الشورى مؤسسة دينية مرموقة
التاريخ: 2006-03-24

الشورى مؤسسة دينية مرموقة

حضرة مرزا مسرور أحمد (أيده الله)

حضرة مرزا مسرور أحمد (أيده الله)

الخليفة الخامس للمسيح الموعود (عليه السلام)

ملخص خطبة الجمعة التي ألقاها حضرة مرزا مسرور أحمد

 بتاريخ 24 آذار 2006 في مسجد بيت الفتوح، لندن

بعد التشهد والتعوذ وتلاوة الفاتحة، تلا حضرته الآية الكريمة: فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى الله إِنَّ الله يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (آل عمران : 160)

بدأ حضرته الخطبة بذكر موضوع مجلس الشورى المنعقد في هذه الأيام في باكستان وسلط الضوء على موضوع الانتخاب لأعضاء مجلس الشورى. وأكد على أهمية الشورى وعلى ارتباطها بالخلافة.كما أكد حضرته، بناءً على الآية السابقة، على أهمية التوكل على الله بعد اتخاذ القرار؛ سواء اتخذ هذا القرار بعد المناقشة، أو نزولا عند رأي الأكثرية، أو برد رأي الأغلبية والنـزول على رأي الأقلية أحيانا، وذلك لأن الأكثرية قد لا تحيط بكل جوانب القضية التي تم التشاور حولها. ولا يجب الخوف من عواقب القرار بعد ذلك، ولا بد من المضي قدما وتنفيذ ما تم تقريره. وهذه هي الطريق الأمثل التي أكد الله عليها في القرآن الكريم، والتي يجب على الجماعة أن تسلكها.

ويقول حضرته، إنه وإن كان المخاطب في الآية السابقة هو الرسول ، إلا أن الخطاب أيضا موجه للأمة أيضا، وخاصة في زمن الإمام المهدي والمسيح الموعود عليه الصلاة والسلام، الذي يشمل الجماعة والمسئولين وعلى رأسهم الخليفة بالذات. فكما أن قلب النبي كان لينا رفيقا، كذلك قلب الخليفة ينبغي أن يكون كذلك. وبما أن نظام الخلافة على منهاج النبوة قائم في الجماعة الإسلامية الأحمدية ومستمر بإذن الله، فقلب الخليفة سيكون دائما لينا رفيقا بالمؤمنين. ونظام الجماعة سيكون مستمرا أيضا، بسبب استمرار نظام الخلافة، وبفضل الله ورحمته المحضة، فإن ارتباط الأفراد بالخليفة سيكون مستمرا نتيجة لذلك.وهكذا ستكون العلاقة بين الخليفة والجماعة كتيارين تبادلييْن يجريان بفضل الله من الخليفة للجماعة ومن الجماعة للخليفة. لذلك فالخليفة يستشير في الأمور الدينية الهامة، والمؤمنون يقدمون المشورة، إذا طلبت منهم؛ ملتزمين بسبيل التقوى. وينبغي على الذين يقدمون المشورة أن يكونوا من الفقهاء ومن العابدين. وهكذا فإن على الجماعة أن تختار أعضاء مجلس الشورى بحيث يكونون من الملتزمين والمتفوقين في التضحية بالنفس والمال، ومن الفقهاء العابدين.