صبرا آل ياسر فإن موعدكم الجنة

صبرا آل ياسر فإن موعدكم الجنة

التحرير

  • شهادة التاريخ على أبشع المظالم التي حدثت بإسم الدين.
  • تدوين قصص القرآن الكريم للإضطهاد الذي تعرض له المؤمنون على مر العصور.
  • قد تكرر وظهر هذا الاضطهاد في زمن البعثة الثانية للإسلام .
  • جريمة نكراء وقعت في اندونيسيا حيث شنوا هجوما وحشيا على مركز الجماعة.
  •   إن الجماعة الإسلامية الأحمدية لا تسعى للإنتقام بل تفوض أمرها لله لاستنزال رحمته ونصره.

__

شهد تاريخ الإنسانية على مر العصور سفكً همجيًا للدماء تحت شعارات مختلفة وبمسميات عديدة. إلا أن أبشع المظالم حدثت إما إكراها في الدين أو إجبارا للتخلي عن عقيدة ما. فإذا كان الطاغوت الكهنوتي الديني وحزبه يسلك على مدى التاريخ سبيل الاضطهاد والظلم ويُهمش عمدًا الحوار والحجة والبرهان لإيقاف مسار الجماعات الربانية وعرقلة سبيلها، فإن المؤمنين بالمبعوث السماوي يرون في ذلك معالم صدق الدعوة ويعقدون العزم على التضحية بكل غال ونفيس في سبيل إعلائها، ولا يُخيفهم الموت بل هو تاج تضحياتهم وهو الذي يسبب لهم الحياة الأبدية في جوار الرفيق الأعلى.

إن معالم الاضطهاد والعدوان الذي تعرض له المؤمنون بمبعوثي السماء عبر عصور شتى، دونتها  قَصص القرآن الكريم لإثبات التهمة على مرتكبي هذا الفعل الشنيع الآثم الذي طالما تواصى به الظالمون من كهنة ورجال الدين وأوصيائهم، ولِرسم معالم هذه الشخصية الظالمة التي تظهر مخالبها كلما أُرسل  مبعوث سماوي. فدوَّن القرآن الكريم قصص أصحاب الكهف، أصحاب الأخدود، أتباع موسى ، والمسلمين الأوائل الذين ظُلموا لقولهم ربنا الله ولتصديقهم برسالة النبي الأعظم محمد المصطفى .

وكان لزاما أن يظهر هذا السلوك العدواني الغاشم في زمن البعثة الثانية للإسلام بمجيء المسيح الموعود . فقد سلك المؤمنون الأحمديون على نفس السبيل وقدموا  التضحيات نفسها في سبيل الإيمان. ولم تقلل الخسائر التي تكبدوها في عزائمهم بل رسختها للمضي قدما بمشعل الهداية الإسلامية الصحيحة وإشاعتها في أنحاء المعمورة متمسكين بأهداب الصبر. فلا شك أن إيمانهم لن يضيع ولن تُرعبهم  الجموع الظالمة ولن تزلّ أقدامهم بعد ثبوتها، وكانوا مصداق قوله تعالى:

الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا الله وَنِعْمَ الْوَكِيلُ (آل عمران : 173)…

ولقد بشرهم الله في كتابه العزيز

  وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (البقرة : 155).

إن الوحشية والقسوة التي ينهجها أعداء الأحمدية وما يقابلها من صمود وثبات مُسْتلهَم من سيرة جماعات الأنبياء، تجعل المسلمين الأحمديين في صف تلك الثُلّة، إذ تنطبق عليهم المشابهة بالمؤمنين الأوائل

ثُلَّةٌ مِنَ الأَوَّلِينَ وَثُلَّةٌ مِنَ الآخِرِينَ

حيث إنهم استُشهدوا لأنهم آمنوا بصدق محمد المصطفى والتصديق بكل ما جاء به.

