رسالة أمير المؤمنين إلى أفراد الجماعةبمناسبة حلول القرن الجديد من الخلافة الإسلامية الأحمدية

رسالة أمير المؤمنين إلى أفراد الجماعةبمناسبة حلول القرن الجديد من الخلافة الإسلامية الأحمدية

حضرة مرزا مسرور أحمد (أيده الله)

حضرة مرزا مسرور أحمد (أيده الله)

الخليفة الخامس للمسيح الموعود (عليه السلام)
  • إرهاصات الخلافة الأحمدية
  • القدرة الإلهية الأولى والقدرة الإلهية الثانية
  • نعمة الخلافة استمرار لنعمة النبوة
  • (وفاة المسيح الموعود) فرحة مبتورة للمعارضين
  • المعارضة العلنية للخلافة في عهد الخليفة الثاني
  • توالي الخلفاء رغم استمرار المعارضات!
  • استمرار تحقق النبوءات في عهد الخلفاء
  • التلفزيون الإسلامي الأحمدي mta
  • عهد الازدهار (عهد الخليفة الخامس، أمير المؤمنين أيده الله بنصره)
  • وصايا مهمة

__

بسم الله الرحمن الرحيم

نحمده ونصلي على رسوله الكريم

 وعلى عبده المسيح الموعود

بفضل الله ورحمته… هو الناصر

لندن  9-12-2007

أحبائي أفراد الجماعة الأعزاء

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

تكتمل اليومَ مئةُ سنة على الخلافة الإسلامية الأحمدية. هذا اليومُ يعيد إلى أذهاننا تاريخَ الجماعة الإسلامية الأحمدية الممتد على أكثر من قرن، كما يذكّرنا بتلك الساعة المباركة حين أعلن عبد من عباد الله المختارين، في شهر آذار/مارس عام 1889م، تأسيسَ جماعة طاهرة بأمر الله تعالى وطبقًا لنبوءة نبينا الكريم . وكانت المهمة التي عُهدت إلى المسيح الموعود والغرضُ الذي أسَّس هذه الجماعة من أجله، أن يساعد الناس في بناء علاقةٍ بينهم وبين ربهم، ويعلِّمهم الخضوعَ أمام الله الأحد، ويجعل جميعَ أمم العالم أمةً واحدة بجمعهم تحت لواء رسول الله ، وأن يوجّه الناسَ إلى أداء حقوق بني جنسهم. لقد أرسل الله هذا الرجل وسمّاه إمام الزمان والمسيح والمهدي. لقد ظلّ هذا الإنسان منذ تأسيس الجماعة وأخذِ البيعة من عام 1889 إلى عام 1908- أي حوالي 19 عامًا – يتقدم بسرعة فائقة بتأييد الله ونصرته، بالرغم من أنواع المعارضة والظروف غير المواتية، حتى إن كلّ مَن وقف في وجهِ “جَرِيِّ اللهِ” هذا لَقِيَ الذلَّ والهوان.

إن كل من يأتي إلى هذه الدنيا الفانية يغادرها في النهاية حسب قدر الله تعالى، أما هذا الإنسان الذي كان عبدًا خاصًا لله تعالى وعاشقًا صادقًا لرسول الله ، فكان يتوق دومًا إلى لقاء “الرفيق الأعلى” متأسيًا بأسوة سيده . فلما أخبر الله هذا العبدَ الذي أرسله إمامًا للزمن الأخير برحيله طمأنَه قائلاً: إن أجلك قريب، ولكني قد جعلتك إمام الزمن الأخير بحسب وعدي، فلذا يا حبيـبي ويا مَن هو باخعٌ نفسَه من أجل إقامة توحيدي وحكومة نبيي الحبيب في العالم كله، لا تقلق بشأن اكتمال مهمتك وبلوغِها ذروتَها بعد وفاتك. اعلمْ أنه ستقوم الخلافة بعدك على منهاج النبوة إلى يوم القيامة بحسب ما أنبا به رسولي المؤيَّد مني، ومن خلال هذه الخلافة سأؤسس نظامًا لإقامة شريعتي الأخيرة وتمكينها في العالم كله. وبعد تلقِّي هذه البشارة من عند الله تعالى خاطب المسيحُ الموعود جماعتَه وقال:

“إن من سنة الله التي ما زال يجلّّيها دون انقطاع منذ أن خلق الإنسان في الأرض أنه ينصر أنبياءه ورسله، ويكتب لهم الغلبة، كما يقول: كَتَبَ الله لأَغْلِبَنَّ أنا ورسلي . والمراد من الغلبة هو أن الرسل والأنبياء كما يريدون أن تتم حجة الله على الأرض بحيث لا يقدر على مقاومتها أحد، كذلك يُظهِر الله تعالى صدقهم بآيات قوية، ويزرع بأيديهم بذرةَ الحق الذي يريدون نشره في الدنيا، غير أنه تعالى لا يُتمّه على أيديهم، بل يتوفاهم في وقت يصحبه الخوفُ من الفشل في الظاهر، فيُفسح بذلك المجالَ للمعارضين ليَسخَروا ويستهزئوا ويطعنوا ويشنّعوا. وحينما يكونون قد أخرجوا كل ما في جعبتهم من سخرية واستهزاء يُظهر الله تعالى يدًا أخرى من قدرته، ويهيئ من الأسباب ما تكتمل به الأهداف التي كانت تبدو ناقصة إلى ذلك الحين.

فالحاصل أنه تعالى يُري قسمين من قدرته: أوّلاًً، يُري يدَ قدرته على أيدي الأنبياء أنفسهم، وثانيًا، يُري يدَ قدرته بعد وفاة النبي حين تظهر المحن ويتقوى الأعداء ويظنون أن الأمر الآن قد اختل، ويوقنون أن هذه الجماعة على وشك أن تباد، حتى إن أعضاءها أنفسهم يقعون في الحيرة والتردد، وتنقصمُ ظهورهم، بل ويرتدّ العديد من الأشقياء، عندها يُظهر الله تعالى قدرتَه القوية ثانيةً ويُساند الجماعة المنهارة. فالذي يبقى صامدًا صابرًا حتى اللحظة الأخيرة يرى هذه المعجزة الإلهية، كما حصل في عهد سيدنا أبي بكر الصديق ، حيث ظُنَّ أن وفاة الرسول قد سبقت أوانَها، وارتد كثير من جهّال الأعراب، وأصبح الصحابة من شدة الحزن كالمجانين، عندها أقام الله تعالى سيدنا أبا بكر الصديق ، وأظهر قدرته مرة أخرى، وحمى الإسلام من الانقراض الوشيك، وهكذا أنجزَ وعده الذي قال فيه:

  ولَيُمكِّننَّ لهم دينَهم الذي ارتضى لهم وليُبدِّلنّهم مِن بعد خوفهم أمنًا ..

أي أنه تعالى سوف يثبّت أقدامهم بعد الخوف.”

(كتيب “الوصية”، الخزائن الروحانية المجلد 20 صفحة 304-305)

ثم قال:

“فيا أحبائي، ما دام من سنة الله القديمة أنه تعالى يُري قدرتَين، ليحطّم بذلك فرحتَين كاذبتين للأعداء.. فمن المستحيل أن يغيّر الله تعالى الآن سنّتَه الأزلية. فلا تحزنوا لما أخبرتُكم به ولا تكتئبوا، إذ لا بد لكم من أن تروا القدرة الثانية أيضًا، وإن مجيئها خير لكم، لأنها دائمة ولن تنقطع إلى يوم القيامة. وإن تلك القدرة الثانية لا يمكن أن تأتيكم ما لم أغادر أنا، ولكن عندما أرحل سوف يرسل الله لكم القدرةَ الثانية، التي سوف تبقى معكم إلى الأبد بحسب وعد الله المسجل في “البراهين الأحمدية”، وإن ذلك الوعد لا يتعلق بي بل يتعلق بكم أنتم، حيث قال الله تعالى: “إني جاعلُ هذه الجماعة الذين اتبعوك فوق غيرهم إلى يوم القيامة.”