وذكر حضرته رواية ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي ، عندما نزلت وشَاوِرْهم في الأمر قال : “أما إن الله ورسوله لغنيَّانِ عنها، ولكن جعلها الله رحمة لأمتي، فمن استشار منهم لم يُعْدَم رُشْدا”. وأكد حضرته أن المشورة رحمة للأمة ولا بد أن تؤدي للهداية.وبين حضرته، أن المسئولية تقع على عاتق أفراد الجماعة الذين يختارون أعضاء مجلس الشورى. فعليهم أن يختاروهم بناءً على الصلاح والتقوى والفقه، لا على القرابة والعلاقات الدنيوية والمحاباة. فالشورى مؤسسة دينية مرموقة، وهي ذات مكانة عالية تأتي بعد نظام الخلافة ونظام الجماعة. وإن فعلوا ذلك فإنهم سينالون رحمة الله تعالى، أما إذا لجئوا للاختيار على أسس دنيوية فسيكون اختيارهم كاختيار أعضاء البرلمانات، التي تقوم على أسس وحسابات دنيوية فسيقوم الأعضاء المنتخبون بمثل ما يقوم به أعضاء البرلمانات الدنيوية. ولا بد لهم أن يراعوا حق الأمانة وتأديتها بالتقوى؛ وهذا لأن هؤلاء سيقدمون المشورة للخليفة، وعلى أفراد الجماعة أن يكونوا حذرين لأجل ذلك.وذكّر حضرته أعضاءَ المجلس الذين يتم انتخابهم أنهم يُنتخبون لعام كامل وليس للأيام الثلاثة التي ينعقد فيها المجلس. وهنالك مسؤوليات ذات صبغة دائمة تترتب عليهم. فعليهم أن يلتزموا محاسبة أنفسهم. وحيث إن الانتخاب يكون بناءً على خبرة المنتخَبين في بعض الأمور، ولا ينبغي التصور أنهم سيكونون محيطين بكل شيء، إلا أن الأمر الآخر الذي هو الأهم هو التزامهم بالعبادات، ولا يمكن أن يكون العابد عابدا حقيقيا ما لم يسلك سبل التقوى. وهكذا فإن أعضاء المجلس يجب أن يتذكروا عِظَم المسؤولية الملقاة على عاتقهم، حيث انتخبهم الأفراد وأحسنوا الظن بهم.ويؤكد حضرته أن على أعضاء مجلس الشورى ألا يستخفّوا بالأمر ويعتبروا القضية محدودة بالثلاثة أيام التي اجتمعوا فيها، والتقوا فيها بالأحبة والأصدقاء، وإنما عليهم متابعة القرارات التي تم اتخاذها ووافق عليها الخليفة ومن ثم أُرسلتْ للتنفيذ. فعليهم أن يتأكدوا من أنها قد نُفِّذت بطريقة سليمة ودون تلكؤ. وكل عضو في مجلس الشورى مسئول عن مراقبة التنفيذ في محيطه على الأقل.

