الحج إلى بيت الله الحرام تاريخه، حِكمه ودلالاته

الحج إلى بيت الله الحرام تاريخه، حِكمه ودلالاته

محمد طاهر نديم

قال الله تعالى في كلامه المجيد:

وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ (البقرة :126).

استجابة لأمر الله يقصد المسلمون مكة المعظمة لزيارة بيت الله في شهر ذي الحجة المبارك، متأسين في ذلك بالسنة الإبراهيمية التي أحياها الله تعالى للأبد على يد سيدنا محمد .

تاريخ هذا البيت

تاريخ الكعبة قديم قِدَم الزمن. ولا تذكر الروايات تاريخ إنشاء هذا البيت، ومن بناه لأول مرة. أما الأدلة على كون هذا البيت قديمًا وموجودًا حتى قبل سيدنا إبراهيم فهي كالتالي:

قال الله :

وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ (البقرة:128).

فهنا لم يقل الله : وإذ يضع إبراهيم القواعد، وإنما قال: وإذ يرفع، وهذا يدل على أن بيت الله كان موجودًا من قبل ولكنه كان قد تهدّم، ورفع إبراهيم هذا الأساس بإذن الله، وأقامه من جديد.

وهناك آية قرآنية أخرى تؤكد هذا الموضوع أكثر، حيث تقول:

إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ (آل عمران: 97)..

أي أن أول بيت بُني لصالح الناس ومنفعتهم هو ذلك الموجود في مكة المكرمة.

وكذلك ورد في الأدعية التي دعا بها سيدنا إبراهيم :

رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ (إبراهيم:38).

وجملة: عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ تبين أن بيت الله الحرام كان موجودًا هناك من قبل، لأن هذا الدعاء صدر من سيدنا إبراهيم عندما كان ابنه إسماعيل طفلا صغيرا وجاء به مع أمه هاجر وأسكنهما هناك، وأطلع الله إبراهيم بالوحي على هذا المكان وأخبره أن هذا هو أول بيت الله الذي بُني للناس.

كذلك وصف القرآن بيت الله بأنه البيت العتيق في قوله تعالى: وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ (الحج:30).. مما يبين أن بيت الله هذا موغلٌ في القدم، أو بعبارة أخرى إنه أول معبد بُني لعبادة الله في العالم. فليس إبراهيم باني هذا البيت، وإنما جدد بناءه ورفعه على أسسه الأصلية.

وتؤكد الأحاديث أيضًا وجودَ آثارٍ لبيت الله قبل قدوم إبراهيم إلى هذا المكان.. فقد ورد أنه لما ترك إبراهيم هاجَرَ وإسماعيل في واد غير ذي زرعٍ قالَتْ: يَا إبراهيمُ أيْنَ تَذهبُ وتترُكنا بهذا الوادي الذي ليْس فيه إِنْسٌ ولا شيءٌ؟ فقالتْ لهً ذلك مِرارًا، وجعلَ لا يلتفتُ إليها. فقالتْ لهُ: آللهُ الذي أَمَركَ بهذا؟ قالَ: نعمْ. قالتْ: إِذَنْ لا يُضيِّعُنا. ثُمَّ رَجَعَتْ. فانطلقَ إبراهيمُ حتّى إذا كانَ عِندَ الثنيَّة -حَيثُ لا يَرَوْنَهُ- اسْتَقبَلَ بوجْههِ البيتَ ثُمَّ دَعَا بهؤلاءِ الكلماتِ ورفَعَ يديهِ فقالَ: ربِّ إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ (صحيح البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء). يؤكد هذا الحديث أيضًا أن الكعبة لم يَبنها إبراهيم ُوإنما جدّد بناءها فقط، وأنها كانت موجودة من قبل، وكانت بدايتها في زمن لا يعلمه إلا الله تعالى، ولا يذكر التاريخ ذلك.

ويعترف بذلك المستشرق المتعصب “وليم موير” ويقول: “إننا مضطرون إلى إرجاع المبادئ الكبيرة لدين مكة إلى زمن موغل في القدم…..”.

ثم يقول: (إن المؤرخ الشهير “ديودورس سكولس” قال وهو يتحدث عن ما قبل الميلاد بنصف قرن: هناك معبد من الحجر مشيد بالجزء المحاذي للبحر الأحمر من الجزيرة العربية، وهو معبد قديم جدًا، يؤمه العرب من كل مكان لزيارته.)