فمن الضروري أن يأتيكم يومُ فراقي ليأتي بعده ذلك اليومُ الذي هو يوم الوعد الدائم. إن إلـهنا إلـهٌ صادق الوعد، ووفِيٌّ وصَدوق، وسيُريكم كل ما وعدكم به. وبالرغم من أن هذه الأيام هي الأيام الأخيرة من الدنيا، وهناك كثير من البلايا والمصائب التي آن وقوعها، ولكن لا بد أن تظل الدنيا قائمة إلى أن تتحقق جميع تلك الأمور التي أنبأ الله تعالى بها. لقد ظهرتُ من عند الله تعالى كقدرة له ، فأنا قدرة الله المتجسِّدة، وسيأتي مِن بعدي آخرون سيكونون مَظاهِرَ قدرةِ الله الثانية. لذلك فادعوا مجتمعين في انتظار قدرة الله الثانية.”

(كتيب “الوصية”، الخزائن الروحانية، المجلد 20 صفحة 305-306)

ثم جاء وقت رحيله كما أخبر من قبل، فلحِق ربَّه ، واستولى على قلوب الأحمديين كلهم خوف وحزن، ولكن أدعية المؤمنين أحيتْ ذكرى مؤمني القرون الأولى، فشهدت الأرض والسماء مشهدَ تحقُّقِ وعدِ الله تعالى:

  وَلَيُبَدِّلَنَّهم مِن بعدِ خوفهم أمنًا ،

ومِن خلال نظام الخلافة حافظَ اللهُ تعالى على تلك الثورة العظيمة التي بدأت ببعثته. لقد قال السيد أبو الكلام آزاد في جريدة “وكيل” عند وفاته :

“ذلك الشخص! نَعَمْ ذلك الشخص العظيم الذي كان قلمه سحرًا، ولسانُه طِلَسْمًا، والذي كان تجسيدا للعجائب العقلية، كانت نظرتُه ثورةً وصوتُه حشرًا، وكانت أسلاك الثورة مطوية بأصابعه، وكانت قبضتاه بطاريتين كهربائيتين؛ نعم، ذلك الشخص الذي ظل بمثابة الزلزال والطوفان في عالم الأديان إلى ثلاثين سنة، وأصبح بمثابة ضجة القيامة وظلّ يوقظ الأموات الروحانيين … إن وفاة السيد مرزا غلام أحمد القادياني ليست بالتي لا نتعلم منها العبر، ونهملها تاركين أمرها إلى الزمان ليطويه. لا يجود الدهر كثيرا بالذين يُحدثون الثورة في عالَم الدين أو العقل، بل إن أبطال التاريخ الأفذاذ هؤلاء نادرا ما يظهرون على منصة العالم، ولكنهم عندما يَظهَرون فإنهم يُحدِثون ثورة في العالَم.”

 (جريدة “وكيل” الصادرة في أمرتسار، يونيو 1908م، نقلاً عن تاريخ الجماعة الأحمدية المجلد الثاني صفحة 560)

