أربع نقاط ينبغي على الجماعة التركيز عليها

أربع نقاط ينبغي على الجماعة التركيز عليها

أمة الرازق كرمايكل

  • ما هي تلك الأمور الأربعة التي يجب على جماعة المؤمنين الالتزام بها؟
  • وماذا يحدث حال التزامها وما عاقبة التفريط فيها؟

____

 

المؤمن محط الأنظار، وإن بدا عكس ذلك!

بالنظر إلى طبيعة هذا العصر المادي، قد يبدو لنا أن العالم عَبَدَ صَنمَ المادة عبادة مطلقة، وغَضَّ الطرف عن الإيمان والمؤمنين، بل أعرض عنهم كلية. غير أن الحقيقة عكس ما نظن، فالمؤمنون للأسباب التي ستأتي لاحقًا يرمقهم الناس من بعيد ولسان حالهم يردد: أرغب فيه ولكن لا أشتهيه!

وفي معرض خطابه في الجلسة السنوية بقاديان يوم 28 ديسمبر عام 1946 أوصى الخليفة الثاني، حضرة ميرزا بشير الدين محمود أحمد أبناء الجماعة الإسلامية الأحمدية بأن يسعوا ليُروا العالم كيف تكون جماعات الأنبياء. فالعالم يراقب الأحمديين من ناحيتين. فبينما يعلق البعض آمالهم على من دخلوا في الجماعة الإسلامية الأحمدية، يترقب الآخرون صدور أي خطأ من الأحمديين لتبرير انتقاداتهم وتشويه سمعة الجماعة. إن ما تبتغيه جماعتنا هو ترسيخ وحدانية الله في هذا العالم وتحرير الناس من ربقة الشيطان التي قرَّنتهم في أصفاد المحن والكوارث، بحيث صارت مسألة نهاية الجنس البشري على هذه الأرض أمرًا وشيكًا بسبب الأفعال التي يرتكبها الناس بحق ربهم أولا وبحق أنفسهم ثانيا. ولقد نصح حضرة مرزا بشير الدين محمود أحمد المسلمين الأحمديين بالتركيز على هذه النقط الأربعة:

عبادة الله

لقد أوضح حضرة مرزا بشير الدين محمود أحمد أن واجب المسلم الأول والأهم هو أن يعبد الله.  والمصطلح المستخدم للعبادة في القرآن الكريم هو “إقامة الصلاة”، ويعني ضمن ما يعني عقد الصلة بين العبد والمعبود، وبدون تلك الصلة لا تكون العبادة إلا مجرد ادعاء فارغ، وإقامة الصلة بين طرفين تستدعي التواصل المنتظم والمثابرة، ومن مظاهر ذلك الانتظام وتلك المثابرة أداء الصلاة على أوقاتها، لقوله تعالى:

إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا (1)،

كذلك من عوامل تقوية أواصر العلاقة بين العبد وربه أداء الصلاة جماعة، اللهم إلا في حال المرض أو عند عدم التمكن من الوصول إلى المسجد. (2)

ونظرًا إلى خطورة عنصر الوقت المذكور، وبما أنه نظريًا إنما وُجِد ليُقضى في العبادة، ثم صُرِفَ بعضه على العمل للتقوي بذلك على العبادة، وجب أن يكون ذلك العمل مُتقَنًا، ناهيك عن كونه شريفًا، لما رواه الإمام البيهقي (رحمه الله) عن أم المؤمنين عَائِشَةَ بنت الصديق (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَماا) أنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:“إِنّ اللَّهَ تَعَالى يُحِبّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلاً أَنْ يُتْقِنَهُ” (4)..

الوقت والعمل

والمؤمن إنسان جاد ونشيط بطبعه، ويعرف للوقت قيمته، وعنصر الوقت من أبرز ما يُسأل عنه المرء يوم القيامة، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ

“لَا تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَ فَعَلَ وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَ أَبْلَاهُ” (3)..

ونظرًا إلى خطورة عنصر الوقت المذكور، وبما أنه نظريًا إنما وُجِد ليُقضى في العبادة، ثم صُرِفَ بعضه على العمل للتقوي بذلك على العبادة، وجب أن يكون ذلك العمل مُتقَنًا، ناهيك عن كونه شريفًا، لما رواه الإمام البيهقي (رحمه الله) عن أم المؤمنين عَائِشَةَ بنت الصديق (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَماا) أنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ :

“إِنّ اللَّهَ تَعَالى يُحِبّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلاً أَنْ يُتْقِنَهُ” (4)..

النظر في آيات وأحاديث الترغيب والترهيب يوحي بأن الشيء المُرغَّب فيه سيعرض عنه الناس، بينما ما هو محل ترهيب سيعكف عليه الناس.. وموضوع إتقان العمل من الأمور التي طالما رغبنا فيها القرآن الكريم وأحاديث خاتم النبيين ، ففي القرآن:

وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (5)..

