تشحيذا للأذهان والعرفان
التاريخ: 2019-02-22

تشحيذا للأذهان والعرفان

حضرة مرزا مسرور أحمد (أيده الله)

حضرة مرزا مسرور أحمد (أيده الله)

الخليفة الخامس للمسيح الموعود (عليه السلام)
  • الحدث المبارك الذي اعتدنا الاحتفاء به في مثل هذا الشهر من كل عام.
  • كيف أن المصلح الموعود نموذج عصري لرجل علَّمه الله ورباه!
  • كيف أن كتاباته في “تشحيذ الأذهان” كانت بحقٍّ تشحيذا للأذهان!

__

تشحيذا للأذهان والعرفان

فِي ذِكْرَى النُّبُوءَةِ المُبَارَكَةِ عَنْ المُصْلِحِ المَوْعُودِ رضي الله عنه

خطبة الجمعة التي ألقاها أمير المؤمنين سيدنا مرزا مسرور أحمد

 أيده الله تعالى بنصره العزيز  –  الخليفة الخامس للمسيح الموعود والإمام المهدي u

بتاريخ 22/2/2019 م  في مسجد مبارك، إسلام آباد تلفورد بريطانيا

 

تنويه:  العنوان الرئيسي والعناوين الفرعية من إضافة أسرة «التقوى»

 

حَدَثَ في مثل هذا الشهر

في مثل هذا الشهر من كل عام، تنعقد مجالس مباركة يُحتفى فيها بفضل الله تعالى علينا المتمثل في النبوءة التي أوحى اللهُ تعالى فيها إلى المسيح الموعود بولادة الابن الموعود، وقال أنه سيهب له مناقب خاصة، فيكون خادمًا للدين ويُعَمّر طويلًا، ويواصل مهمة المسيح الموعود . لقد نُشرت هذه النبوءة في العشرين من فبراير/ شباط من عام 1886م، وهو التاريخ الذي اشتهر في أوساط جماعتنا بيوم المصلح الموعود  . ويُري تحقق هذه النبوءة نموذجًا واضحًا لتأييدات الله تعالى للمسيح الموعود وآية ساطعة على صدقه . فقد وُلد هذا الابن الموعود بتاريخ 12كانون الثاني 1889م، خلال المدة المذكورة في النبوءة، وسمِّي «مرزا بشير الدين محمود أحمد»، وقد ألبسه الله قميص الخلافة بعد وفاة سيدنا الخليفة الأول للمسيح الموعود .

والآن سوف أقص عليكم بعض الوقائع من حياة سيدنا المصلح الموعود كما سأتحدث عن كونه هو المصداق لهذه النبوءة. ولكن قبل ذلك سأَروي قول المسيح الموعود ، عن أهمية النبوءة وصدقها. هذه النبوءة ليست مجرد نبوءة عن ولادة ابن عادي، بل تتحدث عن ولادة ابن عظيم الشأن، قُدّر أن يَحْدُث بمجيئه انقلابٌ عظيم. وسأذكر لكم الآن كما قلتُ، ما ردّ به المسيح الموعود على المعارضين بهذا الشأن، وذلك بكلماته هو لأنها جديرة بالرواية والتأمل بوجه خاص. يقول :

«يجب أن يرى المرء في هذا المقام بعينين باصرتين أنَّ هذه ليست مجرد نبوءة، بل هي آية سماوية عظيمة أراها الله جل شأنه تبيانًا لصدق وعظمة نبينا الكريم الرؤوف الرحيم محمد المصطفى . والحق أن هذه الآية أعلى وأولى وأكمل وأفضل وأتمّ مِن إحياء الموتى بمئات المرات، لأن حقيقة إحياء الميت إنما هي استرجاع روح واحدة بالدعاء والابتهال عند الله تعالى، وقد ذُكر هذا النوع من إحياء الموتى في الكتاب المقدس في معرِض ذكر عيسى وبعض الأنبياء الآخرين، وإن كان في مدى صدقه كلام كثير للمعترضين.

ثم مع كل هذا الجرح والقدح من حيث العقل والنقل ذُكِرَ أيضًا أن الميت من هذا القبيل كان يعيش لبضع دقائق فقط ثم كان يرحل عن هذا العالم معرِّضًا أقرباءه لمأتم مضاعف. لم تستفد الدنيا من مجيئه إليها ولم يرتح هو بحد ذاته ولم ينل أقاربه سعادة حقيقية. فحتى لو جاءت روح إلى هذه الدنيا بدعاء المسيح الناصري ، فكان مجيئها أو عدم مجيئها سِيَّين. ولو بقيت روح مثلها في الجسد إلى عدة سنوات، على افتراض المحال، أكان لذلك الشخص المنغمس في ملذات الدنيا السفلية كأيٍّ من الناس، أن ينفع العالم بشيء لو عادت روحه الناقصة تلك؟!