فالعبادة شيء هام جدا في الدين، والدين الذي لا عبادة فيه ليس دينا، كما قال الرسول . فعليهم ألا يتخلفوا عن الصلاة جماعةً إلا بعذر حقيقي. فالذي لا يراعي العبادة لا يمكن أن يقدم مشورة صائبة.

وأكد حضرته أيضا على أن الأفراد يجب أن يراقبوا كل الأمور بأمانة، لا أن يغضوا الطرف عنها في وقتها أحيانا، ثم إذا حدثت خصومة بينهم وبين المقصرين يثيرونها. وأكد حضرته أن الجميع لو حاسبوا أنفسهم ولم يسكتوا عن الحق لحدث تطور كبير وتسارع عظيم في الجماعة. وعليهم أن يتذكروا أن السكوت عن الحق وغض الطرف عن التكاسل والتلكؤ جريمة. ولكن يجب أن لا يكون النقد شخصيا، سواء في النقاشات في مجلس الشورى أو غيرها، وإنما يجب أن يكون موضوعيا دون نقد الأشخاص. وذكَّر حضرته أن المسئولين في الجماعة هم نخبة الجماعة في أعين الناس، وأن المتوقع منهم أن يكونوا على أعلى مستوى فيما يتعلق بحقوق الله وحقوق العباد وطاعة الخليفة. فعلى هؤلاء أن يحاسبوا أنفسهم على هذه الأمور. فالعبادة شيء هام جدا في الدين، والدين الذي لا عبادة فيه ليس دينا، كما قال الرسول . فعليهم ألا يتخلفوا عن الصلاة جماعةً إلا بعذر حقيقي. فالذي لا يراعي العبادة لا يمكن أن يقدم مشورة صائبة. وبخصوص حقوق العباد؛ يجب على المسئولين أن يتحلوا بالنـزاهة في التعامل، وأن يراعوا حقوق الجيران، طبقا لأوامر الرسول . فليس مقبولا من المسئولين أن يؤذوا جيرانهم. وقد بين المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام بصدد تعريف الجار أن الأخ في الدين أيضا جارٌّ، وهكذا فكل أحمدي هو جار لأخيه. ومن المؤلم عدم مراعاة ذلك، وخاصة من المسئولين، الذين سيؤثر سلوكهم على غيرهم، وقد ينفر البعض أيضا.وأكد حضرته أيضا على النقطة الثالثة الأخرى وهي طاعة الخليفة، وأن الذين يستخفون بقرارات الشورى التي هي مصادَقٌ عليها من قبل الخليفة، فهم يستخفّون بأوامر الخليفة من حيث لا يشعرون. وبيَّن حضرته، مذكِّرًا أعضاء مجلس الشورى، بأن العلم والذكاء والدهاء والمكر لن ينفعوا بشيء، وإنما الذي ينفع هو التقوى والدعاء. فعلى الجميع الالتزام بذلك. كما ذكر ما قاله الإمام المهدي والمسيح الموعود عليه الصلاة والسلام حول قوله تعالى: “يا أيها الذي آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا”؛ أي أنكم إن كنتم ملتزمين بالتقوى ستُعطَون نورا يسري في أفعالكم وأقوالكم وفي عقلكم وفي حواسكم وفي كل حركة وسكنة لكم، وأن الطرق التي تسيرون فيها تصبح نورانية. وهذه هي البركات التي بشرنا بها المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام. فإذا عمل جميع أفراد الجماعة بذلك فسيرتفع مستوى تقوى الجماعة، وكل قرار يُتخذ سيبارك فيه الله تعالى، وسيعمل الجميع بحسبه، ولن يكون هنالك شكوى من التقصيرات والتلكؤ والتقاعس.وختم حضرته بالدعاء لكي يوفق الله الجميع للسير في سبل التقوى وفي أداء الأمانات والمسئوليات. وسأل الله تعالى لكل من أعطوا الفرصة لكي يخدموا الجماعة أن يكونوا حقًا أيدي مساعِدةٍ للخليفة. آمين.

ملخص خطبة الجمعة التي ألقاها حضرة مرزا مسرور أحمد الخليفة الخامس للإمام المهدي والمسيح الموعود عليه الصلاة والسلام في 31/3/2006 في مسجد بيت الفتوح، لندن

بعد التشهد والتعوذ وتلاوة الفاتحة تلا حضرته الآية الكريمة:

وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ الله وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكـُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسـِنُوا إِنَّ الله يُحِـبُّ الْمُحْسِنِينَ (البقرة: 196)

بدأ حضرته بالتذكير بنعم الله الكبيرة على الجماعة، وقد بين أن أفراد الجماعة ينفقون في سبيل الله ويضحون ماليا ابتغاء مرضاة الله. ولكن لا بد من التذكير بضرورة الإنفاق في سبيل الله وهذا للإخوة القدامى والجدد، وهذا لكي يتذكروا أن التضحيات لا بد منها لتزكية نفوسهم، كما يبين ذلك القرآن الكريم.

وذكر حضرته أن هنالك آيات كثيرة في القرآن الكريم توجه المؤمنين للإنفاق في سبيل الله والتضحية المالية. وقد بشّر الله فيها بأن المنفقين سينالون أجرا في الدنيا وفي الآخرة. وقد حض الله تعالى على أن ينفق المؤمن من أفضل ماله. وقد بين حضرته أن السنة المالية للجماعة قد شارفت على الانتهاء بعد شهرين أو ثلاثة، لذلك لا بد لأفراد الجماعة من تسديد مستحقاتهم المالية من تبرعاتهم وتضحياتهم. وأكد حضرته أنه على يقين أن الله سيقضي جميع حاجات الجماعة ويغطي مصاريفها كما كان دائما يعامل الجماعة بفضله. إن الله هو الذي يلقي في القلب المشاريع والبرامج الجديدة وهو يعلم أن المسلمين الأحمديين سيكونون قادرين على تنفيذها والتكفل بها.

