- كيف يكون كوفيد-19رسالة من عالم الغيب؟
- ما حقيقة مقولة “الدين أفيون الشعوب”؟
- كيف نستدل على منطقية الوحي الإلهي؟
__
لا تمر أحداثٌ كالأحداث التي يمر بها العالم اليوم إلا على فترات متباعدة، وإن عايشها جيل لم تُعايشْها أجيالٌ، تلك الأحداث الجسام التي تُحول الحياة إلى توتر وقلق واضطراب ومعاناة موصولة بغير انقطاع ولا بصيص من أمل يلوح في الأفق، إنما هو ترقبٌ وفزعٌ قاتلٌ يفوق قَتلاه قتلى ذلك المجهول الغامض، ورغم أن الأرضَ قد زُلزلت زلزالها، وأخرجت أثقالها، وعمت التكنولوجيا أركانها وأغوارها، وأخذت الأرض زخرفها وازّينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها، إلا أن حمضًا نوويًا لم يصل بعد إلى مرحلة «كائن حي» قد هدد العالم كله زعاماتٍ وشعوبًا، وأصبح كل امرئٍ يفرُّ من أخيه وأمه وأبيه، ويقول: نفسي نفسي، وبات يوم الحشر مشهدًا بعدما كان في أغوار الغيب، ورفع العالم بعلومه وعلمائه الراية البيضاء مستسلمين صاغرين، معلنين ضعفهم وإفلاسهم وانهيار كافة تدابيرهم أمامه.
رسالة من عالم الغيب
لا شك أن وراء هذه الأزمة العالمية ما وراءها، ولا يخلو أمر يحدث في هذا العالم من حكمة، خَفيت علينا أم ظهرت، أقر بها من أقر، وأنكرها من أنكر، إلا أن المتدينين يوقنون أن هذا العالم تحت تصرف قيوم مهيمن، يقوم على تدبير شؤونه ويسيطر على كافة مجريات الأمور فيه، ومن ينطق فهو أنطقه ومن يسكت فهو أسكته، وما قُطعت من لينةٍ أو تُركت قائمة على أصولها فبأمره ومشيئته، وما دام ذلك كذلك فإن جائحة كجائحة كورونا لا تخرج عن أن تكون رسالة من عالم الغيب الذي تنكره أكثرية أهل الأرض من الملاحدة واللادينيين واللاأدريين ومن لف لفيفهم، كأنه حجرٌ أُلقي في بركة ماء راكد فتحرك الماء ُمحدِثًا مجموعة من الدوائر المتلاحقة وكأنه ميتٌ قد دبت فيه روح الحياة، لعلهم يتدبرون ويتذكرون، وإلى ربهم ينيبون، فمن عادة بعض الناس أنهم عن غيِّهم لا يرجعون إلا إذا كادوا في ظلمات البحر المحيط يغرقون، وفي أعماقه يغيبون، فينادون مذعنين: ربِّ ارجعون، كذلك كان حال فرعون لما أدركه الغرق، فأَلَمَّ به اضطراب وقلق، وأخذ لسانه يلهج في ذعر ووجل: آمنت بذلك الإله الذي آمن به بنو إسرائيل فنجاهم من الغرق، لعله ينجيني كما نجاهم، ها هم أمام عيني، قد بلغوا شاطئ الأمان، لا شك أن ربهم هو الذي أخذ بأيديهم إلى هناك، ولا شك أنهم كانوا على الحق وكنت على الباطل، وأنا أعترف بذلك الآن، فلعله ينجيني كما أنجاهم، فنجاه الله ببدنه، ولم ينجّه بروحه، لأن لسانه نطق بكلمة التوحيد ولكن روحه ربما لم تكن قد اطمأنت بها، فنجّى الله منه ما شهد، وأمسك عنده ما لم يشهد.
إلا أن حمضًا نوويًا لم يصل بعد إلى مرحلة «كائن حي» قد هدد العالم كله زعاماتٍ وشعوبًا، وأصبح كل امرئٍ يفرُّ من أخيه وأمه وأبيه، ويقول: نفسي نفسي، وبات يوم الحشر مشهدًا بعدما كان في أغوار الغيب، ورفع العالم بعلومه وعلمائه الراية البيضاء مستسلمين صاغرين، معلنين ضعفهم وإفلاسهم وانهيار كافة تدابيرهم أمامه.