أما هنا فإن الله تعالى بفضله وإحسانه وببركة خاتم النبيين قد استجاب دعاء هذا العبد المتواضع ووعد بإرسال روح مباركة تعُمُّ بركاتها المادية والروحانية الأرض كلها. فمع أن هذه الآية تبدو مضاهية لآية إحياء الموتى، إلا أن التدبر يكشف أنها أفضل من إحياء الموتى بمئاتِ المرات. إن أرواح الموتى إنما تعود بالدعاء، وهنا أيضًا قد طُلبتْ روحٌ بالدعاء، ولكن شتّانَ بين هذه الروح وتلك الأرواح. إن المرتدين المستورين بين المسلمين لا يفرحون لرؤية ظهور معجزات النبي بل يتألمون لحدوث ذلك كثيرًا». (تبليغ الرسالة، مجموعة الإعلانات)

فكما قال المسيح الموعود ، لم تُطلَب في الدعاء روح عادية بل طُلبتْ آية، واستجابة للدعاء أخبر الله تعالى بولادة ابن ذي صفات غير عادية، منها أن ذلك الابن العظيم سيعمر طويلًا وسيكون منقطع النظير في الذكاء والفطنة، سيكون مدعاةَ خيرٍ وبركةٍ لأقوامٍ شتى، وسيكون صاحب الجاه والجلال والعظمة. ويُملأ بالعلوم الظاهرية والباطنية، وسيُعطى فهمًا عميقًا لكلام الله القرآن الكريم، وبالاستفاده من هذا الفهم الرباني سيوفَّق لخدمة القرآن الكريم العظيمة بحيث تتجلى عظمة القرآن الكريم على العالم. سيكون وسيلة لفكّ رقاب الأسارى. وستكون آيةٌ له أن العالم سيُبتلى بدمار وحروب سيصلاها صليًّا، بحيث يصدق عليه تعبير النبوءة: «عالَم الكباب»، وقد كان، إذ اندلعت حربان عالميتان أكلتا الأخضر واليابس، ناهيك عن بلايا وآفات أخرى. وجاء في النبوءة أيضًا أنْ سيذيع صيت ذلك المصلح الموعود في أرجاء الأرض.  لقد أسس هذا الابن الموعود في حياته مراكز تبشيرية للجماعة، وبتبليغه دعوة الإسلام إلى مختلف البلاد ذاع صيته في أرجاء المعمورة. ونرى في ضوء هذه النبوءة أن سلسلة تبليغ الدعوة لا تزال جارية إلى يومنا هذا. والآن سأقص عليكم بعض الأحداث من وقائع حياة سيدنا المصلح الموعود :

فيما يتعلق بتعليمه، فقد التحق بعد إتمام قراءة القرآن الكريم، بالمدرسة بشكل نظامي ونال التعليم العادي السائد آنذاك. كذلك تلقَّى من الأساتذة دروسًا خصوصيةً في البيت في اللغة الأردية والإنكليزية. فدرّسه السيد بِيْر منظور محمد الأردية إلى فترة. والذي كان ضمن الأساتذة الذين عُيِّنوا لتدريسه في البيت. ثم علّمه المولوي شير علي الإنكليزية لبعض الوقت. أما الظروف والبيئة التي تم فيها تعليمه فقد ذكرها سيدنا الخليفة الرابع رحمه الله في تأليفه «سوانح فضل عمر» قائلاً: هذه قصة ممتعة جدًّا وجديرة بالاستماع، يرويها سيدنا مرزا محمود أحمد نفسه، حكايةً عن سيدنا المصلح الموعود حيث يقول :

«إن أكبر منة عليَّ بشأن تعليمي هي لسيدنا الخليفة الأول . لما كان طبيبًا أيضًا فكان يَعلم أن صحتي لا تسمح أن أطيل النظر في الكتاب. فكان يُجلسني بقربه ويقول: أنا سأقرأ، وما عليك إلا أن تسمع. وكان السبب وراء ذلك أن عينيّ كانتا قد أصيبتا بالرمد الشديد في الصغر، وظلّتا تؤلماني إلى ثلاث أو أربع سنين متواصلة. واشتد بي المرض حتى قال الأطباء أنِّي سأفقد البصر. عندها دعا لي المسيح الموعود دعاءً خاصًّا وتطوع بالصوم لأجل استعادة صحتي. لا أذكر بالضبط كم يومًا صام ، لعله صام إلى ثلاثة أو سبعة أيام. ولم يلبث أن أنهى آخر أيام صومه ووضع شيئًا في فمه إلا وفتحتُ عينيّ فجأة وقلتُ: لقد بدأتُ أرى. ولكن كانت نتيجة شدة المرض ونوباته المتكررة أن ذهب بصر إحدى عينيّ، وهي عيني اليسرى. أستطيع أن أرى الطريق ولكن لا أستطيع قراءة كتاب. إذا كان أحد أعرفه سلفًا جالسًا على بُعد بضعة أقدام مني أستطيع أن أراه وأعرفه. أما إذا كان أحد لا أعرفه سلفًا فلا أستطيع أن أميز ملامحه. إن عيني اليمنى فقط هي المبصرة، وحتى هذه أيضًا مصابة بالرمد الشديد إلى درجة أني كنت أقضي عدة ليالٍ ساهرًا. قال المسيح الموعود لأساتذتي إن دراسته ستكون على راحته ورغبته، فليدرس بقدر ما يشاء، فلا تضغطوا عليه لأن صحته لا تسمح أن يتحمل مشقة الدراسة. كان يقول لي مرارًا أن أدْرُسَ ترجمة معاني القرآن الكريم وصحيح البخاري على يد المولوي المحترم (أي نور الدين الخليفة الأول ) وكان يقول أيضًا أن أدرس شيئًا من الطب لأن هذه مهنتنا العائلية.

