كشف الستار عن خلفية دعاية كاذبة وخطيرة ضد الأحمدية في باكستان  

كشف الستار عن خلفية دعاية كاذبة وخطيرة ضد الأحمدية في باكستان  

حضرة مرزا طاهر أحمد (رحمه الله)

حضرة مرزا طاهر أحمد (رحمه الله)

الخليفة الرابع للمسيح الموعود (عليه السلام)

 كانت حكومة الدكتاتور الباكستاني الراحل ضياء الحق أصدرت في 26/ 4/ 1984 حكما عسكريًا غاشمًا يحرم المسلمين الأحمديين في باكستان حقَّهم في إعلان دينهم الإسلام الذي يدينون به من الأعماق، أو النطق بالشهادة (لا إله إلا الله محمد رسول الله)، أو إلقاء تحية الإسلام، أو الصلاة على النبي ، أو رفع الأذان، أو قراءة القرآن، أو كتابة أو حيازة آياته، أو تسمية أنفسهم مسلمين، إشارة أو صراحة، شفويًا أو كتابيًا، أو تسمية مساجدهم مساجد.. الأمر الذي كان ولا يزال يحرض بعض المشائخ المتعصبين ومن يأتمر بأمرهم من جهلة الناس على قتل المسلمين الأحمديين المسالمين الذين لم يعتدوا على أحد أبدًا، ونهب ممتلكاتهم، وتدمير بيوتهم، وهدم مساجدهم، ويبشر هؤلاء المتطرفين بالتغاضي عن جرائمهم.

وبعدها نشرت حكومته كتيبًا باسم ( القاديانية.. خطر شديد على الإسلام)، لتبرير ما قام به هذا الدكتاتور من إجراءات جائرة منافية لتعاليم الإسلام السمحاء وسنّة نبي الرحمة ، وسمّته (البيان الأبيض). وكان الأجدر أن يطلق عليه (البيان الأسود)، لما فيه من أعذار سخيفة لتبرير هذا القرار الفرعوني الغاشم، تسوّد وتشوه وجه الإسلام الأغرّ.

ولقد قام إمام الجماعة الإسلامية الأحمدية سيدنا مرزا طاهر أحمد أيده الله تعالى بنصره العزيز بالرّد على هذا (البيان الأسود) محلّلاً ومفنِّدًا كل أعذارهم السخيفة عذرًا عذرًا، في سلسلة طويلة من خطب الجمعة (ثماني عشرة خطبة)، في أوائل سنة 1985. ويسرُّ (التقوى) أن تنشر هذه الخطب القيمة والهامة جدًا، وها هي تنشر قسطًا من أولى هذه الخطب التي أُلقيت في 25 يناير 1985 بمسجد (الفضل لندن)، وسوف توالي نشرها إلى آخرها باستمرار، إن شاء الله تعالى؟ (المحرر)

أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. أما بعد فأعوذ بالله من الشيطان الرجيم.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ * إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ * اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ .

وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ * اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ * يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ (التوبة: 30-33)

إن الدعاية الخطيرة التي تقوم بها الحكومة الحالية بباكستان ضد الجماعة الإسلامية الأحمدية لها عدة أشكال وأساليب، فمن ناحية إنها تمارس ضغطا على المواطنين الأبرياء، وتشترط عليهم لنيل حقوقهم الأساسية ونجاحهم في مقاصدهم، تكذيبَ سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود ، محاولةً إعطاء تكذيب حضرته طابع حملة شعبية التي يقوم بها الشعب برغبة منه، وإنما وراءه قانون يكره المواطن كرها على اختيار أحد الأمرين؛ وإنما تكذيب سيدنا ، أو الحرمان من بعض حقوقه ومنافعه. حتى إنه لا يحق لأي مواطن هناك ممارسة حقه في التصويت ما لم يكذب سيدنا المهدي والمسيح الموعود . وتوجد أمثلة كثيرة في باكستان، وكذلك بين الباكستانيّين المقيمين في الخارج لاحتجاج هؤلاء على هذا القانون حيث يقولون علنًا: لا ندري حقيقة المرزا المحترم، إن كان كاذبًا فعليه كذبه، أما نحن فلا تحملونا إثم تكذيبه.

