في عالم التفسير
أَلَمْ تَرَ إِلَىٰ رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا* ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضًا يَسِيرًا

شرح الكلمات:

دليلا: الدليل: المرشد؛ ما به يقوم الإرشاد (أي العلامة) (الأقرب).

التفسير:

هذه الآية برهان عظيم على أن الرسول صادق، وعلى أن القرآن من عند الله تعالى. ذلك أننا نرى منذ أن ظهر الرسول في الدنيا أن ظله لا يزال يمتد ويمتد في شتى النواحي، ولم تأت في حياته ساعةٌ لا يتقدم فيها إلى الأمام. ففي اليوم الأول الذي نـزل فيه الوحي على النبي ، وخاف من ضخامة المسؤولية – لأن فتح القلوب ليس بأمر هيّن – رجع إلى بيته فزعًا، وقال لزوجته خديجة – رضي الله عنها: لقد أُلقيتْ عليّ هذه المسؤولية الكبيرة فماذا أفعل؟ فقالت له من فورها: “كلا، والله لا يخزيك الله أبدًا”. فكأنه بمجرد أن أبدى القلق والتخوُّف مدَّ الله ظلَّه حيث انضمت زوجته إلى دينه. إن النساء قد يُكثرن التردد والتشكك بطبعهن، ولكن خديجة – رضي الله عنها – بمجرد أن سمعت قول النبي قالت له: ها أنا أصبح أولَّ أظلاك.

ثم ذهبت خديجة بالنبي إلى ورقة بن نوفل، وكان ضليعًا بالعلوم اليهودية والإسرائيلية بين العرب. فحكت له الحادث. فقال ورقة: “هذا الناموس الذي نـزل الله به على موسى” (البخاري: باب كيف كان بدء الوحي).. أي لقد نـزل عليه نفسُ الملاك الذي أنـزله الله على موسى. وهكذا فكأن ورقة بن نوفل قال للنبي بلسان حاله: ها أنا أيضًا أصبح ظلاً من أظلالك. إذًا، فقد امتد ظله في اليوم الأول مرتين.

ثم رجع الزوجان، وتكلما في البيت حول حادث الوحي، فقام عبدٌ للنبي وكان قد أعتقه وقال: اسمح لي بأن أنضم أنا أيضًا إلى أظلالك. ثم قام عليٌّ ذلك الغلام الذي قارب الشباب وقال: أنا أيضا أنضم إلى أظلالك. ولما سمع عن الحادث أبو بكر الصديق.. صديقُ طفولته .. أسرع إلى بيته وقال: يا رسول الله أنا أيضا أصدقك. هذه هي الحقيقة التي بيّنها الله تعالى في قوله أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ .

لا شك أن الأنبياء يتعرضون لمعارضة أهل الدنيا كما تعرض لها النبي ، ولكنا نرى أنه قد انضم إليه منذ أوائل بعثته كل أولئك الذين كانوا حوله أو الذين كان لرأيهم ثقل ووزن، وهكذا قد امتد ظله بدون توقف، ولم يأت عليه يوم واحد لم يمتد فيه ظله، إذ لم يمرّ على دعواه يوم أو يومان أو شهر أو شهران إلا وقد انضم إليه بعض الناس. ففي اليوم الأول الذي تلقى النبي فيه وحي الله تعالى امتد ظله، حيث آمنت به خديجة. ثم في نفس اليوم آمن به ورقة بن نوفل حين ذهب إليه. وعندما تحدّث النبي عن الأمر في بيته آمن عليٌّ وزيد. ثم في مساء اليوم التالي انضم أبو بكر إلى المؤمنين به . فكأن الله تعالى لم يخلق له الظل على الفور فقط، بل ما زال يمد ظله باستمرار، وأخذت جماعات أخرى تنضم إليه . وعندما بلغ خبر بعثته إلى المدينة سارع العديد منهم إليه وآمنوا به. ولما ذهب المسلمون إلى الحبشة أسلم ملِكُها النجاشي أيضا. فثبت أن ظله ما زال يمتد عند كل خطوة باستمرار.

