سيرة المهدي - الجزء 1 الحلقة 24
  • الإيمان المهدد
  • علاقات مع الأغيار
  • درء المفسدة مقدم
  • الصلاة زمن المسيح الموعود ومن يؤمها
  • • موقف إلقاء الخطبة الإلهامية

__

  1. بسم الله الرحمن الرحيم. حدثني الحافظ روشن علي، وقال: ذات مرة قال لي الخليفة الأول المولوي نور الدين : كنت قد استأجرت من أحدٍ بئرًا لريّ الأراضي الزراعية بثلاثة آلاف روبية، إلا أنني لم آخذ منه وصلا ولم أكتب أية وثيقة أو كتاب، كما أبقيت البئر تحت إشرافه هو. وبعد فترة لما طالبته بنقل البئر إلى ملكيتي أنكر أن يكون قد أجّرها لي. يقول الراوي بأن المولوي نور الدين كان يقول: أبلَغَ أحدُ الإخوة المسيحَ الموعود هذا الخبرَ متأسفًا على الخسارة التي لحقت بي، إلا أن حضرته قال: أنت قلق على خسارته وأنا قلق على إيمانه! لماذا أوقع المولوي المحترم الشخصَ الآخر في حالة دفعته نحو الخيانة؟ ولماذا لم يأخذ منه إقرارًا خطيًّا؟ ولماذا لم يستلم منه البئر حسب الأصول؟
  1. بسم الله الرحمن الرحيم. أقول: لقد عاش المسيح الموعود في قاديان حياته في العزلة تقريبًا ولكنه مع ذلك ظلّ على علاقة جيدة ببعض الهندوس، فإن لاله شرمبت ولاله ملاوامل صديقان له منذ ما قبل بدء البيعة. كان حضرته يناقشهم في الأمور الدينية. وكانا يحترمانه ويقدرانه رغم انتمائهما إلى فئة آريا الهندوس المتعصبة، وكانا يعترفان بورعه وعفته وطهارته. كان حضرته في البداية على علاقة وطيدة مع “لاله ملاوا مَل” لدرجة أنه رافق حضرته إلى دلهي بمناسبة زواجه من والدتنا، وبعد ذلك قلّت الروابط لأنه كان ينتمي إلى فئة آريا وكان متعصبًا شديدًا، وكانت فئة آريا هذه أخذتْ تعادي حضرته معاداة شديدة. يرى بعض الناس أن وحي حضرته: “يهوذا الاسخريوطي” كان يتعلق بــ”ملاوا مل”. أما علاقات حضرته مع “لاله شرمبت” فقد ظلت جيدة إلى آخر حياته. لا يزال “لاله ملاوا مَل” على قيد الحياة، أما “لاله شرمبت” فقد توفي منذ سنين عديدة. لقد خاطب المسيح الموعود كليهما في كتاباته العديدة لإدلاء الشهادة على تحقق بعض نبوءاته، وسألهما مرة بعد أخرى قائلا: إن لم ترَيا تحققَ نبوءاتي الفلانية بأم أعينكما فانشرا إعلانًا مقرونًا بحلف اليمين ردًّا على ذلك. كما حثّ أفراد فئة الآريا الآخرين أن يطالبوهما بنشر هذا الإعلان المقرون بالحلف، إلا أن كليهما لزما الصمت.

أقول: لما أراد المسيح الموعود صنع خاتم بنقش “أليس الله بكاف عبده” أعطى لـ”لاله ملاوا مل” بعض النقود وبعثه لهذا الغرض إلى أمرتسر. فصنع “لاله ملاوامل” الخاتم المذكور بخمس روبيات. ولقد كتب حضرته في بعض كتبه بأنه فعل ذلك ليكون “لاله ملاوا مل” شاهدًا على هذا الوحي. ثم ناشد حضرته في كتبه “لاله ملاوا مل” للإدلاء بشهادةِ صدقِ هذه النبوءة أيضا.