ولكن هؤلاء بما أنهم لا يمكن أن ينالوا حقوقهم الأساسية ويحققوا منافعهم الدنيوية إلا إذا كذبوه ، لذلك فإنهم يقومون بالإمضاء على استمارات تكذيبه .

وهناك أسلوب آخر تتبعه الحكومة في دعاية التكذيب هذه، وهو حرمان المسلمين الأحمديين من حقوقهم الأساسية، وتعريضهم لأنواع الاضطهاد بمساندة وتأييد الظالمين.. فالحكومة تقف وراء من ينهبون أموال المسلمين الأحمديين، وتحمي في ظلها كل من يحاول اغتيالهم. كما تسقط شهادة الشهود في حقهم، بينما تقبل شهادة الذين يشهدون ضدهم ولو ظلمًا وزورًا.. إلى جانب فصلهم من الوظائف، وحرمان الطلاب المسلمين الأحمديين من حق التعليم، وغيرها من الضغوط والممارسات الكثيرة التي تمارسها الحكومة في حياتهم اليومية، ظنَّا منها أنهم سوف  يضطرون لترك الأحمدية في نهاية المطاف. ولكن، وكما يعلم العالم كله، وكذلك أهل الباكستان الذين بدأوا يعرفون ذلك أكثر فأكثر فإن الحكام رغم كل هذه الوسائل القمعية قد فشلوا في فصل المسلمين الأحمديين عن الأحمدية، بل بالعكس قد نهض هؤلاء بعون الله تعالى أشد قوة وأكثر إيمانا وتسليمًا.. لقد اشتدت رغبتهم في التضحيات، وارتفعت معنوياتهم، وتقوت عزائمهم بحيث لا نجد نظيرها من قبل. فالله تعالى قد أحبط بفضله ورحمته مساعي الحكومة تماما من هذه الناحية أيضًا.

وأما فيما يتعلق بفشلهم الذريع في محاولتهم الأولى فتقول كل التقارير الواردة من أعضاء الجماعة في باكستان بأن كل مواطن غير أحمدي حينما يوقع على ورقة تكذيب سيدنا الإمام المهدي فإنه يشعر بخوف ويتساءل: هل تبينت أمر هذا الرجل الذي أقدمت على تكذيبه أم لا؟ هل أتخذ هذا القرار بعد التأكد من كذبه، أم أوقع على ورقة تكذيبه مكرَهَّا لنيل منفعة دنيوية فحسب.

هذا الإحساس قد بدأ يتزايد عند عامة الناس هناك في هذه الأيام. فالله تعالى قد أوجد بقدرته وسائل لإيقاظ ضمائرهم لم نستطع إيجادها. فإن عامة الناس لم يكونوا راغبين في تحقيق الأحمدية من قبل، وكان معظمهم يسودهم عدم المعرفة، بل الواقع أن المسلمين رغم انضمامهم إلى فرق إسلامية مختلفة، فإن عددًا قليلاً جدًا هم الذين يعلمون ما هي عقائدهم، وما هو الأساس لنظريتهم الإسلامية، وما هي الأعمال التي يطالبهم الإسلام بالقيام بها. فكانت هناك حالة غفلة تسود المسلمين المنقسمين إلى مختلف الفرق فيما يظهر. ولما كانوا يجهلون أيضا أمر الجماعة الإسلامية الأحمدية. وقليل هم الذين يعارضون الأحمدية لاعتقادهم أنها، والعياذ بالله، كاذبة. بينما كان عدد كبير جدًا منهم الذين التزموا السكوت والتفرح فقط، نتيجة لخوفهم من الملات (المشائخ المتعصبين) وضغط عامة الناس. أما الآن ففي كل مكان من باكستان يتكلم الناس عن الأحمدية، وقد بلغت رسالة سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود حتى إلى الأماكن التي لم يصل إليها أحمدي ما قط. وأهلها لا يطلعون على أمر الأحمدية فحسب، بل إنهم بدأوا يشعرون بوخز الضمير أيضا. وذلك أن الحكومة قد أكرهت حتى الجاهلين منهم بأمر الأحمدية تماما، على اتخاذ قرار لم يكونوا أهلاً له. وهذا أدى إلى رغبة الشعب في التعرف على أمر الأحمدية. وقد بدأت آثاره أيضا تظهر. وهذا بلا شك بفضل الله تعالى وعونه.