ولسان الواقع يشهد على عامة المسلمين بأنهم فرطوا في هذا الجانب، وفي معرض خطاب الجلسة السنوية المذكور لفت حضرة مرزا ​​بشير الدين محمود أحمد انتباه الجماعة إلى موضوع الإتقان في العمل، ولقد أعرب حضرته عن قلقه من أن بعض شباب جماعتنا يعوزهم الاجتهاد، وبدلا من السعي لإصلاح عيبهم يركنون إلى الكسل. وهذا السلوك يجعلهم في واقع الأمر غير مهيئين للتعامل مع التحديات المستقبلية. ومن المسؤوليات الكبيرة لدى جماعتنا إتقان إدارة الوقت واكتساب الكفاءات اللازمة للقيام بمهامها، فلا نقصر ولا نقدم أعذاراً لفشلنا لأنه منكر يمكنه إفساد الأمم. ولقد نصح حضرته ألا نوفر جهداً في إنجاز أي مهمة. وما لم تنشأ هذه الروح في شبابنا، فلن تدفعهم لتقديم تضحيات حقيقية. (6)

اغرسوا أمًّا تحصدوا أمةً

يقال أنك إذا ربيت رجلًا فقد ربيت فردًا، وإذا ربيت امرأة فقد ربيت أمة بأسرها، ولله در القائل:

من لي بتربيـة البنـات فإنهـا

في الشرق علة ذلـك الإخفـاق

?

الأم مـدرسـة إذا أعـددتـهـا

أعددت شعبًـا طيـب الأعـراق(7)

لذا فقد كان هذا كافيًا ليركز حضرة المصلح الموعود على موضوع التربية بوجه عام، وتربية المرأة الأحمدية بوجه خاص، من هنا نبعت فكرة إنشاء لجنة  إماء الله، فلن تحرز الجماعة الإسلامية الأحمدية أي تقدم ما لم تقف المرأة جنباً إلى جنب مع الرجل في خدمة الدين. ولا يمكن أن يبقى حصن الإسلام قوياً إلا إذا شاركت النساء في بنائه مع الرجال. فمهما كان عدد مربي الأطفال في المساجد، لن تصل الرسالة ما لم تعزز تعاليم الإسلام في المنزل. فإن لم تشارك النساء أو يكن قادرات أو يرغبن في دعم الجهود الرامية إلى النهوض بالإسلام، فسيحتار الأطفال بين ما يتعلمونه في المسجد والمنزل ويتحطم بذلك سلام الحياة الأسرية، وهذا بالطبع ما لا يود أي منا وقوعه.

الصدق والسداد تاج جميع ما سبق

قد يكون عمل الإنسان في ظاهره حسنًا، ولكنه لا يثاب عليه، بل يكون عليه لعنة وبلاء، هذا إذا لم يؤده المرء بصدق القلب، فالصدق هنا قيمة عظيمة تُثَقِّل كفة الأعمال وترجح بها، قال ابن القيم (رحمه الله): “العمل بغير إخلاص ولا اقتداء، كالمسافر يملأ جرابه رملاً، ينقله ولا ينفعه” (8).. فكم بالحري بالمؤمن أن يصدق في عمله كما يصدق في قوله، والصدق في القول مفهوم، وهو أن يطابق القول الحق والحقيقة، ولا يكفي أن

يقول المرء الحقيقة ليعد من صادقي القول، فالحقيقة المقولة ينبغي أن تكون كاملة وفي مجالها المناسب، لقوله تعالى:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ (9)..

فالصدق والسداد من دواعي إصلاح الأعمال وغفران الذنوب. وقد سلط حضرة المصلح الموعود الضوء على أهمية تنمية روح الصدق في الجماعة، لأن الأمة التي تتمسك بالصدق لا يمكن هزيمتها.  ولقد وجه القرآن الكريم المؤمنين ليكونوا صادقين في كل جانب من جوانب حياتهم، بحيث يقولون الحق بلا غموض ولا التواء، أي بصدق واضح وتام، ذلك لأن البعض يقولون الحقيقة، غير أنه من الخطأ عدهم صادقين، فالصدق الملتوي والغامض هو إلى الكذب أقرب. ولهذا أمر القرآن الكريم المسلمين أن يقولوا الحق كل الحق وبوضوح فلا يفسر إلا بطريقــــة واحدة، وهذا هو معنى السداد في القول، فالتسديد هو أن تصوب سلاحك صوب هدف محدد وواضح، والمعنى أن يرمي كلامك إلى معنى جلي واحد دون تورية (10).

باختصار، قد أكد حضرة مرزا بشير الدين محمود أحمد على ضرورة إيلاء الأولوية لصلاة الجماعة، وعلى أن يكون صدقنا نموذجياً، وأن يصبح العمل الجاد والالتزام به طبيعتنا الثانية، وأن يولى الإصلاح والتربية الأخلاقية للمرأة أولوية كبيرة في جماعتنا.  وقال إن هذه هي الأسس الأربعة التي يقوم عليها بناء الإسلام، وإن من يتبع هذه النصائح الأربعة ستتبارك أعماله وجهوده التبشيرية.

ودعا حضرته أن نتمكن من غرس هذه العادات الأربعة في حياتنا فيكون تحولنا واضحاً، ويشهد الله وملائكته على جهودنا.

الهوامش:

  1. (النساء: 104)
  2. خطاب سيدنا مرزا بشير الدين محمود أحمد في الجلسة السنوية بقاديان 28 ديسمبر
  3. سنن الترمذي، كتاب صفة القيامة والرقائق والورع عن رسول الله
  4. رواه البيهقي في شعب الإيمان 4/334
  5. (التوبة: 105)
  6. خطاب سيدنا مرزا بشير الدين محمود أحمد في الجلسة السنوية بقاديان 28 ديسمبر
  7. ديوان شاعر النيل «حافـظ إبراهيـم»
  8. الفوائد (1/49) لابن القيم، دار الكتب العلمية – بيروت، ط. الثانية (1393–1973).
  9. (الأحزاب: 70-72)
  10. خطاب سيدنا مرزا بشير الدين محمود أحمد في الجلسة السنوية بقاديان 28 ديسمبر
Share via
تابعونا على الفايس بوك