  1. بسم الله الرحمن الرحيم. حدثني شودري حاكم علي وقال:

أثيرت شبهات ارتكاب الفاحشة حول بعض تلامذة المولوي نور الدين على عهد المسيح الموعود . فلما بلغ حضرته هذا الخبر أمر بمغادرة هؤلاء الطلاب من قاديان. شفَعَ لهم المولوي المحترم وقال: سيدي، لقد أثيرتْ شبهاتٌ فحسب دون أن يثبت شيءٌ ضدّهم. قال حضرته: لا نطبق عليهم أي حدّ شرعي بل ما دامت قد انتشرت مثل هذه الشائعات وأثيرت الشبهات فالأقرب إلى الحيطة أن يتم ترحيـلهم من قاديان، إلا أننا لا نجرّمهم شرعيًا.

  1. بسم الله الرحمن الرحيم. حدثني ميان عبد الله السنوري وقال: كنت منتميًا إلى فئة غير المقلدين المتشددين في البداية، وكنت أتشبث بشدة برفع اليدين والجهر بالتأمين (أي رفع الصوت عاليا في التأمين، وليس المقصود الإسرار بها تماما)، وظللت على دأبي هذا مدة طويلة حتى بعد اللقاء مع حضرته . بعد ذلك صليت ذات مرة خلف حضرته فقال لي بعد نهاية الصلاة مبتسمًا: ميان عبد الله! يكفي ما عملت بهذه السُنّة؛ وكان يشير إلى رفع اليدين. يقول ميان عبد الله: تركت رفع اليدين منذ ذلك اليوم بل تركت التأمين جهرًا أيضا.

يقول ميان عبد الله: لم أر حضرته يقوم برفع اليدين ولم أسمعه يؤمّن جهرًا، ولم يكن يقرأ البسملة جهرًا.

أقول: كان هذا هو دأب المسيح الموعود كما ذكره ميان عبد الله. وظلت هذه الطريقة سارية بين الأحمديين في عهد المسيح الموعود وبعد وفاته أيضا، وهو أنه لم يكن أحد يؤنب غيره على هذه الأمور، فبعضهم كانوا يؤمّنون جهرًا والآخرون لا، وبعضهم يقومون برفع اليدين ومعظمهم ما كانوا يفعلونه، وبعضهم يقرأون البسملة جهرًا والأغلبية منهم لم يكونوا يفعلونه. كان يقول بأن هذه الطرق كلها ثابتة من النبي إلا أن الطريق الذي دوام عليه النبي هو ذلك الذي كان المسـيح الموعـود مـواظبًا علـيه.

  1. بسم الله الرحمن الرحيم. حدثني ميان عبد الله السنوري وقال: كان المسيح الموعود في البداية يرفع الأذان ويؤم الصلاة.

أقول: بعد ذلك عُيّن المولوي عبد الكريم إمامًا للصلاة. وسمعنا أن حضرته عيّن المولوي نور الدين إمامًا للصلاة إلا أنه شفع للمولوي عبد الكريم الذي ظلّ إمام الصلاة إلى أن وافته المنية في عام 1905. كان حضرته يقف إلى يمين المولوي عبد الكريم والمقتدون الآخرون يقفون خلفهما. وكان المولوي نور الدين يؤم الصلاة في غياب المولوي عبد الكريم وبعد وفاته.

