روح التنافس والتسابق في الخيرات

في رحاب القرآن

وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (149)

شرح الكلمات:

وِجهة– الوجه الجهة؛ المنهاج؛ المقصود.

فاستبقوا –استبق: أراد كل واحد أن يسبق الآخر.

 

التفسير:

هناك مفعول به محذوف بعد (مولّيها) وتقدير الجملة: ولكل وجهة هو موليها وجهة..أي لكل شخص غاية معنية يركز عليها كل أفكاره، ويضعها نصب عينيه طيلة حياته، ويسعى بكل انهماك لتحقيقها. أحيانا يتخذ النجاح في التجارة هدفا له، وأحيانا الفلاح في الزراعة، وأحيانا الحصول على السلطة السياسية، وأحيانا الرقي في العلوم، وأحيانا خدمة الأرامل واليتامى والمساكين، وأحيانا نشر الدين. مهما كانت قدرات الإنسان عظيمة أو ضئيلة فإنه يعمل شيئا ما.. لأن الفراغ والبطالة ليسا في الحقيقة من الفطرة الإنسانية. وهكذا الحال بالنسبة للأقوام والأمم..كل أمة تجعل لها الغاية، وتبذل لأجلها كل تضحية. وما دام كل إنسان يفعل شيئا لا محالة، ويكون مشغولا بعمل شيء..فيجب أن يكون لكم أيها المسلمون أيضا غاية، ولكن يجب أن تكون غاية موحدة بدلا من أن تكون لهذا غاية ولذاك غاية بسبب الفرقة القومية. والناس يعيّنون مقاصدهم وأهدافهم بأنفسهم، ولكننا رحمة بالأمة المحمدية..نعين لهم بأنفسنا غاية سامية لتكون دائما نصب أعينهم، وهي: “استبقوا الخيرات”.. يجب أن يحاول كل واحد منكم أن يسبق صاحبه وأخاه في فعل الخير.

وبقوله تعالى (فاستبقوا الخيرات) بين الله طريقا عجيبا لازدهار الأمم..لا يهتم به الناس هذه الأيام عموما للأسف. فقد لوحظ أنه عندما ينصح الإنسان صاحبه ويرغبه في الخيرات يقول: أنتم تضغطون على الفقراء فقط ولا تهتمون بالأثرياء ولا تسألونهم. لو كان أحد ثريا أو كبيرا من الناحية الدنيوية، ولا يستبق في الخيرات ولا يشارك فيها.. فلماذا تتخذه مثالا وقدوة لك؟ عليك أن تقتدي بالقدوة الحسنة، وبدلا من أن تنظر إلى فقر أحد أو ثراء أحد.. تنظر من هو المتقي ومن هو البار. إن الفقير الصالح البار أحسن عند الله آلاف المرات من الثري الذي لا تقوى فيه. أما الصحابة فكان حالهم أن ذهب الفقراء مرة إلى النبي يشتكون إليه: “قد ذهب أهل الدثور [أي الأموال]بالدرجات العلى والنعيم المقيم! فقال: وما ذلك؟ قالوا: يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم، ويعتقون [أي يحررون العبيد]ولا نعتق. فقال رسول الله: أفلا أعلمكم شيئا تدركون من سبقكم وتسبقون من بعدكم، ولا يكون أحد أفضل منكم إلا من صنع مثل ما صنعتم؟ قالوا: بلى، يا رسول الله. قال: تسبحون وتكبرون وتحمدون في دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين مرة.. فرجع فقراء المهاجرين إلى رسول الله فقالوا: سمع إخواننا أهل الأموال بما فعلنا ففعلوا مثله. فقال رسول الله: ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء) (مسلم، المساجد). هكذا كان الصحابة متحلّين بروح التنافس والتسابق في الخيرات.