واستجابة للدعاء أخبر الله تعالى بولادة ابن ذي صفات غير عادية، منها أن ذلك الابن العظيم سيعمر طويلًا وسيكون منقطع النظير في الذكاء والفطنة، سيكون مدعاةَ خيرٍ وبركةٍ لأقوامٍ شتى، وسيكون صاحب الجاه والجلال والعظمة.

كان الأستاذ فقير الله يعلمنا الحساب في المدرسة، وكان يحلّ المسائل على السبورة ليفهم الطلاب جيدًا، ولكني ما كنت أستطيع أن أراها لاعتلال بصري الذي ما كان ليمتد موضع السبورة. وأضف إلى ذلك أنني ما كنت قادرًا على إطالة النظر إلى السبورة لأن عيني كانت تتعب سريعًا. لذا كنت أرى الجلوس في الصف أمرًا لا طائل منه. فكنت أحضر حينًا وأغيب أحيانًا. ذات مرة شكاني الأستاذ فقير الله إلى المسيح الموعود وقال: إنه لا يدرس شيئًا وقلَّما يحضر المدرسة. أَذكُر أنه عندما شكاني إلى المسيح الموعود اختبأت خائفًا وواضعًا في الحسبان أن المسيح الموعود قد يسخط عليَّ كثيرًا. ولكن عندما سمع المسيح الموعود كلام الأستاذ قال له: أشكرك كثيرًا على اهتمامك بالولد، وقد سررتُ بسماع كلامك أنه يحضر المدرسة أحيانًا. هذا جيد أنه يحضرها أحيانًا، لأنني أرى أن صحته لا تسمح له بالدراسة. ثم قال مبتسمًا: لن نفتح له محلا لبيع الأغراض المنـزلية حتى نكلّفه بتعلُّم الحساب، لا أبالي سواء أتعلّم الحساب أم لا. متى تعلّم النبي وأصحابه الحسابَ؟! فإذا حضر المدرسة، فبها ونعِم، وإلا فلا تجبروه. سمع الأستاذ فقير الله هذا الكلام وانصرف. أما أنا فبدأتُ أستغل هذا اللين أكثر من ذي قبل وتركتُ حضور المدرسة إلا يومًا أو يومين في الشهر.

باختصار، كانت دراستي على هذا النحو، والحق أنني كنت مضطرًّا أيضًا إلى ذلك لأنني كنت إلى جانب مرض العينين مصابًا بمرض الكبد أيضًا وكنتُ أُعطَى إلى ما يقارب ستة أشهر ماء يُغلى فيه مجروش أو نبات الخردل كعلاج مرض الكبد، وإلى جانب ذلك تضخم طحالي أيضًا. وكان موقع الطحال يُدلَّك بـيوديد الزئبق الأحمر “RED IODIDE OF MERCURY” وإضافة إلى ذلك كنت مصابًا بالتهاب اللوزتين.

باختصار، الرمد في العينين، ومرض الكبد، وتضخم الطحال، والإصابة بالحمى المستمرة إلى ما يقارب ستة أشهر، وقرار الكبار عن دراستي أنها تكون على راحتي ورغبتي دون أي ضغط عليَّ بهذا الشأن، كل هذه الأمور تكفي لكل إنسان أن يقيِّم مرتبتي العلمية.

