أهداف الخلافة الراشدة على منهاج النبوة

أهداف الخلافة الراشدة على منهاج النبوة

التحرير

  • مساعي فاشلة لإقامة الخلافة
  • الشرط الجوهري لقيام الخلافة

__

ما أكثر تلك المحاولات الفاشلة التي تقوم بها الحركات الإسلامية سعيا إلى إقامة الخلافة. وقبل أن يتقدموا خطوة واحدة نحو تحقيقها ينشقون ويتشعبون ويتبعثرون، ثم ينكبون على الغدر بالقوى الحاكمة في البلاد والبطش ببعضهم بعضًا.

وإن دل هذا الأمر على شيء فإنما يدل على فهمهم الخاطئ للتعاليم الصحيحة للدين الحنيف مصدر الخلافة الراشدة على منهاج النبوة. إلا أنهم غالبا ما يفكرون في إقامة خلافة على منهاج الخلافة العثمانية التي فرضت هيمنتها على بعض الدول الأوروبية. وكأنه لن تقوم للإسلام قائمة إلا بغزو دول أوروبا!!

ومباشرة بعد تفكك هذه الخلافة المزعومة تشتتت الأمة وانضم قسم منها إلى الشيوعية وآخر افتتن بثقافة الغرب وإنجازاته، كما أخذ الإلحاد مأخذه منها حيث كان موضة العصر. إجمالا كانت هذا نبض الشارع الإسلامي آنذاك، إلا من رحم ربك. وفي هذا الخضم تفاقمت مساعي القوى العظمى لتنصيب أحد مشايخ البترول كخليفة للمسلمين بعد أن غدروا بالخلافة العثمانية واجتثوها، وباءت هي الأخرى بالفشل.

ونحن في هذا المقام نود أن نؤكد على أن الخلافة لا تُقام من خلال مساعي الإنسان ولا القوى الشرقية أو الغربية. ولكن الله والله وحده هو الذي يقيمها وذلك بناء على النص القرآني الصريح

إني جاعل في الأرض خليفة .

فلا شك أن خليفة الله هو النبي الذي يمثل سلطته على الأرض حيث يختاره سبحانه وتعالى بدون وسيط وذلك في ظروف يكون الإيمان قد انعدم على الأرض. فيُنشئ جماعة المؤمنين ويُربي أفرادها تحت فيوض النبوة ويحقق أتباعه وصالا بالله ويحظون بمكلمته. وبعد أن يلتحق النبي بالرفيق الأعلى وإكراما لصحابته الكرام الذين آزروه وضحوا بكل غال ونفيس يشرفهم الله بالمساهمة في تحقيق قدره ويدلهم بإلهامه على الرجل الذي اختاره مسبقا كخليفة. وهكذا يكونون وسيلة فعالة في تحقيق قدر الله . وهذه هي الخلافة الحقة التي يشار إليها بالخلافة الراشدة على منهاج النبوة حيث إنها امتداد لمقام النبوة بأتم معنى الكلمة. ومن خلالها يحظى الخليفة الراشد بتوجيه الله وبالعصمة من الوقوع في الخطأ في إدارة الجماعة وأمور الشريعة. وقد غابت هذه الحقيقة عن أذهان شريحة كبيرة من المسلمين وفاتها استنشاق رحيق حديث المصطفى “ما كانت نبوة قط إلا تبعتها خلافة.”

ولقد انفردت الجماعة الإسلامية الأحمدية عن سائر الجماعات بهذه الميزة منذ البعثة النبوية المباركة حيث أعلن مؤسسها حضرة مرزا غلام أحمد القادياني أن الله أرسله لإحياء دين الإسلام وأوضح أن نبوته ما هي إلا ظل وانعكاس لنبوة سيده ومطاعه المصطفى . كما بيـّن حضرته أن بعثته تُعتبر إظهارا لقدرة الله الأولى الذى خلع عليه حلية النبوة الظلية وستظهر قدرة الله الثانية أي الخلافة بعد أن يغادر هذه الدنيا.

وها هي الخلافة الراشدة تطوي سنة أخرى من عمرها المديد لتواصل تحقيق الأهداف التي اختطها الله لها. وهي نفس أهداف بعثة النبي الكريم الذي أكمل الهداية التي وعد الله بنشرها للعالم أجمع.

ولا شك أن عودة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة من أهم الإنجازات التي أراد الله تعالى أن تتحقق ببعثة الإمام المهدي والمسيح الموعود حيث وقفت الخلافة ثابتة صامدة أمام رياح عاتية من المعارضة الخارجية والداخلية كانت على درجة كبيرة من القوة. وها هي الخلافة الراشدة تطوي سنة أخرى من عمرها المديد لتواصل تحقيق الأهداف التي اختطها الله لها. وهي نفس أهداف بعثة النبي الكريم الذي أكمل الهداية التي وعد الله بنشرها للعالم أجمع. وقد كلف الله الخلافة بهذه المهمة المستمرة حتى تضع رحالها في القلوب الطاهرة في مشارق الأرض ومغاربها. عندئذ ستشرق الأرض بنور ربها، ويصطف المؤمنون من كل الأقوام والأجناس والألوان ليصلوا على محمد وآل محمد تحت ظل الخلافة الراشدة التي ستقود البشرية إلى بر الأمان والوحدة والتوحيد. ويبدو هذا الأمر واضحا من قوله : “عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين.” أي أيها المسلمون يجب عليكم أن تتبعوا سنتي في الأمور الدينية، كما يجب أن تتبعوا في زمن خلفائي من بعدي سنتهم أيضا لأنهم سينالون الهدى من الله. فنظام الخلافة نظام جد مبارك تتولد به وحدة الجماعة والمركزية اللتان تكون الجماعة بأمس الحاجة إليهما، وبالإضافة إلى ذلك يتجلى بفضل الخلافة نور النبوة على رأس الجماعة وهذه من أكبر النعم وأعظم البركات.

عزيزي القارئ تحتفل الجماعة الإسلامية الأحمدية سنويا يوم 27 أيار بيوم الخلافة أي اليوم الذي تم فيه انتخاب أول خليفة في الجماعة سنة 1908 حضرة الحكيم المولوي نور الدين وإحياء لهذا الذكرى المباركة رأت أسرة “التقوى” نشر كلمة حضرة الخليفة الخامس سيدنا مرزا مسرور أحمد –أيده الله- التي ألقاها باللغة العربية مؤخرا والتي تُعتبر بداية صفحة جديدة في تاريخ الإسلام المعاصر حيث ولأول مرة يوجه خليفة لسيدنا الإمام المهدي كلمة للعرب بلغتهم الأم. نرجو أن تكون بلسما لجراحهم وتنير لهم الطريق لفهم دينهم والالتحاق بالركب الروحاني المنوط بالنجاة.

نسأل الله أن يجعلنا وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه وآخر دعونا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا ومولانا محمد المصطفى وعلى آله وصحبه أجمعين.

Share via
تابعونا على الفايس بوك