ولو لاه لما كنت شيئا يذكر أو يسمى
  • تحكيم الضمير في عبد نطق بكلام الله وهدي رسوله
  • فيض النبي محمد صلى الله عليه وسلم
  • أنبيٌ بعد ختم النبوة؟!

__

أيها الفتيان وفقهاء الزمان وعلماء الدهر وفضلاء البُلدان.. أفتوني في رجل قال إنه من الله، وظهرتْ له حماية الله كشمس الضُّحى، وتجلّتْ أنوار صدقه كبدر الدُّجى، وأرى الله له آياتٍ باهرات، وقام لنصرته في كلّ أمرٍ قضى، واستجاب دعواتِه في الأحباب وفي العِدا. ولا يقول هذا العبد إلا ما قال النبيّ ، ولا يُخرج قدمًا من الهُدى. ويقولُ إن الله سمّاني نبيًّا بوحيه، وكذلك سُمِّيتُ من قبلُ على لسان رسولنا المصطفى*. وليس مُراده من النبوة إلا كثرة مكالمة الله وكثرة أنباءٍ من الله وكثرة ما يُوحى. ويقول: ما نعني من النبوة ما يُعنَى في الصحف الأولى، بل هي درجة لا تُعطَى إلا من اتّباع نبيّنا خير الورى. وكلّ من حصلتْ له هذه الدرجة.. يكلّم الله ذلك الرجل بكلام أكثر وأَجْلى، والشريعة تبقى بحالها.. لا ينقص منها حُكمٌ ولا تزيد هُدى.

ويقول إني أحد من الأمّة النبوية، ثم مع ذلك سمّاني الله نبيًّا تحت فيض النبوّة المحمّديّة، وأَوحَى إليّ ما أوحى. فليست نبوّتي إلا نبوّته، وليس في جُبّتي إلا أنواره وأشعّته، ولولاه لما كنت شيئًا يذكر أو يسمَّى. وإن النبيَّ يُعرَف بإفاضته، فكيف نبيّنا الذي هو أفضل الأنبياء وأزيدهم في الفيض، وأرفعهم في الدرجة وأعلى؟ وأيّ شيءٍ دينٌ لا يضيء قلبًا نورُه، ولا يُسَكِّنُ الغليلَ وُجُورُه، ولا يتغلغل في الصُّدور صدورُه، ولا يُثنَى عليه بوصْف يُتمّ الحجّة ظهورُه؟ وأيّ شيءٍ دينٌ لا يميّز المؤمن مِن الذي كفر وأبى، ومَن دخله يكون كمثل من خرج منه، والفرق بينهما لا يُرى؟ وأيّ شيءٍ دين لا يميت حيًّا مِن هواه، ولا يحيي بحياةٍ أخرى؟ ومن كان للهِ كان الله له.. كذلك خلتْ سُنّته في أُممٍ أُولى. والنبيّ الذي ليس فيه صفة الإفاضة.. لا يقوم دليلٌ على صدقه، ولا يعرفه من أتى، وليس مثله إلا كمثل راعٍ لا يهُشُّ على غنمه ولا يسقي ويبعدها عن الماء والمرعى.

Share via
تابعونا على الفايس بوك