سيرة المهدي - الجزء 1 الحلقة 20
  • طالما تعرض المسيح الموعود ع للأذى حتى من أقرب أقربائه ممن نبذوا الإسلام كلية
  • نفقات حضرته الزهيدة خلال سفر هوشياربور المبارك والذي اعتكف فيه 40 يوما
  • بركة قراءة سورة يس

__

  1. بسم الله الرحمن الرحيم. حدثني شودري حاكم علي وقال: لما بدأ مرزا إمام الدين ومرزا نظام الدين بسدّ الطريق المؤدي إلى المسجد المبارك بإقامة جدارٍ فيه قال حضرته لبعض الإخوة وكنت من بينهم: اذهبوا إليهما وأفهموهما بكل رفق ولين ألا يغلقا هذا الطريق لأن ذلك يعرض ضيوفي للمشقة، ولقاء ذلك يمكنهم أن يستحوذوا على أية قطعة أرضية أملكها. أكد لنا حضرته ألا نستخدم أية كلمة قاسية في الحديث معهما. يقول الراوي: لما وصلنا إليهما وجدناهما يتربعان في المجلس الذي تدار فيه النارجيلة. أوصلنا إليهما رسالة حضرته ثم بدأنا معهما الكلام بكل رفق، إلا أن مرزا إمام الدين استشاط غضبًا وقال: لماذا لم يأت هو بنفسه؟ لا أعتبركم شيئًا. ثم قال طاعنًا في حضرته ومستهزئًا به: لا أعرف ماذا حصل به منذ نزول الوحي عليه من السماء، وغير ذلك من أمور أخرى. يقول الراوي بأننا رجعنا نادمين. ثم ضمّ حضرته بعض الضيوف إلينا وأمرنا بالذهاب إلى نائب المفوض وإطلاعه على القضية كلها، ثم القول له بأن أفراد جماعتنا يأتون من بلاد بعيدة من أجل الدين وسنواجه مشقة كبيرة بسبب هذا العمل المذكور لأنه سيغلق الطريق المؤدي إلى المسجد.

في تلك الأيام ارتُكبت جريمةٌ ما في إحدى القرى المجاورة لقاديان وكان نائب المفوض وضابط الشرطة موجودَين هناك فقصدناهما هناك، أوقفْنا عرباتنا بعيدًا نوعًا ما وتقدّمنا إليهما فوجدنا نائب المفوض مشغولا في الحديث مع ضابط الشرطة في الساحة. تقدم أحدنا وقال له بأننا جئنا من قاديان ثم أخذ يذكر له القضية. ولكن نائب المفوض قاطعه وقال مغاضبًا: أجئتم بعدد كبير من أجل الضغط عليّ؟ إنني أعرفكم جيدًا، وأفهم جيدًا لماذا أنشئت هذه الجماعة هنا. لستُ جاهلا عن أموركم، وفي القريب العاجل سأبدأ بمعاقبتكم بحيث تندمون على إنشاء مثل هذه الجماعة. وذكر غير ذلك من أمور مشابهة.

يقول الراوي: رجعنا مضطرين بخفّي حنين وأخبرنا حضرته بالقصة كلها. كانت المعارضة شديدة في تلك الأيام، وكان الحكام الإنجليز أيضا يسيئون الظن كثيرًا بالجماعة، وكانوا يظنون أن هذه الجماعة تتكون من أجل تنفيذ مكيدة سياسية، كما كان ضباط الشرطة في “بتاله” أيضا من المعاندين والمعارضين فلم يكونوا يتورعون عن إلحاق الأذى بالأحمديين، أما في قاديان فكان الهندوس والسيخ والمسلمون غير الأحمديين مستعدين دومًا بتأليب مرزا إمام الدين ومرزا نظام الدين لإيذاء الأحمديين، وبالتالي كان الأحمديون مضطرين للعيش في قاديان متعرضين للذلة والأذى. كان عدد الأحمديين في تلك الأيام قليلا؛ إن معظم هؤلاء – علاوة على أسرة حضرته – إما هاجروا مناطقهم واستوطنوا في قاديان من أجل الدين أو كانوا ضيوفًا على حضرته. فلما رأى حضرته هذه الأوضاع والأذى الذي كانت تتعرض له الجماعة جمع أفراد الجماعة للتشاور معهم وقال: لقد ساءت الظروف ههنا لدرجة أصبح العيش صعبا في ظلها، أما نحن فلا بد أن نعمل، فإن لم نستطع ذلك هنا فسنقوم به في مكان آخر، والهجرة من سنة الأنبياء، لذلك أريد أن نخرج من هذا المكان.

