قراءة في كتاب "حقيقة الوحي"

قراءة في كتاب “حقيقة الوحي”

حسين المصري

  • ما فلسفة تلقي الوحي الإلهي؟
  • ما أبواب الوحي الثلاثة؟
  • الوحي الصادق من نصيب من؟!

__

في الجماعة الإسلامية الأحمدية قد تعلمنا في مدرسة التجديد السماوي الذي جاء به مؤسسها حضرة مرزا غلام أحمد المسيح الموعود عليه وعلى مطاعه الخاتم الصلاة والسلام المستند فهمه وعلمه الى الوحي الإلهي باعتباره عِلماً شاملا محيطًا بكل شيء أزلًا وأبدًا لا يتطرق إليه الباطل ولا يمسه الخطأ ولا يصح فيه الشك، قال تعالى:

وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ (1).

لذلك قدم لنا مفهوم الوحي كمعرفة أعلى وأسمى تتجاوز حدود المعرفة البشرية المرتكزة على شواهد العقل ومراكز الحسّ. وقد أثبت بالدليل العقلاني القاطع على حقيقة عالم الغيب وصولًا إلى أعلى وأهم مراتبه التي تتمحور في إثبات وجود الله تعالى، وحدثنا حضرته في كتابه الجليل «حقيقة الوحي» عن صنفين من الناس ممن يتلقون وحيًا، ليميز تمييزًا واضحًا بين ما يتلقاه عباد الله المقربون من وحي البشائر والنذُر وبين ما قد يتلقاه عموم الناس، وإن كانوا كفرة فجرة!

فلسفة تلقي الوحي

يقول حضرته : لقد بدت الحاجة إلى تأليف هذا الكتاب حينها ملحة جدًّا وها نحن الآن واثقون كل الثقة  بأهمية تأليفه في هذا الزمن، الذي كانت قد ظهرت ألوف الأنواع من الفتن والبدعات، كذلك ظهرت فتنة كبيرة أخرى؛ وهي أن معظم الناس يجهلون الدرجة والحالة التي تكون فيها الرؤيا أو الإلهام جديرين بالثقة، ولا يسعهم التفريق بينها وبين الحالات المحفوفة باحتمال أن يكون ذلك الكلام كلام الشيطان لا كلام الله، أو أن يكون حديث النفس لا حديث الرحمان.

نحن بحاجة اليوم أكثر من أي وقت مضى لمعرفة فلسفة الوحي وحتى نبسط فكرة فلسفة الوحي دعونا نشير إلى مثال ضربه حضرته بتلك الحالة التي  تُحجبُ فيها الغيومُ الشمس من ناحية، ومن ناحية ثانية يثور الغبار أيضًا فلا يمكن أن يصل ضوء الشمس إلى الأرض بجلاء. كذلك حين تعمُّ النفسَ ظلمتُها ويغلبها الشيطانُ ويستحوذ عليها فلن يصلها ضوء الشمس الروحانية جيدًا ولن تتمكن من استقباله كاملًا، وكلما انقشع الغبار والغيم تجلّى ضوء الشمس. فهذه هي فلسفة الوحي الإلهي. إن الوحي الحقيقي إنما يتلقاه أصفياء القلوب وحدهم الذين لا يحول بينهم وبين الله حائل. أولئك الذين جعلوا مُسْتَقبِلاتهم تتوافق مع ذبذبات المرسلات الإلهية بعد أن أزالوا كل أسباب التشويش والعوائق التي أوجدتها النفس الأمارة من مسالكها.

وليكن معلومًا أيضًا أن الوحي الذي تصحبه النصرة الإلهية والأمارات الصريحة للإكرام والإجلال وتتجلى فيه علامات القبول؛ لا يتلقاه إلا المقبولون في حضرة الله. وليس بوسع الشيطان أن يلهم مدّعيًا كاذبًا – تأييدًا له – إلهامًا تتجلى من خلاله مظاهر القوة والقدرة، أو يكشف عليه غيبًا جليًّا لا يُكشف لغيره قبله إكرامًا له ليكون شاهدًا على دعواه.

خاطرة على هامش تكرار القراءة!

لقد أمر حضرته أبناء جماعته المباركه بقراءة كتبه ومنها هذا الكتاب ثلاث مرات على الأقل وكنت أتساءل دائمًا لماذا ثلاث مرات وقد تدبرت هذا القول وفكرت في مراميه طويلًا باحثًا عن الإجابة المحتملة لذلك التساؤل وفي لحظة من الاستغراق والتفكر خطرت لي الآيات الأولى من سورة الملك وهي تشير إلى ثلاث رجعات للبصر، فقلت ما هي هذه الرجعات وما مقاصدها؟!