فترى أن الله تعالى قد جعل الأغيار أيضًا يعترفون بأفواههم وأقلامهم بذلك الانقلاب العظيم، تأكيدًا منه أن ذلك الإنسان كان بالفعل مؤيَّدًا بتأييده الخاص. ولكن المؤسف أن هؤلاء الأغيار لم ينتبهوا إلى أن الثورة العظيمة التي أحدثها هذا المؤيَّد الرباني، كان الله القدير ذو العجائب قد وعد باستمرارها على أيدي أتباعه من خلال نعمة الخلافة، وبالفعل قد رأى كثير من الناس تحقيق هذا الوعد عندما بويع حضرة المولوي نور الدين بصفته الخليفة الأول للمسيح الموعود . وبرغم أن هؤلاء المعارضين قد رأوا بأمّ أعينهم جماعةً منظمة أقامها المسيح الموعود ، وبرغم أنهم قد رأوا الخلافة قد قامت فيها فعلاً، إلا أنهم حاولوا بتخطيط مدبر القضاءَ على هذه الجماعة التي أقامها الله تعالى بيده وقال الله فيها: “ اذكُرْ نعمتي. غرستُ لك بيدي رحمتي وقدرتي” (التذكرة، صفحة 428)

وطبقًا لهذا الوعد الرباني مُنِيَ هؤلاء بالفشل دائمًا، وهم الذين كانوا قد تمادَوا في عدائهم لدرجة أن كتبت إحدى جرائدهم: “لو سألَنا أحد لقلنا غير خائفين لومةَ لائم إن على المسلمين أن يرموا – إن استطاعوا – كُتب المرزا في البحر بل في التنور الملتهب، وليس هذا فحسب، بل يجب أن لا يذكر اسمَه أحد من المؤرخين المسلمين أو غيرهم في تاريخ الهند أو تاريخ الإسلام في المستقبل.”

(جريدة “وكيل” الصادرة في أمرتسر، حزيران/يونيو 1908، نقلاً عن تاريخ الجماعة الأحمدية المجلد الثالث صفحة 205-206)

ولكن تاريخ الجماعة الأحمدية يشهد -كما يعلم العالم- أن هؤلاء القوم لا يذكرهم اليوم أحد، بينما لا تزال الأحمدية تنمو وتزدهر في العالم كله ببركة الخلافة وقد دخل فيها الملايين.

كان هؤلاء المعارضون قد تجاوزوا في ترّهاتهم حدًّا أن نشرت جريدة “كرزن غزت” مقالا ورد فيه: “ماذا بقي لدى المرزائيين الآن؟ قد قُطع رأسهم، والذي أصبح إمامًا لهم الآن لن يستطيع فعل شيء إلا أن يتلو عليهم القرآن الكريم في أحد المساجد.” (تاريخ الجماعة الأحمدية المجلد 3 صفحة 221)

لقد اقتبس حضرةُ الخليفة الأول للمسيح الموعود هذا الجزءَ من مقال الجريدة ليقرأه على مسامع الناس في خطابه الأول كخليفة في الجلسة السنوية، ثم علّق عليه بقوله: “سبحان الله! هذا هو عملُنا، وفّقنا الله تعالى للقيام به.”

ولسوء الحظ لم يدرك بعض كبار الجماعة أيضا مقام الخلافة، فحاكوا مؤامرات ضدها، ومع ذلك لم تزل هذه الغرسة التي غرسها الله مستمرةً في النماء والازدهار، وعددُ جماعة المحبين المخلصين في الازدياد كما وعد الله للمسيح الموعود ، ولم تنجح أي من محاولاتهم.

ثم جاء عهد الخليفة الثاني فانبرى بعض كبار أعضاء  مجلس “صدر أنجمن” للمعارضة العلنية للخلافة، ولكن لم يستطع كل هؤلاء – الذين كانوا مثقفين ومحنكين بزعمهم – أن يصمدوا أمام هذا الفتى البالغ من العمر خمسةَ وعشرين ربيعًا، الذي بلغ في تنظيم الجماعة وتربية أفرادها ونشر الدعوة وبيان معارف وعلوم القرآن الكريم مقامًا لم يبارِه فيه أحد. لقد توالت على الجماعة في تلك الفترة أدوار صعبة كثيرة من المحن والمعارضة، ولكن اجتازتها الجماعة بنجاح ببركة الخلافة. لو قرأتم أحداث عهد الخليفة الثاني الممتد إلى اثنين وخمسين سنة لعرفتم ما أنجزه ابنُ “جَرِيِّ اللهِ” الموعودُ هذا من منجزات ومآثر.

