صلوا على سيد ولد آدم وخاتم النبيين
التاريخ: 2006-02-24

صلوا على سيد ولد آدم وخاتم النبيين

حضرة مرزا مسرور أحمد (أيده الله)

حضرة مرزا مسرور أحمد (أيده الله)

الخليفة الخامس للمسيح الموعود (عليه السلام)
  • أبسم الحرية تنتهك المعايير الأخلاقية!
  • مكيالان للغرب وجرائدها
  • مأساة المسلمين وسبب تشتتهم وضعفهم
  • الطريق السليم للدعاء ونيل البركات (طرق الصلاة على النبي)
  • إنما النصر بالدعاء
  • ضرورة الانضمام إلى جماعة المهدي عليه السلام

__

أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أما بعد فأعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِِ * الْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين * الرَّحْمـنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ * إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِين * اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّين . آمين.

إِنَّ الله وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (الأحزاب:57).

إن شاء الله تعالى سوف أواصل الكلام اليوم أيضًا باختصار حول الأحداث التي تُشيعها منذ بضعة أسابيع بعض الجرائد والبلاد الأوروبية من تجريحٍ لمشاعر المسلمين باسم حرية التفكير والتعبير وحرية الصحافة، واتخاذهم موقفاً ظالماً. كما أريد أن أتحدث عن عاصفة هبّت في البلاد الإسلامية كردّ فعل على الإساءة التي قامت بها هذه الجرائد وتلك البلاد. فجاء هذا الاحتجاج على مستوى الأفراد والمجتمعات والحكومات أيضاً، حتى إن منظمة المؤتمر الإسلامي أعلنت أيضاً أنها سوف تضغط على البلاد الأوروبية حتى تعتذر عما حدث، وحتى تسنّ قوانين تمنع المساس بالأنبياء باسم حرية الصحافة والرأي، لأنهم إن لم يرتدعوا فلا ضمان لسلام العالم.

إنه تصرف جيد سواء من البلاد الإسلامية أو من منظمة المؤتمر الإسلامي. وندعو الله تعالى أن يقوي البلاد الإسلامية ويوفقهم ليصبحوا – من أعماق قلوبهم – قادرين بالفعل على إرساء الأمن في العالم كله باستصدار مثل هذه القوانين.

مكيالان للغرب وجرائدها

لقد أعلنت جريدة إيرانية قبل بضعة أيام أنها سوف تُجري، انتقامًا لما حصل مع المسلمين مؤخرًا، مسابقة للرسوم حول ما حلّ باليهود في الحرب العالمية الثانية من فظائع.

وعلى الرغم من أن ردة الفعل هذه ليست إسلامية إلا أنني أقول للبلاد الغربية أنه كان ينبغي لها أن لا تستاء من هذا الخبر، لأنها تنادي بالحرية وتسمي كل ما يُنشر في جرائدها من سخافة “حرية الصحافة”. فما كان ينبغي لهم أن يستاءوا من ذلك، أو كان عليهم أن يعلنوا أنه يجب ألا نكرر الآن الخطأ الذي أدى إلى الفساد في العالم، بل علينا أن نقضي على كل فكرة تمسّ بدين أو بمؤسِّسه أو بنبيٍّ أو بقومه، وأن نخلق في العالم جوّ المحبة والوئام. ولكن بدلاً من الرد بمثل هذا، فإن رئيس تحرير الجريدة التي نشرت تلك الرسوم التي سببت كل الفساد في العالم قال رداً على هذا الإعلان الإيراني: إننا لن نشترك أبدًا في المسابقة التي أُعلنت في الجريدة الإيرانية – مع أن هذه الرسوم إنما كانت تتعلق بما حدث باليهود خلال الحرب العالمية الثانية وكانت تتحدث عما حلّ أو لم يحل بالقوم مِن المظالم، ولم تكن تشكل أي إساءة إلى أي نبي من الأنبياء. ويضيف المحرر: ليطمئن قرّاؤنا بالاً، لأننا ما زلنا متمسكين بأخلاقنا السامية، فلن ننشر رسوماً لعيسى أو للمَحرقة النازية!! فلا يمكننا، بحال من الأحوال، أن نشارك في هذه المسابقة ذات الذوق المنحط التي دعت إليها تلك الجريدة ووسائل الإعلام الإيرانية.

