ذو القرنين وتصديه ليأجوج ومأجوج
  • من عساها تكون تلك الشخصية التاريخية الملقبة بذي القرنين؟
  • هل ينطوي قصة ذي القرنين على نبوءات مستقبلية حقا؟!
  • ما شأن يأجوج ومأجوج؟ ومن هم في هذا العصر؟
__
قَالُوا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجًا عَلَى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا   (الكهف 95)

شرح الكلمات:

خَرْجًا: الخَرْجُ الخَرَاج (الأقرب).

التفسير:

وبما أن هؤلاء كانوا ساكنين في جوار يأجوج ومأجوج وكانوا هدفًا لغاراتهم بكثرة، فاستدعَوا كورشَ أن يجعل لهم على نفقتهم سدًّا يحميهم من هجــــمات يأجوج ومأجوج.

قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْمًا (96)

شرح الكلمات:

رَدْمًا: الردم: ما يسقُط من الجدار المتهدم (الأقرب).

التفسير:

قال ذو القرنين: لقد أعطاني الله تعالى علم هذه الأمور، وأستطيع القيام بها على أحسن وجه. سأضع الخطة، وأما أنتم فأعينوني بقوة.. أي أنكم أهل المنطقة وبإمكانكم مساعدتي بالعمال والمهنيين، فأْتوني بهم أَجعلْ بينكم وبين يأجوج ومأجوج جدارًا.

آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ حَتَّى إِذَا سَاوَى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ قَالَ انْفُخُوا حَتَّى إِذَا جَعَلَهُ نَارًا قَالَ آَتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْرًا (97)

شرح الكلمات:

زُبَر: الزُّبَر جمعُ الزُّبْرَة هي القطعة الضخمة (الأقرب). فالمراد من زُبَر الحديد قِطَعُه.

ساوَى: ساوَى الشيئين وساوَى بينهما أي سوّى (الأقرب).

الصَّدَفَين: تثنية الصَّدَفِ، والصدفُ كلُّ شيء مرتفع عظيم كالهدف والحائط والجبل. و»ساوَى بين الصدفين» أي بين رأسَي الجبلِ المتقابلَين (الأقرب).

أُفْرِغْ: مِن أَفرغَ الماءَ: صَبَّه. وأفرغَ الدماءَ: أراقَها. وأفرغَ الذهبَ والفضّةَ: صَبَّها في قالب (الأقرب).

قِطْرًا: القِطر النحاسُ الذائبُ (الأقرب).

فالمراد من قوله: آتُوني أُفرِغْ عليه قطرًا: آتُوني بالنحاس الذائب أصبُّه على الجدار.

التفسير:

إلى جانب مطلبه بتوفير العمال والمهنيين طلَب ذو القرنين منهم أن يأتوه بالحديد والنحاس. ذلك أن إقامة السد كان ضروريًّا لحمايتهم من هجمات العدو، كما كان لا بد لهم من الأبواب في الجدار كيلا تتضرر تجارتهم وليبقى سبيل القوافل التجارية مفتوحًا. وكان لا بد من الحديد لكي تكون الأبواب صلبة قوية، وكان النحاس ضروريًّا كيلا تصاب الأبواب بالصدأ.

فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا (98)

التفسير:

أي بعد اكتمال بناء السد انتهت غارات يأجوج ومأجوج. كان السد عاليًا فصعب عليهم عبوره، كما كان ضخمًا فما استطاعوا خرقه.

ولكن ليس المراد أن هذا السد أو الجدار كان من نوع يستحيل الصعود عليه أو نقبه، بل المراد أن الحرس المقيمين في أبراجه وحصونه كانوا يقومون بحراسته على مدار الساعة مما جعل من المستحيل على يأجوج ومأجوج أن يظهَروه أو ينقبوه، لأن أحدًا لا يقدر على القتال وهو يصعد على الجدار، ولكن الحراس القاعدين في المراصد فوق الجدار يستطيعون منعه بدون صعوبة.