فبدلا من أن يعترض الإنسان ويقول لماذا لا تكلفون فلانا بهذه الخدمة..عليه أن يشارك بنفسه في العمل ويتسابق مع إخوانه في فعل الخير. كل واحد له غاية في الدنيا: فهذا يحب الأكل، وآخر يحب التمتع بالملذات، وثالث يغرم باللباس الأنيق، ورابع يريد المال، وخامس يحب الغيبة والنميمة، وسادس يحب الشجار؛ وسابع يحب التجارة..فكل امرئ له غاية يسعى للحصول عليها، ولو رأيتم أفقر الناس وأجهلهم لوجدتم أن له أيضا هدفا وغاية؛ فبعضهم يسعى ليكون من كبار القوم، ومنهم من يريد تعليما عاليا، وبعضهم يطمح أن ينال سلطة سياسية، وما دام لكل واحد هدف وغاية..فلماذا لا تفعلون فعلا يجمع الخيرات؟ لماذا لا تعقدون العزم على ألا تتخلفوا عن أحد في أي عمل حسن.

الحق أن القرآن يقارن هنا بين الإسلام والأديان الأخرى، ويبين أن الأديان الأخرى غافلة عن فعل الخيرات وغير واقفة على حقيقتها. فالفرصة متاحة الآن للمسلمين كي يتقدموا إلى الأمام ويسعوا لأن يسبق كل واحد منهم الآخر.

في عهد الرسول تشاجر أبو بكر وعمر ذات مرة، وعندما انصرفا تأسف أبو بكر وفكر أنه لو بلغ الأمر الرسول لتضايق منه. فذهب إليه وقال: “إني كان بيني وبين ابن الخطاب شيء، فأسرعت إليه، ثم ندمت، فسألته أن يغفر لي فأبى عليَّ ذلك، فأقلت إليك. فقال: يغفر الله لك أبا بكر ثلاثا. ثم إن عمر ندم، فأتى منزل أبي بكر، فسأل: أثمّ أبو بكر؟ قالوا: لا، فأتى النبي (ص) فجعل وجه النبي يتمعر (أي يتغير) حتى أشفق أبو بكر، فجثا على ركبتيه فقال: يا رسول الله، والله أنا كنت أظلم …”(البخاري، المناقب). هذه هي روح الخير والتسابق في الخيرات بين الصحابة. الخطأ من عمر ولكن أبا بكر يعتذر أمام الرسول حتى يزيل سخطه عن عمر.

لا شك أن هناك العديد من المزايا التي تميز الإسلام وتفضله على الأديان الأخرى، ولكن من أعظمها أنه بينما تدعوا الأديان إلى عمل الخير فإن الإسلام يدعو للتسابق في الخير.

يقول الله تعالى أن كل أمة قد اختارت طريقا لنفسها، وأعرضوا عن طريق الخير، يقولون إنهم يدعون إلى الخير، ولكن الحقيقة غير ذلك..وبسبب انحرافهم نحو جوانب أخرى بقي جانب الخير خاليا لا يطرقه أحد، فعليكم أن تأخذوا هذا الجانب. عليكم أن تعملوا الخير، ثم تتسابقوا في فعل الخيرات، وتحاولوا أن تبُذُّوا الآخرين فيه.

لقد اختار الله كلمة (استبقوا) التي لا تدل في الظاهر على السرعة والعجلة، لأنه لو كان هناك من يسيران ببطء، وسبق أحدهما الآخر بعض الشيء لعدّ ذلك استباقا أيضا، وإن كان هذا السبق قليلا..ولكن لو تدبرنا في كلمة “استباق” لوجدنا أنها في الحقيقة تعني السرعة بأقصى درجة، لأن الله تعالى أمر هنا كل إنسان أن يستبق ولو أن أحدا سعى للاستباق وسبق قليلا.. فالأخر أيضا مأمور أن يسبقه، وهكذا كلاهما مأمور أن يستبق ويسبق..وسيحاول كل منهما أن يسبق بقدر قواه الإنسانية، ومن ثم سوف يكون الرقي والتنافس في فعل الخيرات متزايدا باستمرار ليصل إلى أعلى سرعة. كان من الممكن أن يستخدم هنا كلمات أخرى ترادف الاستباق في الخيرات، كأن يقال: فاسعوا في عمل الخيرات، ولكن الواقع أن مفهوم (استبقوا) لا يوجد في أي كلمة أخرى. فهذه الكلمة جامعة بحيث لا توجد كلمة أخرى تؤدي بنفس القوة معنى السعي إلى هدف والحصول عليه بأسرع ما يمكن. يمكن أن يجري الإنسان ولكن ليس بكل قوته، وقد يسرع ولكن ليس كما يجب، أما الاستباق فلا يتحقق معناه ما لم يبذل المستبقون كل قواهم..لأن كل فرد منهم مأمور بالسبق، لذلك سوف يحاول كل فرد أن يسبق الآخرين..ولا يتحقق ذلك إلا إذا زاد كل واحد من سرعته وقوته إلى أقصى استطاعته ويستنـزف كل طاقته وهمته في هذا الصدد.