وعلى الرغم من أن ردة الفعل هذه ليست إسلامية إلا أنني أقول للبلاد الغربية أنه كان ينبغي لها أن لا تستاء من هذا الخبر، لأنها تنادي بالحرية وتسمي كل ما يُنشر في جرائدها من سخافة «حرية الصحافة».

فهذه هي مكاييلهم المزدوجة. فعندهم مكاييل لأنفسهم ومكاييل أخرى يلعبون بها بمشاعر المسلمين. فإذا قيل شيء ضدهم فلا يصبرون عليه، على سبيل المثال كتب مؤلف إنجليزي قبل سبعة عشر عامًا حول حادثٍ معين، وذهب مؤخراً إلى النمسا، فرُفعت ضده قضية وحُكم عليه بالسجن لمدة ثلاث سنوات. هذه أساليبهم ومعاييرهم وأعمالهم، فلنذرهم وشأنهم!

مأساة المسلمين

ولكن ينبغي علينا أيضًا أن ننظر إلى حالتنا. يجب أن نرى فيما إذا كنا نحن السبب وراء هذه الجرأة على الإسلام التي نشأت في بلاد الغرب؟! إن ما يحدث الآن يكشف لنا بكل وضوح أن البلاد الغربية تدرك تمامًا أن المسلمين تحت سيطرتها ولا يسعهم إلا أن يرجعوا إليها في نهاية المطاف. فكلما نشب بين المسلمين قتال طلبوا العون من الغرب. وتدرك الدول الأوربية أن المقاطعة التي فُرضت على منتجاتها من قبل بعض الدول الإسلامية احتجاجًا على هذه الرسوم ستنتهي قريبًا عندما تهدأ العاصفة، وأن المنتجات الغربية التي قد سُحبت من الأسواق والتي قد اختفت من المتاجر ستعاد في أسواق هذه البلاد الإسلامية مرة أخرى. ثم إن المسلمين القاطنين في البلاد الغربية يستهلكون منتجاتها، فمثلاً يقيم في الدنمارك نفسها مئتا ألف مسلم، ومعظمهم من باكستان، ولا شك أنهم يستهلكون المنتجات الغربية. على كل حال، فإن ردود الفعل هذه مؤقتة وسوف تنتهي قريبًا.

انظروا إلى تعاستنا نحن المسملين. فقد وقع مؤخرًا حادث تفجير قنبلة بقبة ضريح إمام للشيعة في العراق، فتبع ذلك هجماتٌ على مساجد أهل السنة وتدميرها. ولم يحاول أحد من المسلمين أن يرى ويفكر ويحقق بأن هذا الحادث قد يكون فتنة من العدو لإشعال نيران الاقتتال فيما بيننا، ذلك لأن كل المتفجرات والأسلحة تأتي من هذه البلاد الغربية. لكن المؤسف أن المسلمين لا يقدرون على مثل هذا التفكير. فأولاً إنهم يفقدون الصواب من شدة الغضب، فلا يدرون كيف يتصرفون لشدة غيظهم ورغبتهم في الانتقام من الطوائف الأخرى. وثانياً إن المنافقين منهم ينضمون، لسوء الحظ، إلى العدو، فيستغلهم الأعداء ولا يدَعهم يفكرون فيما يفعلون. إن الوضع الجديد الذي نشأ في العراق سوف يدفع البلاد إلى حربٍ أهلية. وهذه الحرب على ما يبدو قد بدأت، والقادة هناك يعانون كثيرًا ويخافون من خروج الأوضاع عن سيطرتهم. إن حالة القتال هذه بين المسلمين موجودة أيضا في أفغانستان وباكستان حيث تسعى كل فرقة لخلق جو من التوتر والعنف مع الفرقة الأخرى، ويقتل بعضهم بعضًا باسم الدين، مع أن الله عز وجل يقول

وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ الله عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا (النساء:94).