ويضيف: “إن هذه الكلمات تتعلق بالبيت المقدس بمكة، لأنه ليس هناك مكان آخر اكتسب هذا الاحترام الكبير من العرب.) (حياة محمد، ديباجة، فصل 2 ص 102-103)

(بتصرف من التفسير الكبير لميرزا بشير الدين محمود أحمد الخليفة الثاني للإمام المهدي الترجمة العربية  ج 2 ص 166-168)

إذن، فهذا البيت كان موجودًا منذ القدم، وكان مرجعا للناس ومثابةً لهم، ولكن هل كان ولا يزال يحمل تلك الميزات التي بموجبها يمكن أن يطلق عليه كلمة “البيت”؟

يقول سيدنا الخليفة الثاني للإمام المهدي وهو يذكر معاني “البيت” ثم انطباقها بصورة كاملة على بيت الله الحرام: (البيت هو اسم للكعبة المشرفة. ويقال لها البيت لأنها تتضمن كل خواص البيت. ومثال ذلك قولنا: زيد الرجل.. والمراد أن زيدا يتصف بكل الصفات التي يمكن أن توجد في شخص عاقل. فما هي خصوصيات البيت؟

أولا – إنه يحفظ من السرقة والنهب،

ثانيا – إنه مكان إقامة دائمة،

ثالثا – إنه يحفظ مال الإنسان ومتاعه،

رابعا – إنه يجمع الأقارب والأعزاء،

خامسا – إنه مكان آمن إذا دخله الإنسان نجا من المصائب.

ولو تدبرنا في هذه الخصوصيات الخمس لوجدناها متوفرة في الكعبة المشرفة، فهي تستحق في الواقع أن تسمّى بيتا. ولنأخذ معنى الحفظ والحماية، فإن الناس يدمرون القلاع الحصينة ويُفنون سكان المدن الكبيرة، ولكن الكعبة المشرفة تتميز بأن الله تعالى وعد بحفظها على الدوام. كل من أراد أن يهاجمها شلّ الله يده أو كسرها. وما حدث لأبرهة مثال باق للأبد على ذلك.

كان أبرهة حاكما على اليمن من قبل الحكومة المسيحية في الحبشة، وأراد أن يدمر الكعبة المشرفة ليُكْرِهَ العربَ على الحج إلى كنيسة في صنعاء بدل الحج إلى بيت الله الحرام، كي تنتشر المسيحية بينهم. وعندما اقترب من مكة بجنوده بعث رسولا إلى أهل مكة يخبرهم أني ما جئت إلا لهدم الكعبة ولا أُكِنَّ لكم أي عداوة، فإذا خلّيتم بيني وبينها فلن أمسَّكم بسوء، وسوف أعود إلى بلدي بعد هدمها. وعندما وصل رسوله إلى مكة سأل أهلَها: مَن سيدكم؟ فقالوا: عبد المطلب. فجاء إليه وأبلغه رسالة أبرهة. فقال له عبد المطلب: ما دام أبرهة لم يأت لحربنا فنحن أيضًا لا نريد محاربته. أما هذا البيت فهو بيت الله الذي وعد بحفظه، فإذا شاء أن يحمي بيته فهذا شأنه، أما نحن فلا نملك  محاربة أبرهة وجنوده. فقال رسول أبرهة: إذا كنتم لا تريدون الحرب فلماذا لا تصحبني لمقابلة أبرهة، لأنه يريد مقابلة أحد رؤساء مكة، وهذا يسُرُّه وقد يكفّه عن هدم الكعبة.

فاصطحب عبد المطلب بعض الرؤساء وأولاده وخرج للقاء أبرهة. وتأثر أبرهة بلقائه وعبّر له عن سروره بهذا اللقاء، وطلب منه أن يذكر له حاجته. فقال عبد المطلب: لقد استولى رجالك على إبل للمكيين فيها مائتان تخصُّني فرُدَّها عليَّ. وعندما سمع أبرهة ذلك اغتاظ وقال: قد كنت أعجبتني حين رأيتك، ثم قد زهدتُ فيك حين كلّمتني.

أتكلمني في مائتي بعير أصبتُها لك، وتترك بيتا هو دينك ودين آبائك قد جئتُ لهدمه.. لا تكلمني فيه! قال عبد المطلب: أنا ربُّ الإبل، وإن للبيت ربَّا سيمنعه. قال: ما كان ليمتنع مني. قال: أنت وذاك (السيرة النبوية لابن هشام، ج 1 أمر الفيل). فاشتد غيظ أبرهة، وأمر برد الإبل لعبد المطلب، ولكنه أصر على المضي لهدم الكعبة. وقبل أن يهاجم جيشُ أبرهة الكعبة تفشى فيهم مرض الجُدري، وبدءوا يموتون كالكلاب الضالة.. وأخيرا دبت فيهم الفوضى والخوف وتراجعوا عن حصار الكعبة بعد أن مات ألوف منهم في الوديان تائهين.

