صيد الإنترنت

صيد الإنترنت

مقتطفات من الشبكة العالمية

اكتشاف الجينة المتغايرة التي تسبب مرض كوليسترول الأطفال

واشنطن من لوران نيرجارد

عثر علماء تابعون للحكومة الأمريكية على جينة موروثة تسبّب مرضًا نادرًا له صلة بالكوليسترول لدى الأطفال وهو مرض فتّاك دائمًا. وقد يؤدي هذا الاكتشاف في النهاية إلى فك ألغاز تسبب الكوليسترول لأمراض القلب لدى ملايين البشر.

غير أنّ هذا الاكتشاف ربما لم يأتِ في الوقت المناسب لإنقاذ حياة الشقيقتين كريستا ومارشيا بارسيجيان، من توصان بأريزونا، اللتين جمع جدّهما مدرب فريق نوتردام لكرة القدم ملايين الدولارات للمساعدة في البحث عن الجينة المسئولة. فقد توفّي شقيقهما البالغ من العمر 3 سنوات بمرض نيمان بيك نوع سيء، في وقت بدأت أعراض هذا المرض على الشقيقتين اللتين بلغتا سن السادسة والثامنة.

وتقول والدة الطفلتين سيندي بارسيجيان التي تعرف أن تطوير العلاج للخلل الجيني يحتاج إلى وقت، إنّها واقعيّة ولكنه تأمل أن يكون للاكتشاف أثر على حياة الطفلتين.

هذا المرض يصيب حوالي 300 طفل في الولايات المتحدة غير أنّ فهمه سيساعد العلماء على مكافحة المرض القاتل الرئيسي في البلاد وهو الكوليسترول الذي يسدُّ الشرايين، حسب الدكتور إيد فيشر من جمعيّة القلب الأمريكيّة.

وتوافق أخصائيّة بيولوجية الخلايا في مركز سانت لوك الطبي في شيكاغو أنّ الاكتشاف يتسم بأهميّة كبيرة.

في مرض نيمان بيك يتجمع الكوليسترول في مقصورات التخزين في خلايا تدعى ليزوسومات. وفي النهاية يؤدّي احتشاد الكوليسترول إلى قتل الخلايا بدءًا من الدماغ. وتظهر الأعراض الأولى بين سن الخامسة والعاشرة بصورة مشاكل في الرؤية وصعوبة في المشي والنطق مثل التلعثم الذي تعاني منه كريستا وتعثر مارشيا في أثناء دروس الباليه.

وقد أعلن علماء المعهد القومي للصحة اكتشاف الجينة NPCI إلى جانب ثمانية تغايرات مختلفة أخرى تسبّب المرض، في مجلة SCIENCE.

وقال الباحثان بيتر بتشنيف ويوجين كارستي من المعهد الوطني للاضطرابات العصبيّة والنوبات أنهما أدخلا جينة NPCI صحيحة في خلايا مأخوذة من بشرة الطفلتين المريضتين، فبدأت الخلايا تعالج الكوليسترول بشكل طبيعي. ويعني ذلك أن العلاج الجيني للمرض قد يصبح ممكنا يومًا ما.

وقال العلماء إنّ لديهم نموذجًا فأريًا للجينة جاهزة للتجربة الفورية في إطار أساليب علاجيّة أخرى. وأكثر سهولة، حسب مقالٍ ثانٍ نشرته مجموعة أخرى من الباحثين في نفس المجلة. وعادةً يحتاج العلماء إلى عدة أشهر بعد اكتشاف جينة بشرية ما لتربية حيوانات بنفس الاختلال الوراثي. إلا أنّ عالِم بيولوجيا الخلايا وليام بافان عثر على الجينة المختلة في سلالة من الفئران المريضة في نفس وقت اكتشاف الجينة البشريّة.

ويعرف الجميع أنّ الجسم يحتاج إلى الكوليسترول في وظائفه ولكن المادة تسبّب أيضًا احتشاء خطيرًا في الشرايين مما يقود إلى الإصابة بأمراض القلب. ولا يعرف العلماء كيف يتحرك الكوليسترول داخل الخلايا. إلا أنّ البروتين الذي تنتجه جينة NPCI قد يساعد على إيجاد تفسير لهذه العملية الحيويّة، كما يقول زاك هول مدير قسم علم الأعصاب في المعهد.

ويقول الدكتور راندي هايدنريش أخصائي الأطفال وعالم الوراثة في مركز أبحاث أمراض الأطفال في جامعة أريزونا، وهو ممن شاركوا في الأبحاث الأخيرة أنه فور أن نفهم تلك العملية فإننا سنستعين بإمكانات المعالجة الجديدة التي لم نكن نستطيع أن نفكِّر بها في السابق.

في الوقت الحاضر يُعالج الأطفال المصابون بمرض نيمان بيك بالحمية الغذائيّة قليلة الكوليسترول وبأدوية حديثة التطوير لتخفيض مستوى الكوليسترول بالدم، إلا أنهما لا تفيدان كثيرًا.