ثم يقول الله تعالى وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا .. أي لولا نصرة الله لك يا محمد، ولولا أنك رسوله الحقّ، فكان من المفروض أن يجعل ظلَّك قصيرا بدلاً أن يمدّه ويزيده. أفلا ترى نصرة الله لك؟ أفلا ترى أنت وأيضًا خصومُك وأعداؤك كيف أننا نمدّ ظلك باستمرار؟

ثم إن من الظلال ما يكون نتيجة لبعض الأحداث التي هي محض صدفة، وكلما امتدت تلك الظلال أكثر انكشف جليًا أنها إنما تمتدّ نتيجة الأسباب المادية، وليس وراءها تأييد الله ونصرته . ولكن الله تعالى يقول لرسوله ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلاً .. أي أن ظلّك لا يمتد فحسب، بل قد جعلنا الشمس عليه دليلا.. بمعنى أن كل إنسان يرى ويدرك أن هذا الظل لم يُصنع بطريق اصطناعي. ذلك لأن الظل يمكن أن يُصنع بوسائل اصطناعية أي أرضية، فمثلاً إذا وضعت المصباح وراء شجرة صار لها ظل، ولو وضعت الشمعة وراء شيء كان له ظل أيضا. ولكن المصباح أو الشمعة ليست وسائل سماوية، ولكن الشمس وحدها هي الوسيلة السماوية لخلق الظل. ومن أجل ذلك يقول الله تعالى ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلاً .. أي أن رقيّك يتمّ بوسائل سماوية ونصرة إلهية، لا بأسباب مادية ووسائل إنسانية. ألا يرى عدوّك أنك تحرز الرقي تلو الرقي من ناحية، ومن ناحية أخرى ليس رقيك بأسباب مادية أو أيد بشرية، وإنما هي يد الله التي تدفعك إلى الأمام، وهذا دليل على أنك رسولنا الحق.

ثم يقول الله تعالى ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضًا يَسِيرًا .. أي سنقبض هذا الظل وسيأخذ الليل يخيم على الإسلام بعد ثلاثة قرون، ولكن سيطلع النهار ثانية كما نبّأ الله بذلك في قوله تعالى وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا (الفرقان:48). فيستيقظ المسلمون من سباتهم نتيجة طلوع الشمس مرة أخرى.

وبحسب هذا الوعد الإلهي نرى أن الأحمدية صارت في هذا العصر ظلاً جديدًا للنبي . فكل من ينضم إلى الأحمدية وكل من يؤمن بالمسيح الموعود ، يتسبب في امتداد ظل النبي أكثر فأكثر؛ وكل ما نتلقاه من الله تعالى من تأييد ونصرة ليشكّل برهانًا ساطعًا على صدق قول الله تعالى ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلاً .

وكل هذا يتم بنصرة الله وتأييده، لا بتدابير البشر. إذ هل هناك مسألة اتبع فيها المسيح الموعود هذه الدنيا. وهل هنا قضية لم يحاول إصلاح أفكار الناس بشأنها؟ هناك عشرات القضايا قد عارض المسيح الموعود تيار أفكار أهل هذا العصر عند شرح تعاليم القرآن بصددها، وبدلاً من أن يتبع الناس جعلهم يتبعونه. فمثلا إن الناس في هذا العصر مهتمون جدًّا بموضوع الاقتصاد، حتى يقول كثير منهم إن الحرب بين الأديان حرب زائفة، وإنما النـزاع الحقيقي هو حول الخبز، ولو حُسم هذا النـزاع لانتهت الحروب بين الأديان أيضًا. ومع ذلك قد نهى سيدنا المسيح الموعود عن الإضراب والتأمينð والربا (ملفوظات: المجلد الثالث ص 167-168، والمجلد الخامس ص 172-173)، وبالتالي قد قضى على أسباب خبز الناس في الظاهر. فإذا كان النـزاع في الدنيا حول الخبز فقط، فكان من المفروض أن يهرب الناس من مؤسس هذه الجماعة بسبب تعليمه، ويقولوا إن هذا الرجل يمنعنا من الخبز، ويمنعنا من الربا، وينهانا عن التأمين وعن الغش والاحتيال بكل أنواعه، وهذا ما لا نستطيع أن نتحمله. ولكن ما حدث هو أن مئات الآلاف من الناس هرعوا إليه رغم هذا التعليم.

ثم إن هذا العصر هو عصر اللادينية، حتى إن أعرق الأسر الإسلامية أيضا أخذت تتخلى عن الثقافة الإسلامية، وهناك تيار معاد للدين في العالم على وجه العموم. ولكن المسيح الموعود قد حثّ أتباعه على التمسك بالدين. وبرغم أن نسبة المثقفين بين أفراد جماعتنا أكثر من غيرنا بفضل الله تعالى، ومع ذلك إنهم أكثر اهتمامًا بالدين من الآخرين، ويسعى المسؤولون في الجماعة جاهدين ليصبح أفرادها أكثر تمسكا بالدين من ذي قبل.

