أفـضل العبـادة.. أداء الصلوات الخمس على أوقاتها
التاريخ: 2006-04-28

أفـضل العبـادة.. أداء الصلوات الخمس على أوقاتها

حضرة مرزا مسرور أحمد (أيده الله)

حضرة مرزا مسرور أحمد (أيده الله)

الخليفة الخامس للمسيح الموعود (عليه السلام)

ملخص خطبة الجمعة التي ألقاها حضرة مرزا مسرور أحمد،

الخليفة الخامس للإمام المهدي والمسيح الموعود عليه السلام،

 في المؤتمر السنوي للجماعة في “سوفا” في جزر فيجي.

بتاريخ 28/4/2006.

استهل أمير المؤمنين خطبته بذكر فضل الله ونعمته عليه بأن وفقه أن يلقي خطبة الجمعة وتنقل بشكل مباشر من هذه البلاد النائية وتبث إلى جميع العالم. فهذه البلاد يمكن أن تعتبر طرفا من أطراف الأرض، وهكذا فإن الله يوفقنا لرؤية تحقق وعوده التي قطعها للمسيح الموعود والتي منها أن يبلغ دعوته إلى أقصى أطراف الأرض. وهكذا فقد شاء الله تعالى أن تصل دعوته إلى أقصى أطراف الأرض عن طريق المحطة الإسلامية الأحمدية MTA. وقال حضرته إنه قد ألقى في المؤتمر السنوي في قاديان في هذه السنة خطبة وبثت مباشرة إلى جميع أنحاء العالم، ودعا الله تعالى أن يستمر هذا البث وينجح في الوصول إلى كل أنحاء العالم وأن يحقق الفائدة المرجوة ويستفيد منه الناس.

وذكّر حضرته بأن الدعوة قد وصلت إلى هذا المكان الذي يعتبر طرفا من أطراف العالم، وها هي الخطبة تبث من هنا مباشرة إلى جميع أنحاء العالم، لذلك يجب أن نتذكر نعمة الله هذه ونتذكر أيضا المسئوليات التي تترتب علينا بسببها، وهي أن نسعى لكي تكون تعاليم الإمام المهدي جزء من حياتنا، فالإمام المهدي هو إمام هذا العصر بحسب ما أشار الرسول ، ولو اعترفت الدنيا بهذا أم لم تعترف فإن هذا لا يغير من هذه الحقيقة شيئا.

ومع ذلك، فإن الجميع مجمعون على أنه لا بد من بعث مصلح أو مسيح أو مهدي كي يرشد العالم إلى طريق الصواب والهداية، وهذا لأن الدنيا نسيت طرق الهدى وزاغت عنها، واتخذت آلهة باطلة استحكمت في القلوب، ونسي الناس خالقهم. فها هم الناس يظلمون بعضهم بعضا، وها هو الأخ يغتصب حق أخيه. فنسأل الله أن يجعلنا من هؤلاء السعداء الذين قبلوا هذا الإمام المهدي ودخلوا في جماعته حقيقةً.

ثم قال حضرته؛ هل يكفي أن نعلن قبولنا للإمام المهدي والمسيح الموعود فقط؟ كلا، هذا لا يكفي، وهذا لأنه لا بد من تحقيق الغرض الأساس من بعثة هذا الإمام في أنفسنا، وهذا الغرض ما هو إلا إنشاء علاقة العبودية بين العبد وخالقه، ولكي يؤدي الإنسان حقوق الناس وحقوق العباد ابتغاء مرضاة الله. وبهذا فإننا نجني أفضال الله ونعمه في الدنيا، ثم ندخل جنته بعد الموت إن شاء الله تعالى.