أما صلاة الجمعة فكان دأب حضرته في البداية – وفي بعض الأيام التي كانت صحته جيدة من السنوات الأخيرة في حياته أيضا- أنه كان يصلي الجمعة في المسجد الكبير الذي يعرف بالمسجد الأقصى وكان المولوي عبد الكريم يؤم الصلاة. وبعد ذلك لما كان حضرته يعاني وعكة صحيّة عمومًا فكان المولوي عبد الكريم يؤم صلاة الجمعة في المسجد المبارك من أجل حضرته، أما في المسجد الكبير فكان المولوي نور الدين يصلي بالناس صلاة الجمعة. وفي غياب المولوي عبد الكريم كان ينوب عنه المولوي محمد أحسن في المسجد المبارك وعند غيابه كان المولوي محمد سرور شاه يؤم الجمعة. وكان المولوي نور الدين يؤم الصلاة بشكل عام في المسجد الكبير، وظلّ هذا الوضع سائدًا حتى وفاة حضرته . أما صلاة العيد فكان المولوي عبد الكريم يؤم الناس، وبعد وفاته كان المولوي نور الدين يؤم بهم. أما صلاة الجنازة فكان المسيح الموعود يؤمها.

  1. بسم الله الرحمن الرحيم. حدثني ميان عبد الله السنوري وقال: كنت في قاديان لما ألقى المسيح الموعود الخطبة الإلهامية يوم عيد الأضحى. لقد نزل حضرته عن طريق السُلّم القديم للمسجد المبارك حيث كنت منتظرًا إياه. رأيته بشوشًا وكان وجهه يتلألأ فرحا. ثم توجه إلى المسجد الكبير حيث ألقى الخطبة بعد الصلاة وأمر المولوي نور الدين والمولوي عبد الكريم أن يسجّلاها. يقول ميان عبد الله أن حضرته لم يكن يلقيها سريعًا خشية تأخر الكاتبَين بل كان يتوقف أحيانًا تسهيلا عليهما ويعيد جملته. يقول ميان عبد الله: أتذكر أن حضرته قال للكاتبَين مرة: أسرعوا في الكتابة لأن هذا الأمر لن يستمر طويلا، وكان أحيانًا يخبر عن بعض الكلمات أنها يجب أن تُكتب بالسين أو بالصاد.

وحدثني المولوي شير علي: كان حضرته جالسًا على الكرسي وقت إلقاء الخطبة، وكان يجلس على الأرض عن يمينه المولوي نور الدين والمولوي عبد الكريم اللذَين عينهما حضرته لكتابة الخطبة. كان صوته مختلفا نوعًا ما عن المعتاد بحيث كان يصبح ليّنا بصورة عجيبة في النهاية. لقد قال حضرته للمولويَين المذكورين أثناء الخطبة: إذا فاتتكم كلمة فاسألوني عنها الآن لأنني لا أدري إذا كنت سأتذكرها بعد ذلك أم لا.

وقال المولوي شير علي: كان المسيح الموعود يقول بعد إلقاء الخطبة: هذه الخطبة لم تكن من عندي، بل كانت الكلمات تُلقى في قلبي من عند الله تعالى، وفي بعض الأحيان كانت بعض الجمل تتراءى لي مكتوبةً. واستمرت الخطبة ما دامت الكلمات تتراءى لي، وعندما انقطعت الكلمات انقطعت الخطبة أيضا. وكان حضرته يقول: ينبغي على أصدقائنا أن يحفظوا هذه الخطبة.

أقول: كنا صغارًا في ذلك الوقت وكنت ابن سبعة أعوام أو ثمانية، إلا أنني لا أزال أتذكر ذلك المشهد أن حضرته كان جالسًا قرب الباب المتوسط من الجزء القديم للمسجد الكبير متوجّهًا إلى الباحة، وكان يعلو وجهه في ذلك الوقت هيبة ونورًا عجيبًا، وكان صوته يفيـض ألمًا وهيبة خاصـة، وكانت عيناه شبه مغمـضتين.

لقد نشرت هذه الخطبة بعنوان الخطبة الإلهامية، وإن الـ 38 صفحة الأولى من هذا الكتاب تحتوي على هذه الخطبة التي ألقاها حضرته في ذلك الوقت، أما الجزء الباقي فقد أضافه حضرته لاحقًا.

وأقول أيضا: ألقيت الخطبة الإلهامية يوم عيد الأضحى عام 1900م إلا أنها نشرت لاحقًا في عام 1902م.

Share via
تابعونا على الفايس بوك