ويؤكد حضرته أنه في هذا الزمن، وببعثة خادم الرسول ، الإمام المهدي والمسيح الموعود عليه الصلاة والسلام، أصبح الجهاد بالمال ضروريا، وقد أعطى الله تعالى أتباعه رغبة وسعة في قلوبهم لكي يقدموا هذه التضحيات المالية في زمن انتشرت فيه المادية. فهم يسلكون نفس المسالك التي سلكها صحابة النبي في التضحية متأسين بأسوة الرسول . وهم واثقون من الأجر المترتب على التضحيات المالية، والله يؤهلهم لهذه التضحيات. ولقد قدّم النماذج المثلى في التضحية أولا الرسول بنفسه ثم أصحابه متأسين بأسوته .يقول المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام إنه لو لم تعطَ فطرتنا القوى القادرة على اتِّباع النبي لما أُمرنا بإتباعه، لأن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها. وقد يقول البعض إن التبرعات فوق طاقتنا، ولا نستطيع أن ندفع لكل هذه الصناديق والمشاريع، “فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها”. ولكن النماذج التي قدمها الرسول وتبعها الصحابة الكرام بيّنتْ أنهم قد تعرضوا لظروف قاسية في تضحياتهم، ولم يتخلف أحد منهم.وذكَّر حضرته بمثال حضرة أبي بكر الصديق رضي الله عنه، فلا شك أنه قد أُعطي طاقات أكثر من غيره، وكان ينفق في سبيل الله ويقول لو أنه أنفق كل ماله فهو واثق من أن الله تعالى سيهيئ له فرصة لكسب مال أكثر، وهذا بحسب ما تعود من الله تعالى وبسبب توكله العظيم عليه وإيمانه القوي به تعالى. وكان سيدنا عمر قد قدم نصف ماله، وغيره من الصحابة قدموا تضحيات مالية بقدر استطاعتهم طوال حياتهم. لذلك يجب عدم استغلال قول الله تعالى: “لا يكلف الله نفسا إلا وسعها” لتبرير التقصير في التضحيات المالية، ولا بد للجميع أن يفحصوا نفوسهم ويعرفوا قدراتهم للإنفاق. في بعض الأحيان يقدم الذين لديهم قدرات مالية قليلة تضحيات مالية أكثر من الأغنياء. كذلك هنالك بعض الموصين الداخلين في نظام الوصية الذين يدفعون أقل مما ينبغي عليهم دفعه وفقا لدخلهم. المفروض أن يقدم كل إنسان بحسب قدرته؛ والله قد وسّع في قدراتكم المالية ليميز الصادق من الكاذب في دعواه. ولا بد لهؤلاء المقصرين من الانتباه إلى بقية الآية

  لَا يُكَلِّفُ الله نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ،

فينبغي عدم التسويف والتلكؤ. ولا بد من عدم محاولة الخداع والكذب وإخفاء الدخل، لأن هذا يضيع الإيمان. ويقول حضرته فإذا لم يكن بإمكانكم أن تدفعوا النسبة المفروضة فيمكن أن تكتبوا للمركز للتخفيف في النسبة، وسوف نعطيكم هذه الرخصة. أما الذين يخفون ما يكتسبون فإنهم يكذبون وتذهب البركة من أموالهم. فالله الذي وسع عليهم يمكن أن يوقعهم في ضيق أيضا. فعامِلوا الله كما يعاملكم. أما إذا لجأتم للكذب فلن تتحقق التزكية المتعلقة بالإنفاق، وهذا يؤدي إلى فساد النفس ويترك نماذج سيئة للآخرين. فالأفضل أن يطلب مثل هؤلاء ألا يتبرعوا أبدا بدلا من الكذب لإخفاء الدخل الحقيقي. فالكذب يهدي إلى الشرك.