فإذا بقوله تعالى يقدم إليَّ الجواب من سورة الملك:

الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ * ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ (2)..

فتذكرت أقوال السادة الصوفية أن العلم يُصرَّف على ثلاثة أوجه: علم العوام، وعلم الخواص، وخاص الخاص. نرى من جهة أن هذه المعاني قد احتوتها كلماته حين وجه أفراد جماعته المباركة إلى وجوب قراءة كتبه وفي ذلك إشارة إلى ضرورة التعامل مع كتبه وخصوصًا هذا الكتاب الجليل كتاب حقيقة الوحي بحسب هذه المراجعات الثلاث لأن كل مراجعة تحتاج إلى نظرة وكل نظرة يجب أن تكتمل فيها دائرة الإحاطة بمكنونات درجتها وخصائصها المرتكزة على قاعدتين أساسيَّتين، الأولى منها هي نظرة الصقر التي تحيط بكل جوانب المشهد إحاطة شمولية وأما الأخرى فنظرة الدودة التي تنقب في التفاصيل ولا تستثني الذرات من بحثها. ولعلنا ندرك محتوى هاتين القاعدتين حين نتدبر حقيقة وجود نوعين من الوحي أساسًا وهما الوحي الرحماني والوحي الشيطاني فأما الرحماني فقوي ودقيق وصادق وجليٌّ مفصّل بينما الشيطاني على عكسه تمامًا.

إن الوحي الحقيقي إنما يتلقاه أصفياء القلوب وحدهم الذين لا يحول بينهم وبين الله حائل. أولئك الذين جعلوا مُسْتَقبِلاتهم تتوافق مع ذبذبات المرسلات الإلهية بعد أن أزالوا كل أسباب التشويش والعوائق التي أوجدتها النفس الأمارة من مسالكها.

أبواب الوحي الثلاثة

مما سبق يمكننا فهم الثلاث مرات المخصصة للقراءة بأن الأولى منها هي النظرة العامة التي تتخلل النفس فيها إيحاءات وهمزات بوجود فطور هنا وخلل هناك وذلك عادة ما يكون عند الابتداء في أغلب حالات السالكين وما تفتأ هذه الرجعة أو النظرة أن ترتد خاسئة حسيرة بعد أن تبدأ عين القراءة في بلوغ مقام الصدق والإخلاص الناتج عن ترقي النفس وسلوكها مسالك الإتباع والطاعة المكللة بمقام ذبح النفس الأمارة فتبدأ الجمالية تتجلى في كل حرف من كل كلمة تخرج من فم المبعوث وبكل لمحة ونفس بحال الحركة والسكون فترى العين جمالًا لم تكن تراه عند الابتداء فتغشاها حالة الحب والشوق والإصرار والتمسك بالاتباع والبعد عن الابتداع. وهذه الأخيرة من أصعب المراحل التي يمر بها السالكون وقد عرفنا من خلال كتابات  حضرته الكثير من الأشخاص الذين سقطوا وتردت حالهم ولم يتجاوزوا هذه العقبة وصاروا مبتدعين ظنًّا منهم أنهم على شيء لمجرد تلقيهم بعض أنواع الوحي الذي تلَقَّوه ببركة تواجدهم في حضرة المبعوث السماوي، من هؤلاء البائسين على سبيل المثال بلعام بعور وأمثاله في كل عصر.

…بعد ذلك تتطلع النفس إلى المزيد وهنا تبدأ مرحلة مراجعة جديدة أو بتعبير آخر، النظرة أو القراءة الثالثة التي تنكشف فيها حقائق أعلى وعلوم أسمى تتلقى النفس من فيوضها بركات وإنعامات تؤثر في الروح والجوارح تأثيرًا يفوق أثر الطعام والشراب اللذيذ في الجسد وتستقر النفس بهذا المقام وتذوب ويموت وجودها في حضرة خالقها ومعشوقها. وهكذا أيضًا ومن منطلق الثلاث مرات والرجعات استشفيت أن حضرته يشير في هذا الكتاب للأنواع الثلاثة من الناس الذين يتلقون الوحي وجعل تفصيل ذلك في أبواب.

الباب الأول:  ذكر الذين يرون بعض الرؤى الصالحة أو يتلقون بعض الإلهامات الصادقة دون أن تكون لهم مع الله تعالى أية صلة.

الباب الثاني: ذكر الذين يرون بعض الرؤى الصالحة ويتلقون بعض الإلهامات الصادقة ولهم صلة مع الله تعالى إلى حد ما ولكنها ليست قوية.