ثم ذكر حضرته اقتباسا للمسيح الموعود مضمونه أن الهدف الأساس من بعثة الأنبياء هو أن يعرف الناس إلههم وكي يهتدوا إلى الحياة الطيبة الخالية من الذنوب. فإن الله تعالى قد أسس الجماعة الإسلامية وبعثني، وهذا هو الغرض الرئيس من بعثتي كما هي الحال بالنسبة لجميع الأنبياء. فقد جئت لكي أعرفكم بالله ولكي أدلكم كيف تجتنبون الذنوب. فالعبد عندما يعرف خالقه فإنه يميل إليه ويخضع أمامه. فعلى كل من قام بالبيعة أن يحاسب نفسه ويتفقدها ليرى إن كان هذا الهدف الأهم قد تحقق فيه أم لا. ومظهر ذلك أن يؤدي العبد حقوق الله وحقوق العباد اللذين هما مترابطان. فلو جعلنا هذا الهدف نُصْب أعيننا فإننا سنوفق لتحقيق الهدف المنشود إن شاء الله تعالى. أما إذا لم نعبد الله تعالى حق عبادته ولم نخضع أمامه فإن البيعة لن تنفع. ثم أكد حضرته أن الاقتباس الذي قرأه يؤكد فيه الإمام المهدي والمسيح الموعود على نبوته، وفي هذا رد على الذين يقولون إنه كان مجددا ومحدَّثا فحسب. فالإمام المهدي كان نبيا من جهة وكان تابعا للنبي من جهة أخرى. وهو قد بُعث وفقا لنبأ الرسول . وقد وفقنا الله تعالى أن نرى تحقق الأنباء التي أنبأ بها الرسول ومنها بعثة خادمه المسيح الموعود ، كما وفقنا بحمده لقبول هذا الخادم المحب الصادق للرسول . ففي شعره في الفارسية قال حضرته ما مضمونه: “إني لنشوان بحب محمد من بعد حب الله تعالى، فإن كان هذا كفرا، فو الله أنني لكافر أشد الكفر!”.فهذه هي مكانة المسيح الموعود فيما يتعلق بحب النبي وحب الله تعالى. فنحن الذين ندعي أننا قد بايعنا المسيح الموعود سنكون مسلمين أحمديين حقيقيين إذا كنا محبين لله ومحبين لخاتم النبيين ، الذي ختمت به الشرائع، فهو صاحب الشريعة الكاملة التي هي آخر الشرائع. وهذا الحب سيتملكنا لو عملنا بكل أوامر النبي وبشريعته، كما لو التزمنا بتعاليم المسيح الموعود التي ترشدنا إلى مكارم الأخلاق.

وقد ذكر حضرته اقتباسا للمسيح الموعود يقول فيه ما مضمونه أن الإنسان إذا لم يصلح علاقته مع الله تعالى فإن الادعاء بالإيمان يكون عبثا. فقد جئت لكي أحقق فيكم حقوق الله وحقوق العباد. فبخصوص حقوق العباد فهي نوعان؛ حقوق إخوانكم المسلمين الذين يجب أن تسموا علاقتكم بهم على روابط الدم أو غير ذلك من الروابط، وهناك حقوق جميع بني البشر التي تتجلى في مواساة الإنسانية جمعاء. أما بخصوص حقوق الله تعالى فهي أن تعبدوه مخلصين له الدين، ويجب ألا تنسوا الله تعالى في حالة الرخاء وتتذكروه في الشدائد أيضا. عليكم أن تنتبهوا إلى عبادة الله تعالى دائما، وأفضل العبادة هي أداء الصلوات الخمس على أوقاتها كما يقول الله تعالى:

إِنَّنِي أَنَا الله لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي (طه: 14)