يقول الراوي: قال الخليفة الأول : سيدي تفضلوا إلى “بهيره”، وأقدم جميع بيوتي هناك لحضرتكم، فلن تكون هناك أية مشكلة. أما المولوي عبد الكريم فقد دعا حضرته إلى سيالكوت، وقال شيخ رحمة الله: تفضلوا إليّ في لاهور.

يقول الراوي: لقد خطر ببالي أن أعرض بيتي على حضرته إلا أن الخجل حال دون تفوهي بهذا الكلام، وفي الأخير استطعت أن أقول لحضرته: سيدي تفضلوا إلى قريتي التي هي ملكنا وبها بيوتنا، ولا يمكن لأحد أن يتدخل فيها، وهي مكان لا يتدخل فيه الحكام أيضا، وكأننا نحن حكام هذه المنطقة على شاكلة أصحاب الأراضي. سألني حضرته: هل تتوافر هناك حاجيات الحياة؟ قلت: تتأمن المؤونة كلها من إنتاج الأراضي، أما الأمور الأخرى فهي متوفرة في بلدة قريبة من قريتنا. قال حضرته: طيب، سنرى عندما يحين وقت الهجرة وسنذهب حيثما يأخذنا الله تعالى.

أقول: أبدى حضرته في 1887م أيضا رغبته في الهجرة من قاديان كما ذُكر ذلك في كتابه “شحنه حق” أي “ضابط الحق”.

  1. بسم الله الرحمن الرحيم. أقول: لقد اطلعت على دفتر ميان عبد الله السنوري الذي كان يسجل فيه نفقات حضرته أثناء سفره إلى “هوشياربور”. إنه ذلك السفر الذي اعتكف فيه حضرته لأربعين يومًا، وجرت فيه مناظرة بينه وبين “مرلي دهر” الآريا المذكور في كتابه “سرمه جشم آريا” (كحل عين آريا). ويتضح من هذا الدفتر أن المسيح الموعود قد رجع من هذه الرحلة إلى قاديان في 17/3/1886م. وأول تاريخ هذه النفقات المسجلة في الدفتر هو 1/2/1886م. ويبدو أن ميان عبد الله السنوري قد بدأ كتابة هذه النفقات لاحقًا أي بعد بدء الرحلة لأن حضرته كان قد وصل إلى “هوشياربور” في الأسبوع الثالث من شهر يناير، وإلا فلا يمكن أن تضم هذه الرحلة اعتكاف أربعين يومًا ثم إقامة حضرته هناك لعشرين يومًا أخرى.

بالإضافة إلى ذلك يذكر ميان عبد الله بأن حضرته أقام في “هوشياربور” لشهرين تقريبًا. والله أعلم.

لقد وردت في هذا الدفتر قائمة النفقات في 3/3/1886 1 كالتالي: مربى المانجو، المخلل، الحليب، السكر المركّز، الصلصلة، اللحم، ظرف، السبانخ، المجروش، الملح، الكزبرة، البصل، الثوم، عصيدة القمح، تذكرة، تصليح حقيبة، حلاوة.

يقول ميان عبد الله: لم يكن يُسجل في الدفتر ما يُشترى لحضرته فحسب، بل كان يسجل فيه كل ما كان يُشترى سواء كان لنا أو لبعض الضيوف.

  1. بسم الله الرحمن الرحيم. حدثني ميان عبد الله السنوري فقال: قال لي حضرته في الساعة العاشرة من يوم الجمعة الواقع في شهر ذي الحجة عام 1303للهجرة: إذا كان أحد يخاف شخصًا ويخشى أن تستولي على قلبه هيبته فعليه أن يقرأ سورة “يس” ثلاثًا ثم يكتب بإصبعه على جبهته: “يا عزيز”، ثم يذهب إليه فلن تستولي عليه هيبته إن شاء الله، بل بدلا منه ستستولي الهيبة على ذلك الشخص. وبشكل عام قد أوصاني حضرته بقراءة سورة “يس” ثلاثًا يوميًا.