وهناك أسلوب ثالث تتبعه الحكومة الباكستانية للدعاية ضد الأحمدية وهو نشر وتوزيع الكتب والمنشورات ضدها على نطاق واسع.. فقد وزعوا المنشورات بمختلف اللغات في كل أنحاء العالم، عن طريق السفارات الباكستانية، وكذلك مباشرة.. قاموا فيها بمحاولة تشويه شخصية سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود كذبًا وافتراءً. مما يسبب ألمـًا شديدا للجماعة الإسلامية الأحمدية المنتشرة في كل أنحاء العالم، وخاصة للأحمديين المقيمين بباكستان.. حيث تطلع الجرائد بمثل هذه الدعاية الكاذبة ليل نهار، وتنفق الحكومة الملايين على توظيف المشائخ لسب وتكذيب سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود ، كما تسبه بنفسها وتكذبه ، بدون أدنى مراعاة لأي منطق، ولأي قانون دنيوي، أو لأية قاعدة إنسانية أو أخلاقية. فقد قاموا بنسج حكايات مزورة ضد سيدنا بمختلف اللغات، ونشرها في كل العام لدرجة تصيب المرء بالدهشة بأنه في مثل هذا الزمن المتحضر أيضا يستطيع رؤية مشاهد الانحطاط الأخلاقي لهذه الدرجة.

إن صدور مثل هذه الأمور حتى عن رجل عادي أيضا يدل على انحطاطه الأخلاقي الشديد، فما بال الحكومة يصدر عنها هذه الأعمال المنحطة. إن الحكومات حتى الدهرية منها أيضا تقوم بواجبها الأخلاقي، فتراعي في كلامها بعض الحياء، وتتمسك في حُكمها بالوقار والرزانة عمومًا.. آخذة في الاعتبار دائما التقاليد الدنيوية حتى ضد أعدى أعدائها. ولكن الحكومة الباكستانية هي الحكومة المثالية الوحيدة التي ألقت بكل المقتضيات الأخلاقية بعرض الحائط، وتجاوزت كل القيود التي تضعها المثل العليا فبدأت تستخدم لهجة الأحراريين[1].. تلك اللهجة السوقية التي كان الناس يسمعونها في سوق (بوابة موتشي) بلاهور، أو في أسواق أمرتسار، أو كنا سمعناها حينما هاجم (القواد الأحراريون الفاتحون) قاديان. هذه اللهجة السوقية قد اختارتها الحكومة الباكستانية الآن. إن مزاجها وسلوكها، وأسلوب حكمها كل هؤلاء قد تصبغت الآن بهذه الصبغة الأحرارية تمامًا.

هذه هي الصورة التي تظهر بها هذه الحكومة للعالم كله. وإن التهجم على الأحمدية وعلى مؤسسها سيدنا المهدي والمسيح الموعود ، بكيل تهم باطلة تمامًا قد صار الآن عادتها اليومية. فقد نشرت مؤخرا كتيبًا سمّته (البيان الأبيض)، بعنوان: (القاديانية.. خطر كبير على الإسلام)، ووزّعته بكثرة في كل العالم. ولقد كنت ذكرت في إحدى خطب الجمعة أنني أنوي، بعون الله تعالى، إلقاء كلمة حول هذا الكتيب، وسوف أتناول كل اعتراض ورد فيه على حدة. غير أن بعض علماء وكتاب الجماعة أيضا قد حاولوا الرد عليه في هذه الفترة. وبعضهم كنت أمرتهم بذلك، فكتبوا بحوثًا قيّمة جيدة قد أعدتْ بعضها للطبع. ولكن وصول هذه المواضيع إلى كل أحمدي صعب، كما أن جزء من الجماعة غير متعلمين، وهناك البعض الذين ليس عندهم عادة المطالعة. لذا أرى أننا لا نستطيع الاتصال بأبناء الجماعة على نطاق واسع في هذا الصدد بأي طريق آخر إلا طريق الخطب. لقد لاحظت فوائد كثيرة في الاتصال الذي يتم عن طريق شرائط خطب الجمعة الأردية، ثم عن شرائط الخطب المترجمة إلى لغات أخرى بأيدي دعاة الجماعة. إن هذا النظام للاتصال مؤثر جدا.

