وما كان لكافرٍ أن يهزمكم، ولكن ذنوبكم هزمتكم، وتركتم الحضرة وكذلك تتركون.

وما كان لكافرٍ أن يهزمكم، ولكن ذنوبكم هزمتكم، وتركتم الحضرة وكذلك تتركون.

حضرة مرزا غلام أحمد القادياني عليه السلام

حضرة مرزا غلام أحمد القادياني عليه السلام

المسيح الموعود والإمام المهدي (عليه السلام)

ومن الآفات أن قومًا يدعونكم إلى الكفر، إطماعًا في نجار الصُّفْر، ويعرِضون ذهبًا على كلّ ذاهبٍ لعلهم يتنصّرون. وإنهم أولو الطَّول وأنتم الفقراء، وفُتح عليهم أبواب الدنيا وأنتم في البؤس تصبحون وتُمسُون. وتلك فتنة أكبر من كلّ فتنةٍ، وبليّةٌ أشدّ من كلّ بليّة، فإنكم تحتاجون إلى رُغفانهم وهم لا يحتاجون. وحلّوا أرضكم وملكتْها ملوكهم، فلا بدّ من تأثّرٍ كما تشاهدون.

ثم من إحدى المصائب أنّ أمراءكم على الدين يستهزئون، وفقراءكم على الدنيا يتجانؤون، فلا نجد قرّة العين من أولئكم ولا من هؤلاء، وإنّا من كلٍّ آئسون. وسَرّحْنا الطرْف في الطرفين، فأَخَذَنا ما يأخذ السقيم عند آثار الـمنون. وما كان لكافرٍ أن يهزمكم، ولكن ذنوبكم هزمتْكم، وتركتم الحضرة وكذلك تُتركون. وإنّ الله نظر إلى قلوبكم، فما آنس فيها تُقاةً، فسلّط عليكم قومًا عُصاةً، وأعطاهم لتعذيبكم قناة، فهل أنتم منتهون؟   إنَّ الله لا يغيّر ما بقومٍ حتى يغيّروا ما بأنفسهم (1)، فهل أنتم مغيّرون؟ و ما يفعل الله بعذابكم إنْ شكرتم وآمنتم (2)، فهل أنتم مؤمنون؟ أأنتم تظنّون أنكم أحياءٌ بهذا الذنب الدائم، والموت خير للفتى من عيشه عيش البهائم، فما لكم لا تتنبّهون؟

وإنّ النصرانية تأكُلكم كلّ يوم كما تأكل النار الحطب، ليتمّ ما قدّر الله وكتب. ووالله، إن هذا الوباء أكبر من كلّ وباءٍ، وهذه الزلزلة أكبر من كلّ زلزلة، وما نـزل عليكم ما نـزل إلا من ذنوبكم أيها الفاسقون. وإن الآفات الجسمانية لا تُهلك إلا جسمًا، وأما الآفات الروحانية فيُهلك (3) الجسم والروح والإيمان معًا. فلا تسبّوا أعداءكم، وسُبّوا أنفسكم إن كنتم تعقلون.

ما لكم لا تنظرون إلى السماء، وصرتم بني الغبْراء، وإن الله عرض عليكم حليب الدين فأنتم تعافون، ثم قدّم قومٌ إليكم لحمَ الخنازير فأنتم بالشوق تتمشّشون. ومن دخل منهم في دينكم فلا يدخل إلا كأهل النفاق، ويطوف طامعًا في الأسواق، مُكْدِيًا بالأوراق، وهم يكثرون وأنتم تقلّون. فإلام هذه الحياة أيها الجاهلون؟ تتمايلون على أموال الدنيا، وما تبصرون من أين تقتنئون. وترون الخوان وما ترون المُضلّ الخوّان، كأنكم قوم عمون. وتتركون العِشاء، وبالندامى تَغْتَبِقُون. وتعيشون كُسالى، ولا تمسّون الدين بإصبع ولا له تتألّمون. ثم تقولون إنّا بذلنا الجهد حقّ الجهد وإنّا مستفرغون. فكّروا يا فتيان، ألم يأن أن يرسل الله إمامًا في هذه العمران؟ وإنكم تنقضون عهد الله وتقطعون ما أمر الله به أن يوصل وفي الأرض تفسدون. ووالله، إن الوقت هذا الوقت فما لكم لا تتقبّلون؟

وإني، والله، في هذا الأمر كعبة المحتاج، كما أن في مكّة كعبة الحجّاج، وإني أنا الحجر الأسود الذي وُضع له القبول في الأرض والناس بمسّه يتبرّكون (4). لعن الله قومًا يقولون إنه يريد الدنيا، وإنّا من الدنيا مُبْعَدون. وجئتُ لأُقيم الناس على التوحيد والصلاة، لا لإقناء أنواع الصِّلات. والله يعلم ما في قلبي، ويشهد بآياته أنهم كاذبون. ما كان حديث يفترى، بل جئت بالحق، وبالحق أرسلت، فما لكم لا تعرفون. وإني أنا ضالّتكم، لا مضلّكم أيها المسلمون. فهل فيكم من يقبل دعوتي، وينظر بحسن النظر إلى كلمتي؟ أليس فيكم رجل رشيد أيها المستكبرون؟ ولو لم أُبْعَثْ، يا فتيان، في هذا الزمان، لوطّأ الدِّينَ أهلُ الصلبان. وإن هذا السيلَ بلغ الرؤوس، وأفنى النفوس، أَلا تعلمون القسوس كيف يُضلّون؟ وما أُرسلتُ إلا عند ضلالٍ نجّس الأرض وأهلك أهلها، فما لكم لا تفهمون؟ ووالله، ليس في الدهر أعجب من حالكم! كيف طال إعراضكم وصَفْحُكم عني، وقد رأيتم الآيات وأُعطيتم البيّنات فنبذتموها كالحصاة. وفُتح لكم باب الحسنات، فغلّقتم أبوابكم، لئلا تدخل في العرصات. ما لكم لا تتّقون حرمات الله وللتكذيب تعجلون؟ وإن الله سيّاف يسلّ سيفه على الذين يعتدون.

Share via
تابعونا على الفايس بوك