فعلى الجميع أن يقيموا الصلوات في جماعة، باستثناء السيدات اللاتي يمكن لهن أن يصلين في البيوت، فإن الصلاة تنشئ علاقة روحية مع الله تعالى، فإن حدثت فإنكم لا تحتاجون أحدا بعدها. فالصلاة يجب أن تكون وردكم الدائم. وقد قال الرسول في حديثه أن الفرق بين الكفر والإيمان هو إقام الصلاة. كما يقول المسيح الموعود أن الحياة الصالحة السعيدة هي التي يبقى فيها الإنسان خاشعا وباكيا بين يدي الله كي يبقى في أمان. ومثله في ذلك كمثل الطفل الذي يبكي ليبقى دائما في رعاية أمه. فالذي يتضرع لله تعالى يجعل نفسه في حضن الله وفي رعايته، ومن لم يكن كذلك فإنه لن يتلذذ بالصلاة كما أنه لم يتذوق حلاوة الإيمان. ومن لم يتلذذ بالصلاة فإن دعوى إيمانه زائفة.وينبغي ألا يقوم أحد بالصلاة مستعجلا فينقر الأرض كنقر الدجاج ثم يدعو بعدها بدعاء طويل عريض ، فالصلاة هي الدعاء في حقيقتها. إن الصلاة هي الفرقان بين المؤمن والكافر، وهي تستجلب شرح الصدر وتهب النور للمؤمن. لذلك يجب أن ترددوا سورة الفاتحة بكثرة وأن تتفكروا جيدا في الدعاء الذي تتضمنه. يجب أن تكونوا كالمتوسلين الفقراء الذين يلحون أمام الله تعالى كي يعطيكم النجاة. إن هذه هي المعايير التي يجب أن ننالها، فيجب أن نحاسب أنفسنا لنرى إن كانت قد نشأت هذه الأمور فينا. إن بعض الناس يفضلون أعمالا أخرى على الصلاة، ولكن المسيح الموعود يقول إننا لا نرضى بذلك ولا نسلم به. ومن الضروري أن يدعو الإنسان في صلاته بلغته ويخضع أمام عتبه الله تعالى ويدرك أن الله يراه. فمن كان كذلك فإنه لن يقع في الذنوب، فالصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر وتباعد بين الإنسان والذنوب. فكما أن الإنسان يحذر النار ويتقي منها كذلك فإن عليه أن يحذر من الذنوب. فحياة المذنب في هذه الدنيا ستكون جحيما، وستهبّ عليه رياح غضب الله تعالى. أما الذي يصلي ويبتهل إلى الله تعالى فإن نسائم رحمة الله ستهبّ عليه. لقد كانت هذه سنة الأنبياء عموما وسنة النبي أيضا أنه كان يستغفر كثيرا ويصلي ويتضرع إلى الله تعالى ويبتهل لدرجة أن حالته كانت كالقدر التي تغلي. فمن ذا الذي هو في غنى عن الصلاة والعبادة.وبعد الالتزام بالصلوات والزكاة يقول الله تعالى:

  وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُون (النور 57)..

والآية التي تسبق هذه الآية هي آية الاستخلاف التي وعد الله تعالى فيها إقامة الخلافة في الذين آمنوا وعملوا الصالحات. فالتضحية المالية هي نوع من العبادة. فإذا نظرتم فستجدون أن الجماعة وحدها حافظت على نظام الزكاة وهي تقديم تضحيات مالية جبارة وفيها نظام الخلافة قائم ومستتب. ولن تستفيدوا من هذا النظام إذا لم تكونوا مطيعين للرسول ، وما لم تطيعوا خادم الرسول ، وإلا فلن تستطيعوا أن تنالوا بركة هذا النظام. لقد أطعتم أمر النبي بمبايعتكم للمسيح الموعود وقمت بإيصال سلام المصطفى له، ولكن هذا ليس كافيا، فيجب أن تكونوا على علاقة وثيقة مع نظام الجماعة ومع نظام الخلافة وتؤدوا حقوق الله وحقوق العباد لكي تكون هذه البيعة صحيحة ومكتملة.