یقول: ذات يوم اختبرني جدي حضرة مير ناصر نواب في اللغة الأردية. إن خط يدي رديء جدًّا إلى اليوم، أما في ذلك الزمن فكان خطي من الرداءة بحيث إنه كان لا يُقرَأ. فحاول جدي كثيرًا أن يقرأ ما كتبتُ، لكن دون جدوى. إن معظم أولادي أحسنُ مني خطًّا، ولا يوجد نظير لخطي إلا فيما تكتبه ابنتي أمة الرشيد،  فخطها رديء جدًّا حتى إننا جعلنا ذات مرة جائزة روبية لمن يقرأ ما كَتَبَتْه. هكذا كان خطي في تلك الأيام، حيث كنت أحيانًا لا أستطيع قراءة ما كتبت بنفسي. فلما رأى جدي مير ناصر نواب ما كتبتُ، ثارت ثائرته وقال: أهذه كتابة أم قرون مُعْوجة؟! كان في طبع جدي خشونة، فما لبث أن ذهب غاضبًا إلى المسيح الموعود . وبالمصادفة كنت في البيت، وكنا نهابه سلفًا بسبب عصبيته، فلما وصل إلى المسيح الموعود يشتكيني دبَّ الخوف في قلبي وقلت ماذا عسى أن يحدث الآن؟! فلما حضر قال للمسيح الموعود : إنكم لا تهتمّون بتعليم محمود مطلقًا، فقد امتحنته في اللغة الأردية، فانظروا إلى ورقته، فخطه رديء بحيث يستحيل أن يقرأه أحد. ثم في ثورة غضبه قال للمسيح الموعود إنكم لا تبالون بالولد إطلاقًا وعمره يضيع. فلما رأى المسيح الموعود ثورة غضب حضرة مير المحترم قال ادعوا حضرةَ المولوي المحترم (أي المولوي نور الدين)، وكان من عادة المسيح الموعود الشريفة أن يدعو حضرة الخليفة الأول كلما واجه مشكلة من المشكلات. كان حضرة الخليفة الأول يحبني جدًّا، فلما حضر وقف جانبًا مطرق الرأس كعادته، فقال له المسيح الموعود : حضرةَ المولوي المحترم، لقد دعوتك لأن مير المحترم يقول إن كتابة محمود غير مقروءة، فرأيي أن يُختبَر في ذلك. وحمل المسيح الموعود القلم وكتب عبارة من ثلاثة أسطر تقريبًا، وناولني إياها وقال اكتبها أنت الآن. يقول حضرة المصلح الموعود : كان هذا هو الاختبار الذي اختبرني به المسيح الموعود . فكتبت العبارة بمنتهى الحيطة والتركيز. فأولاً لم تكن العبارة طويلة، وثانيًا ما كان عليَّ إلا أن انقلها فقط، والنقل سهل جدًّا لأن الأصل أمامك، ثم إنني كتبتها على مهل، وكتبتُ الألف والباء وغيرهما بحيطة كبيرة. فلما رأى المسيح الموعود كتابتي قال: لقد انتابني القلق الشديد بسبب قول مير المحترم، ولكن خطّه مشابه لخطي! وكان حضرة الخليفة الأول مستعدًّا سلفًا للثناء عليَّ، فقال على الفور سيدي، إن مير المحترم ثائر بدون داع، وإلا فإن خطه جيدٌ جدًّا.

كان الخليفة الأول يقول لي دائمًا إن صحتك لا تسمح لك بأن تقرأ بنفسك، فعليك أن تأتي عندي، فسوف أقرأ عليك وأنت تسمع فقط. وهكذا فإنه علَّمني بإصرار منه القرآن الكريم أولًا ثم البخاري. ولم يُعلِّمني القرآن الكريم ببطء، بل كان أسلوب تدريسه أن يقرأ القرآن الكريم ويترجمه لي أيضًا وإذا رأى أن هناك أمرًا يجب شرحه فكان يشرحه لي، وإلا كان يقرأ بسرعة. لقد علَّمني القرآن الكريم كله في ثلاثة أشهر. ثم تخللت هذا التعليم فترات انقطاع، ثم بعد وفاة المسيح الموعود قال لي حضرة الخليفة الأول مرة أخرى: حضرة ميان، أكمِلْ درس صحيح البخاري مني على الأقل. ذلك أنني كنتُ أخبرتُه أن المسيح الموعود كان يقول لي أنَّ عليَّ أن أُكمل درس القرآن الكريم والبخاري على يد المولوي المحترم (أي الخليفة الأول)، ولذلك كنت بدأت في حياة المسيح الموعود قراءة القرآن الكريم وصحيح البخاري على يد الخليفة الأول، وإن تخللت هذه الدراسة فترات انقطاع أيضًا. كما بدأت دراسة الطب أيضًا على يده بناءً على أمر من حضرة المسيح الموعود . لقد بدأت أنا والسيد مير محمد إسحاق المحترم في تلقي دروس الطب من حضرته في يوم واحد.