ثم إن هذا العصر عصر الإضرابات. فقد أصبح تشكيل الأحزاب ضد الحكومات والقيام بالإضراب ضد أصحاب الأعمال والمصانع والأساتذة أمرًا عاديًا، ويعتبرونه سلاحًا لا بد منه لتحقيق مطالبهم. ولكن المسيح الموعود نهى عن الإضراب بكل أنواعه، ورغم ذلك ينضم إلى جماعتنا كثير من الطلاب والشباب العاملين في الدوائر الحكومية مع أن الطلاب والشباب هم الذين يقومون بالإضرابات عادة. كما أن العمال أيضا يدخلون في جماعتنا، مع أن هذا التعليم للمسيح الموعود يتنافى مع مصالحهم.

فالله تعالى يؤكد لنا في قوله ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلاً أن كل رقي تحرزونه لن يتم بالتدابير الإنسانية. وهذا لا يعني أن نمتنع عن اتخاذ الوسائل المادية، وإنما المعنى أن الله تعالى هو الذي سيهيئ لنا الوسائل المادية أيضا ولسنا نحن.

إذًا، فإن الله تعالى قد جعل النبي شجرة ظليلة لن يبرح ظلها يكبر ويكبر كل يوم وفق النبوءة الواردة في قوله تعالى أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ . فإذا كان محمد مفتريًا، ألم يكن الله قادرا على أن يوقف نمو هذه الشجرة وامتداد ظلها؟ ولو كانت التدابير البشرية وراء امتداد هذا الظل ولم يكن الله تعالى معه، فكان من المفروض أن يوقف تعالى امتداده. ولكنه تعالى ولم يزل يمدّه بتأييده ونصرته وصار دليلا على صدقه، بدلاً من أن يوقفه ويجعله ساكنًا. فالجماعة التي لا يمحوها الله تعالى بل يزيدها وينمّيها، هل تبقى شبهة في صدقها وكونها من عند الله تعالى؟

لما فتح النبي مكة أمَر بقتل بعض ألدّ أعداء الإسلام الذين قتلوا بعض المسلمين، أو قاموا بتحريض الآخرين على قتلهم، أو مثّلوا بجثث الشهداء المسلمين. وكانت هند من بين هؤلاء الذين صدر الحكم بقتلهم. عندما علمت هند بهذا القرار النبوي، جاءت متنقبة متنكرة مع مجموعة من النساء اللاتي أتين النبي ليبايعنه. فأخذت تردد معهن كلمات البيعة وراءه . ولما قال : قُلن لن نشرك بالله أحدًا، لم تملك هندٌ – الجياشةُ بطبعها – نفسها، وقالت من فورها: يا رسول الله، هل نشرك بالله تعالى بعد كل هذا؟ كنتَ وحيداً، وكنّا أُمةً قوية، ورفعتَ وحدك صوت التوحيد، فقرّرنا جميعًا كبت صوتك وتوطيد عظمة آلهتنا، واستمرت المواجهة التي بذلنا فيها كل ما في وسعنا، فأصبحنا ننتقص وننكمش، وأصبحت تتقدم وتزدهر، ولم نبرح نلقى هزيمة بعد هزيمة، ورحتَ تحرز نصرًا بعد نصر. فلو كانت آلهتنا تملك أي قدرة ما كان لك أن تنتصر. إن انتصارك علينا، رغم كونك وحيدا، لدليل على أن لا خير في آلهتنا، وأن الله الأحد هو الذي يحكم هذا العالم، وهو الذي نصرك وهزمنا. فقال الرسول : أنتِ هند؟ وكانت هند تعرف أنها ليست وحدها خاضعة لحكم الإسلام بل إن الرسول أيضا خاضع لحكمه، فقالت: نعم! أنا هند، ولكن هند المسلمة، ولن تستطيع الآن أن تضرني شيئًا لأن الإسلام يهدم ما سلف من الذنوب. (الطبري: سنة 8، ذكر الخبر عن فتح مكة)

فإذا كان التأييد الرباني حليفًا لأحد كان دليلا على صدقه وصلاحه. وعلامة التأييد الرباني لجماعة هي أنها لا تزال تتقدم رغم المعارضة من أهل الدنيا، ولا يحول حائل دون رقيها وازدهارها. ذلك لأن الله تعالى يأتي لنصرة الجماعة المؤمنة ويؤازرها ويمدّ ظلها ويقويها، ولولا نصرة الله لهذه الجماعة لبقي ظلها ساكنًا في مكانه.. أي لم يحرز أفرادها أي رقي في الدنيا. وكما أن المرء يعرف جهة الظل بمعرفة موقع الشمس، كذلك يعرف المرء برؤية أنواع التأييد الإلهي أي الفريقين سينتصر ويتقدم.