فراعنة هذا الزمان
ما أكثر فراعنة هذا الزمان، الذين يقولون للناس: أنا ربكم الأعلى، وما أريكم إلا ما أرى، وهل لكم من إله غيري؟ أنا الذي أطعمكم ولولا قمحي ما أكلتم، أنا الذي أسقيكم وتلك الأنهار تجري من تحتي وبيدي مفاتحها، ولو أبيتم لأقمت عليها السدود وبوّرت أرضكم وافترسكم الظمأ، مقاديركم بيدي، فإن شئت أحييت وإن شئت أمتّ. فإذا كان فرعون واحدٌ بحاجة إلى صدمة مزلزلة حتى يتذكر أو يخشى، فما بالك بفراعنة كثرٍ فاقوا حدود الإحصاء والعد في هذا الزمان؟ ألا يعرف كل واحد منا فرعونًا واحدًا على الأقل فضلاً عن فراعنة كثيرين؟ فإذا كان الله تعالى قد أحدث مع فرعون موسى تلك الزلزلة التي أيقظته من سباته، وقلبت موازينه رأسًا على عقب، وجعلته يعيد ترتيب أوراقه وقناعاته، فلماذا لا تكون تلك الزلزلة التي تزلزل العالم كله الآن من نفس جنس الرسالة التي سبق أن أرسلها الله إلى فرعون موسى؟ فكم فينا من موسى، وكم فينا من فراعين!
حقيقة مقولة «الدين أفيون الشعوب»
وفي مقال منشور لـ «فيليب جونستون» وهو موسيقي أمريكي، علق فيه على الأزمة الحالية الناجمة عن جائحة كورونا فقال: «لقد لجأ الناس على مر التاريخ عند ظهور مثل هذه الأحداث الخطيرة إلى إيمانهم وتوجهوا إلى الله لفهم معنى ما لما حدث لهم ولأحبائهم.»(1) وذلك يؤكد ما ذهبنا إليه من أن الأخطار المدمرة التي تحدق بالبشرية أو بآحاد الناس على حدٍّ سواء هي في الحقيقة رسائل من الله ليرتدع الناس ويعيدوا ترتيب أفكارهم ويقيموا علاقة حقيقية مبنية على اليقين التام مع ربهم، وخصوصًا أن الله تعالى قد أكد في كتابه العزيز أن العذاب لا يحل بأحدٍ إلا بمن ظلم:
وقال أيضا:
وإذا كانت تلك الرسائل لعقوبة الظالمين جزاء وفاقا، فإنها لغيرهم تذكرة وعبرة، فتأخذهم الخشية فيرتدعوا، ولقد قال تعالى في ذلك:
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل تلك العقول المستنيرة ذات النزعة العلمية التي اتخذت العلم لها دينًا جاهزة ومستعدة لقبول مفهوم الدين والوحي الإلهيّ فضلاً عن الإيمان بوجود الله ذاته؟ وللإجابة عن هذا السؤال نقول: إن هؤلاء يدّعون أنهم يسعون لصالح البشرية ورقيها وحمايتها من المهلكات، ويدّعون أن الدين يخلو من ذلك كله ولا يؤدي إلى أي نتيجة إيجابية على مستوى الأفراد والمجتمعات، وإنما هو «أفيون الشعوب»(5) وبالتالي فهو يحث على الدَّعة والكسل والتواكل والزهد في الدنيا، وعدم الالتفات إليها لأنها متعة زائلة وكل ما فيها جيفة، ويستدلون على ذلك بنصوص من الكتب المقدسة، أساؤوا فهمها ومكروا مكرًا كُبّارًا في توظيفها، فإذا كان الدين يوصي أتباعه بعدم الركون إلى الدنيا فإنه يهدف ألا تكون منتهى آمالهم، ومدار مساعيهم، بل عليهم أن يعملوا ويجدّوا ولكن ليس للدنيا، إنما للآخرة، فإذا بنى الإنسان مصنعًا فلا يكون هدفه كسب المال وتكديسه للغنى والإثراء، بل يكون من أجل رقيّ المجتمع وخلق مجالات عمل جديدة للقوى والكفاءات المتعطلة، فينتعش المجتمع وتسوده الطمأنينة وتعمه السكينة ويجد الناسُ المناخ اللازم من أجل عبادة الله ومواساة بني البشر، ولقد أكد الله تعالى على ذلك فقال:
وإذا كان الله تعالى يأمر بالعمل، ويؤكد على أن ما سوف يقوم به الناس من أعمال هي تحت عين الله تعالى ومراقبته، كذلك سيقوم رسوله بمعاينتها ومعرفة الطيب والفاسد منها، وكذلك المؤمنون سوف يرون تلك الأعمال، وهناك تَبْيض وجوهٌ وتتنعم، وتسودّ وجوه وتهوي في أعمق أعماق الذلة والحسرة، وقال أيضًا:
بمعنى أن شرط قُبول أي عمل عند الله هو أن يكون حسنًا ويؤدي إلى الإحسان إلى الناس، كذلك أكد الرسول على أهمية إتقان العمل فقال: «إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه»(8)، فكيف لدين يشجع على النشاط والعمل بهذا القدر أن يُتهَم بأنه يلقي بالقوى والقدرات البشرية في قمامة العجز والكسل، ويؤدي في النهاية إلى تردي المجتمعات وانحدارها؟ إن هذا لظلمٌ عظيم.