الحق أن القرآن يقارن هنا بين الإسلام والأديان الأخرى، ويبين أن الأديان الأخرى غافلة عن فعل الخيرات وغير واقفة على حقيقتها. فالفرصة متاحة الآن للمسلمين كي يتقدموا إلى الأمام ويسعوا لأن يسبق كل واحد منهم الآخر. وهذه ليست بالعملية السهلة. إذا كان السباق مع اثنين أو ثلاثة فلا بأس، ولكن هذا سباق ملايين. السباق مع اثنين أو ثلاثة أيضا يتطلب أخذ العدة والتجهيز..فما بالك بسباق مع الملايين ‍‍‍‍‍‍‍؟‍‍‍‍ انظروا إلى سباق الخيل، كم يبذلون من جهود وسعي للاشتراك فيه.. فإذا كان السباق مع الملايين فيمكن أن تتخيلوا كم يتطلب ذلك من إعداد.

يقول الله هنا أن المؤمن يُعرف بمعيارٍ هو تسابق في الخيرات. والسعي للتسابق إلى الخيرات يرفع مستوى القوم باليقين إلى درجة تفوق التقدير.وكلما فُقد الخير في القوم أو تضاءلت روح التسابق لعمل الخيرات فإنهم يشرعون في الهلاك أو يمضون في الانهيار والسقوط، ولكن ما دامت هذه الروح قوية..فإنهم مهما كانوا قد بلغوا من الذلة والسقوط فإنهم لا يزالون يتألّقون، وتكون لديهم الفرصة لسبق الأمم مرة أخرى. إننا نجد بين أولياء الله من زمن قريب..عندما كان المسلمون في حالة من الانحطاط الشديد.. أمثلة للتسابق في فعل الخيرات تولد في قلب الإنسان حرارة. هناك مثلا حادث الشهيد سيد إسماعيل، الذي كان من القرن الثالث عشر الهجري، والذي كان مريدا لسيد أحمد البريلوي. ذهب سيد أحمد البر يلوي إلى بشارو للجهاد ضد السيخ، وكان سيد إسماعيل في مهمة بمدينة دلهي، وأثناء عودته من هناك وصل إلى مدينة كاملبور. فقيل له أن النهر الذي عندها لا يقدر أحد على عبوره سباحة إلا رجل من السيخ، وليس هناك من المسلمين من يهزمه في ذلك. قال إذا كان أحد السيخ يفعله فلماذا لا يفعله مسلم؟ قرر ألا يغادر المكان حتى يعبر هذا النهر. فتوقف هناك وتدرب على السباحة لمدة ثلاثة أو أربعة أشهر حتى مهر في السباحة وعبر النهر. وبذلك بين أنه إذا كان السيخ يعبرون النهر فبوسع المسلمين أن يعبروه مثلهم، بل ويمكن أيضا أن يسبقوهم متى أرادوا.

