لقاء مع الأستاذ المرحوم مصطفى ثابت (6)      

لقاء مع الأستاذ المرحوم مصطفى ثابت (6)      

محمد طاهر نديم

  • رحلات تبليغية عقدها لأستاذ مصطفى ثابت رحمه الله بأمر من الخليفة الرابع رحمه الله في بلدان عربية وأروبية
  • محاولات لعرقلة تبيلغ الدعوة بمساعي أيدي خفية
  • مجلة التقوى كانت من ضمن النقاط التي وضعتها اللجنة لتبليغ دعوة الأحمدية في اللغة العربية
  • ترجمة وتأليف الكتب كانت أيضا من ضمن الخطه التبليغية

__

تحديثا بأنعم الله عز وجل.. فقد كان لي حظ وافر في تبليغ دعوة الأحمدية من خلال رحلات تبليغية لم تقتصر على القارة السمراء والدول العربية فحسب بل إن حضرة الخليفة الرابع (رحمه الله) كلفني في مناسبات عديدة بزيارة دول أوروبية مختلفة. وتحديدا سنة 1985 زرت النرويج حيث نظمت الجماعة المحلية  لقاءات مع الجالية العربية. وكان من بين الحضور شخص يُصدر مجلة اسمها طائر الشمال. وخلال إحدى الاجتماعات أخذ لي صورة بدون إذن مسبق مني، الأمر الذي جعلني أشك في تصرفه. ولقد صدق حسي إذ وبعد بضعة شهور نشرت جريدة “المسلمون” السعودية الصادرة من لندن مقالا مشينا حول الجماعة احتوى على صورة الخليفة الرابع رحمه الله وتلك الصورة التي أُخذت لي في النرويج. حينها تذكرت حقده على الجماعة حيث تحداني أنه لن يقبل ولا عرببي واحد في النرويج  معتقدات جماعتنا . ولقد خيب الله ظنه وأصابه بالإحباط حيث انضم للجماعة كثير من الإخوة هنالك.

سافرت بعدها إلى السويد ثم الدنمارك فبالرغم من مجهودات أبناء الجماعة الباكستانيين لدعوة أصدقائهم العرب لحضور الندوات التبليغية المقامة، إلا أنهم كانوا  يقدمون أعذارا واهية في آخر لحظة. فأحسست أن هنالك حملة منظمة لمنع الإخوة العرب أن يصغوا إلينا. وقد ازداد هذا الأمر وضوحا لما زرت ألمانيا فيما بعد، حيث حضر الندوة كثير من السلفيين والإخوان المسلمين دفعة واحدة وبعدد كبير. فرحت مبدئيا برؤيتهم ولكنهم ولسوء الحظ قد حضروا لتقديم الاعتراضات الواهية والتشويش على مجرى الندوة. ولقد طمأنتهم بأن الاعتراضات المطروحة ليست حديثة العهد وقد فندناها منذ فترة طويلة. وكنت بفضل الله ألقي المحاضرة بكل هدوء وثقة. وهكذا أخمد الله نار الفتنة التي أوقدوها.

يظن البعض أن الجماعة مُعتم عليها داخل الدول العربية فحسب، بل وبعد سنين طويلة ومن خلال احتكاكي بجاليات عربية مختلفة، توصلت إلى أن هنالك أيادي خفية تعمل على وضع العراقيل في سبيل تبليغ معتقدات الجماعة للعرب المقيمين خارج حدود الدول العربية أيضا. وقد تبين هذا الأمر خصوصا سنة  1997 لما أرسلني حضرة الخليفة الرابع (رحمه الله) إلى ألمانيا. وخلال إحدى الندوات قابلت شخصين من غرب افريقيا كانا يتكلمان العربية بطلاقة وكانا يقاطعانني خلال المحاضرة. وكان الغرض من تدخلاتهما غير السليمة تشتيت أذهان الحضور وإقصائهم من الندوة ولكنني بفضل الله وبناء على الخبرة التي اكتسبتها في تعليم الكبار والتدريب القيّم الذي تلقيته خلال تبليغي للحاج حلمي، نجحت في التعامل معهما. ولقد فوجئت بحضورهما لندوة أخرى في مدينة مجاورة. وهذه المرة ألقيا أسئلتهما باحترام ولم يقوما بإزعاج مجرى الندوة. سألتهما أين تعلما العربية فأجابا: في الأزهر حيث أرسلتهم حكومتهم لذلك. فاستفسرت منهما: لماذا لم ترجعا إلى بلدكما بعد إنهاء الدراسة. فقالا:  إن الجهات المعنية أرسلتهما إلى ألمانيا لأن هنالك عمل أهم من الذي سيقومون به في بلدهم. فهمت آنذاك أنها محـاولة يـائسـة أخرى للتقليل من مسار الأحمديـة.