وذكر حضرته مقتبسا للمسيح الموعود يقول فيه إن مناسبة المؤتمر السنوي هي مناسبة قد هيأها الله تعالى للسعداء الذين في قلوبهم برّ. فمباركون من ارتبطوا معي بعلاقة وثيقة. فلا تغتروا وتظنوا بأنكم قد نلتم كل ما تريدون. صحيحٌ أنكم أفضل من هؤلاء المنكرين الذين أنكروه، ومن الجيد أنكم قد فكرتم بإنقاذ أنفسكم وأحسنتم الظن بي، ولكن الحق أقول لكم هو إنكم قد وصلتم الآن قرب عين الحياة الأبدية، وهذه العين ما هي إلا تعاليم القرآن الكريم، وهذه العين من يشرب منها فإنه لن يهلك وسيكون قادرا على اتقاء هجمات الشيطان. ولكن ما هي الطريق للشرب من هذه العين؟ الطريق هي أن تؤدوا حقيْن وهما حق الله وحق العباد. فينبغي أن تكون بينكم مواساة صادقة وينبغي أن تكونوا كمثل الجسد الواحد في توادكم وتراحمكم كما أخبر بذلك رسول الله .

فلو حدثت هذه المواساة بينكم فإنه لن يشعر أحد بأن الآخر أدنى منه أو يشعر باحتقاره، وسوف تزول الشكاوى من هذا النوع تلقائيا. ثم قال حضرته إن المسيح الموعود لم يقل أن تحسنوا للآخرين وتواسوهم فحسب، بل عليكم أيضا أن تحسنوا للذين يتربصون بكم ويريدون بكم الشر، وهكذا ستحسبون من الذين يطيعون الرسول . وهؤلاء من ينطبق عليهم حديث الرسول الذي مضمونه أن أفضل الفضائل هي أن تصل من قطعك وتعطي من منعك وتصفح عمن أساء إليك. فهذا هو أمر الرسول الذي يجب أن نتبعه. فلو تحلينا بهذه الأسوة وعملنا بهذه التعاليم فإننا سنقضي على جميع أنواع التشاجر والخصومات.

ثم قال حضرته إن هناك أمرا للرسول وهو أن نكون متواضعين لأن التكبر يبغضه الله ولا يحبه. فهذا الأمر لو اتبعناه وعملنا به فسننال رضا الله تعالى إضافة إلى أننا نخلق جوا من الأمن والوئام في المجتمع. فينبغي أن نحترم مشاعر الآخرين وأن نهتم بهمومهم. إن تأدية حقوق العباد تتطلب أن تخضعوا أمام عتبة الله تعالى وأن تطلبوا منه العون لتحقيقها. فينبغي أن تستشعروا أن الله حي وموجود، وكل قلب يشعر بذلك يكون مؤديا لحقوق الله وحقوق العباد. فعلى المسلم الأحمدي أن يعلم ألا فائدة من بيعته ما لم يكن هناك فرق بينه وبين غيره في أداء حقوق الله وحقوق العباد. وإن أسوتكم الحسنة هي التي ستقربكم إلى الناس وستقرب الناس إليكم، كما ستؤدي إلى تحسين دنياكم وآخرتكم. فعلى الجميع، كبيرا وصغيرا، أن ينتبه إلى ذلك ويعزم عليه. فلو حدث هذا التغيير في نفس كل واحد منكم فإن رقي الجماعة وازدهارها سيظهران بجلاء في هذه الجزيرة الصغيرة. وقد أخبر المسيح الموعود أن هدف هذه المؤتمرات هو إحداث التغيير الطيب في النفوس. فلا بد أن تسعوا لتحقيق هذا الهدف. ثم ختم حضرته بقوله إن عليكم أن تنتبهوا أن اجتماع عدد كبير في مكان واحد قد ينتج عنه بعض المشاحنات، لذا لا بد من التحلي بالعفو والصفح، وأسأل الله أن يوفقكم لذلك. آمين.

Share via
تابعونا على الفايس بوك