لا شك أن المحاولات العلمية التي قام بها علماء وكتاب الجماعة في الرد على كتيب الحكومة هذا، مفيدة جدًا في حد ذاتها، وسوف نستفيد منها أيضا، ولكن كما سبق أن ذكرت، سوف أتحدث أنا أيضا عن هذا الموضوع إن شاء الله تعالى. أما اليوم فأريد كشف الستار على خلفية هذه المعارضة. وبعدها سوف أتناول باختصار الاعتراضات التي وردت في هذا البيان (البيان الأبيض) المزعوم، وأرد عليها بعون الله تعالى في سلسلة من خطب الجمعة أو في أحد الاجتماعات حيث أجد وقتا أكثر.

وفيما يتعلق بخلفية هذه المعارضة فيجب أن يعلم الإخوة أنها نتيجة لمؤامرة مخططة، وإن سلسلة المحاولات المضنية من الجهات المعادية للجماعة تكشف هذه الخلفية. الإخوة لا يستطيعون عمومًا ربط ما حصل من قبل وما يحصل الآن، ولا يعرفون أي الحلقات من المعارضة الحالية متصلة بأحداث سنة 1974.

فممّا يشكف لنا خلفية هذه المعارضة هو كيفية سير المحاولات المعادية للجماعة سيرًا منظمًا، وظهورها الآن بهذه الصورة. ثم هناك جانب آخر لهذه الخلفية.. يتعلق بالقوى الخارجية أو بالقوى الدينية غير الإسلامية. هناك قوى استعمارية كبيرة متورطة في هذه المعارضة لنا، ولها نوايا خطيرة جدًا أخذت صورة مخطط مدبر منذ سنين. لقد تفاوضوا وتساوموا، وكانوا ولا ينفكون ينفقون الملايين ضد الجماعة حسب هذا المخطط. إنني أعلم على الأقل ما تم من تخطيطهم منذ عشرين سنة.

ولا ينتهي الأمر إلى هذا الحد، بل إنهم دربوا الجماعات المعادية لنا تدريبات خاصة، وتدخلوا بها في مجريات السياسية الباكستانية أيضا. إن هذا الموضوع يحتاج إلى التفصيل، وسوف أتناوله فيما بعد إن شاء الله تعالى إذا دعت الحاجة إليه.

وكما أسلفت فإن المعارضة الحالية ضدنا لها صلة قوية بأحداث سنة 1974، فلقد كانوا وضعوا في دستور 1973 نواة لأحداث 1974، بإدخال جمل وبنود تلفت الأنظار إلينا، وتمكنهم من تمييز أبناء الجماعة الإسلامية الأحمدية عن الآخرين واعتبارهم مُواطنين من الدرجة الثانية.

وكنت قد انتبهت لهذا الخطر عندما أرداوا الاتفاق على هذا الدستور وتطبيقه سنة 1973، كما كنت لفتُّ إليه نظر حضرة الخليفة الثالث (رحمه الله) لسيدنا المهدي والمسيح الموعود . فحاولت الجماعة قدر المستطاع وعلى مختلف المستويات لإزالة الآثار السيئة لهذا الاتجاه المعاند. ولكن في خلال محاولتنا تلك انتابنا شعور شديد أن هذا الاتجاه المعاند ليس من صنع الحكومة وحدها، وإنما هي حلقة من سلسلة مخطط طويل، وأننا سوف نواجه أشد من هذا. وأحداث 1974 صدقت مخاوفنا بصورة واضحة.