ونسأل الله تعالى أن يوفق الأحمديين جميعا لتقديم تضحياتهم بسعة صدر وليس بضيق. ولا يظنن أحد أنه يمنّ على الله أو على الجماعة. فكيف يمكن أن يمنّ أحد على الله! فهي تجارة مع الله ويردها عليهم أضعافا مضاعفة. كما يقول الله تعالى:

مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ الله قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَـاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً (البقرة:246)

يقول المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام هذا لا يعني أن الله محتاج للقرض، فهذا التفكير بحد ذاته شرك، وإنما القصد أن الله يرده عليكم بالجزاء الكبير، وهو أسلوب الله لكي يبارك في أموالكم. فمن يجد ضيقا في قلبه فليعلم أن التضحيات هي لجلب بركات الله. ويبين الله تعالى في موضع آخر أنه يضاعف الصدقات سبعمائة ضعف أو أكثر. ولكن لا بد أن يكون المال حلالا طيبا مكتسبا بالطرق الشرعية. ويقول حضرته إن التضحية المالية هي جهاد هذا العصر الذي هو عصر الإمام المهدي والمسيح الموعود عليه الصلاة والسلام. فبدونها لا يمكن طباعة الكتب للدفاع عن الإسلام ونشرها، كما لا يمكن إعداد تراجم معاني القرآن الكريم في مختلف اللغات ونشرها في العالم، ولا يمكن بناء المساجد والمراكز، ولا يمكن إعداد المبشرين وإرسالهم، ولا بناء المرافق لتقديم الخدمات الصحية والتعليمية للمحـتاجين. وهذا الجهاد في نشر الإسلام وخدمة الخلق لا بد أن يبقى مستمرا.وفي زمن الرسول كان الصحابة الأغنياء يدفعون، والفقراء يدفعون أيضا بقدر استطاعتهم. وكان من الفقراء من يقول ليتنا نملك ما ننفقه في سبيل الله. وكانت قلوبهم تضطرب وعيونهم تفيض بالدمع ألا يجدوا ما ينفقون. وقد شهد الله تعالى على صدق تلك القلوب المضطربة وتلك العيون الفائضة بالدمع. فنسأل الله تعالى أن يجعل قلوبنا كقلوب هؤلاء، وأن يوفقنا لفهم هذا الأمر والعمل به.ويقول حضرته: اليوم وقد تعرض الإسلام للهجمات من كل مكان، وقامت جماعة المسيح الموعود وهي التي تدافع عن الإسلام بالأدلة والبراهين القاطعة والدامغة، إلا أن ذلك يتطلب تضحية مالية. والله تعالى يبين أننا لو لم نهتم بالتضحية المالية فسوف نهلك، لأننا عندها نُحرَم من خدمة الدين، والحرمان من خدمة الدين هو الهلاك بعينه بحسب معنى الآية الكريمة. ولا بد من تذكير الأحمديين الجدد بضرورة التضحية المالية. وإن تخلف المسئولون عن ذلك فهم مسئولون أمام الله تعالى. ولا بد أن نهتم بواجباتنا على أحسن ما يرام. ويمكن أن نتجنب الهلاك إذا عملنا بقول الله تعالى “أَحْسِنوا” أي قوموا بما عليكم بأكمل وجه وأحسَنِه حسب الآية الكريمة.وقد كان الصحابة يبتغون رضا الله تعالى بطرق عجيبة.. وعن أبي هريرة أن شخصا جاء النبي وقال: أي الصدقة أعظم أجرا، فقال رسول الله :” أن تصدّق وأنت صحيح شحيح تخشى الفقر وتأمل الغنى، ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت: لفلان كذا، ولفلان كذا، وقد كان لفلان”. في مرحلة الشباب عادة لا يفكر الإنسان في عاقبته، ولكنه لو اهتم بعاقبته فسيُحسن الإنفاق. فكل الناس يطمحون في المال وخاصة في هذا الزمن المادي الذي أصبح الناس يحبون فيه المال أكثر. فالذين ينفقون في هذا الزمن هم يقومون بتضحية كبيرة، وهذا فضل من الله عليهم كبير. فإذا أنفق المؤمن وهو محتاج للمال فهو أكثر ثوابا وهناك أمثلة كثيرة حدثت وتحدث في جماعتنا. وذكر حضرته قصة شاب في ألمانيا، كان قد ادخر مبلغا صغيرا من المال لنفقات زواجه، وكان مدينا أيضا، ولكنه عندما علم بدعوة الخليفة للتبرع لبناء مائة مسجد في ألمانيا بادر إلى دفع كل ما ادخره في سبيل الله. وهذه القصص تدل على تحقق الأنباء التي وعد الله بها المسيح الموعود كما أنها تحرض الكسالى.وذكر حضرته حديثين للرسول يحض فيهما على التضحيات المالية، أحدهما يبين أن على الإنسان أن ينفق بما يعطيه الله تعالى وإلا لو بخل فإن الله سيعطيه قليلا. والآخر يقول فيه أن المنفق يكون تحت ظل صدقته يوم القيامة. كما ذكر حضرته الحديث القدسي الذي يقول: “يا ابن آدم، أَنْفِقْ أُعْطِك”.

