التصدي لهجوم أباطيل الأقلام وسموم وسائل الإعلام

التصدي لهجوم أباطيل الأقلام وسموم وسائل الإعلام

التحرير

إن أقل ما يمكن أن يُقال في شأن الإساءة التي تـمت مؤخرا في حق الرسول الأعظم محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم، هو إنها طريقة دنيئة بكل المقاييس الأخلاقية والحضارية وتجاهل متعمد  لمقام الإسلام وتعاليمه وسيـرة رسوله الكريم التي تزخر بمواقف روحانية وإنسانية عظيمة لم يبلغها أحد منذ بدء الخليقة ولن يبلغها إلى يوم القيامة. وإن مثالا واحدًا من سنته الطاهرة يكفي لتبديد كل الظلمات الناجمة عن سوء الظن والحقد والكراهية التي تسود هذا العالم.. لكن أنّى لهذا العالَم أن يرى تلك الأسوة الحسنة في حين أن غشاوة العداوة والبغضاء والجشع والمصالح الأنانية تحجب بصيـرته عن رؤية النور فتنقاد النفس الأمارة ثائرة هائجة بكل ما تحمله من دنس ورجس، فتؤذي مَن حولها دون خجل أو حياء.

إن إهانة المقدسات الدينية بقصد السخرية والاستهزاء أمر مرفوض لأن هذا الأسلوب لا يمت بصلة إلى حرية الرأي والتعبير، ولا إلى البحث العلمي الهادف الذى من دواعيه التجرد من المواقف المسبقة بغية الوصول إلى الحقيقة. لكن وللأسف الشديد كثيرا ما يُساء استخدام شعار الفكر والتعبير والبحث بغية التشهير والطعن والإساءة المتعمدة في حق معتقدات الآخرين بأساليب ماكرة سبقتها نوايا خبيثة موجهة ومدعومة من جهات مغرضة.. إن المسلم المتأمل في ما يحدث حوله هذه الأيام ليـَرى ويستشعر أن هناك حملة منظمة متناسقة تستهدف الدين الحنيف لمزا وطعنا وتشهيرا وتشكيكا، حيث جُنّدت لذلك قوى سياسية وثقافية ودينية ماكرة.. وفي المقابل نرى العالم الإسلامي عاجزا عن تدبير أمره متقاعسا عن تجنيد قدراته للدفاع والتصدي بمنطق العصر وأدواته. وهذا للأسف الشديد مما يبعث على الأسى، ولم يتعد رد فعل كثير من المسلمين في البلاد الإسلامية مستوى جرح العاطفة الدينية، مما نتج عنه تظاهرات وإحراق أعلام وأعمال شغب!! تُرى هل نصر الإسلام والدفاع عن تعاليمه يتحقق بهذا الأسلوب؟! وهل هذا هو كل ما تملكه الأمة من حكمة ورؤية وقدرة لنصرة الدين ورد أباطيل الأقلام وسموم أجهزة الإعلام! أم أن المطلوب هو تجنيد كل القدرات والطاقات الهادفة التي في حوزة الأمة وتوجيهها توجيها صحيحا.. يبدو أن القادة الدينيين في عالمنا الإسلامي  بحسب ما نرى من ردود أفعالهم لم يقرأوا ولم يستفيدوا من تجارب غيرهم ولا من منطق  العصر، لأنهم لو أدركوا بوعي وحكمة لجاهدوا بالأقلام هجمات الأقلام، ولجاهدوا بالإعلام هجمات الإعلام كي يُكشَف الستار عن كل مفترٍ مكّار.

إن حاجة الإسلام اليوم ماسة إلى هذا الجهاد العظيم الذي لو قام به المسلمون حق قيام لتلاشت أباطيل أعداء الدين الذين يجدون الأبواب مفتوحة على مصراعيها دون منافس  مدافع عن حمى الإسلام.. لكن السؤال الذي يطرح نفسه كيف لفكر تقليدي باسم الإسلام يحمل بين طياته الغث والسمين من إسرائليات وغيرها من  العقائد الباطلة أن يرد على تخرصات الخصوم!!

