من فتاوى علماء الجرح والتضعيف

من فتاوى علماء الجرح والتضعيف

الحوار الصريح

تعليق على ما يدعيه البعض ممن تخصصوا في تضعيف بعض الأحاديث النبوية الشريفة وجرح البعض الآخر

سؤال هذا العدد يجيب عليه الأستاذ محمد حميد كوثر (داعية إسلامي أحمدي)

السؤال

يدعي معارضو الجماعة الإسلامية الأحمدية أن الحديث الذي يقول: “ولا مهدي إلا عيسى” حديث ضعيف. فما هو رد الجماعة على قولهم؟

الجواب

في سنة 1379 هـ أخرج السيد محمد ناصر الدين الألباني بحثًا تحت عنوان: “سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة وأثرها السيء في الأمة”، ونشر ذلك البحث في كتاب وكان الناشر هو: المكتب الإسلامي للطباعة والنشر، بيروت ودمشق. وقد ذكر المؤلف هذا الحديث المذكور وحاول إثبات ضعفه ثم كتب يقول: “..هذا الحديث تستغله الطائفة القاديانية في الدعوة لنبيهم المزعوم غلام أحمد القادياني الذي ادعى النبوة..”

وليس صعبًا على القارئ الكريم أن يفهم خلفية هذه المحاولة لإثبات ضعف الحديث.. لأن الطائفة القاديانية (أي الجماعة الإسلامية الأحمدية – ولكن تنابزًا بالألقاب يُسمونها الطائفة القاديانية) تستغله حسب قوله، ولذلك حاول الباحث أن يُثبت ضعف الحديث. ومن يدرس هذه المحاولات الفاشلة واليائسة لمعارضي الجماعة لا يسعه إلا أن يتذكر قول رسول الله الذي ذكر فيه أن حال الأمة الإسلامية سوف يشابه حال الأمة الإسرائيلية فقال: “ليأتين على أمتي ما أتى على بني إسرائيل حذو النعل بالنعل..” (الترمذي كتاب الإيمان باب افتراق هذه الأمة). وبنو إسرائيل لم يستفيدوا من النبوءات المذكورة في التوراة والإنجيل عن قدوم سيدنا ومولانا رسول الله ، وأخذوا يُفسرونها تفسيرًا خاطئًا بحيث يجعلونها لا تنطبق ولا تشير إلى سيد الخلق ، لأنها في زعمهم كانت تختلف عما قرروه هم لشخصية النبي المنتظر. وللأسف فإن المسلمين قد حذو حذوهم، وبدلاً من أن يستفيدوا من النبوءات والأحاديث والآثار والأقوال التي تُعينهم على معرفة حقيقة الإمام المهدي وشخصية المسيح الموعود به لهم، فإنهم راحوا يقطعون على أنفسهم السبيل، ويُسقطون تلك الأحاديث من اعتبارهم، لأنها تبدو مخالفة لما رسموه في أذهانهم كصورة لشخصية الإمام المهدي والمسيح الموعود.

ونعود إلى هذا الحديث الشريف موضوع السؤال فنرى أن الحافظ أبي عبد الله بن يزيد القرويني (207- 275) قد أخرجه في سُننه، وحقق نصوصه، ورقّم كتبه وأبوابه وأحاديثه، وعلق عليه الباحث المصري المعروف محمد فؤاد عبد الباقي. وفيما يلي نص الحديث:

عن أنس بن مالك أن رسول الله قال:

“لا يزداد الأمر إلا شدة، ولا الدنيا إلا إدبارًا، ولا الناس إلا شحًا، ولا تقوم الساعة إلا على شرار الناس، ولا المهدي إلا عيسى بن مريم”.

في الزوائد: قال الحاكم في المستدرك، بعد أن روى هذا المتن بهذا الإسناد: هذا الحديث يعد في إفراد الشافعي، وليس كذلك، فقد حدّث به غيره. وقد بسط السيوطي القول فيه. وخلاصة ما نقل عن الحافظ عماد الدين بن كثير أنه قال: هذا حديث مشهور بمحمد بن خالد الجدندي الصغاني المؤذن، شيخ الشافعي. وروى عنه غير واحد أيضًا. وليس هو بمجهول، بل رُوي عن ابن معين أنه ثقة. (كتاب الفتن – باب شدة الزمان – سنن ابن ماجة الجزء الثاني ص 1341)

ونلفت نظر القارئ الكريم إلى هذه الكلمات المذكورة: “وروى عنه غير واحد أيضًا، وليس هو بمجهول، بل روي عن ابن معين أنه ثقة”. وتكفي هذه الكلمات لمن لم تأخذ به عماية التعصب لكي يدرك صحة الحديث المذكور.

وبالإضافة إلى الحديث المذكور، فقد ورد حديث آخر في مسند الإمام أحمد بن حنبل، رواه أبو هريرة وذكر أن رسول الله قال: “يوشك من عاش منكم أن يلقى عيسى بن مريم إمامًا مهديًّا وحكمًا عدلاً”.

ويشير هذا الحديث، كما يشير الحديث السابق، إلى أن عيسى بن مريم والإمام المهدي هما في حقيقة الأمر فرد واحد. وهكذا تتضح الصورة، ويتبين كيف أصبح افتراء معارضي الجماعة الإسلامية الأحمدية واضحًا مكشوفًا، وكيف أنهم على استعداد لتكذيب رسول الله وتكذيب أقواله لكي يُثبتوا ما يروه هم صحيحًا.

ونريد أن نُذكر معارضي الجماعة الإسلامية الأحمدية أن إعلان مؤسس الجماعة كونه مسيحًا موعودًا ومهديًّا معهودًا ليس مبنيًّا على حديث واحد أو اثنين أو ثلاثة، وإنما أعلن حضرته ذلك بناء على الوحي الذي تلقاه مباشرة من الله ، وقد أمره الله تعالى أن يُعلن بين الناس كافة كونه المسيح الموعود والمهدي المعهود. وقد حقق الله نبوءات القرآن الكريم والأحاديث الشريفة وأقوال أولياء الأمة ببعثته المباركة. وهم بمحاولاتهم الفاشلة لإثبات ضعف حديث واحد أو اثنين آملين هدم المكانة الروحانية العظيمة التي وهبها الله عز وجل لخادم سيدنا محمد المصطفى مؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية، فمثلهم في ذلك كمثل رجل يحاول تغطية نور الشمس بعباءته.

أفيقوا يا قوم واتبعوا داعي الله! ذلك خير لكم إن كنتم تعلمون.

Share via
تابعونا على الفايس بوك