الوحي الإلهي حقيقة أم خيال
ظل منكرو الأديان يرددون بمناسبة وبغير مناسبة أن فكرة الوحي الإلهيّ فكرة خيالية محضة، ليس لها من الحقيقة نصيب، وربما كانت حيلةً لمجموعة من البشر الأذكياء ليجمعوا حولهم العامة الذين تروق لهم وتستهويهم مثل تلك الأفكار ليكونوا لهم عونًا على تحقيق مآربهم، وعلى ذلك فإنهم ينكرون أي حقيقة لوجود الوحي، ولا يؤمنون إلا بالماديات التي تُدرَك بالحواس ويمكن قياسها في المختبرات، أما عالم ما وراء الطبيعة فليس له عندهم أي نصيب من حقيقة، ولكن ما من امرئ في العالم إلا وله من التجارب ما يدحض تلك الفكرة تمامًا، مؤكدًا حدوث إبصارٍ بدون أعين، وسمعٍ بدون آذان، وكذلك يحدث مع الناس جميعًا في أحلامهم، فبأي عين يرى النائم مغمض العين وبأي آذان يسمع وبأي يدٍ يبطش وبأي أقدام يسعى وهو مستلق في فراشه لم يبرحْه؟ وإذا كان الحال كذلك فكيف يستساغ إنكار سماع الوحي دون وسائل مادية أيضًا، أليست الرؤى والأحلام من هذا القبيل؟ ومع ذلك فلو أن أحدًا استيقظ من منامه فقص علينا أنه ركب طائرة وطار إلى قارة كذا ونزل بمدينة كذا التي تبعد عنه آلاف الأميال وأكل كذا وشرب كذا وقابل من الناس فلانًا الذي مات منذ عقدٍ من الزمن وأخبره أن عقد ملكية المنزل الذي تفتقده منذ مدة في المكان الفلانيّ، فما لبث أن وجده حيث أخبره بالتمام، فإذا سمعنا مثل تلك الوقائع فإن أحدًا منا لا يستنكر وقوعها، فمن أيّ عالم أتى ذلك الذي أخبره، وبأي وسيلة أخبره؟
ينبغي أن يوضع في الحسبان أن الوحي الإلهي لا يمتثل لقوانين الفيزياء، وليس خاضعًا للإثبات بقوانين العالم المادّي، ولكن يمكن فهمه على أنه عملية اتحاد روحاني، بمعنى أن الله تعالى هو في حقيقته ذات قدسية طاهرة منزهة عن العيوب والنقائص، فإذا وُجد من الناس من نزه نفسه عن العيوب والنقائص وطهرها حتى وصل بها إلى مقامات سامية كان بينه وبين الله تواصلٌ روحانيٌّ من نوع خاص، ولعلنا نقرّب هذا المعنى للأفهام إذا قلنا أنه يشبه صاحب الرؤيا ومن أخبره بموضع ضالته المفقودة الذي ذكرناه آنفًا، وربما أيَّد هذا المعنى وأكده قدرة العقل البشريّ على رؤية الأشياء بتفاصيلها الدقيقة بدون أي وسيلة مادية أيضًا.
ها هم أمام عيني، قد بلغوا شاطئ الأمان، لا شك أن ربهم هو الذي أخذ بأيديهم إلى هناك، ولا شك أنهم كانوا على الحق وكنت على الباطل، وأنا أعترف بذلك الآن، فلعله ينجيني كما أنجاهم، فنجاه الله ببدنه، ولم ينجّه بروحه، لأن لسانه نطق بكلمة التوحيد ولكن روحه ربما لم تكن قد اطمأنت بها، فنجّى الله منه ما شهد، وأمسك عنده ما لم يشهد.
وبناء على ما تقدم، هل يُقنع الإسلام العقول العلمية في تقييمها لصدق مفهوم الوحي الإلهي؟ كيف يمكن بلوغ اليقين في كون الوحي حقيقة وليس وهمًا؟ لقد تناول حضرة خليفة المسيح الثاني ، هذه النقاط باستفاضة وأكد أن الوحي الإلهي ليس من قبيل التجارب الحسية الزائفة، بل هو تجربة روحية شديدة الخصوصية، ووضع أربعة معايير تميز بشكل قاطع بين الوحي الإلهي والأوهام.