غير أن هناك فرقا واضحًا بين حكومة 1974 وبين الحكومة الحالية، وهو أن تلك الحكومة كانت تتحلى بالحياء، فكانت تستحي من الشعب، وكذلك من الحكومات الأخرى في العالم. غير أنها لم تكن أقل عداوة للجماعة، وإنما كانت تنفذ مخطط الهجوم العنيف على أسس الجماعة وهدم بنيانها مثل هذه الحكومة. ومن هذه الناحية ليس هناك أي فرق بين حكومة بوتو وبين الحكومة الحالية. ولكن بالنسبة للحياء فهناك فرق واضح بينهما، إن السيد بوتو كان قائدا شعبيا، وكان يدعي بكونه محبوبًا لدى الشعب. وكان ينوي ألا يفقد شعبيته بإشعار المواطنين بأنه يريد أن يصبح دكتاتورا يفعل ما يشاء إلا بما هو في نطاق الاضطرار الشديد. ولذلك إنه قبل اتخاذ الإجراءات ضد جماعتنا حاول أن يعطي الموقف طابع محاكمة شعبية، برفع الأمر إلى المجلس الوطني. كما منح الجماعة الإسلامية الأحمدبة حق الدفاع عن موقفها أمام المجلس حتى لا يعترض عليه العالم الخارجي. والحق أنه كان ينوي بذلك كسب المزيد من الرأي العام العالمي، إذ كان له أمانٍ واسعة وطموحات كبيرة حتى خارج بلده أيضًا. فكان لا يرى الكفاية في أن يكون قائد شعبه، وإنما كان يتمنى توسيع نفوذه في المناطق المجاورة ليتألق أمام العالم كقائد الشرق كله مثل باندت نهرو، حتى يعترف العالم بمهارته السياسية.

هذا ما جعله يستحيي من الرأي العام العالمي، ويتظاهر لشعبه وللعالم الخارجي وكأنه مضطر اضطرارًا شديدًا في أمر الأحمدية. ولكنه مع ذلك لم يخضع لضغوط الناس مباشرة، وإنما رفع القضية إلى المجلس الوطني، وأعطى لوفد الجماعة المتكون من إمامها وبضعة أفراد آخرين فرصة الدفاع عن موقفها. واستهلكت النقاشات قسطًا كبيرًا من أوقات المجلس الوطني. وأخيرًا عندما اتفقوا على اتخاذ قرار باعتبارنا أقلية غير مسلمة وجد بوتو في ذلك فرصة ليقول: ماذا أفعل الآن، ليس أمامي أي خيار.

أما الحكومة الحالية فهي عارية تمامًا من ثوب الحياء، فهي ليست حكومة الشعب، كما لا تبالي بالرأي العام. إن الدكتاتور في كل حال دكتاتور، لذلك مهما حاول في الظاهر، فإن الدكتاتورية تفرض عليه نفسها وتلزمه بعدم الاكتراث بأي شيء مهما كانت النتائج، ومهما صرخ الرأي العام. فمن مزاج الدكتاتوريين أن يحاولوا قليلاً لكسب الرأي العام بسهولة، فإن كسبوها فنعم وحبذا، وإلا فلا يبالون بأي شيء. وهذه النزعة الدكتاتورية قد ظهرت بكل جلاء ووضوح أيضًا في الدعاية الحالية ضدنا. (يتبع)

[1] الأحراريون هم بعض المشائخ المتعصبين وأتباعهم المتطرفون الذين اشتهروا بولائهم للهنادك في الهند ومعارضتهم لنظرية تأسيس باكستان ، ومخالفتهم للقائد الأعظم محمد علي جناح مؤسس باكستان . وعندما تأسست باكستان فروا إليها خوفا من الهنادك والسيخ . ثم حاولوا الوصول إلى الحكم باتخاذ طرق شرعية وغير شرعية بكل وقاحة . كانوا هاجموا مركز الجماعة الإسلامية الأحمدية في قاديان في 1934 لتدميرها بمساندة الحكام الإنجليز . المترجم

Share via
تابعونا على الفايس بوك