ويتابع حضرة المصلح الموعود ويقول: هناك طرفة للسيد مير محمد إسحاق بهذا الصدد اشتهرت في بيتنا كثيرًا، ذلك أنه بعد تلقّينا درس الطب قال مير محمد إسحاق لوالدته: أيقظيني يا أمِّي في الصباح الباكر، لأن حضرة المولوي (أي الخليفة الأول) يحضر في محله متأخرًا، وسوف أذهب أنا إلى محله مبكرًا لكي أصف للمرضى الوصفات الطبية. مع أنه لم يدرس الطب إلا ليوم واحد فقط!!

باختصار، درستُ على يد حضرة الخليفة الأول الطب وتفسير القرآن الكريم. لقد أنهى درس تفسير القرآن الكريم في غضون شهرين فقط. كان يُجلسني إلى جواره ويقرأ عليّ ترجمةَ نصفِ الجزء حينًا أو كلِّ الجزءِ حينًا آخر، كما كان يفسر بعض الآيات أحيانًا. وأنهى تدريس البخاري في غضون شهرين أو ثلاثة. وذات مرة حضرتُ درسًا للقرآن الكريم لحضرة الخليفة الأول في رمضان أكمل فيه ترجمة وتفسير القرآن كله. كما اتفق لي أن قرأت على يده بعض الكتيبات العربية أيضًا. باختصار، هذا هو مبلغ علمي في الظاهر. لكن في تلك الأيام التي كنت أخوض فيها هذه الدراسة أراني الله تعالى رؤيا. هذه الرؤيا بشّرت المصلح الموعود بالترقي في العلم والمعرفة. فهذا هو مبلغ علم هذا الابن في ظاهر الأمر، وهذه هي الظروف التي تلقى فيها العلم، ولكن خُطبه وكتبه وتفسيره للقرآن الكريم شواهد على أن الله هو الذي قام بتعليمه. وهذا برهان عظيم على صدق النبوءة المتعلقة بالابن الموعود.

نبوغ من الصِّغَر

ألقى حضرته أول خطاب في الجلسة السنوية التي عُقدت في حياة المسيح الموعود في عام 1906، ويمكن تقدير ما تركه هذا الخطاب في الناس من أثر وما اشتمل عليه من علم ومعرفة من خلال ما كتبه الصحابي الجليل للمسيح الموعود ، والشاعر المجيد حضرة قاضي محمد ظهور الدين أكمل حيث قال:

“قام النجم الساطع من برج النبوة والجوهر اللامع من أوج الرسالة محمود (سلمه االله) ليخطب حول موضوع الشرك، فظللت أستمع لخطابه بإنصات تام. ماذا أقول عن خطابه؟! كان سيلًا من الفصاحة يتدفق بكل قوة. حقًا إن نضج أفكاره في هذه السن الصغيرة ليس أقل من معجزة! وعندي أن هذا أيضًا آية من آيات صدق المسيح الموعود ، ودليل ساطع على مدى كمال تربية المسيح الموعود . لقد تناول الخطيب موضوع الكمالات الروحانية بشكل مدهش.”

إن ما تحلى به المصلح الموعود من نشاط وحماس ديني ونمو عقلي وروحاني كان يؤكد أنه هو الذي سيكون مصداقًا لما ورد في النبوءة بأنه سينمو سريعًا. وكان المسيح الموعود نفسه يلمس في هذا الابن هذا الحماس الديني، حيث قال ذات مرة: يوجد في ميان محمود حماس ديني شديد يجعلني أدعو له بوجه خاص في بعض الأوقات.

هذه هي كلمات المسيح الموعود . ولا شك أنه قد دعا له في تلك المناسبة وكان دائم الدعاء له، لكي يجعله الله تعالى ذلك الابن المبشر به، ولكي يُنْزِل الله أفضاله عليه بغزارة أكثر، ويحقق جميع البشارات بحقه.

لقد كتب حضرة الخليفة الرابع مرزا طاهر أحمد سيرة المصلح الموعود بعد وفاته فقال فيها: في بداية عهد الخليفة الأول كان عمر حضرته 19 عامًا، وعند وفاة الخليفة الأول كان قد دخل في السادسة والعشرين من عمره، وأقدم لكم نماذج من خطبه وكتاباته في تلك السن. كانت أفكاره وأقواله تتحلى بنضج المفكر الكبير. انطوت كلماته على تأثير وجاذبية وإخلاص ولوعة. كان كلامه مُتَّسِمًا بسرعة طبيعية بريئًا من التصنع، وكانت كتابته منزهة عن التكلف تبدو في سلاستها كنهر جارٍ، وكلاهما كان مليئًا بعلوم القرآن وماء العرفان، يَرويان العقل والقلب معًا.