أقول: لقد سجل ميان عبد الله وصية المسيح الموعود هذه في دفتره لذلك حُفظ تاريخه أيضا. وبرأيي إن الحكمة في كتابة كلمات “يا عزيز” هي أنه عندما يرسّخ أحد في قلبه صورة لقدرات الله وجبروته وقهره وغلبته فلا بد أن يتخلص قلبه من هيبة غير الله، وسينال قوة من خلال تدبره صفات الله هذه لكونه مؤمنا، وهو ما يوقع الهيبة في قلوب الآخرين. أما الكتابة بالإصبع فهو لترسيخ الصورة كما ورد في علم النفس، وإلا فلا تعمل هذه الأوراد عمل السحر والشعوذة. والله أعلم.

  1. بسم الله الرحمن الرحيم. حدثني الحافظ روشن علي وقال: في بداية عهدي في قاديان جاء رجل عجوز أيضا وكان من أتباع سيد أحمد البريلوي، وكان يقول بأنني حظيت بصحبة سيد أحمد المرحوم في الحج كما كنت معه في الحروب التي خاضها. وكان يخبر أن عمره قرابة 125 عامًا. لقد جاء هذا الشخص إلى قاديان وبايع المسيح الموعود . كان هذا الشخص يحب الدين ويواظب على صلاة التهجد، وكان نشيطًا رغم تقدّمه في السن. فلما أراد الرجوع بعد بضعة أيام واستأذن قال حضرته : لماذا تستعجل إلى هذه الدرجة، امكث لفترة أكثر. قال: لا أريد أن أسبب إزعاجًا لحضرتكم. قال حضرته: لا إزعاج لنا بفضل الله، بل ينبغي أن تقيم أكثر، وبوسعنا توفير الأمور كلها. فأقام لشهر ونصف تقريبًا ثم غادر. وبعد هذا زار قاديان مرة أخرى ثم توفي.

أقول: لما سمعت هذه الرواية تعجبت منها لأنه ليس عاديًّا أن يعيش أحد حياة طويلة بحيث يرى رأسَي قرنَين ويقابل إمامَين ويبايعهما. فلما ذكرت هذه الرواية للمولوي شير علي قال: لقد رأيت هذا الشخص، كان قصير القامة، طاعنًا في السن وعلى جسده آثار الجروح الكثيرة. لقد علّم هذا الشخص الخليفة الأول الطريقةَ العملية لصلاة الخوف وأخبره بأنه كان يصلي مع سيد أحمد البريلوي صلاة الخوف أثناء الحرب. وقال الخليفة الأول في أحد دروسه أنه تعلم من هذا الشخص الصور العمليةَ لصلاة الخوف.

أقول: لقد أخبرني الحافظ روشن علي بأن هذا الشخص كان ينتمي إلى “شونده” من محافظة أمرتسر.

  1. بسم الله الرحمن الرحيم. حدثني القاضي أمير حسين وقال: في إحدى المرات أثار رجل ضجة في البنجاب بادعائه أنه يقتحم النار المشتعلة ويخرج منها سليمًا دون أن يصاب بأذى، ثم ذكر اسم حضرته وقال بأنه يدّعي بكونه مسيحًا فليُرِنا مثل هذه المعجزة. فلما بلغ ذلك حضرتَه قال: إذا دخل النار أمامي، ما خرج منها للأبد.

أقول: لا يأتي أنبياء الله لإراءة أعمال الشعوذة في كل مكان مثل المشعوذين، بل الله تعالى يري بواسطتهم آياتٍ حيثما كانت حاجة لها. ومعنى قول حضرته: “لو دخل هذا الشخص النار أمامي، ما خرج منها أبدًا” هو أن النار سوف تحرقه وتجعله رمادًا لصدامه مع الحق بل سيكون وقود النار في الآخرة أيضا.

أقول: لا نعرف عنه يقينًا إذا كان يقتحم النار حقًّا أم لا، إلا أنه قد بلغ حضرته ادعاءه فعلّق عليه بقوله السابق.

Share via
تابعونا على الفايس بوك