كلما نتذكر هذه الروح للتسابق نشعر في أنفسنا بنمو ونضج، وفي قلوبنا بحرارة وحماس، وفي أفئدتنا بعزيمة وهمة..ونقرر أننا لن نخضع لخصم أو معارض مهما حدث. إن الإسلام لا يسمح أبدا أن نكون كسالى في مجال الخير، بل علينا أن نستبق فنسبق حتى آباءنا وأجدادنا في الخيرات. ولكي تكون أمتنا أقوى وأعز الأمم..علينا السعي كي نسبقها في المجال العلمي والاقتصادي والسياسي والأخلاقي. إن القرآن المجيد بقوله تعالى (فاستبقوا الخيرات) وبقوله في موضع آخر (فالسابقات سبقا) (النازعات: 5)..قد أشار إلى أن الدنيا في سباق، فمن واجبكم أن تسبقوا الجميع.

إنه من واجب جماعتنا أيضا أن يفحص كل فرد منا نفسه ويحاسبها. وأن يولد في قلبه حبا عميقا وَوَلَهًا عظيما تجاه الدين. ويجب أن يكون أمامه في نومه ويقظته وفي قيامه وقعوده غاية واحدة، ألا وهي أننا سوف نجعل الإسلام غالبا على الأديان كلها، وما لم تتولد فينا هذه الروح لن ننجح في أهدافنا.

وعلاقة هذه الآية بالتي قبلها أن الله بين من قبل أن اليهود قد جعلوا معارضة النبي في كل حال هدفا لهم، فقال (ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك) وكأنهم –وإن فقدوا الله ورسوله–لن يرتدعوا عن معارضة النبي. هذا لأنهم لم يعينوا لهم غاية وهدفا ساميا. لذلك يجب عليكم أيها المسلمون، أن تحددوا لكم غاية سامية، ولكن تذكروا أن لا تكتفوا بخير واحد ليكون هدفا لكم..بل يجب أن تجعلوا الخيرات كلها هدفا لكم. وكلَّما علمتم عن عمل خير فأسرعوا دون تردد أو تفكير لكسبه، واعتبروا الابتعاد عنه بمثابة الموت لكم. وتذكروا ثانيا أن يكون التسابق في الخيرات دائما غاية لكم. وثالثا إذا سبقتم غيركم بسبب كسله أو بسبب سرعتكم..فلا تكتفوا بسبقكم إياه في خير واحد..بل اسعوا لتكونوا سباقين في كل خير، وبأسرع ما يمكنكم.

وإلى ذلك ينبه الحديث الشريف: (الحكمة ضالة المؤمن حيثما وجدها فهو أحق بها) (ابن ماجة، الزهد).يبين هذا الحديث أولا: أن المؤمن لا يقوم بأي عمل بدون حكمة، فهو جامع لكل المحاسن، وشامل لكل الخيرات. وثانيا: نصحنا فيه الرسول أن المؤمن إذا رأى أي شيء من الحكمة حاول الحصول عليه وكأنه فقده وقد عاد إليه، وبغض النظر عن مصدره..أَخَرَجَ من فم منافق أو كافر..فإنه يسرع في الحصول عليه. فكما يجد الوالد ابنه المفقود فيسارع إلى احتضانه؛ كذلك المؤمن يجب أن يسرع إلى كل حسنة ويقول: هذه كانت ملكا لي، وللأسف حازها الكافر أو المنافق، وها قد عادت إليّ فلأستردها وأتحلى بها مرة أخرى.

إن كثيرا من المساوئ تقع في العالم فقط لأن الناس يكتفون بما عندهم من محاسن ويفتخرون بها، ولا يسعون لتحصيل المحاسن الأخرى في أنفسهم. ولو رأى المرء في عدوه حسنة اعتبرها سيئة بغضا وحسدا، ولا يفكر أن عمله هذا لا يضر عدوه شيئا، لأنه فعلا يتحلى بهذه الحسنة، ولكنه يضر نفسه لأنه حرم نفسه من التحلي بتلك الحسنة بغضا وحسدا. فمن واجب المؤمن أن يتحلّى بكل حسنة، وأن يسبق الآخرين في التحلي بكل خير.