فتعني كلمة (البيت) أن الناس سوف يتمتعون فيه بالحماية الحقيقية. إنه بيت الله الذي لا يمكن أن يفلح أي عدو في الهجوم عليه.

والميزة الثانية للبيت أنه مكان إقامة دائمة، وبهذا المعنى فإن بيت الله هو الذي يستحق أن يسمى بيتا، لأن الحياة الأبدية إنما تُنال في بيت الله هذا. والذين لا يذهبون إلى بيت الله تعالى لا حياة لهم، ولا قيمة لحياتهم. يقول الله تعالى عن البيت الدنيوي: مَتَاعٌ قَلِيلٌ ، وأما عن بيته فيقول: فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي (الفجر: 30-31).. أي عندما يصبح الإنسان عبدا صادقا لله تعالى، ويصبح المسجد بيتا له فإنه يدخل الجنة. فهذا هو البيت الذي يمكن أن يُمتّع الإنسان بحياة أبدية.

والميزة الثالثة للبيت أنه مكان لادّخار الأموال والأمتعة. وهذا البيت فيه ذخائر البركات الروحانية، وهو الذي يحفظها. أما الذخائر الأخرى، مهما كانت غالية وقيِّمة، فإنها تضيع، ولكن الوقت الذي يبذله الإنسان في عبادة الله تعالى فلا يضيع، بل كل لحظة يقضيها في ذكر الله وعبادته يحوّلها الله إلى آلاف النعم الروحانية، ويحفظها ذخيرة ويمتّع عبده بها.

والميزة الرابعة للبيت أنه مكان لاجتماع الأقارب كلهم. وهذه الخصوصية موجودة أيضًا في الكعبة المشرفة بصورة كاملة.. لأن مسلمي العالم أجمع يجتمعون هناك كل عام للحج، ويزدادون إيمانًا بالاجتماع مع إخوانهم.

ثم إن الكعبة المشرفة مكان لاجتماع الناس بشكل آخر أيضًا، ذلك أن المكان الذي سيجتمع فيه الإنسان مع أقاربه وأحبائه هو الجنة، والمسجد ظل للجنة يجتمع فيه المسلمون خمس مرات يوميا، ويسجدون أمام ربهم، ويطلعون على أخبار بعضهم.

والميزة الخامسة للبيت أن الإنسان يتمتع فيه بالأمن عموما. وهذا أيضًا مُيَسَّرٌ في الكعبة المشرفة، لأن الأمن إنما يتيسّر للإنسان إذا انمحت كل النزاعات. والكعبة المشرفة هي المكان الوحيد الذي لكونه مركزا للتوحيد يمكن أن يكون ذريعة لاتحاد العالم كله وجمعهم حول مركز واحد.

فالكعبة المشرفة هي البيت الحقيقي والكامل في الواقع، إذ تتمتع بكل الخصوصيات التي ينبغي أن تكون في البيت……

ثم ليس هناك أمة بقي معبدها تحت قبضتها دائما إلّا أمة الإسلام التي بقي معبدها المقدس تحت يدها دائما. إن أورشليم المقدسة عند اليهود والمسيحيين كانت في يد المسلمين لأكثر من ألف عام. ثم إن “هاردوار” و”بنارس” -وهما مدينتان مقدستان لدى الهندوس- بقيتا تحت حكم المسلمين لستة أو سبعة قرون؛ ثم وقعتا في أيدي الإنجليز. كذلك “جيا” المكان المقدس عند البوذيين ظل تحت يد المسلمين ثم في يد الإنجليز، وهو الآن في يد الهندوس. كذلك الحال مع الجينيين (الذين يحرمون قتل أي حيوان) فقد وقع معبدهم في يد قوم بعد قوم. ولكن الكعبة المشرفة هي الوحيدة التي بقيت في يد المسلمين، ولم تستطع حكومة غير إسلامية أن تستولي عليها. وهكذا كانت مكان آمن دائما.