السبب الرئيس لتشتت المسلمين وضعفهم

فترونهم يضرب بعضهم رقاب بعض. وإن هذه الفتن كلها تخرج من القادة المثيري الفتن، ومعظمهم من زعماء الدين. يحرّضون القوم على الضرب والقتل قائلين: اقتلوا لِتؤجَروا وتَرثوا الجنة. مع أن الأمر الواقع أن الله تعالى يعلن أنه سيلعنهم ويُدخلهم في جهنم. وحيثما يُستشهد الأحمديون سواء في باكستان أو بنغلاديش وغيرهما من البلاد فإن هؤلاء الزعماء الدينيين هم الذين يحرّضون القوم بوعد الجنة على أعمال توصل إلى الجحيم.

على كل حال، كنت أقول إن الأعداء يستغلّون تصرفات المسلمين هذه ويُضعفونهم باستمرار، ولكن المسلمين لا يعقلون ذلك. ومن الواضح المؤكد أن المسلمين لم يفقدوا الصواب ولم يتعرضوا لكل هذه اللعنات إلا لأنهم لم يطيعوا أمر الرسول ولا يريدون أن يطيعوه، بل يكذّبون مسيحه ومهديه. ولا نملك إلا الدعاء لهم. وعلى كل مسلم أحمدي أن يدعو الله لهم. لقد وجهت أنظاركم من قبل أيضًا إلى أن تدعوا الله تعالى أن يلهمهم العقل والصواب حتى لا يكونوا لعبة في يد الأعداء ولا يشوهوا سمعة الإسلام ولا يضرب بعضهم رقاب بعض. عندما يحاول أعداء الإسلام إخضاع المسلمين وإهانتهم بطريق أو بآخر، فلا بد أن يتألم الأحمدي أشدّ الألم، لأنهم، على أية حال، ينتسبون لنبينا وحبيبنا محمد المصطفى أو يدَّعون ذلك. ولا جرم أن عددًا كبيرًا من هؤلاء المسلمين المضلَّلين يقعون بسبب قلة علمهم فريسةً لدعاية هؤلاء الزعماء والمشايخ ويرتكبون أعمالاً خاطئة لا علاقة لها بالإسلام لا من قريب ولا من بعيد. ندعو الله تعالى أن يستجيب دعواتنا ويهدي هؤلاء المسلمين وينجيهم مِن براثن العلماء المزعومين، فيفهموا حقيقة تعاليم الإسلام الجميلة، فلا يشوهوا سمعة الإسلام بارتكابهم بسبب جهالتهم وحماقتهم أفعالاً غير إسلامية مندفعين بحبهم للإسلام. ندعو الله تعالى أن يهديهم سواء السبيل، لأن العدو يستغل تصرفاتهم لتشويه سمعة الإسلام وشن الهجمات البشعة على سيدنا محمد .

فعلى كل أحمدي أن يهتم بالدعاء كثيرًا في هذه الأيام، لأن العالم الإسلامي معرَّضٌ لظروف مخيفة للغاية من جراء أخطاء المسلمين أنفسهم. فإذا كنا عاشقين للمصطفى عشقًا صادقًا ونحبه حبًّا حقيقيًّا، فينبغي أن ندعو الله تعالى كثيرًا لأمته أيضًا. إننا نهتم بهذا الأمر مسبقا بفضل الله تعالى، ولكن هناك حاجة إلى هذا أكثر من ذي قبل.

الطريق السليم للدعاء ونيل البركات

وأريد اليوم أن أرشدكم إلى الطريق السليم للدعاء؛ وهذه الطرق والأساليب للدعاء قد علَّمنا إياها سيدنا رسول الله ، ونستطيع باتباع هذه الطرق إصلاح أنفسنا ورؤية مشاهد استجابة الدعاء أيضاً.

فعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: إِن الدعَاءَ مَوْقُوفٌ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لا يَصْعَدُ مِنْهُ شَيْءٌ حَتَّى تُصَلِّيَ عَلَى نَبِيِّكَ . (الترمذي:كتاب الصلاة، باب ما جاء في فضل الصلاة على النبي )

وهذه حقيقة قد أخبرنا الله تعالى عنها في القرآن الكريم، وذلك في الآية التي استهللت بها خطبتي وهي

  إِنَّ الله وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (الأحزاب:57).

لا شك أن القرآن الكريم مليءٌ بالأحكام الواجب العمل بها، وإذا عملنا بها صرنا من أحباء الله وورثنا نعمه وأصبحنا من المقرّبين لديه، ونجونا من الجحيم ودخلنا الجنة، ولكن هذا الحكم القرآني عظيمٌ لدرجة أن الله تعالى نفسه يصلّي على نبيه الحبيب كما أمر ملائكته بذلك أيضاً، وهذا يعني أننا إذا صلينا على النبي فعلنا ما يفعل الله تعالى نفسه. وما دام الله تعالى ينعم علينا كثيرًا إذا عملنا بأحكامه الأخرى، فما بالكم بالجزاء الذي يعطينا الله تعالى إذا قمنا بالعمل الذي يقوم به هو نفسه؟ ثم إن صلاتنا على النبي بصدق القلب ستؤدي إلى إصلاح الأمة وإنقاذها من الخزي والهوان، وتؤدي إلى إصلاح أنفسنا أيضًا، وتكون سببًا لاستجابة أدعيتنا وذريعة لإنقاذنا من فتن الدجال أيضاً.

لقد وردت منافع الصلاة على النبي في شتى روايات الحديث، ففي رواية قال رَسُولُ اللهِ : “أَولَى النَّاسِ بِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَكْثَرُهُمْ عَلَيَّ صَلاةً”. (الترمذي:كتاب الصلاة، باب ما جاء في فضل الصلاة على النبي )

وقال رسول الله : مَن صلّى عليَّ صادقًا مِن نفسه، صلى الله عليه عشر صلوات، ورفعه عشر درجات، وكتب له بها عشر حسنات”. (كتاب جلاء الأفهام، لمحمد بن أبي بكر أيوب الزرعي، الجزء 1 صفحة 128، دار العروبة، الكويت الطبعة الثانية 1407هـ/ 1987م)

فترون أن خلوص النية هو شرط أساس. هناك كثير من الناس الذين يدعون أو يسألونني الدعاء ويقولون: إننا قد دعونا كثيراً وطلبنا منك الدعاء أيضًا، ونصلي على النبي منذ فترة طويلة، ولكن لا تُستجاب دعواتنا. لقد أوضح لنا رسول الله كيف نصلي عليه فقال: “صادقاً من نفسه”.. أي صلُّوا عليّ بخلوص النية. فعلى الإنسان أن يحاسب نفسه عند الصلاة على النبي . عليه أن يفتش في زوايا قلبه عما علق به من شوائب الدنيا، ويرى مدى إخلاصه في الصلاة على النبي .

يقول المسيح الموعود في هذا الصدد:

“عليكم أن تكثروا من الصلاة على النبي فهي ذريعة قيمة للثبات والاستقامة. ولكن لا تصلّوا عليه كتقليد وعادة، بل صلُّوا عليه نظرًا إلى حسنه وإحسانه لرفع درجاته ومراتبه ولانتصاراته، ونتيجة لذلك ستجنون ثمرة استجابة الدعاء الطيبة اللذيذة”. (ريفيو أف ريليجنـز (بالأردية) المجلد 3 رقم 1 الصفحة 115)

إذًا، فهذه هي طرق الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.

ثم يقول حضرته : “فصلُّوا على هذا النبي المحسن الذي هو مَظهَر صفات الرحمان المنّان، وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان؟ والقلب الذي لا يدري إحسانه، فلا إيمانَ له، أو يضيّع إيمانه. اللهم صلّ على هذا الرسول النبي الأُمّي الذي سقى الآخرين كما سقى الأوّلين، وصبّغهم بصبغ نفسه وأدخلَهم في المطهَّرين”. (إعجاز المسيح، الخزائن الروحانية المجلد 18 الصفحة 5-6).