الباب الثالث: ذكر الذين يتلقون من الله تعالى وحيًا أكمل وأصفى وهم يحظون بشرف المكالمة والمخاطبة الإلهية الكاملة ويرون الرؤى أيضًا مثل فلق الصبح ويكونون على علاقة أكمل وأتم وأصفى مع الله تعالى مثل أنبياء الله الأصفياء والرسل.

وتنويهًا لما ذكرته سلفًا فإن مسألة الوحي من أكثر القضايا الدينية أهمية ولقد كانت مهمة لكل فرد من أفراد جماعات الأنبياء وغيرهم من الأشخاص باعتبارها ابتلاء واختبارًا لحقيقة إيمان ودليل طاعة الأتباع من ناحية وكونها حجة على الأغيار لأنها تجعلهم متذوقين ومطلعين على أن الوحي حق، فلا يملكون حجة لتكذيب المبعوث حين يخبرهم بتلقيه للوحي.

الشيطان.. صدق وهو كذوب!

على الرغم من أن الشيطان مخادع كذاب، إلا أنه لا يتوانى عن أن يصدق الإنسان القول أحيانًا فيوحى إليه بإطلاعه على رؤيا صادقة أحيانًا من أجل أن يزرع في قلبه العُجب ثم يستمر في تنميته ليصبح شجرة كبيرة ينـزع بها بذرة الإيمان من قلب ذلك الإنسان. وعلى الجانب الآخر نجد أن الذين يصلون في صدقهم ووفائهم وحبهم لله تعالى درجة الكمال لا يمكن أن يكون للشيطان عليهم سلطان،  حيث يقول الله تعالى:

إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ (3)..

لأنّ أفضال الله تعالى تنـزل عليهم، فتتوَلَّدُ فيهم ألوف أمارات ونماذج القبول عند الله التي ذكر حضرته الكثير منها في هذا الكتاب. ولكن الأسف كل الأسف أن كثيرًا من الناس أسرى في قبضة الشيطان، ومع ذلك يعوِّلون على رؤاهم وإلهاماتهم الكثير من الآمال فتخدعهم أنفسهم ويضيعون في دروب الكِبر حتى يجدون أنفسهم من الخاسرين، ومن المعلوم أن تلك الأحوال التي وصل إليها البعض لمجرد تلقيهم بعض الرؤى والإلهامات الصادقة فأصبحوا يريدون ترويج معتقداتهم الخاطئة ومذاهبهم الباطلة، قد جعلتهم يقدمون تلك الرؤى والإلهامات شهادةً على صدق ما يدعون فسقطوا في حفرة تصديقهم بعض الجهلة والمغرر بهم فضلوا وأضلوا، ثم كان من أمثالهم من يقصدون من تقديمهم لتلك الرؤى والإلهامات الاستخفاف بالدين الحق، أو أن يجعلوا أنبياء الله الأطهار في أعين الناس أناسًا عاديين غير معصومين. أو يريدون أن يظهروا أنه إذا كان صدق دين يثبت بالرؤى والإلهامات فلا بد من اعتباره صادقًا. ومنهم من لا يُقدِّمون رؤاهم وإلهاماتهم لإثبات صدق دينهم بل يهدفون من بيانها إلى أن يثبتوا أن الرؤيا والإلهام ليس معيارًا لمعرفة دين حق أو شخص صادق . ومنهم من يقصون أحلامهم استكبارًا واعتزازًا بأنفسهم فقط. ومنهم مَن إذا ظهر صدق بعض أحلامهم وإلهاماتهم -حسب رأيهم- قدموا أنفسهم بناء عليها أئمةً أو مرشدين أو رُسُلا ومبعوثين. فهذه بعض المفاسد التي انتشرت في كثير من البلاد، وقد تطَّرق إلى أصحابها الكِبر والغرور بدلًا من الإيمان والصدق. لأجل ذلك رأى حضرته أن من المناسب جدًّا تأليف هذا الكتاب للتمييز بين الحق والباطل لأنه رأى بعضًا من قليلي الفهم يقعون في الابتلاء بسبب هؤلاء الناس، ولا سيما حين يرون أن زيدًا مثلًا – معتمدًا على حُلمه أو إلهامه – يكفّر بكرًا مع كونه هو الآخر ملهَمًا مثله، وأن خالدًا الذي هو ملهَم ثالث يكفِّرهما كليهما. والغريب في الأمر أن  كل واحد من الثلاثة يدّعي صدق رؤاه وإلهاماته، ويقدم شهادات على أن بعض نبوءاته قد تحققت. فيتعثر الناس كثيرًا نظرًا إلى هذه التناقضات ويقعون في حيرة من أمرهم بين الرفض والتكذيب المتبادل؛ فيفكرون أنه إذا كان الإله واحدًا فكيف يمكنه أن يلهم زيدًا شيئًا ثم يقول لبكرٍ ما يتنافى مع ذلك الإلهام ويقول لخالد شيئًا آخر تمامًا مختلف أو متناقض مع الإثنين. إنّ هذا الوضع يؤدي بالجهال والعوام إلى الشك في وجود الله تعالى.