مجلة التقوى

ضمن النقاط التي وضعتها اللجنة لتبليغ دعوة الأحمدية للعرب نشر مجلة عربية عالمية لسان حال الجماعة. وقد تزامن وضع خطتنا هذه مع نشر صحفي أردني اسمه أبو ناب مقالة أثنى فيها على ابن الجماعة البار محمد ظفر الله خان. اتصل به الأستاذ طه القزق وبلغه بدعوة الأحمدية فانضم إلى الجماعة بسرعة دون تدقيق وتحليل –على عكس عادة الصحفيين-. فبعد الاستشارة دعاه الأستاذ قزق للحضور للجلسة السنوية المنعقدة في بريطانيا للتشاور حول إنشاء المجلة. وقد كلفني حضرة الخليفة الرابع (رحمه الله) آنذاك أن أتناقش معه بهذا الخصوص. فاجتمعت به وأخبرني أن لديه كفاءات وصلاحيات تخول له إنشاء المجلة ويحتاج إلى مراسلين ومبعوثين ومكاتب وهلم جرا. المهم كي نبدأ المشروع لا بد من صرف مبلغ مائة ألف جنيه استرليني. في الحقيقة لم أستطع أن أخفي  ضحكتي حيث أعرف إمكانيات الجماعة وطريقة قيامها بمشاريعها. المهم أخبرت حضرة أمير المؤمنين بذلك وأفصحت لحضرته أنني لم أشعر براحة خلال حديثي معه وشعرت أنه رجل انتهازي. ابتسم حضرته قائلا أنه سينظر في الموضوع، وطبعا لم يوافق على هذه المسرحية.

بفضل الله تعالى تم إنشاء المجلة حسب إمكانيات الجماعة ولم نحتج إلى مراسلين ومبعوثين وصحفيين ومكاتب. وبعد بضع سنين من صدورها تولى الحاج حلمي الشافعي رئاسة تحريرها ثم بعد انتقالها للرفيق الأعلى سنة 1996 شغل الأستاذ عبادة بربوش (أبو حمزة التونسي) هذا المنصب.

ترجمة وتأليف الكتب

كان ضمن الخطة الموضوعة للتبليغ في العرب تأليف وترجمة كتب  الجماعة. ولقد استهل هذه المشروع المبارك الحاج حلمي وبدأ بتأليف كتابين. الأول حول الإسراء والمعراج ثم حقيقة الجن. وبالرغم من سعة علمه إلا أنه كان دائما يستشيرني ويُغير النص حسب ما أقترحه، وفي آخر المطاف ألفنا كتاب الجن مع بعض. ثم واصل المكتب العربي المشوار وأنجز كمًّا هائلا من الكتب تأليفا وترجمة.

وأريد أن أذكر بهذا الصدد أن بعد سنين من إطلاق هذا المشروع أحرز كتاب حضرة الخليفة الرابع (رحمه الله) باللغة الانجليزية الوحي والعقلانية اهتماما بالغا على صعيد الجماعة. عقدت العزم آنذاك على ترجمته للغة الضاد وطلبت الإذن من حضرته أن يسمح لي بذلك، فوافق والحمد لله. ولقد فوجئت بصعوبة محتواه وبتعقيد مصطلحاته العلمية والأدبية حيث إنني لم أقرأ الكتاب قبل أن أعرض خدمتي لترجمته. فدعوت الله كثيرا معربا أنه ليس من الأدب أن أرجع إلى حضرة الخليفة وأخبره أنني لا أستطيع ترجمة كتابكم. تضرعت طويلا لله أن يساعدني ويمدني بالقوة العقلية والروحية. فكنت أترجم بمعدل عشر صفحات في اليوم علما أن مجموع صفحات الكتاب سبع مائة، هذا إلى جانب الأسلوب الأدبي الفذ والمواضيع العلمية القيمة والفلسفية. وبعد أن نشرت الترجمة العربية كنت أتصفحها وأستغرب.. هل أنا فعلا مَن ترجم هذا الكتاب الفذ؟! لذلك أستغل هذه الفرصة لأنصح الإخوة العرب أن يستمسكوا بخليفة الوقت ويعملوا بأوامره لأن الله يجعل بركة عظيمة في كل خطوة يخطونها بعد مباركة الخليفة ودعائه لها. وليتيقن الجميع أن الخلافة هي استمرار لأنوار وبركات النبوة. ولا شك أن الله عز وجل يجعل بركات عظيمة في أوامر الخليفة.

Share via
تابعونا على الفايس بوك