ومن حيث إعطاء الأمن للآخرين فإن الكعبة تختص بذلك بطريقة لا مثيل لها في الدنيا. كل شيء في الحرم يتمتع بالأمن حتى حُرِّم فيه صيدُ الحيوان. بل إن قطع الأشجار أيضًا حرام، إلا الإذْخر وهو نوع من العشب والكلأ. ويتمتع فيه الإنسان بالأمن لأن القتال والحرب محرمان في حدود الحرم (البخاري، كتاب فضل الحرم). هذا علاوة على ما ينعم به الإنسان من حفظ الله بسبب التقوى والروحانية. ولكن العجيب والغريب أن ذلك البيت الذي اعتبره الله بيتا يهيئ الأمن للآخرين.. فإن أهله المنتسبين إليه يؤمنون بجهاد لا يعطي الأمان لأحد في العالم! هذا أمر عجيب جدا.. لأن الدين الذي سُمِّي دين الأمن والأمان يُعتبر بسبب عقائدهم الفاسدة هذه دين الفساد. وهكذا يجمعون في أنفسهم الأضداد والمتناقضات. ولا يمكن إزالة ذلك إلا أن نخبر الناس بأنه لا إكراه في الإسلام، فهو يحمل تعليم الأمن، ويعطى الأمان للجميع، ولهذا الغرض نفسه أقيمت الكعبة المشرفة.” (التفسير الكبير لميرزا بشير الدين محمود أحمد الخليفة الثاني للإمام المهدي الترجمة العربية ج 2 ص 151-156)

الغرض الحقيقي من الحج

وبعد أن سلطنا الضوء على تاريخ الكعبة وميزات البيت وانطباقها على بيت الله الحرام نرى من المناسب أن نوضح الغرض الحقيقي من الحج ونبين الحكم والدلالات في مناسكه وفي أسماء الأماكن المقدسة. يقول سيدنا الخليفة الثاني للإمام المهدي عن ذلك: “الغرض الحقيقي من مناسك الحج أن تنشأ التقوى في قلوبكم. فطوافكم ببيت الله الحرام، وتقبيلكم للحجر الأسود، وسعيكم بين الصفا والمروة، وذِكركم الله تعالى في مزدلفة ومِنى وعرفات والمشعر الحرام، ورميُكم الجمرات.. كل هذا هدفه أن يتولد في قلبكم حب صادق لله تعالى…. فإذا أوثقتم صلتكم بالله وتحملتم أنواع المشقة، ولم تترددوا في تقديم أي تضحية في سبيله، فسوف يبارك الله فيكم كما بارك في إسماعيل وإبراهيم وهاجر، وسوف يحمي ذريتكم في حماه على الدوام، فلتتخذوا التقوى شعارا لكم، وتذكُروا يوما تحشرون فيه إلى الله ليحاسبكم على أعمالكم…..”

هناك سؤال: ما الحكمة في زيارة هذه الأماكن والطواف هناك؟

أرى أن من أكبر وأهم الحِكم الظاهرة من ذلك أن الله قال في موضع آخر في القرآن الكريم:

  إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ (آل عمران: 97).

فأول بيت تم بناؤه لنفع العالم هو ذلك البيت الذي في مكة المشرفة. لم يبْنِه سيدنا إبراهيم، وإنما هو موجود منذ سيدنا آدم أيّا كان آدم هذا. وكان في قوله: وُضِعَ لِلنَّاسِ نبأ بأنه ما دام هذا البيت قد بُني لجمع العالم كله، فلا بد أن يُجمَعوا هناك ، ولهذا عيّن الله التواريخ المحددة للحج. وبعبارة أخرى: وجَّه الله دعوة عظيمة على مائدته الروحانية لتوحيد الإنسانية، ولجميع الأتقياء والصلحاء من كل مكان، ولخلقِ قوة ووحدة عالمية بين العالم الإسلامي أجمع.. كي يزول ما بينهم من فروق و كراهيات بسبب اختلاف أقوامهم أو بلادهم، وتتسع وتتقوى علاقاتهم ويزدادوا حبا فيما بينهم.

أرى أن الله جعل ثلاثة أيام فارغة للناس في مِنى، لكي يقضوا أوقاتهم في ذكر الله تعالى وعبادته، فضلا عن أن تتم اللقاءات فيما بينهم ويتعرفوا على أحوال بعضهم بعضًا…. ولو أن المسلمين استغلوا أيام الحج لذلك الهدف لانمحت من بينهم أنواع الفرقة والشقاق التي أضعفتهم، ولتمكنوا من تحقيق وحدة عظيمة رغم اختلافهم في بعض العقائد. صحيح أن الحج عبادة دينية، ولكنها إلى جانب فوائدها الروحانية تتضمن منفعةً مليةً وسياسية للمسلمين وهي: أن يجتمع هناك في كل سنة جماعة كبيرة من أصحاب النفوذ والتأثير ليطلعوا على أحوال المسلمين في أنحاء العالم، فيزدادوا أخوةً ومحبةً، واطّلاعًا على مشاكلهم جميعًا، وتعاونًا فيما بينهم، ويأخذوا عن إخوانهم محاسنَ وميزاتٍ، ولكن الأسف أنهم لا يجنون هذه الفوائد كما ينبغي.