أي عندما نُـزيل العائق مِن أمام يأجوج ومأجوج ليقطعوا المسافات الطويلة على متون أمواج البحر، وينتشروا في الدنيا كلها مسرعين، عندها سيتحقق وعدُنا بهلاكهم؛ وسيأخذهم العذاب…

قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا (99)

 التفسير:

إن قول كورش هذا يدل على عظمة إيمانه بالله تعالى، حيث يؤكد أن المؤمن لا يصاب بالكبر والزهو مهما أتى بأعمال عظيمة، بل ينسب إنجازاته كلها إلى الله تعالى دائمًا.

أما قول كورش … فإذا جاء وعدُ ربي جعَله دكّاءَ فيدل على أن الله تعالى أخبره بالإلهام أن هذه الشعوب ستتقدم إلى الجنوب والشرق في يوم من الأيام مرة أخرى، وعندها سيصبح هذا السد بلا جدوى؛ هذا هو المراد من قوله تعالى …جعَله دكّاءَ . وفي سورة الأنبياء آياتٌ تنبئ صراحة أن هذه الشعوب ستنتشر في العالم كله عن طريق البحر.

وقد يعني تهدُّم الجدار انهيارَ حكم المسلمين.

وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعًا   (100)

التفسير:

إلى هنا انتهى كلام ذي القرنين، حيث يخبر الله تعالى الآن أنه عندما يحين الميعاد الإلهي الذي أشار إليه ذو القرنين هنا سيبعث الله هؤلاء الأقوام ويمكّنهم في الأرض مرة أخرى، وستتحارب الأمم، وتختلط شعوب الشمال والغرب بشعوب الجنوب والشرق، وهكذا سيجمع الله تعالى العالم كله.. بمعنى أن السفر في ذلك الزمان سيصبح سهلاً بحيث ستكون الدنيا كلها كبلد واحد. والحق أن هذه العلامات تنطبق تمامًا على عصرنا هذا.

لقد أخبر القرآن الكريم في مقام آخر عن انتشار يأجوج ومأجوج بالكلمات التالية: … حتى إذا فُتحتْ يأجوجُ ومأجوج وهم مِن كلِّ حَدَبٍ ينسِلون. واقتربَ الوعدُ الحقُّ فإذا هي شاخصةٌ أبصارُ الذين كفَروا يا وَيلَنا قد كُنّا في غفلة مِن هذا بل كُنّا ظالمين (الأنبياء: 97-98). أي عندما نُـزيل العائق مِن أمام يأجوج ومأجوج ليقطعوا المسافات الطويلة على متون أمواج البحر، وينتشروا في الدنيا كلها مسرعين، عندها سيتحقق وعدُنا بهلاكهم؛ وسيأخذهم العذاب وهم يقولون في حيرة واستغراب: استمررنا في ظلم العالم ولم نتوقع أن العذاب سيدركنا، فدمارنا اليوم مؤكد.

كما تنبئ هذه الآية أن يأجوج ومأجوج لن يخرجوا من خلال خرق في جدار من الجدران، بل سيأتون عبر البحار. وتنبئ أيضًا أنهم سيستولون على البحار وستمخر سفنهم في بحار العالم كلها، لأن الآية تقول …وهم مِن كلِّ حَدَبٍ ينسِلون .. أي أنهم سيأتون راكبين أمواج البحار. كذلك تخبرنا هذه الآية أن أسفارهم ستُطوَى بسرعة كبيرة، وفي هذا إشارة إلى اختراع المراكب البحرية التي تجري بطاقة البخار.

ترون كيف تحقَّقَ هذا النبأُ القرآني حرفيًّا! لقد انتشرت هذه الشعوب في الشرق عبر البحار، والسفر في البحار في زمنهم يتم بسرعة لا نظير لها في الأزمنة الغابرة.

وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكَافِرِينَ عَرْضًا (101)

 التفسير:

يخبر هنا الله تعالى: ستكون تلك الأيام كمثل جهنم، حيث يكثُر التشاحن والعداء بين الناس، وتتناحر الدول والبلاد لتستولي بعضها على بعض.

والمعنى الثاني هو أن هذه الشعوب ستصبح لادينية، غافلة عن الله تعالى تمامًا، وستأتي أعمالاً تُدخل صاحبها في نار جهنم.

Share via
تابعونا على الفايس بوك