إن التضحية المالية هي جهاد هذا العصر الذي هو عصر الإمام المهدي والمسيح الموعود عليه الصلاة والسلام. فبدونها لا يمكن طباعة الكتب للدفاع عن الإسلام ونشرها…. ولا يمكن إعداد المبشرين وإرسالهم، ولا بناء المرافق لتقديم الخدمات الصحية والتعليمية للمحـتاجين. وهذا الجهاد في نشر الإسلام وخدمة الخلق لا بد أن يبقى مستمرا.

وقال حضرته إن هناك أمثلة كثيرة في الجماعة على التضحيات المالية وعلى أفضال الله على أفراد الجماعة الذين ينفقون رغم أنهم في ضيق ويخشون الفقر. ونسأل الله أن يكثر في جماعتنا من أمثال المنفقين الشجعان دائما. ورد حضرته على بعض الاستفسارات التي ترد حول التبرعات، وأهمها ما يتعلق بموضوع الوصية، حيث بين حضرته أن على الموصين أن يدفعوا التبرعات للصناديق الأخرى وألا يظنوا أن الوصية تغطي كل التبرعات. فالمرجو من الموصين أن يكونوا متقدمين على غيرهم في التبرعات.

وذكر حضرته أن على الجماعات إشراك المبايعين الجدد في نظام التبرعات وبهذا فلن تكون هناك شكوى من مشكلة الاتصال معهم، كما أن هذا سيرفع من مستوى تقواهم. كما رد حضرة على تساؤل البعض حول الزكاة، وأكد حضرته أن لا بد من دفع الزكاة لمن ملك النصاب. وعلى النساء أن يدفعن الزكاة على حليهن إذا بلغت النصاب. وعلى المزارعين دفع الزكاة على الزروع أيضا.

وطلب حضرته في نهاية الخطبة الدعاء الأطباء من جماعة أمريكا الذين لبّوا دعوته وقاموا بإعداد وتجهيز “مركز طاهر لأبحاث القلب” في ربوة. ولكنه ذكّرهم بوجوب عدم تأثير هذه التبرعات على التبرعات الإلزامية الأخرى.

كما طلب حضرته الدعاء لرحلته إلى أستراليا وبعض بلاد الشرق الأخرى، والتي ستبدأ في هذا الأسبوع وستستغرق بضعة أسابيع. وطلب الدعاء كي تكون الرحلة موفقة ومباركة وأن يكون الله حاميا له ولرفاقه في السفر والإقامة. آمين

Share via
تابعونا على الفايس بوك