والسؤال هنا الآن: إذا كان هذا هو الغرض من الحج، فكان يكفي للمسلمين أن يجتمعوا في مكة، فلماذا يذهبون إلى مِنى وعرفات ومزدلفة؟

أرى من حِكَم اجتماعهم في عرفات و مِنى ومزدلفة أنه لا يمكن اجتماعهم بهذه الأعداد في مدينة مثل مكة،

وكذلك لا يمكن أن تتم بينهم المقابلات على وجه صحيح، فأمرهم الله بالاجتماع في ميادين فسيحة واسعة، لكي تتم اللقاءات بينهم بسهولة لسعة المكان وتوافر الوقت الكافي.. فيتحقق هذا الهدف على أحسن وجه.

وهناك حكمة أخرى لتشريف هذه الأماكن لتكون ملتقى هذه الاجتماعات، وهي أن عرفات على ناحية ساحل البحر الأحمر، وأرى أن إبراهيم جاء من هذا الطريق بهاجر وإسماعيل من الشام ليتركهما في مكة. ثم إن عرفات هو ذلك المكان الذي تجلّى الله فيه لإبراهيم. أما المزدلفة فهو المقام الذي وعد الله فيه إبراهيم برفع درجاته نتيجة لهذه التضحية. أما مِنى فهو المقام الذي جرت فيه هاجر وراء إبراهيم في فزع ولما أخبرها أنه تركها هناك بأمر من الله قالت:”إِذَنْ لا يُضيِّعُنا” ورجعت. (البخاري، كتاب الأنبياء). وكأنه قد قُضي هناك على الشيطان للأبد، ولذلك يقومون برجمه هناك بالجمرات.

ومن هذه الحكم أن الغرض من حج بيت الله الحرام هو توطيد الاحترام والتعظيم لشعائر الله في قلوب الناس. والظاهر من كلمة (شعائر الله) أنها من آيات الله. ولما كان هناك من ينتقل ذهنهم من الظاهر إلى الباطن، لذلك جعل الله لهم في حج بيته علامات وآيات تذكرهم بالله وتجدد في قلوبهم حبه تعالى.

والواقع أن الحج ذكرى لتلك التضحية العظيمة التي قدمها إبراهيم بترك هاجر وإسماعيل (عليهم السلام).. عند بيت الله الحرام في واد غير ذي زرع، وهما في منتهى العسر وقلة الحيلة….

عندما يقوم الإنسان بالحج تتراءى كل هذه المشاهد أمام عينه: كيف أن الله تعالى ينجي من الهلاك مَن يضحي لأجله، ويكتب له العزّة والشرف فوق العادة، فيزداد الحاج حبًّا لله تعالى ويقينًا وثقةً بذاته.

وعندما يرى الحاج نفسه أمام بيت بُني منذ البداية لذكر الله يشعر بعلاقة روحانية عجيبة بينه وبين الذين ما زالوا منذ آلاف السنين ينخرطون في هذا السلك الروحاني الذي انخرط هو فيه الآن.. هذا السلك الروحاني لحب الله و ذِكره الذي جمع بين كل هؤلاء السابقين والجدد.

عندما يقوم الإنسان بالحج تتراءى كل هذه المشاهد أمام عينه: كيف أن الله تعالى ينجي من الهلاك مَن يضحي لأجله، ويكتب له العزّة والشرف فوق العادة، فيزداد الحاج حبًّا لله تعالى ويقينًا وثقةً بذاته.

كذلك برؤية بيت الله تعالى تتجلّى للحاج عظمة الله وجلاله، ويفكر كيف أنه جمع الناس من كل الأطراف حول بيته بطريقة غير عادية. عندما يقع نظر الحاج لأول مرة على بيت الله يكون لذلك وقع خاص على قلبه، وهذا الوقت له شأن عجيب لقبول الدعاء. كان الخليفة الأول للإمام المهدي والمسيح الموعود يقول: عندما ذهبت للحج كنت أعرف حديثا للرسول يقول إن الحاج عندما يقع بصره لأول مرة على بيت الله الحرام فإن دعاءه الذي يدعو به عندئذ مُستجاب. ففكّرتُ أن أقوم ببعض الأدعية، ثم خطر ببالي أنه لو دعوت بهذه الأدعية واستجيبت..  فماذا أفعل بعد ذلك لو احتجت الدعاء لأمر آخر خارج الحج بعيدًا عن الكعبة؟ ففكّرت أن أدعو الله تعالى: “رب استجِبْ كلَّ دعاء أبتهل به لك في حياتي”..وذلك لكي تستمر سلسلة استجابة الدعاء بعد الحج أيضًا.

