"يا أسفا عليهم.. إنهم لا يفكرون"
  • هذا هو الزمان المنتظر قد حل
  • اسم المهدي يستلزمه زمان الضلالة
  • حقيقة المهدي
  • لا تكذبوا من شهدت له السماوات بالآيات

__

“فيا حُماةَ الملّة، ويا أهلَ الغيرةِ والحميّة، ويا نُصراءَ الشريعة المحمدية، اعرفوا الزمان، فإن الحين قد حان، وهذا هو الزمان الذي كنتم تؤمّلونه، وهذا هو الأوان الذي ما زلتم ترجونه، وهذا هو المهدي الذي تنتظرونه. إن القمر والشمس ينخسفان، والليل والنهار يشهدان، فهل أنتم تأتونني يا معشر الإخوان أو تولّون مُدبرين؟ ها أنتم وجدتم ما كنتم فقدتم، فبادِروا إلى الفضل الذي نزل إليكم، والمجدّدِ الذي بُعث لديكم، فلا تشكّوا ولا ترتابوا، وقُوموا بهممٍ تزول بها الجبال وتهرب الأفيال، ولا تحقّروا أيامَ الله فيحلّ بكم غضبُه ويتوجه إليكم لهبُه، فاتقوا مقت الله ولا تتكلموا مجترئين”. (نور الحق، ص 184)

“وأما المهدي الموعود الذي هو إمام آخر الزمان، ومنتظَر الظهور عند هبِّ سموم الطغيان، فاعلم أن تحت لفظ المهدي إشاراتٍ لطيفةً إلى زمان الضلالة لنوع الإنسان، وكأنّ الله أشار بلفظ المهدي المخصوص بالهداية إلى زمان لا تبقى فيه أنوار الإيمان، وتسقط القلوب على الدنيا الدنيّة ويتركون سبل الرحمن، وتأتي على الناس زمان الشرك والفسق والإباحة والافتتان، ولا تبقى بركة في سلاسل الإفادات والاستفادات، ويأخذ الناس يتحركون إلى الارتدادات والجهلات، ويزيد مرض الجهل والتعامي، مع شوقهم في سير المعامي والموامي، ويُعرضون عن الرشاد والسداد، ويركنون إلى الفسق والفساد، وتطير جراد الشقاوة على أشجار نوع الإنسان، فلا تبقى ثمر ولا لدونة الأغصان. وترى أن الزمان من الصلاح قد خلا، والإيمان والعمل أجفلا، وطريق الرشد عُلِّق بثريّا السماء. فيذكر الله مواعيده القديمة عند نزول الضرّاء، ويرى ضعفَ الدين ظاهرًا من كل الأنحاء، فيتوجّه ليُطفئ نار الفتنة الصمّاء، فيخلق رجلا كخلق آدم بِيدَي الجلال والجمال، وينفخ فيه روح الهداية على وجه الكمال. فتارة يُسمّيه عيسى بما خلقه كخلق ابن مريم لإتمام الحجة على النصارى، وتارة يدعوه باسم مهدي أمين بما هو هُدِيَ من ربه للمسلمين الضالين، وأُخرجَ للمحجوبين منهم ليقودهم إلى رب العالمين. هذا هو الحق الذي فيه تمترون، والله يعلم وأنتم لا تعلمون”. (سر الخلافة، ص 59)

“فالمهدي الصدوق الذي اشتدّت ضرورته لهذا الزمان، ليس رجلا يتقلّد الأسلحة ويعلم فنون الحرب واستعمال السيف والسنان، بل الحق أن هذه العادات تضر الدين في هذه الأوقات، ويختلج في صدور الناس من أنواع الشكوك والوسواس، ويزعمون أن المسلمين قوم ليس عندهم إلا السيف والتخويف بالسنان، ولا يعلمون إلا قتل الإنسان. فالإمام الذي تطلبه في هذا الزمان قلوبُ الطالبين، وتستقريه النفوس كالجائعين، رجلٌ صالح مهذّب بالأخلاق الفاضلة، ومُتّصفٌ بالصفات الجليلة المرضية، ثم مع ذلك كان من الذين أُوتوا الحكمة والمعرفة، ورُزقوا البراهين والأدلّة القاطعة، وفاق الكلَّ في العلوم الإلهية، وسبق الأقران في دقائق النواميس ومعضلات الشريعة وكان يقدِر على كلام يؤثّر في قلوب الجُلاّس، ويتفوّه بكلمات يستملحها الخواص وعامة الناس، وكان مقتضبا بملفوظات تحاكي لآليَ منضّدةً، ومُرتجلاً بنِكاتٍ تُضاهي قطوفًا مذلَّلة، مارنًا على حسن الجواب، وفصل الخطاب، مستمكنًا من قولٍ هو أقرب بالأذهان، وأدخلُ في الجنان، مُبكِّتًا للمخالفين في كل مَوردٍ تورَّدَه، ومُسكِّتًا للمنكرين في كل كلام أورده”. (حقيقة المهدي، باقة من بستان المهدي، ص 181-182)

“يا أسفا عليهم.. إنهم لا يفكرون أن الكاذبين لا يؤيَّدون من الحضرة، ولا يتكلمون بكلام البر والحكمة، ولا يُرزَقون من أسرار المعرفة. وهل تعلم كاذبًا شهدتْ له السماواتُ والأرض بالآيات البَيّنة، واضمحلّت به قوة الشيطان وتخافَتَ صوتُه من السطوة الحقانية، وطفِق يريد الغَيبوبة كحيّةٍ تأوي إلى جُحْرِها عند رَمْيِ الصخرة؟ ثم مع ذلك تدعو ظلمةُ الزمان إمامًا من الرحمن، وقد انقضى من رأس المائة قريبًا من خُمْسها، ودنت الملة لضعفها من رمسها وداست الغفلة قلوب الناس وصار أكثرهم كالكلاب، وتوجّهوا إلى الأموال والعقار والأنشاب، ونسوا حظّهم من ذوق العبادات، وأقبلوا على الدنيا وزينتها وما بقي الدين عندهم إلا كالحكايات. ومن تأمّلَ في تشتُّت أهوائهم، وتفرُّق آرائهم، علِم بالجزم أنهم قومٌ أُغلِقَتْ عليهم أبواب المعرفة، وانقطع صفاء التعلق بالحضرة، إلا قليل من الذين يدعون الله أن يرفع حُجب الغفلة. ولكن كثيرا منهم نبذوا حقيقة التوحيد من أيديهم وما بقي الإيمان إلا على الألسنة. يسُبّون عبدًا جاءهم في وقته ويحسبون أنهم يُحسنون، وختم الله على قلوبهم فهم لا يفهمون. يظنون أنهم على الحق وما هم على الحق، وإنْ هم إلا يخرصون. تجدهم كأُناس رقود، والمتمايلين على الجحود. خُدعوا عن الحقائق بالرسوم، وشُغلوا عن اليقين بالموهوم. إنهم مروا بنا معترضين قبل إيفاء الموضع حقَّه، ورأوا بَدْرَنا ثم أرادوا شقَّه. وإني جئتهم عند الضرورة الحقة، وفساد الأمة، فكانت أدلة صدقي موجودة في أنفسهم ما رأوها من الغباوة، ثم من الشقوة أنهم ما فكروا في رأس المائة البدرية، التي تختص بالمسيح الموعود عند أهل البصيرة، واتفقت عليها شهادات أهل الكشف والأحاديث الصحيحة، وإشارات النصوص القرآنية”. (مواهب الرحمن، ص 17-18)

Share via
تابعونا على الفايس بوك