ويقول الباحثون إنّ الدراسة التي قاموا بها توحي بأنّ البروتين سيستشعر مستوى الكوليسترول عند الطفل وينقل إلى خارج خلية الليزوسوم لكي يستعملها الجسم. وقال فيشر رئيس أبحاث الكوليسترول في مركز ماونت سايناي الطبي في نيويورك أنّ هذا مقطع مهم من اللغز. فإذا تمكنا من تشريح هذا الممر فقد يصبح من الممكن أن نتوصل إلى معرفة سبب نشوء أمراض القلب المبكرة في بعض العائلات.

وتقول سيندي بارسيجيان والدة الطفلتين، التي يعمل زوجها مايك جراحًا للعظام إنها ترى في الاكتشاف فائدة آتية أكثر، فهي تقول إنّ الأقارب الأصحاء لمرض نيمان بيك، مثل ابنها البكر آرا (13 سنة) يمكن فحصهم لمعرفة ما إذا كانوا يحملون الجينة المتغيّرة قبل أن ينقلوها إلى أطفالهم.

المضادات الحيويّة ليست دائمًا الحل

بوسطن من جون ماركوس:

جيل الوالدين الذي نشأ واختبر عجائب المضادات الحيوية يطلب ويتمادى روتينيًّا في طلب هذه الأدوية لأطفاله اليوم حتى لو كان الطبيب يعتبرها غير ضرورية.

وفي دراسة أُجريت في المركز الطبي في بوسطن يعترف الآباء بإعطاء المضادات الحيويّة لأطفالهم دون معرفة الطبيب. ويقول مدير المركز الدكتور هارود بوكنر وأخصائي أمراض الأطفال الذي أشرف على الدراسة: لقد أمضينا 20 سنة لإطراء مزايا المضادات الحيوية أمام الناس. وسنمضي 20 سنة أخرى لنقول لهم إن هذه أدوية جيدة غير أن استعمالها غير مناسب دائمًا.

ويضيف بوكنر إنّ إعطاء المضادات الحيوية للأطفال ينطوي على خطر تعويدهم عليها وجعلهم يقاومونها لاحقًا. وأنهم (أي الأهل)، يعتقدون خطأ أن المضادات الحيوية تكافح الفيروسات كالرشح العادي أو مثلا يعالج ارتفاع درجة الحرارة عند الأطفال على أن يُشفى بصورةٍ أسرع.

وقد استجوب الباحثون 400 من الوالدين في اثنين من المستشفيات في ضواحي بوسطن وفي مركز صحي آخر في وسط المدينة. وقال ثلث هؤلاء إنهم طلبوا المضادات الحيوية دون أن يكون قد وصفها الطبيب، فيما قال 8 بالمائة إنهم أعطوا أطفالهم المضادات الحيوية في المنزل دون استشارة الطبيب.

ويقول بوكنر أنّ الوالدين أحيانًا يحتفظون بالمضادات الحيوية المتبقيّة دون حاجة إليها، بينما الأفضل التخلُّص منها لتفادي إغراء استعمالها في أوقات لا يكون الطفل بحاجةٍ إليها.

وقد نُشرت استنتاجات الدراسة في عدد أغسطس من مجلة PEDIATRICS.

وتناولت الدراسة أيضًا مائة من أخصائيي أمراض الأطفال، وقال معظمهم أنّ الآباء يطلبون دواء مضادًا للحيويّة حتى وإن كان الطبيب لا يرى ضرورةً لاستعمالها. وقال أن 35 بالمائة من هؤلاء أنهم يُلبُّون الطلب أحيانًا.

وقال بوكنر وهو يعترف أن بعض الأطباء يشعرون بالكثير من الضغط وإنهم يصفون المضادات أحيانًا حتى لو لم تكن هناك ضرورة. محاولة الحوار مع الأهل يستغرق وقتًا أطول بكثير من كتابة وصفة، وخاصة في المؤسسات الطبيّة والمنظمات التي تُعنى بالصحة حيث يكون الطبيب مضطرًا إلى استقبال عدد كبير من الناس خلال مدةً زمنية قصيرة.

الأطفال الأمريكيون دون الثالثة يُعطَون المضادات الحيوية بما معدله 3 إلى 5 مرات في السنة. وتتوقع المراجع إصدار 30 مليون وصفة مضادات هذه السنة لالتهاب الأذن فقط.

ويقول بوكنر، الذي لم يأخذ أطفاله المضادات في حياتهم، أنّ كثير من الوالدين العاملين يعتقدون أنّ إعطاء المضادات للأطفال يساعد على إعادتهم إلى المدرسة بسرعة، بينما الحقيقة هي أنّ هذا الدواء لن يفيدهم إذا كانوا مُصابين بعدوى فيروسية ولن يخفض حرارتهم ولن يجعل مرضهم غير مُعدٍ.

إلا أنّ الأوضاع آخذة بالتغيُّر بعد أن أصبح الآباء يعرون مخاطر التمادي في استعمال المضادات.

(جريدة الرأي بتاريخ 16 أكتوبر 1997م)

Share via
تابعونا على الفايس بوك