وكنت سمعت هذا من الخليفة الأول، فلما ذهبتُ أنا للحج تذكرت قوله هذا، وما إن وقع نظرنا على الكعبة المشرفة قال لي جدي لأمي: هَيَّا نَدعُ وأخذَ يردد بعض الدعوات، ولكنني دعوت قائلا: “رب، أنّى لي أن أحظى كل يوم برؤية بيتك. إن هذه فرصة العمر التي تيسرت لي كي أحج، وكل ما أدعوك هو أنك وعدت رسولك أنه عندما تقع أول نظرة لزائر بيتك عليه في أيام الحج، فكل دعاء يدعو به عندئذ مستجاب، فأتضرع إليك يا ربي أن تقبل كل دعواتي في حياتي.” ومنذ ذلك الوقت لا زلت أرى بفضل الله تعالى ورحمته دعواتي مستجابةً بكثرة لا يقدر بها قنّاص ماهر إصابةَ هدفه.” (التفسير الكبير لميرزا بشير الدين محمود أحمد الخليفة الثاني للإمام المهدي الترجمة العربية ج 2 ص 445-448)

مقام إبراهيم

لقد أمرنا الله سبحانه وتعالى أن نؤدي مناسك الحج كلها متبعين السنن الإبراهيمية ومتأسين بأسوة سيدنا إبراهيم حتى قال تعالى: وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى . يشرح سيدنا الخليفة الثاني للإمام المهدي فيقول: ومقام إبراهيم موضع خاص عند الكعبة، أُمر المسلمون بأداء ركعتين نفلا فيه بعد الطواف بالبيت. ويبدو أن إبراهيم بعد أن فرغ من بناء الكعبة صلى في هذا المكان صلاة شكر لله، وإحياء لهذه السنّة الإبراهيمية أمر الله المسلمين بأداء ركعتين هناك.

إلا أنني أرى أن قوله تعالى:

وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى

يعني أن تسعوا لتحوزوا في العبادة والطاعة مقاما تبوَّأه إبراهيم فيهما. إن الناس يظنون خطأ أن المراد من (مقام إبراهيم) موضع مادي، مع أن المقام الحقيقي لإبراهيم هو مقام الإخلاص والتقوى والاستسلام الذي كان يتمتع به، والذي عن طريقه رأى ربه. وكأنه تعالى يقول: عليكم أن تحبوا الله كما أحب إبراهيم ربَّه، وتُضّحوا في سبيل الله كما فعل، وتشتركوا في فعل الخيرات بنفس الإخلاص والحب والتقوى والإنابة الذي كان يتمتع به إبراهيم. لو فعلتم ذلك لنلتم مقامه. فليس المراد من مقام إبراهيم هنا موضعا ماديا، ولكنه مقام روحي. وفي لغتنا أيضاً يقولون: “لم تعرف مقامي”.. ولا يفهم منه السامع أنه المكان الذي يجلس فيه، وإنما يدرك على الفور أنه يعني مقامه في رفعة القدر والمكانة. ولو تمسكنا بالمعنى الظاهري.. أي أن يقف كل مُصَلٍّ في مقام إبراهيم.. فهذا مستحيل. فأولاً- لحدث بين القوم اختلاف في تعيين يقيني لمصلاه في مقام إبراهيم. ولو عرفوه -على فرض المحال- ما استطاع العالم الإسلامي كله الصلاة هناك.. بل في أيام الحج وحدها يكون في الكعبة مائة ألف شخص أو يزيدون، ولو أن كل واحد صلى في هذا المكان بسرعة لاحتاج إلى دقيقتين على الأقل، وفي ساعة واحدة لن يصلي فيه إلا 30 شخصا وفي يوم واحد 720 مصليا. أما الباقون وهم أكثر من 99 ألفا فلن يتمكنوا من أداء الصلاة في هذا المكان في ذلك اليوم. أما المسلمون الآخرون في أنحاء العالم فلا يمكن أن يصلوا في هذا المكان لبعدهم عنه. إذاً فلو حملنا هذا الأمر الإلهي على الظاهر ما أمكن أن يعمل به المسلمون.

