
إيبيريا بالشعرِ والإنشَادِ
خَرجت تُلاقي طارقَ بنْ زيادِ
.
قالت لعلَّك فاتحٌ ذو رحمةٍ
فَلقد تشرَّد في الورى أولادي
.
قالَ الأميرُ وقدْ بَدا مُتهلِّلاً
بُشراكِ نحنُ سُلالةُ الأمجادِ
.
هذي قُريشٌ قد أتتكَ جَحَافِلاً
جُندُ الأصالةِ مِنْ بَنْي شَدَّادِ
.
مِن نَسْلِ إبراهيمَ نحنُ أَجِلَّةٌ
ونَبِينا العَدنانُ أعظمُ هادِ
.
فينا المروةُ والشَهَامةُ والنَّدى
ولنا مِنَ الأخلاقِ أرفعُ نادِ
.
مَجدُ العروبةِ في دمشقَ شامِخٌ
والعِزُّ بادٍ في رُبى بغدادِ
.
فَاستبشِري بالفَتحِ يا افرنجيةٌ
نحنُ الأُباةُ بِعزمِنا الوقَّادِ
.
يَا أرضَ أندلُسٍ حَمَتكِ سواعِدٌ
للمسلمينَ بِقُوَّةٍ وعِنادِ
.
شَادُوا بأرضِكِ للمَعَارِفِ كعبةً
والدينُ أضحى راسِخَ الأوتَادِ
.
هذا ابنُ سِينا وابنُ رُشدٍ آيةٌ
وكذا ابنُ هاني أيُّ طيرٍ شَادِ
.
إشبيليا للمجدِ رمزٌ خالِدٌ
فيها الأجِلَّةُ مِنْ بَني عَبَّادِ
.
قد خَلَّدتْهُم في البلادِ قُصورهم
وعُلومُهم نَبعٌ لكُلِّ رَشَادِ
.
فلتَذْكُري المجدَ التَّليدَ وَفيَّةً
إذ قد حَبَتْكِ محبَّةُ الأجدادِ
.
حتَّى إذا عَصَفتْ بِهِم في فِتنَةٍ
ريحُ الفَسَادِ ونكبةُ الأحقادِ
.
وطَغَتْ عَلَيهِم في خريفِ زمانِهم
فَتَفرَّقوا كَتَفرُّقِ الأضدادِ
.
لا تُنكِري عَهداً جميلاً زَاخِرًا
بِنَفَائِسِ الآياتِ والأمجَادِ
.
الدينُ والدُنيا تجلَّى فيهِما
سِحرُ البلاغَةِ في لِسانِ الضَّادِ
.
إسبانيا عَادتْ تُجدِّدُ عِزَّها ال-
ماضِي، وتَصحُو بَعدَ طُولِ رُقَادِ
.
جَاءَت وفودٌ للسَّلامِ تَؤمُّها
والبِشرُ في كُلِّ المجالِسِ بادِ
.
مِنْ كُلِّ قُطرٍ حلَّ فيها سادةٌ
لله درُّك، كعبةَ الأسيادِ
.
يبنونَ صرحًا للسلامِ بِجُهدِهم
والعَدلُ لا يُبنى بغيرِ جِهادِ
.
مدريدُ ما كانت سِوى شَاميَّةً
عربيَّةَ الألحاظِ والإنشادِ
.
وبصدرِها قلبُ العروبةِ نابِضٌ
فيهِ السَّماحةُ من أريجِ بلادي
.
ولكُلِّ قومٍ في رُبَاها موطِنٌ
ما كانَ “حاتِمُ طيٍّ” غيرَ جوادِ
.
جِئناكِ يا مدريدُ جِيئَةَ راشِدٍ
برِسالةِ المهدِيِّ عيسى الهادي
.
قد عمَّ آفاقَ المدائِنِ ذِكرُهُ
وعَلا كِتابُ مُحمَّدٍ بِعِمادِ
.
فَتَقبَّلي الفَتحَ الجديدَ رَضيَّةً
وتَجمَّلي بِمَناسِكِ العُبَّادِ
.
الأحمديَّةُ عُودَها مِنْ عَنْبَرٍ
عَبِقَ المحيطُ بريِحِها والوادي
.
هَا قد بُعِثتِ ، وقد بعثنا سادةً
نِعْمَ الحياةُ عزيزةُ الميلادِ.