إشارة مخفية لأهل الرأي والروية
  • آخر الزمان وتضحيات جماعة الآخرين
  • مقام خاتم الأولياء وزمانه
  • إتمام الحجة على المخالفين

__

أيها الإخوان.. إن زماننا هذا يضاهي شَهْرَنا هذا بالتناسب التام، فإنه آخرُ الأزمنة، وإن هذا الشهر آخرُ الأشهر من شهور الإسلام، وكلاهما قريب من الاختتام، في هذا ضحايا وفي ذلك ضحايا، والفرقُ فرقُ الأصل وعكس المرايا، وقد سبق نموذجُها في زمن خير البرايا. والأصل ضحيّةُ الروح يا أولي الأبصار، وإن ضحايا الجدايا كالأظلال والآثار، فافهموا سِرَّ هذه الحقيقة، وأنتم أحقّ بها وأهلُها بعد الصحابة. وإنكم الآخرون منهم، أُلْحِقتم بهم بفضل من الله والرحمة.

وإن سلسلة الأزمنة خُتمتْ على زماننا من حضرة الأحديّة، كما خُتمتْ شهور الإسلام على شهر الضحيّة، وفي هذا إشارة مخفية لأهل الرأي والرويّة.

وإني على مقام الختم من الولاية، كما كان سيدي المصطفى على مقام الختم من النبوة. وإنه خاتم الأنبياء، وأنا خاتم الأولياء، لا وليَّ بعدي، إلا الذي هو مني وعلى عهدي. وإني أُرسلتُ من ربي بكل قوة وبركة وعزة، وإن قدمي هذه على منارةٍ خُتِمَ عليها كلُّ رفعة. فاتقوا الله أيها الفتيان، واعرفوني وأطيعوني ولا تموتوا بالعصيان. وقد قرُب الزمان، وحان أن تُسأل كلُّ نفس وتُدان. البلايا كثيرة ولا ينجيكم إلا الإيمان، والخطايا كبيرة ولا تُذوِّبُها إلا الذَّوَبانُ. اتّقُوا عذابَ الله أيها الأعوان، ولمن خاف مقامَ ربّه جنّتان. فلا تقعُدوا مع الغافلين والذين نسوا المنايا، وسارِعوا إلى الله واركَبوا على أعدى المطايا، واتركوا ذواتِ الضَّلْعِ والرذايا، تصِلوا إلى ربّ البرايا. خُذوا الانقطاعَ الانقطاعَ ليوهَب لكم الوصلُ والاقترابُ، وكَسِّروا الأسبابَ ليُخلَق لكم الأسبابُ، ومُوتوا ليُرَدَّ إليكم الحياةُ أيها الأحباب.

اليوم تمّت الحجّةُ على المخالفين، وانقطعتْ معاذير المعتذرين، ويئِس منكم زُمَرُ المضلِّين والموسوسين، الذين أكلوا أعمارهم في ابتغاء الدنيا وليس لهم حظّ من الدين، بل هم كالعَمِين. فاليوم أنقضَ الله ظهورَهم ورجعوا يائسين. اليوم حصحص الحق للناظرين، واستبان سبيل المجرمين، ولم يبقَ مُعرِض إلا الذي حبَسه حرمانٌ أزليّ، ولا منكِرٌ إلا الذي منَعه عدوانٌ فطريّ، فنترك هؤلاء بسلام، وقد تمّ الإفحام، وتحقّقَ الأَثام، وإن لم ينتهوا فالصبر جدير، وسوف ينبّئهم خبير. (الخطبة الإلهامية)

Share via
تابعونا على الفايس بوك