وثانيًا هناك احتمال كبير أن يؤدي التزاحم إلى الفساد، بل بالفعل قد حدث شجار مرّة وقُتل شخص في مكة بسببه. فهذه الآية لا تعني المفهوم الظاهري، وإنما معناها أن تحاولوا أن تقفوا في مقام الإخلاص الذي وقف فيه إبراهيم وأن تعبدوا ربكم كما عبد إبراهيم ربَّه.

ثم إن قوله هذا:

وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى

يشير أيضًا إلى قوله تعالى: إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا ، والمعنى: يجب أن يوجد بينكم أنتم أيضا إمام حتى تبقى فيكم السنّة الإبراهيمية حيّة. الواقع أن هاتين الآيتين تذكران نوعين من الإمامة: إمام النبوة وإمام الخلافة. أما الأولى فقال الله عنها لإبراهيم: إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا فقال إبراهيم: وَمِن ذُرِّيَّتِي كي يستمر عملي بعد موتي؟ فقال الله تعالى: سيكون في ذريتك بعض الظالمين، فكيف يُعهَد بهذا العمل إلى الظالمين؟ نعم، نأمر أولادك بالتمسك بسنتك، والذين يعملون بأمرنا هذا سوف نجعل منهم أئمة، وسوف يتمتعون بنعم متجددة من الله تعالى. فهذه الآية تتضمن ذكر إمامة النبوة التي تأتي من الله مباشرة. أما إمامة الخلافة التي يكون للناس دخل فيها، فيشير إليها قوله تعالى:

وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى ..

فقيل للناس: إذا لم تكن هناك إمامة النبوة فمن واجبكم أن تقيموا بينكم إمامة الخلافة، وأن تستمروا في ذلك.

ثم إن قوله تعالى:

وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى

حضٌّ على أن نؤسس في المدن والأماكن الهامة مراكز للدعوة تكون ظلا للكعبة المشرفة وسببًا لنشر الإسلام؛ حيث يجلس الناس يعبدون الله، وينشرون توحيده. يقول الله: يا من تَدَّعون بعشق الكعبة المشرفة، ويامن تدينون بحب بيت الله الحرام، ما بالكم تصوّرون كل منظر يعجبكم مثل “تاج محل” وتحتفظون بصورته في بيوتكم، وتعرضونه على أهلكم وأولادكم؟ وإذا أعجبتكم فاكهة أتيتم بها إلى بيتكم وأطعمتموها أهليكم؟ ولكن ما بالكم لا تحاولون أن تأتوا بصورة الكعبة إلى بلادكم وإلى أحيائكم؟

ماهي الكعبة المشرفة؟ إنها بناء وقف لعبادة الله. ولكن البديهي أنه لا يمكن للعالم كله أن يزور الكعبة، لذلك فإن الله كما يريد أن يوجد في العالم نُسخ أو صُوَر رمزية لإبراهيم.. كذلك يريد الله تعالى منكم أن تصنعوا للكعبة نسخا رمزية تجلسون فيها أنتم وأولادكم.. واقفين مكرِّسين حياتكم لخدمة الدين. وكما أن الذين سوف يتبعون أسوة إبراهيم يكونون أولادا وأظلالا لإبراهيم، كذلك ستكون هذه النسخ أظلالا أو نماذج للكعبة. والحق أنه ما لم تُقَم أظلال للكعبة في كل أرجاء الأرض لا يمكن نشر الدين. يوصي الله بني الإنسان:

وَاتَّخِذُوا مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى ..

أي قوموا مقام إبراهيم، ومنه اعبدوا الله، أي أَنشِئوا مراكز لنشر الدين بصورة كاملة لن يتم بدون ذلك.” (التفسير الكبير لميرزا بشير الدين محمود أحمد الخليفة الثاني للإمام المهدي الترجمة العربية ج 2 ص 157-159)

معانٍ سامية أخرى

كذلك عند الطواف ببيت الله الحرام.. يرى الحاج آلافا من الناس يطوفون به، وآلافا آخرين يصلّون حوله..  فيتولد في قلبه إحساس عميق بأنني قد انقطعت عن الدنيا إلى الله.. فمن واجبي الآن أن أبقى ساجدا على عتبته سبحانه وتعالى.

ثم عند السعي بين الصفا والمروة يتذكر الإنسان حادث السيدة هاجر، فيمتلأ قلبه باليقين بأن الإنسان لو أقام لوجه الله في أرض قفر وبرية، فإن الله لن يضيعه، بل يهيئ له الأسباب من عنده، ويعطيه نصيبا من المعجزات والآيات. كما أن كل الأماكن الموجودة هناك التي هي من شعائر الله قد سُميت بأسماء تنّبه الإنسان إلى الله تعالى.