بعد وفاة المسيح الموعود ألقى حضرة المصلح الموعود أول خطاب وهو في الـ 19 من عمره، وقد حكى عن ذلك الخطاب العالم الفذ والرجل الرباني العظيم حضرةُ المولوي شير علي فقال: هناك أمر آخر أود ذكره في هذا المقام، وهو الخطاب الأول الذي ألقاه حضرة الخليفة الثاني في أول جلسة سنوية بعد وفاة المسيح الموعود . عقدت هذه الجلسة في فِناء المدرسة الأحمدية، وكان حضرة الخليفة الأول جالسًا إلى يمين الخطيب على المنصة التي كانت تواجه الشمال. هناك أمران جديران بالذكر عن هذا الخطاب: أولهما هو الأمر العجيب بأن صوت حضرته وأداءه ولهجته وأسلوب خطابه كلها كانت تشبه صوت وأداء المسيح الموعود مشابهة تامة بحيث إنها أحيت في قلوب المستمعين ذكرى المسيح الموعود الذي كان قد فارقهم قبل فترة وجيزة. لقد فاضت أعين كثير منهم بالدموع، وكنت واحدًا منهم، إذ كان صوت المسيح الموعود يصلهم عندها عبر شفتي ابنه الموعود كما يصل إلى مسامع المرء صوت إنسان غائب عن الأنظار عبرَ «الغراموفون». ولو جاز القول أن روح إنسان تحل بإنسان آخر، فيمكننا القول أن روح المسيح الموعود حلت في الخطيب في تلك اللحظات معلنةً أن هذا هو ابني الحبيب الذي قال الله إني أعطيتك إياه كآية رحمة، والذي قلت فيه أنه سيكون نظيرك في الحسن والإحسان. والأمر الثاني الجدير بالذكر في هذا الخطاب أنه ما أن انتهى حتى علّق حضرة الخليفة الأول الذي قضى عمره كله في تدبر القرآن الكريم والذي كان القرآن غذاء روحه، فقال: إن ميان (محمود) قد بين لآيات كثيرة تفسيرًا جديدًا بالنسبة لي أيضًا.

وأردف المولوي شير علي قائلا: كان هذا أول خطاب ألقاه حضرته أمام الجماعة (يعني أول خطاب بعد وفاة المسيح الموعود )، ولقد بين في خطابه الأول هذا من معارف القرآن الكريم ما جعل حضرةَ الخليفة الأول ، وهو الحبر الجليل في علوم القرآن الكريم، يعترف قائلًا إن هذه المعارف جديدة عَلَيَّ أيضًا. فمن ذا الذي علّم هذا الفتى هذه المعارف؟! ومن ذا الذي وهب هذه الحكمة والعلم لهذا الشاب في عنفوان شبابه؟! لقد وهب له إياها ذلك الذي قال عن سيدنا يوسف في القرآن الكريم:

وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (يوسف 23).

لم يبيّن الأمور الحكيمة العامة بل بيّن معارف القرآن الدقيقة، يقول الله تعالى عن القرآن الكريم:

لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ (الواقعة 80)،

فبيانُه معارفَ القرآن الكريم الجديدة والنادرة أمام الناس بمجرد تجاوزه سن الصبا إنما يدلي بشهادة بـيِّـنة على أنه قضى طفولته تحت رعاية الله الخاصة وكان منذ الصغر من جماعة المطهَّرين.

أبدى الصحفيّ غير الأحمديّ، يُدعى السيد محمد أسلم، انطباعاته عن سيرة حضرته، ورد في تعريف هذا الصحفي أنه جاء من أمرتسر إلى قاديان وعاد بعد مكوثه بضعة أيام، وبعد أن رأى الجماعةَ عن كثب أدلى ببيان مفصل مبني على انطباعاته، وكتب عن حضرته: إنني فرحتُ للغاية بلقاء الصاحبزاده مرزا بشير الدين محمود أحمد، كان إنسانًا خلوقًا جدًّا يحب البساطة، وإضافة إلى حسن خلقه كان متفهمًا للأمور وحكيمًا. إضافة إلى أمور أخرى كان الرأي الذي أبداه الصاحبزاده أثناء الحديث بيني وبينه حول مستقبل الهند بناء على تاريخ الأمم الخالية كان يحمل في طياته جوانبَ حِكَمِيَّةً عظيمة، (وهذا في 1913، أي قبل عهد خلافته، وفي عهد الخليفة الأول) ثم كتب: قد أبدى الصاحبزاده رغبته بكل إخلاص إكرامًا لي أن أبقى في قاديان أسبوعًا واحدًا على الأقل، ولكنني لم أستطع أن ألبّي دعوته لأسباب ولكنني أشكره جزيل الشكر على عظيم كرمِه وعطفه. سأتذكر دومًا زهد الصاحبزاده وتقواه وبساطته مع سعة الأفق.

