«وإِن الحرب حرمت علي»
  • سبب مجيء المسيح الموعود
  • مظاهر الجلال والجمال
  • المسيح الموعود وسلاح المواجهة

__

وَإِنِّي جِئْتُ مِنَ الْحَضْرَةِ الرَّفِيعَةِ الْعَالِيَةِ، لِيُرِيَ بِيْ رَبِّيْ مِنْ بَعْضِ صِفَاتِهِ الْجَلاَلِيَّةِ وَالْجَمَالِيَّةِ، أَعْنِيْ دَفْعَ الضَّيْرِ، وَإِفَاضَةَ الْخَيْرِ، فَإِنَّ الزَّمَانَ كَانَ مُحْتَاجًا إِلَى دَافِعِ شَرٍّ طَغَى، وَإِلَى رَافِعِ خَيْرٍ انْحَطَّ وَاخْتَفَى، فَاقْتَضَتِ الْعِنَايَةُ الْإِلَهِيَّةُ أَنْ يُّعْطَى الزَّمَانُ مَا سَأَلَ بِلِسَانِ الْحَالِ، وَيُرْحَمَ طَبَقَاتُ النِّسَاءِ وَالرِّجَالِ. فَجَعَلَنِيْ مَظْهَرَ الْمَسِيحِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ لِدَفْعِ الضَّرِّ وَإِبَادَةِ مَوَادِّ الْغِوَايَةِ، وَجَعَلَني مَظْهَرَ النَّبِيِّ الْمَهْدِيِّ أَحْمَدَ أَكْرَمَ لِإِفَاضَةِ الْخَيْرِ وَإِعَادَةِ عِهَادِ الدِّرَايَةِ وَالْهِدَايَةِ، وَتَطْهِيرِ النَّاسِ مِنْ دَرَنِ الْغَفْلَةِ وَالْجِنَايَةِ. فَجِئْتُ فِي الْحُلَّتَيْنِ الْمَهْزُودَتَيْنِ الْمُصَبَّغَتَيْنِ بِصِبْغِ الْجَلاَلِ وَصِبْغِ الْجَمَالِ، وَأُعْطِيْتُ صِفَةَ الْإِفْنَاءِ وَالْإِحْيَاءِ مِنَ الرَّبِّ الْفَعَّالِ.

فَأَمَّا الْجَلاَلُ الَّذِيْ أُعْطِيْتُ فَهُوَ أَثَرٌ لِبُرُوزِيَ الْعِيْسَوِيِّ مِنَ اللهِ ذِي الْجَلاَلِ، لِأُبِيدَ بِهِ شَرَّ الشِّرْكِ الْمَوَّاجِ الْمَوْجُودِ فِي عَقَائِدِ أَهْلِ الضَّلاَلِ الْمُشْتَعِلِ بِكَمَالِ الْاِشْتِعَالِ، الَّذِي هُوَ أَكْبَرُ مِنْ كُلِّ شَرٍّ فِي عَيْنِ اللهِ عَالِمِ الْأَحْوَالِ، وَلِأَهْدِمَ بِهِ عَمُودَ الْاِفْتِرَاءِ عَلَى اللهِ وَالْاِفْتِعَالِ.

وَأَمَّا الْجَمَالُ الَّذِيْ أُعْطِيتُ فَهُوَ أَثَرٌ لِبُرُوزِيَ الْأَحْمَدِيِّ مِنَ اللهِ ذِي اللُّطْفِ وَالنَّوَالِ، لِأُعِيدَ بِهِ صَلاَحَ التَّوْحِيدِ الْمَفْقُودِ مِنَ الْأَلْسُنِ وَالْقُلُوبِ وَالْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ، وَأُقِيمَ بِهِ أَمْرَ التَّدَيُّنِ وَالْاِنْتِحَالِ. وَأُمِرْتُ أَنْ أَقْتُلَ خَنَازِيرَ الْإِفْسَادِ وَالْإِلْحَادِ وَالْإِضْلاَلِ، الَّذِينَ يَدُوْسُونَ دُرَرَ الْحَقِّ تَحْتَ النِّعَالِ، وَيُهْلِكُونَ حَرْثَ النَّاسِ وَيُخْرِبُونَ زُرُوْعَ الْإِيْمَانِ وَالتَّوَرُّعِ وَالْأَعْمَالِ. وَقَتْلِي هَذَا بِحَرْبَةٍ سَمَاوِيَّةٍ لاَ بِالسُّيُوفِ وَالنِّبَالِ، كَمَا هُوَ زَعْمُ الْمَحْرُومِينَ مِنَ الْحَقِّ وَصِدْقِ الْمَقَالِ، فَإِنَّهُمْ ضَلَّوا وَأَضَلُّوا كَثِيرًا مِّنَ الْجُهَّالِ.

وَإِنَّ الْحَرْبَ حُرِّمَتْ عَلَيَّ، وَسَبَقَ لِيْ أَنْ أَضَعَ الْحَرْبَ وَلاَ أَتَوَجَّهَ إِلَى الْقِتَالِ، فَلاَ جِهَادَ إِلاَّ جِهَادُ اللِّسَانِ وَالآياتِ وَالْاِسْتِدْلاَلِ. وَكَذَلِكُ أُمِرْتُ أَنْ أَمْلَأَ بُيُوتَ الْمُؤْمِنِينَ وَجُرُبَهُمْ مِنَ الْمَالِ، وَلَكِنْ لاَ بِاللُّجَيْنِ وَالدَّجَّالِ، بَلْ بِمَالِ الْعِلْمِ وَالرُّشْدِ وَالْهِدَايَةِ وَالْيَقِينِ عَلَى وَجْهِ الْكَمَالِ، وَتَبْشِيرِ الْمُثْقَلِينَ تَحْتَ الْأَثْقَالِ. (الخطبة الإلهامية)

Share via
تابعونا على الفايس بوك