فمثلا، يذهب الناس إلى مِنى، وهذا الاسم مشتق من الأُمنية، أي الهدف الذي يتمناه الإنسان. وفي هذا إشارة إلى أن الحاج يزور هذا المكان للقاء الله فقط، ولإظهار كراهيته التامة وبراءته الكاملة من الشيطان.

أما عرفات فهو إشارة إلى أننا قد عرفنا الله تعالى والتقيناه..

وفي مزدلفة معنى التقرب والزلفى، وفيه إشارة إلى أن غايتنا قد اقتربت منا. أما المشعر الحرام -وهو تل صغير- فيولّد في قلوبنا احتراما خالصا للنبي وعواطف كعواطف إبراهيم، لأنه مقام كان النبي يُكثر الدعاء عنده خاصة.

وهناك مكة المكرمة، وهي مكان لا يوجد حوله إلا بعض الأشجار والإذخر. ترى الرمال والأحجار في كل مكان، أو بعض الثنايا. إنه مكان جاف للغاية، لا خضرة فيه ولا بستان، وليس هناك من مغريات الدنيا شيء. فلا شك أن قصد هذا المكان لا يكون إلا لوجه الله والتقرب إليه وابتغاء مرضاته. وهذا هو الغرض من حج بيت الله الحرام.

وهناك أمر آخر يشير إليه الإحرام. ذلك أن يتراءى للإنسان مشهدُ يوم الحشر. فكفن الإنسان قطعتان من القماش، واحدة لأعلى الجسم وأخرى لأسفله، ويكون الرأس حاسرا؛ ونفس المشهد يكون في عرفات حيث يجتمع الناس بالآلاف على هذا الشكل، ويُخيل إليه أنه أمام الله، وأن الناس قد خرجوا من قبورهم في أكفانهم ليمثلوا أمام الله تعالى.

ثم في حج بيت الله تتراءى للإنسان الأحداث التي جرت في أيام إبراهيم وإسماعيل وهاجر ومحمد عليهم السلام. فينال إيمانا وعرفانا جديدا. إن الأمم الأخرى أيضا تحكي أحداث كبرائها بلغة الصور.. كما يحكي الهندوس أحداثا تاريخية لهم في مكان يسمى (دسهرا)، والله تعالى أيضًا سرد أحداثا تاريخية لآباء المسلمين سردا يحقق هدفين: يتجدد بذلك ذكرى الأحداث القديمة، كما يتراءى لأعينهم مشهد لحدث قادم.. وهو حادث يوم الحشر. ثم هناك رمي الجمرات، والغرض الحقيقي منه هو البراءة من الشيطان: وهناك حكمة في أسماء هذه الجمرات الدنيا والوسطى والعقبة.. وهي أن يعد الإنسان أنه لن يسمح للشيطان أن يقترب منه في الدنيا، وسوف يدخل عالم البرزخ ثم العقبى خاليا من أي تأثير للشيطان على روحه.

ثم بالذبائح وجّه الأنظار إلى أن على الإنسان أن يكون دائما مستعدا للتضحية في سبيل الله تعالى. فكلما يناديه ربه يخضع على الفور ويحني رأسه في سبيل الله، ولا يتردد في أن يقدم رأسه في هذا السبيل.

ثم الطواف والسعي والرمي كلها سبع مرات. وفي ذلك إشارة إلى تكميل المدارج الروحانية السبعة في سورة “المؤمنون”.

كما أن تقبيل الحجر الأسود أيضا لغة تمثيلية. فبالتقبيل يعني الإنسان أن هذا الذي أقبّله لا أستطيع الانفصال عنه؛ بل أريد أن يكون جزءا من جسمي. إذن فالحج عبادة عظيمة يمكن أن ينال بها المؤمن الصادق آلاف البركات والأنور. ” (التفسير الكبير لميرزا بشير الدين محمود أحمد الخليفة الثاني للإمام المهدي الترجمة العربية ج 2 ص 448-449)

وأخيرا نقول: حجا مبرورًا وسعيا مشكورا لكل من توافد مِن كل فج عميق ومن كل حدب وصوب لأداء فريضة الحج. العيون مثقلة بدموع التوبة، وأكف الضراعة مرفوعة لطلب المغفرة، وطرف السماوات مفتوحة للاستجابة. جعلنا الله من حجاج بيته ومن السالكين في طريق هدايته ورحمته ومغفرته. ولبيك اللهم لبيك.

Share via
تابعونا على الفايس بوك