مجمل القول أن هذه الأمور تترك عامة الناس في قلق، فتصبح سلسلة النبوة مشكوكًا فيها في نظرهم. وهناك أمر آخر أيضًا يُربك عامة الناس وهو أن بعض الفساق والفجار والزناة والظالمين وغير الملتزمين بالدين واللصوص وآكلي الحرام والعاملين على عكس أوامر الله تعالى أيضًا يرون رؤى صادقة أحيانًا. ومع ذلك نجد أن البعض يعتز برؤاه وإلهاماته ويعتبرها دلالة على صلاحه وتقواه، نعوذ بالله من الكِبر والجهل وسوء العاقبة.

وقد عرفنا من خلال كتابات  حضرته الكثير من الأشخاص الذين سقطوا وتردت حالهم ولم يتجاوزوا هذه العقبة وصاروا مبتدعين ظنًّا منهم أنهم على شيء لمجرد تلقيهم بعض أنواع الوحي الذي تلَقَّوه ببركة تواجدهم في حضرة المبعوث السماوي، من هؤلاء البائسين على سبيل المثال بلعام بعور وأمثاله في كل عصر.

الوحي الصادق من نصيب من؟!

ما دام الناس يتلقون بين حين وآخر رؤى وإلهامات مختلفة، بل تتحقق أيضًا في بعض الأحيان وإن عدد الذين يدّعون الإلهام والوحي في العالم كثر، ودائرة تواجدهم واسعة جدًّا ولا يُشترط كونهم على دين حق أو كون سلوكياتهم حسنة فليس من عاقل إلا ويشعر من الأعماق بضرورة إيجاد علامة فارقة بين نوعي الرؤى والإلهامات  الذين ذكرهما حضرته   وتكون من شأن هذه العلامة أنها تحلّ هذه المعضلة، وخاصة في حالة وجود أدلة على أن الناس من كل فرقة يرون الرؤى ويتلقون الإلهامات مع اختلافهم في الدين والمعتقدات السّلوكيات ويكذِّبُ بعضهم بعضًا بناء على رؤاهم وإلهاماتهم، ثم تتحقق بعض من تلك الرؤى لأصحاب كل فرقة. أن هذا الأمر يمثّل حجر عثرة في سبيل الباحثين عن الحق ويشكل عليهم خطرًا كبيرًا، وإنه لَسُمّ قاتل خصوصًا للكاذبين الذين يدّعون تلقي الإلهام من الله. ولكنهم في الحقيقة والواقع لا علاقة لهم مع الله تعالى ولا شأن لهم بالدين الحق البتّه لكنهم  يعتبرون أنفسهم شيئًا يُذكر مخدوعين بحُلمهم الذي تحقق مرة أو بضع مرات، وهكذا يُحرمون من فضيلة البحث عن الحق، بل ينظرون إلى الحق نظرةَ ازدراء واستخفاف.

لقد كان هذا الأمر أحد الأسباب التي دفعت حضرته لتأليف هذا الكتاب الذي يبيّن فيه الفرق بين الظاهرتين للباحثين عن الحق. وقد قسم هذا الكتاب إلى أربعة أبواب. فكان الباب الأول عن الذين يرون بعض الرؤى الصالحة أو يتلقون بعض الإلهامات الصادقة دون أن تكون لهم مع الله تعالى أية صلة. والباب الثاني في بيان الذين يرون بعض الرؤى الصالحة ويتلقون بعض الإلهامات الصادقة ولهم صلة مع الله تعالى إلى حد ما ولكنها ليست قوية. والباب الثالث في ذكر الذين يتلقون من الله تعالى وحيًا أكمل وأصفى وهم يحظون بشرف المكالمة والمخاطبة الإلهية الكاملة ويرون الرؤى أيضًا مثل فلق الصبح ويكونون على علاقة أكمل وأتم وأصفى مع الله تعالى مثل أنبياء الله الأصفياء والرسل. وأما الباب الرابع فجعله لبيان أحواله الشخصية وما أكرمه الله تعالى به فضلًا منه ورحمة.

الهوامش:

  1. (الأَنعام: 81)
  2. (الملك: 4-5)
  3. (الحجر: 43)
Share via
تابعونا على الفايس بوك