وعلى المستوى الروحاني

ماذا كان مستوى عبادته منذ الصغر؟! ذكر ذلك حضرة المفتي محمد صادق الذي هو من أساتذته في الصغر فقال مُبديًا انطباعاته: بايعتُ المسيح الموعود في أواخر 1890 ومنذ ذلك الحين بقيتُ أتردد عليه دومًا وأرى حضرة مرزا بشير الدين محمود أحمد مُنذ صغره، وكيف كان من صفاته الحياء والنبل والصدق والرغبة في الدين وكان مهتمًّا بمهام المسيح الموعود الدينية منذ الصغر، وكان في أكثر الأحيان يذهب إلى المسجد الجامع مع المسيح الموعود للصلوات ويستمع للخطبة! قال: أتذكر أنه، حين كان عمره عشر سنوات تقريبًا، كان واقفًا مع المسيح الموعود في الصلاة، ثم كان يبكي في السجود وكان بطبيعته على صلة الحب الخاص بالله تعالى وبرسله منذ الصغر.

ثم هناك حادث آخر يبين صفة تضرعه وسجوده الطويل مما كان يثير عَجَبَ الكبار أيضًا مع علمهم أنه ليس مصابًا بأي مكروه في الظاهر وليس هناك ما يُقلقه، فحين كانوا يرون تضرعه وابتهاله كانوا يتعجبون جدًّا وكانوا يتساءلون عما جرى لهذا الطفل حتى يبكي في جوف الليالي ويبتهل أمام ربه حتى تُبلِّل دموعُه البريئة موضع سجوده. كتب الخليفة الرابع (رحمه الله تعالى) في «سوانح فضل عمر»: هذا الاستغراب نشأ في قلب شيخ غلام أحمد واعظ المحترم أيضًا الذي كان حديث العهد بالإسلام وكان أسلم على يد المسيح الموعود وازداد إخلاصًا وإيمانًا حتى أصبح عابدًا زاهدًا ومن أصحاب الكشوف والإلهامات. كان شيخ غلام أحمد يقول: مرة أردتُ أن أقوم الليل في المسجد المبارك وأسأل ربي في الخلوة ما أشاء. قال: حين وصلتُ المسجد رأيتُ شخصًا ساجدًا ويدعو بحرقة، لم أستطع أن أصلي بسبب حرقته وتأثَّرت بدعائه وانشغلتُ أنا أيضًا بالدعاء فدعوتُ أن يا ربّ، أعط هذا الشخص ما يسألك. تعبتُ وأنا واقف أرقب هذا الشخص حتى يرفع رأسه لأعرف من هو! لا أعرف منذ متى كان قد جاء قبلي، وما أن رفع رأسه حتى عرفت أنه ميان محمود أحمد. فسلّمتُ عليه وصافحتُه وسألته: ماذا أخذتَ من الله تعالى اليوم؟! فقال: لم أسأل الله إلا أن يحيي الإسلام أمام عينيّ، وبعد هذا القول دخل بيته. هذه الرغبة العارمة لإحياء الإسلام التي كانت في قلبه منذ نعومة أظفاره بدأت تُثمر في حداثة سنه إذ ألبسه الله تعالى قميص الخلافة في زمن شبابه.

فمن ذا الذي علّم هذا الفتى هذه المعارف؟! ومن ذا الذي وهب هذه الحكمة والعلم لهذا الشاب في عنفوان شبابه؟! لقد وهب له إياها ذلك الذي قال عن سيدنا يوسف في القرآن الكريم: وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (يوسف 23).

كتاباته في «تشحيذ الأذهان»

ذكر الصاحبزاده مرزا محمود أحمد دعاء له في مجلة «تشحيذ الأذهان»، إذ كتب في 1909م مقالًا تحدث فيه عن بركات رمضان، جاء فيه: «كنتُ أبحث في مكتبي عن مقال لمجلة تشحيذ الأذهان إذ وجدتُ ورقة كتبتها بناء على دعاء دعوتُ به في رمضان الماضي، وهذا الدعاء حثّني بقوة على أن أوجّه إليه أبناءَ الجماعة أيضًا، لا يُدرى مَن يُسمَع دعاؤه، ومتى ينزل فضل الله تعالى على جماعتنا بوجه خاص. إنني أنقل هنا هذا الدعاء مُعربًا عن لوعة قلبي لعله يولِّد في قلبِ سعيدٍ حماسًا فيبدأ يدعو ربه لنفسه وللجماعة الأحمدية، وهي غايتي الأساسية. وهذا الدعاء هو:

يا مالكي، وإلهي القادر، ومولاي الحبيب، وهاديّ، ويا خالق الأرض والسماء، يا من يتصرف في الماء والهواء، يا ربي الذي أرسل لهداية العالم مئات الآلاف من الهداة وملايين الأئمة من آدم إلى عيسى، يا أيها العلي الكبير الذي بعث رسولًا عظيمًا مثل محمد ، ويا أيها الرحمن الذي خلق هاديًا مثل المسيح في خدام النبي ، يا خالق النور وماحي الظلمات، أتضرع أنا عبدك الضعيف بين يديك، وبين يديك فقط، سائلًا إياك بكل ذلة وخضوع أن تسمع دعائي وتقبلني لأن وعودك هي التي شجعتني على أن أقول شيئًا بين يديك، لم أكن شيئًا فخلقتني، كنتُ في طي العدم فأخرجتني إلى الوجود، وخلقتَ العناصر الأربعة* من أجلي، (العناصر الأربعة: أي التراب والهواء والنار والماء، والعناصر الأربعة تعبير فلسفي قديم ذكره فلاسفة الإغريق، كأفلاطون، وردده من بعده أرسطو، عن المكونات التي تتألف منها المادة والكون المنظور ككل.)