إن هذه الحملة الشرسة التي تشنها قوى المسيح الدجال على حرمات المسلمين ليست وليدة الصدفة بل في واقع الأمر قد تنبأ بها سيد الخلق كافة حيث قال صلى الله عليه وسلم: “… إِنْ يَخْرُجْ وَأَنَا فِيكُمْ فَأَنَا حَجِيجُهُ…”. وهكذا فقد غطت هذه الكلمات الوجيزة ولا سيما كلمة حجيجه حقبة مهمة من تاريخ الأمة الإسلامية فها نحن شهود عيان لها حيث إنها رسمت الخطوط العريضة للتصدي لفتنة الدجال وذلك بالحجة والبرهان لا بالسيف والسنان. إن إحياء الإسلام أمر مقدر عند الله تعالى وهذا لا يتحقق إلا على يد من اختاره الله تعالى لتجديد الدين وإصلاح الأمة. وقد اتفق المسلمون من كل المذاهب والفرق أن ظهور الإسلام على الأديان الأخرى في الأيام الأخيرة سيتحقق على يد الإمام المهدي والمسيح الموعود.. لكن ليس بحسب التصور التقليدي للمشائخ الذين يروجون لمقولة انتصار الإسلام على الأديان الأخرى بالقوة! فهذا مما لا يسعنا أن نشاركهم فيه كونه يخالف منهج الأنبياء والمصلحين.

إن الدارس الأمين لسيرة حضرة الإمام المهدي عليه السلام سيتوصل حتما بعون الله عز وجل إلى أن حياته الطاهرة كلها كانت جهادا ضد أعداء الإسلام حيث تصدى لمطاعنهم وبددّ أحلامهم المريضة في القضاء على الدين الحنيف. كما كان لكتاباته وقع أشد من وقع الحسام في قلوب القساوسة المنصّرين وكل من تطاول على عرض المصطفى صلى الله عليه وسلم ودينه.. إن الهزيمة النكراء التي تجرّعها أعداء الإسلام في الهند لا يمحى أثرها وهذا ليس مبالغة بل شهادات التاريخ أحسن شاهد على جهاده العظيم..

إننا في الجماعة الإسلامية الأحمدية العالمية ندعو إلى هذا الجهاد ونقوم به تأييدا ونصرة للإسلام ولعل القيادة الرشيدة التي توجه الجماعة عبر نظام الخلافة لهي الخط الدفاعي الأول الذي يصون كرامة الإسلام ويخطط للرد على كل تجاوز بما تقتضيه الحكمة.. وفي هذا الوقت العصيب الذي شمّر العدو فيه على الإساءة إلى الإسلام علانية، وأمام الفراغ والجمود الذي يسود العالم الإسلامي وعلماءه وهيئاته وبعيدا عن كل عاطفة ثائرة عابرة تخمد بعد خمود دواعيها.. انبرت الجماعة الإسلامية الأحمدية مجاهدة بكل ما تملك للردّ على كل المتطاولين على الإسلام وشخص الرسول صلى الله عليه وسلم..

إن نداء الجهاد الذي أعلنه الخليفة الخامس أيده الله بنصره العزيز في خطب الجمعة للدفاع عن الإسلام والرد على الخصوم لهو نداء  استنفار ونفير  لنتسلح بسلاح البراهين والحجج والمعرفة لمنازلة العدو فكريا وروحيا.. إن النيران التي يوقدها المسلم الأحمدي هذه الأيام  ليست من نوع تلك التي توقد في تظاهرات سرعان ما تخمد بعد ذلك! إن النار المتقدة في صدور المسلمين الأحمديين هذه الأيام لهي نار الغيرة والحماس وحب خدمة الإسلام والرد على افتراءات الأعداء بكل السبل السلمية المؤثرة كتابة وصوتا وصورة، إنها نار لا تخمد في صدور المؤمنين بل تزداد توهجا وألما لبذل المزيد.. نار وقودها الإيمان واليقين ذات حربةٍ سماوية تطلق سهامها على كل شيطان رجيم..

اللهم انصر من نصر دين محمد صلى الله عليه وسلم واجعلنا منهم، واخذل من خذل دين محمد صلى الله عليه وسلم ولا تجعلنا منهم آمين..

Share via
تابعونا على الفايس بوك