فإذا صليتم كلُّكم على النبي مجتمعين وبإخلاص، فإن هذه الصلاة بلا شك سوف تظهر آثارها. فالذين يقولون أنهم لا يجدون تأثيرًا للصلاة على النبي، يجب أن تنكشف عليهم حقيقة الأمر من خلال الحديث الشريف المذكور أعلاه، ومن خلال كلام المسيح الموعود الذي قدمته لهم. يجب ألا يصيب أحدا مللٌ ولا سأمٌ من الصلاة على النبي ، بل عليهم أن يختبروا أنفسهم دائمًا. فقد قَالَ رَسُولُ اللهِ :

“الْبَخِيلُ الَّذِي مَنْ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ”. (الترمذي: أبواب الدعوات عن رسول الله ، باب قول رسول الله رغم أنف رجل).

فالبخيل يرتكب إثم بخله من جهة، ومن جهة أخرى يُحرم من أفضال الله تعالى، إذ قد عرفنا أن الذي يصلي على النبي مرة صلى الله عليه عشر مرات.

وحصول المرء على صلاة الله صفقةٌ رابحة لدرجة أن صحابة النبي – رضوان الله عليهم – وكذلك بعض صحابة المسيح الموعود كانوا يهتمون بالصلاة على النبي مستغنين عن الأدعية الأخرى كلها.

وفي رواية قَالَ رَسُولُ اللهِ :

“رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ”.(الترمذي-كتاب الدعوات عن رسول الله باب قول رسول الله رغم أنف رجل )

وعن أبي بكر الصديق أنه قال: “….. السلام على النبي أفضل من عتق الرقاب، وحبُّ النبي أفضل من مهج الأنفس، أو قال مِن ضربِ السيف في سبيل الله. (الدر المنثور، تحت قوله تعالى: إن الله وملائكته يصلّون على النبي….”)

أما الجهاد المزعوم الذي يقوم به المسلمون في هذا الزمن حيث يحاربون الأغيار، كما يقطع بعضهم رقاب بعض، فهلا سأل أحدٌ هؤلاء المشايخ: هل من الإسلام أن تضللوا بسطاء المسلمين الأميين وتقوموا بإثارة مشاعرهم، فيرتكبوا هذه الأفعال غير الإسلامية مندفعين بحماسهم الديني؟ إنما يعلّم الإسلام أنكم إذا سمعتم من الأعداء كلامًا يسيء إلى الرسول فعليكم أن تبيّنوا لهم محاسنه، وأن تصلّوا عليه، فهذا أفضل من جهادكم المزعوم، وإن التوجه إلى الدعاء والصلاة على النبي خير من تضحيتكم بأنفسكم.

وفي هذا الزمن الذي هو زمن المسيح الموعود قد أصبحنا بأمسّ حاجة إلى الإكثار من الصلاة على النبي عِوضًا عن التوجه إلى العنف. كما علينا أن نهتم بإصلاح أنفسنا وأن نفحص مدى حبنا لرسول الله حقًّا. يجب أن نرى فيما إذا كان الحماس العابر يجرّنا نحن أيضا إلى نار تؤججها بعض الفئات لمصالحها؟ فيجب علينا أن نتوجه لإصلاح أنفسنا، وأن نسعى في محيطنا لتوجيه النصح لإخواننا من المسلمين الآخرين ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً. يجب أن نعظهم بألا يختاروا طرقًا خاطئة، بل عليهم أن يتبعوا السبيل التي هدانا الله تعالى ورسولُه إليه ورضيا به. فقد أخبرنا النبي أنكم إذا أردتم أن تحظوا برضائي وتدخلوا الجنة، فصلّوا عليّ بكثرة.

وفي رواية عن عبد الله بن مسعود قال رسول الله : “مَن لم يصلّ عليّ فلا دينَ له.” (جلاء الأفهام، الجزء الأول ص 58)

ومرّة قال : “كثرةُ الذكر والصلاةُ عليّ تنفي الفقر.” (المرجع السابق ص 421)

إن خير علاج لضيق المال وعسر الأحوال الذي قد حل بالمسلمين في هذه الأيام -حيث جعل الغربُ لنفسه مكيالاً بينما يعامل البلاد الإسلامية بمكيال آخر- هو الصلاة على النبي بكثرة، والانتفاع من البركات التي جعلها الله منوطة بهذه الصلاة.