وعند وفاة المصلح الموعود (الخليفة الثاني) اعترت الجماعةَ حالةٌ من الخوف مرة ثانية، ولكن الله بَدَّلَها أمنًا في بضع ساعات حسب وعده، وطلعَ على الجماعة قمر منير جديد كان مظهرًا ثالثًا للقدرة الثانية. فلم تزل هذه القافلة تتقدم رغم محاربة الحكومات لها، ورغم إصدار القوانين الغاشمة ضدها، ورغم المعارضة المنظمة من جميع الفِرق الإسلامية، وظلتْ تجمعُ الأقوامَ تحت لواء الرسول العربي من خلال تبليغ دعوته ورفعِ هتافات الحب والوداد وخدمةِ الفقراء من الأقوام الفقيرة.

ثم انتقل الخليفة الثالث – رحمه الله – أيضًا إلى بارئه حسب مشيئته ، واشرأبّت الفتن الداخلية والخارجية ثانية، ولكن الله نصر الجماعة الإسلامية الأحمدية حسب وعده بواسطة الخليفة الرابع تمكينًا لدينه، فماتت كل فتنة في مهدها، كما أهلك الله الذين أرادوا تكبيل أيدي الأحمديين وأرجلهم بموجب قانون غاشم، زاعمين أنهم سيقضون على “سرطان” الأحمدية. لقد اضطر الخليفة حينها أن يهاجر من باكستان بسبب القانون الجائر، ولكن هذه الهجرة فتحت آفاقًا جديدة لازدهار الجماعة، ورأينا أن الله تعالى قد أنجز وعده: “غرستُ لك بيدي” مرة أخرى. لقد انفتحت للدعوة سبل كانت تبدو بعيدة المنال حينها. في زمن الخليفة الرابع – رحمه الله – قد حقق الله وَعْدَه للمسيح الموعود : “سأبلّغ دعوتك إلى أقصى أطراف الأرض” من خلال MTA بشكل مذهل. عندما ننظر إلى مواردنا ثم إلى إطلاق هذه القناة الفضائية تنبعث كلمات التسبيح والتحميد لله من صدور المؤمنين تلقائيًا. لقد أفحمت هذه القناة اليومَ كلّ مخالف للأحمدية من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب. لقد أدخلت القناة الإسلامية الأحمدية صوت هذا الرجل المجاهد في بيوت القوم الذين كانوا يحلمون بأن يروا الخليفة كالمشلول. وها هي المائدةُ السماوية – التي نزلت في صورة القرآن الكريم شريعةِ الله الأخيرة وفي شكل معارفَ تفسيريةٍ بيّنها المسيحُ الموعود – قد وصلت اليومَ إلى كل بيت بفضل الله ونصرته.

ثم تُوفي الخليفة الرابع – رحمه الله – بحسب القانون الرباني كلُّ مَن عليها فانٍ ، ورأى العالم مشهدًا رائعًا عجيبًا، كما أوصلته عيون الكاميرات إلى كل بيت من خلال الأقمار الصناعية. كان مشهدًا غريبًا للأحباء والأغيار على سواء. كان الأحباء فرحين بأن الله قد بدّل الخوف أمنًا، وكان الأعداء يقولون في ذهول: إنها جماعة عجيبة! نحاول القضاء عليهم منذ قرن من الزمان، ولكنهم لا يبرحون يتقدمون! حتى قال أحد المخالفين صراحةً وهو يخاطب الأحمديين: إني لا أعتبركم صادقين، ولكن بعد رؤية هذا المشهد أرى أن الله معكم فعلاً.