ويجب ألا يُفْهَمَ من ذلك أن الإسلام بتعليمه هذا يدعو إلى الحسد. ذلك لأن التباري ضروري في الأمور الدينية والدنيوية أيضا، وبدون التباري لا يمكن أن يتم الرقي الكامل، بل إن التسابق بين الأمم والأفراد هو الأساس لكل رقي في العالم. أما الطمع والجشع فقد استأصله الإسلام برمته في قوله تعالى (كنتم خير أمة أخرجت للناس) (آل عمران: 111)..أي واجب المؤمن أن يأخذ الآخرين إلى حيث وصل، لأن غايته هو نفع الآخرين. كذلك قال تعالى (ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، وأولئك هم المفلحون) (آل عمران: 105). فالمؤمن إذا نال خيرا فإنه على الفور يدعو الآخرين ليسرعوا ويأخذوه. كأن على المؤمنين أنهم إذا استبقوا أخذوا معهم المتخلفين، وإذا استبقوا مرة أخرى سحبوا وراءهم المتأخرين عنهم..وهلم جرا؛ كلما سبقوا ساعدوا غيرهم على اللحاق بهم وتنافسوا من جديد في الخيرات. وهذه هي حالة العشق. فالله تعالى يريد من المؤمنين أن لا يصلوا وحدهم إليه سبحانه وتعالى، بل يجب أن يصحبوا معهم الآخرين. ومثال ذلك ما قاله سيدنا يعقوب لأبنائه وهو يودعهم في رحلتهم إلى مصر: لا ترجعوا وحدكم، بل عليكم أن تحضروا أخاكم بنيامين معكم (يوسف: 67).كذلك يقول الله : تعالوا إليَّ مسرعين، وأتْوا بأبنائي الروحانيين الآخرين أيضا. فالمؤمن يجري ويسعى إلى الله ويقول: إني ذاهب إلى ربي، ولكني إذا وصلت إليه فبِمَ أرد عليه..لذلك لا بد أن آخذ معي الآخرين.

فقوله تعالى (كنتم خير أمة أخرجي للناس)وقوله(ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر)قد استأصلا الحسد والطمع، لأن المؤمن عندما ينال خيرا فإنه يدعو الآخرين فورا ليشتركوا معه، وبهذا يتم السباق اللطيف الطيب بينهم في الخيرات، وكذلك لا تكون هناك أية شائبة من الحسد والطمع. فما ألطف هذه المباراة، وما أعجب هذا التسابق ‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍؟

قوله تعالى (أينما تكونوا يأت بكم الله جميعا)..أينما كنتم سوف يجمعكم الله آخر الأمر. وسوف يسألكم عن تكاسلكم وغفلتكم وتقصيركم في اصطحاب الآخرين في سباق الخيرات. فيجب أن تفكروا في ذلك اليوم دائما، ولا تقصروا في أداء واجبكم، فالله محاسبكم لا محالة قائلا: قد أنعمت عليكم بنعمة الإسلام، فلماذا لم تبلغوها الآخرين، ولما لم تحاولوا سبق غيركم في مجال الخيرات. فيجب أن تستعدوا لذلك اليوم قبل حلوله، وتدرسوا أعمالكم، وتحاسبوا أنفسكم حتى لا تندموا يومئذ، ولا تُعَدّوا عند الله من المجرمين.

قوله تعالى (إن الله على كل شيء قدير)..فلا تظنوا أن هذا الهدف ليس في متناول يدكم، كما يدّعي البعض ويقولون: ليس من حظنا أن ننال هذا المقام العظيم، فلا يعملون بهمة ونشاط، وإنما يقعدون عاطلين عن العمل منهارين، ويقولون لن نحصل إلا على ما قدره الله لنا. مع أن الله تعالى وهب للإنسان قوى عظيمة يستطيع بها أن يتسابق في الخيرات، ويأخذ الآخرين ويضمهم معه. هذا ليس متعذرا عليه أبدا.

Share via
تابعونا على الفايس بوك