وخلقت البشر لرعايتي حين لم أكن أقدر حتى على بيان حاجاتي، وسخّرتَ لي أناسًا كانوا يقلقون لأجلي تلقائيًّا، ثم رقّيتني ووسّعتَ رزقي، يا روحي، نعم، يا روحي، قد أمرتَ آدم ليكون أبي وجعلت حواء أمي، وأمرتَ عبدًا من عبادك، كان وجيهًا لديك، ليشفع عندك لجاهل وغِرٍّ وقليل الفهم مثلي وليستغفر من أجلي، كنتُ مذنبًا فسترتني، وكنتُ مخطئًا فغفرت لي، وكنت معي في كل ألم وحزن، كلما حلّت بي مصيبة أعَنْتَني، وكلما كدتُ أضل أمسكتَ بيدي، وعفوتَ عني رغم خطئي، واقتربتَ مني رغم ابتعادي، كنتُ غافلًا عن اسمك ولكنك ذكرتني، قد أَريتَ يد قدرتك ونصرتني في مناسبات لا يمكن أن يساعد فيها الوالدان والأقربون والأصدقاء والمواسون، ولما حزنتُ أسعدتني، ولما ضاقت نفسي أفرحتني، ولما بكيتُ أبهجتني، قد يكون هناك من يتقلب في الفراق، أما أنا فقد أريتَني وجهك بنفسك، وقد وعدتني وحققت وعودك ولم يحدث قط أنْ أخلفت وعدك لي، أما أنا فوعدتك وأخلفتُ وعودي ولكنك لم تؤاخِذْني بذلك قط، لا أرى شخصًا أكثر ذنبًا مني ولا أعرف أحدًا من المذنبين أشفقت عليه أكثر مني، لا يمكن تصوُّر شفيق مثلك، لما تضرعتُ على عتبتك وابتهلتُ سمعتَ دعائي وتقبلتَه، لم أعلم أنك رددتَ دعائي حال الاضطرار قط، يا رب، إنني أخِرُّ في حضرتك وأسجد بغاية الألم القلبي والحرقة الصادقة وألتمس منك أن تسمع دعائي وتدركني. يا أيها القدوس، إن قومي هالكون فأنقذهم من الهلاك، إن كانوا يُسمَّون أحمديين فما لي ولهم ما لم تكن قلوبهم ونواياهم صافية وما لم يكونوا مشغوفين بحبك، فيا رب، هيِّجْ رحمانيتك ورحيميتك لتطهيرهم، وليتولّد فيهم الحماس والحرارة مثل الصحابة ويقلقوا لدينك، ولتصبح أعمالهم أحسن وأصفى من أقوالهم، ويضحوا بأنفسهم لوجهك الحبيب، ويُفدوا بها نبيَّك الكريم، وتتحققَ أدعية مسيحك في حقهم ويترسخ في قلوبهم تعليمُه الطاهر والصادق، يا رب، أنقذ قومي من جميع الابتلاءات والآلام واحفظهم من أنواع المصائب، واخلقْ فيهم كبار الصلحاء، ليصبحوا قومًا تحبهم وحزبًا تستخلصُهم لنفسك، ويبقوا مصونين من سلطة الشيطان، وتنزل عليهم الملائكة دومًا، واجعل هؤلاء القوم مبارَكين في الدين والدنيا. آمين ثم آمين يا رب العالمين.

هذا الدعاء لحضرة مرزا بشير الدين محمود أحمد كان في 1909 في عهد الخليفة الأول حين كان عمره عشرين سنة فقط، حينها أيضًا كان في قلبه حرقة للدين وللقوم. أنزل الله تعالى آلاف البركات على روحه التي انتقلت إلى رحمة الله بعد أن بذلت الجهد ليل نهار لنشر دين النبي ولتحقيق هدف خادمه الصادق المسيح الموعود والمهدي الموعود وبعد الإيفاء بعهده. وفّقنا الله تعالى لنفهم دعاءه المُتْرَع بالحرقة والألم وندعوَ به، ونحقّق الهدفَ من كوننا أحمديين. (آمين)

Share via
تابعونا على الفايس بوك