ثم جمع الله هذه الجماعة على يد إنسان ضعيف قليل العلم مثلي، وما انفكت هذه العلاقة تزداد قوة يوما بعد يوم. كانت الدنيا تظن أن هذا الشخص سيفشل في إدارة أمر الجماعة، وسيرون الآن يومًا يترقبونه منذ مئة سنة، ولكن قد نَسِيَ هؤلاء القوم أن هذه الغرسة قد غرسها الله بيده، ولا دخل في نموّها وازدهارها لأي إنسان، وإنما تسير كل أمورها بحسب وعد الله وتأييده، الذي يحقق ما أوحى به إلى المسيح الموعود قائلا: “إني معك ومع أحبائك.”

فهذا قدر الله . هذا وعدُ الله الذي لا يخلف وعده بأن أحباء المسيح الموعود المتمسكين بالقدرة الثانية (الخلافة) عملاً بوصيته سيغلبون في العالم لأن الله معهم. والحق أن الله معنا. لقد اكتملت اليوم مئةُ سنة على ظهور هذه القدرة، ونرى وعده تعالى يتحقق كل يوم بشأن جديد كما بيَّنتُ بإيجاز من خلال تاريخ الجماعة. فمن واجب كل أحمدي أن يسعى لتحقيق مهمة المسيح الموعود بكل ما في وسعه متمسكًا بالقدرة الثانية. اليوم لا بد أن نجمع المسيحيين تحت لواء رسول الله ، ونضم اليهود تحت لوائه ، ونضم الهندوس أيضًا تحت لوائه ، ونضم أصحاب كل الديانات الأخرى تحت لوائه . وبالاستمساك بحبل الخلافة الإسلامية الأحمدية سنجمع مسلمي الأرض جميعًا على يد المسيح الموعود والإمام المهدي .

فيا أيها الأحمديون القاطنون في مختلف بقاع الأرض، استمسِكوا بهذا الأصل، وأَتِمُّوا المهمة التي فوّضها إليكم إمامُ الزمان المسيحُ الموعود والإمام المهدي بأمر الله تعالى. لقد فوَّض هذه المسؤولية إلينا جميعًا بقوله: “إن ذلك الوعد لا يتعلق بي بل يتعلق بكم أنتم”، والمعروف أن الوعود لا تتحقق إلا إذا توفرت شروطها.

فيا مَن آمنتم بالمسيح المحمدي، ويا أحبّاءَ المسيح الموعود ، ويا أيتها الأغصان الغضّة النضِرة من شجرة كيانه، هُبّوا واستعِدّوا لتقديم كل تضحية لتمكين الخلافة الإسلامية الأحمدية لكي تنشروا في جميع أنحاء العالم ما جاء به المسيح المحمدي من رسالة من عند سيده ومُطاعه بأمر الله تعالى، مستمسكين بحبل الله هذا بقوة. بلِّغوا كلَّ إنسان في العالم أنَّ بقاءه إنما يكمن في إنشاء علاقته بالله الأحد فقط، وأن سلام العالم منوط بالانضمام إلى جماعة المسيح الموعود والإمام المهدي ، لأنها هي حاملةُ لواء التعاليم الإسلامية الحقة للأمن والسلام بما لا يوجد له نظير في العالم. اعلموا أنه ليس هناك سبيل لإنجاز مهمة المسيح المحمدي في العالم ونَظْم الناس في سلك الوحدة إلا التمسك بالخلافة الإسلامية الأحمدية، ومِن خلالها سيُحدث أهلُ الله الثورةَ في العالم.

وفَّق الله تعالى كلَّ مسلم أحمدي لأن يبلّغ هذه الحقيقة الرائعة بإيمان راسخ إلى كل إنسان في العالم. آمين.

 والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

العبد المتواضع

مرزا مسرور أحمد

الخليفة الخامس للمسيح الموعود

Share via
تابعونا على الفايس بوك