أولا: قال حضرته أن الوحي الإلهي ليس وهمًا لأن الأوهام لا يدعمها الواقع، وعلى سبيل المثال: إذا توهّم شخص وجود رجلٍ ما يقف في غرفة مظلمة، فإن محاولة لمسه لن تؤكد وجوده، لأن الاقتناع بلمسه سيكون من جنس الاقتناع برؤيته، وهمٌ في وهم، أما الوحي الإلهي فتدعمه حواس متعددة، فيحصل أحياناً أن يشترك في التجربة من هم حول متلقي الوحي الإلهي أيضًا، ومن المستحيل أن يكون عشرات أو مئات الأشخاص قد سيطر عليهم الوهم وتلاعب بهم الخيال جميعًا في توقيت واحد، وكان حادث رؤية انشقاق القمر مثلاً من هذا القبيل.
ثانيًا: الأنبياء المصطفوْن يكونون أذكياء للغاية يفوقون من سواهم، وعلى سبيل المثال سيدنا محمد ، فإن الجزيرة العربية كلها حينذاك، والعالم كله الآن يشهد أنه رجل ذو قدرات فكرية هائلة من نوع فريد، ولا يمكن للأفراد الواهمين إصلاح المجتمعات، فهم أنفسهم في حاجة إلى من يُصلحهم، فأنّى لفاقد الشيء أن يعطيه؟
ثالثًا: من يتلقون الوحي الإلهي هم رجالٌ ذوو أخلاق سامية لا نظير لها في البشر، يتميزون بالثبات والاتزان، يسودهم الهدوء وتغلب عليهم السكينة، يتسمون برباطة الجأش والإصرار على مبادئهم، غير متزعزعين ولا متقلبين ولا متناقضين، أما المتوهمون فعلى النقيض من ذلك تمامًا.
رابعًا: إن متلقي الوحي الإلهي ينتصرون دائمًا على أعدائهم رغم كافة المصاعب، ولنا في نوح خير مثال، فقد تحدى خصومه، وأشار عليهم أن يتحدوا ضده جميعًا، ويكيدوا له ما شاؤوا من مكائد، ورغم ذلك فقد أكد لهم أنه هو المنتصر في النهاية، لا لشيء سوى أن هناك قوةً عُليا يوقن بوجودها هي التي أخبرته بذلك، فلو كان واهمًا فهل كان انتصاره عليهم جميعًا وهـمًا أيضًا؟
وإنني أذكر أنه حتى وقت قريب كان المجتمع العلمي يناقش ما إذا كان ينبغي تصنيف «الفيروسات» على أنها كائنات حية أم لا نظرًا لعدم قدرتها على البقاء على قيد الحياة دون دخولها في كائن حيٍّ آخر، وقد تكون تلك الأحداث المرعبة التي يمر بها العالم الآن تذكيرًا لنا جميعًا بالبحث عن ملاذ، ولعل تاريخ الأنبياء وأتباعهم يكشف لنا عن هذا الملاذ، حيث كانوا دائمًا من البلايا محفوظين، ومن النوازل ناجين، ولكافة أنواع المحن مجتازين.
أكد الخليفة الثاني على أن القدرات العقلية تكون في أوج ازدهارها في عمر الشباب، وكلما تقدم الإنسان في العمر كلما ضعفت قدراته العقلية والذكائية، ولكن الأنبياء كانوا خلاف ذلك، فقد كانت طاقاتهم العقلية وقدراتهم الذكائية تقوى وتشتد يومًا بعد يوم، فلم يكن يصيبهم الخرف والذهول والنسيان حتى لو أصاب نظراءهم وأقرانهم، فما الذي منعهم مما أصاب غيرَهم؟ إن في ذلك لآية.
باختصار، لقد وصفنا مجموعة من المعايير العقلانية التي يمكن أن يستخدمها العلماء للتفريق بين الوحي والأوهام، لعل معرفة الله والإقرار بوجوده والتوجه إليه بالدعاء يكشف هذا البلاء الذي ألمّ بالعالم ويهدد وجوده، وإنني أذكر أنه حتى وقت قريب كان المجتمع العلمي يناقش ما إذا كان ينبغي تصنيف «الفيروسات» على أنها كائنات حية أم لا نظرًا لعدم قدرتها على البقاء على قيد الحياة دون دخولها في كائن حيٍّ آخر، وقد تكون تلك الأحداث المرعبة التي يمر بها العالم الآن تذكيرًا لنا جميعًا بالبحث عن ملاذ، ولعل تاريخ الأنبياء وأتباعهم يكشف لنا عن هذا الملاذ، حيث كانوا دائمًا من البلايا محفوظين، ومن النوازل ناجين، ولكافة أنواع المحن مجتازين.
الهوامش
- “فيليب جونستون”، صحيفة ديلي تلغراف في الثامن عشر من مارس 2020
- (الشورى:30)
- (الشمس 15)
- (الإسراء 60)
- كارل ماركس، نقد فلسفة الحقوق عند هيغل
- (التوبة 105)
- (البقرة:95)
- (رواه الطبراني)