس. ثمّ لَحِقَ به الجنون، فغلب عليه الهذيان في الكلمات، والاضطراب في الحركات والسكنات، وكان ذلك آخر المخزيات. ثم أدركه الموت بأنواع الحسرات، وكان موته في تاسع من مارج سنة 1907م، وما كانت له نوادب، ولا من يبكي عليه بذكر الحسنات.

وأوحى إليّ ربي قبل أن أسمع خبر موته وقال: إني نَعَيْتُ. إنّ الله مع الصادقين. ففهمت أنه أخبرني بموت عدوّي وعدوّ ديني من المباهلين. فكنتُ بعد هذا الوحي الصريح من المنتظرين، وقد طُبع قبل وقوعه في جريدة “بَدْر” و”الحَكَم” ليزيد عند ظهوره إيمان المؤمنين. فإذا جاء وعد ربّنا مات “دوئي” فجأةً، وزهق الباطل، وعلا الحقّ، فالحمد لله ربّ العالمين.

ووَاللهِ لو أُوتيتُ جَبلاً من الذهب أو الدُّررِ والياقوت ما سرّني قطّ كمثل ما سرّني خبرُ موت هذا المفسد الكذّاب. فهل من مُنصف ينظر إلى هذا الفتح العظيم من الله الوهّاب؟

هذا ما نزل على العدوّ اللئيم، من العذاب الأليم، وأما أنا فحقّق الله كلّ مقصدي بعد المباهلة، وأرى آيات كثيرة لإتمام الحُجّة، وجذب إليّ فوجًا عظيمًا من النفوس البررة، وساق إليّ القناطير المقنطرة من الذهب والفضّة، ورزقني فتحًا عظيمًا على كلّ من باهلني من المبتدعين والكفرة. وأنزل لي آياتٍð منيرة، لا أستطيع أَنْ أحصيها، ولا أقدر أن أمليها، فاسألوا أهل أمريكة ما صنع الله “بدوئي” بعد دعائي، وتعالوا أُريكم آيات ربي ومولائي، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.

المشتهر: الميرزا غلام أحمد المسيح الموعود، من مقام قاديان، ضلع كورداسبور، البنجاب-15 أبري(نيسان) سنة 1907″ ولا يحتاج الأمر إلى تعليق آخر.

الهمْلاج: الدابّة الحسنة السير في سرعة وسهولة. منه

القطوف: الدابة الضيقة الخطى البطيئة السير. منه

الحاشية: إن الله أخبرني بموت “دوئي” مرارًا، وهي بشارات كثيرة، وكلّها طُبع قبل موته وقبل نزول الآفات عليه في جريدة مسمّى  بـ “بدر” وجريدةٍ أخرى مسمّى  بـ “الحَكَم”، فليرجع الناظر إليهما.

Share via
تابعونا على الفايس بوك