فمنذ أيام مضت استفاقت وسائل الإعلام العالمية على هول جريمة نكراء وقعت في أندونيسيا، يندى لها جبين الإنسانية حيث شنّت غوغاء المشائخ يتراوح عددها ألف معتدٍ هجوما وحشيا على مركز للجماعة. وأفادت التقارير أن المعتدين كانوا مسلحين بالمناجل والرماح والخناجر وأسلحة أخرى. فقتلوا ثلاثة مسلمين أحمديين وجُرح خمسة بجروح بالغة من جراء الهجوم. وأُحرقت ممتلكاتهم الخاصة. حدث كل هذا تحت أنظار السلطات الأمنية التي لم تحرك ساكنا ولم تتدخل لإيقاف المجزرة.

إلا أن هذا الحدث الأخير كان موثقا بالصوت والصورة عبر شبكة الإنترنت ليشهد على فظاعة تعكس قسوة فكر وحشي دموي تجاوز شنائع الكفار في الجاهلية. إنها ممارسة تطبيقية لفكر ضال ذي جذور شيطانية يؤصل له أدعياء ينسبون أنفسهم ظلما وعدوانا للإسلام ويحرفون تعاليمه السمحاء ويلطخون سمعة من بعثه الله رحمة للعالمين بالدماء، ويسوّدون تعاليم الدين الغراء التي تنهى عن التمثيل بجثث الأعداء في الحروب فضلا عن تأكيده على حرمة الميت وجثمانه. إنها جريمة نكراء تناقلتها وسائل الإعلام العالمية وتحفّظت عن بث مشاهدها لفظاعتها ووحشيتها ومصادمتها للمشاعر الإنسانية.

إن الوحشية والقسوة التي ينهجها أعداء الأحمدية وما يقابلها من صمود وثبات مُسْتلهَم من سيرة جماعات الأنبياء، تجعل المسلمين الأحمديين في صف تلك الثُلّة، إذ تنطبق عليهم المشابهة بالمؤمنين الأوائل

وفي خضم هذا الحدث صرّح سكرتير الإعلام بالجماعة بما أفاد به حضرة مرزا مسرور أحمد (نصره الله). أن هذا الهجوم المروع سبب الحزن البالغ والألم الشديد لقلوب جميع المسلمين الأحمديين في جميع أنحاء العالم بل ولكل إنسان يحب المحبة والسلام. حيث لم تشهد وحشية المعتدين أي حدود بتنفيذ جريمتهم النكراء بالضرب المبرح في جو الهتافات والتصفيق من الحضور. كما أشار  أيده  الله بنصره في بيانه إلى مدى التواطؤ وعدم قيام السلطات بواجبها في حماية المسلمين الأحمديين بما عرضهم لهجمة وحشية قاسية.

إن من عادتنا أبناء الجماعة الإسلامية الأحمدية في كل مكان التمسك بالصبر والسلوان، ولا نسعى إلى الانتقام وأعمال العنف والتظاهر، ولكننا نرفع إلى الله عز وجل أكفَ الضراعة لاستنـزال رحمته ونصرته ونفوّض أمر الظالمين إليه سائلين إياه تبارك وتعالى أن يجْعَل لَنَا مِن لَّدُنه وَلِيّاً وَيجْعَل لَنَا مِن لدُنه نَصِيراً. ويجعل دائرة السوء على القوم الظالمين.. ولا شك أن المعتدين بارتكابهم هذه الجريمة الشنعاء سيُعرضون أمام محكمة العدل الإلهية وسيعلمون لمن عقبى الدار وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ. وفي هذه الأجواء ستواصل الجماعة في كل أنحاء العالم بقيادة أمير المؤمنين أيده الله بنصره العزيز تذرّعا لخالقها طالبة حمايته ومؤازرته عز وجل وأن يتغمّد شهداءها الأبرار في عليين مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.

ولا يسعنا ونحن في هذا المقام إلا أن نرفع من منبر “التقوى” ذلك النداء المحمدي الخالد – صبرا آل ياسر فإن موعدكم الجنة. الذي فُتح به سجل الاستشهاد في سبيل دين المصطفى ونُلحق بشهداء جماعة المؤمنين الأولين الآخَرين منهم.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

Share via
تابعونا على الفايس بوك