بيد أن نصرة الله لا تكون على حالها دائمًا، بل إذا فسد القوم بعد مرور فترة يتخلى الله عن نصرتهم، فيغيب ذلك الظل أي الرقي. فعليكم أن تسعوا دومًا أن يجعلكم الله وأولادكم ظلاً للرسول يمتد باستمرار، وأن يوفّقكم أن تحموا ظله دائما وتتسببوا في امتداده باستمرار، لكي تتحقق نبوءةُ جعلِ الشمس دليلا على امتداد ظله في كل عصر، ولتحالفكم نصرة الله بدون انقطاع، وتفشل التدابير البشرية ضدكم.

وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا

شرح الكلمات:

سُباتًا: السبات: الدهرُ؛ النومُ؛ وقيل ابتداؤُه في الرأس حتى يبلغ القلبَ؛ وقيل أصله الراحةُ (الأقرب).

التفسير:

لقد بيّن الله تعالى هنا أن ظاهرة الليل والنهار والنوم نعمة عظيمة من نعم الله تعالى، إذ يعمل الليل للمرء عمل اللباس، فيغطي كثيرًا من عيوبه، حيث يكون الإنسان في حالة النوم في وضع لو انكشف على الناس وقت النهار لتعرض للندامة والفضيحة، ولكن عيوبه هذه تظل خفية على الناس بسبب الليل، إذ يكون الآخرون أيضًا نائمين في ذلك الوقت. كما أن النوم مجلبة للراحة حيث يستعيد الجسم قوته ونشاطه ثانية، ولولا النوم لأصيب الإنسان بالجنون في بضعة أيام. فإنما هو النوم الذي يحافظ على قوى الإنسان وطاقاته كلها، فيبدأ عمله في كل صباح بنشاط متجدد.

ثم يقول الله تعالى وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورًا .. أي جعله سببًا لانتشار الناس. فترى القوم ينتشرون في ضوء النهار، ويجرُون في كل طرف وصوب ويدبّرون أسباب معيشتهم.

وإن ظاهرة الليل والنهار هذه نجدها في حياة الأمم أيضا، إذ يأتي عليها زمن الليل حينًا وزمن النهار حينًا آخر. إن عيوبهم كلها تظل خفية في فترة الليل، ولكن عندما يبعث الله تعالى أحدًا من عنده للإصلاح يطلع من خلاله نهار جديد، فلا يرى الإنسان تقصيرات الآخرين فحسب، بل يطّلع على عيوبه أيضًا، فيتحمس لإصلاح نفسه من جديد ويترقى بالتدريج.

 وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ ۚ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا

التفسير:

أي أن الله هو الذي يرسل الرياح التي تحمل البشرى للناس، وينـزل من السحاب ماءً مطهِّرًا تحيا به القرى الميتة، ويسقيه الحيوانات وكثيرا من الناس. وكل هذه الأمور يضعها الله أمام الناس كمواعظ ليهتدوا بها.. أي ليدركوا برؤية الماء المادي أن الله تعالى لا بد أن يكون قد أنـزل الماء الروحاني أيضا. ولكن الناس يقدرون الماء المادي، ويرفضون الماء الروحاني. ولو شاء الله لبعث في كل قرية رسولاً، ولكنه لا يبعث رسوله إلا في قرية واحدة فيخرج منها للتبليغ في المنطقة كلها. فيا أيها الرسول، لا تتّبع ما يقول الكافرون، بل جاهِدْهم بهذا القرآن جهادًا كبيرًا.

لقد شبّه الله تعالى هنا الوحي بالماء، وبيّن أننا كما ننشر الماء المادي بين الناس ونحيي به البلاد الميتة، كذلك قد نعرض عليهم القرآن، ولكن أكثرهم يكفرون بهذه النعمة. إنهم يقبلون نعمة الماء، ويرفضون نعمة الوحي التي هي أفضل من الماء، وكأنهم يؤثرون الأحجار على الذهب والفضة كما يفعل الصبيان الصغار. فذات مرة ذهبتُ إلى بومباي وكانت هناك في تلك الأيام قضية ساخنة في بعض المحاكم. فكان أحد الصاغة فقَد ستين جوهرة تبلغ قيمتها الملايين. فقدّم بلاغا لهذا الحادث للشرطة، فقامت الشرطة بالتحقيق وقبضت على شخص، ووجدت عنده الجواهر المفقودة. وعندما سئل قال: كنت أمرّ في الشارع، فوجدتُ بعض الأولاد يلعبون بهذه الجواهر ظنًّا منهم أنها بلورات زجاجية؛ وأخذتُ منهم الجواهر وأعطيتُهم بعض النقود. فعُلم فيما بعد أن الصائغ كان أخرج من جيبه منديلا، وسقط معه مظروف كان قد وضع فيه الجواهر؛ فوجدها الصبيان وظنوا هذه الجواهر التي يبلغ ثمنها الملايين بلورات زجاجية.

 ð أي التأمين على الحياة. (المترجم)

Share via
تابعونا على الفايس بوك