وعن أنس بن مالك قال قال رسول الله : “إن أقربَكم مني يوم القيامة في كل موطن أكثرُكم عليّ صلاةً في الدنيا.” (الدر المنثور، تحت قوله تعالى “إن الله وملائكته يصلون على النبي..”)

فمن مِنَّا لا يريد أن يكون أقربَ مجلسًا من الرسول يوم القيامة، وأن ينجو من كل خطر متمسكًا بردائه ؟ لا شك أن كل واحد منَّا يريد النجاة من غضب الله، وهذا هو السبيل للنجاة من سخط الله تعالى وللتقرب من النبي كما أخبرنا حضرته بنفسه. لذا فعلى كل مؤمن أن يهتمّ بالصلاة على النبي في كل حين، وأن يغتنم كل فرصة لذلك.

وعن أنس قال قال رسول الله : “مَن صلّى عليّ في يوم ألفَ مرة لم يمت حتى يرى مقعده من الجنة”. (العهود المحمدية للإمام الشعراني، والترغيب والترهيب للمنذري)

فعلى الإنسان أن يحاسب نفسه عند الصلاة على النبي . عليه أن يفتش في زوايا قلبه عما علق به من شوائب الدنيا، ويرى مدى إخلاصه في الصلاة على النبي .

إذًا، فالتغييرات الطيبة التي تحدث في الإنسان نتيجة صلاته على النبي سوف تجعل حياته في هذه الدنيا جنةً، كما تورثه هذه الأعمال والحسنات والتغيرات الطيبة الجنةَ في الآخرة.

وعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ – رضي الله عنهما – أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ يَقُولُ:

 “إِذَا سَمِعْتُمُ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ، ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ، فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً صَلَّى الله عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا، ثُمَّ سَلُوا الله لِي الْوَسِيلَةَ فَإِنَّهَا مَنـزلَةٌ فِي الْجَنَّةِ لا تَنْبَغِي إِلا لِعَبْدٍ مِنْ عِبَادِ اللهِ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ، فَمَنْ سَأَلَ لِي الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ”. (مسلم: كتاب الصلاة، باب القول مثل قول المؤذن لمن سمعه ثم يصلي على النبي )

فعلى كل مسلم أحمدي أن يحفظ هذا الدعاء ويردّده بعد كل أذان.

إلى هنا قد اتضحت لكم أهمية الصلاة على النبي وفوائدها، ولكن البعض يسأل: كيف نصلّي على النبي ، فإن كثيرًا من الناس قد اخترعوا من عند أنفسهم طرقًا مختلفة. فاعلموا أن الرسول بنفسه قد علّمنا كيف نصلي عليه. فعَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ  قَالَ قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ قَدْ عَرَفْنَاهُ، فَكَيْفَ الصّلاةُ عَلَيْكَ؟ قَالَ : “قُولُوا: اللّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.” (الترمذي: كتاب الصلاة، باب ما جاء في صفة الصلاة على النبي )

أما الصلاة على النبي التي نقرأها في الصلاة فهي مفصلة.

وكتب المسيح الموعود لأحد الإخوة رسالة ناصحاً له ما تعريبه:

“عليك بصلاة التهجد وترديد الأوراد والتسبيحات المأثورة. إن في صلاة التهجد بركات كثيرة. إن التكاسل خسارة، ولا قيمة لشخص يخلد إلى الكسل والراحة. وقال الله تعالى: والذين جاهدوا فينا لنهدينّهم سُبلَنا . وإن أفضل كلمات الصلاة على النبي الكريم هي ما خرجت من لسانه المبارك ، وهي: “اللّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وعلى آل إبراهيم إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ. اللهم بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وعلى آل محمد كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وعلى آل إبراهيم إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ” (1). إن الكلمات التي تخرج من فم أي إنسان تقي لا تخلو من البركة أبدًا، فما بالك بالبركة التي هي في الكلمات التي خرجت من فم سيد المتقين وسيد الأنبياء ! قصارى القول إن هذه الكلمات للصلاة على النبي هي الأكثر بركةً من غيرها. وهذه الكلمات هي وِردُ هذا العبد المتواضع أيضاً، ولا يلزم فيها التقيد بعدد المرّات، بل إن ما يلزمه هو قراءتها بالإخلاص والحب وحضور القلب والتضرع إلى أن تنشأ في القلب حالة من البكاء والوجدان والتأثير ويمتلئ الصدر انشراحًا ولذة”. (مكتوبات أحمدية المجلد الأول ص 17-18)

فكلمات الصلاة على النبي التي ذكرها المسيح الموعود هنا هي نفسها التي نرددها في صلاتنا. وكما قلت سابقاً، لا بد من الإكثار منها. وقد قال المسيح الموعود إن الالتزام بعدد المرات ليس بأمر مهم، إنما المهم هو ترديد هذه الصلاة بإخلاص وبكثرة. والهدف من الصلاة على النبي ألفَ مرة – كما ورد في بعض الروايات – إنما هو الترغيب في الاستزادة.

صحيح أن المسيح الموعود أيضًا كان ينصح بعض أصحابه بترديد الصلاة على النبي سبعمائة مرة أو ألفًا ومئة مرة، ولكن هذا الأمر يختلف من شخص إلى شخص نظرًا إلى ظروفه وإخلاصه.

على أية حال، يجب علينا ترديد الصلاة على النبي بهذه الكلمات. ولهذا لما نصحتُ الجماعة بالمواظبة على بعض الأدعية استقبالاً للعيد المئوي للخلافة في الجماعة، أمرتهم بترديد الدعاء الذي تعلّمه المسيح الموعود من خلال وحي الله تعالى، وهو: “سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم، اللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحمَّدٍ وَعَلى آلِ محمدٍ”، ولكني قلت لهم أيضًا أن يكثروا من الصلاة على النبي بشكلها الكامل، وذلك لأنه لا بد لنا من أن نجعل ضمن أدعيتنا الصلاة على النبي بالكلمات التي علّمنا بنفسه إياها. ولكن الأهم من كل شيء، كما قال المسيح الموعود ، هو أن نردد هذه الصلاة مستغرقين فيها حتى يكون لها تأثير خاص في قلوبنا، وعندها سنرث أفضال الله أيضًا.

إنما النصر بالدعاء

إن هذا الزمن لهو زمن “الآخَرين” (2) الذي سيشهد فتوحات الإسلام، إننا ندرك جيدًّا أن هذه الفتوحات لن تتم بالسيوف والبنادق والمدافع والقنابل، بل إن أكبر سلاح فيها هو الدعاء، ثم سلاح الأدلة والبراهين الذي أُعطيه المسيح الموعود ، والذي به سيغلبُ الإسلام، إن شاء الله تعالى. ولكي تُستجاب أدعيتنا ونحظى بقرب الله تعالى وبركاته، قد أمرنا الله تعالى في الآية التي تلوتها في مستهل الخطبة بالصلاة على النبي ، كما رأينا من خلال الأحاديث المختلفة أن ذلك كله (أي استجابة الأدعية) غير ممكن إلا بالصلاة على النبي . وقال المسيح الموعود أيضاً إن ما ناله من المكانة إنما نالها نتيجة الصلاة على النبي ، وأن الفتوحات الإسلامية القادمة متوقفة على ذلك بوجه خاص. ومشيرًا إلى أحد الإلهامات التي تتحدث عن الدرجة التي وهبه الله تعالى إياها حيث بعثه مسيحاً ومهدياً للعالم، قال حضرته:

“فأُوحيَ إليّ بعده ما يلي: “صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ سَيِّدِ وُلْدِ آدَم وَخَاتَمِ النَّبِيِّين”. وهذه إشارة إلى أن جميع المراتب والأفضال والعنايات الإلهية إنما هي بسبب النبي وجزاءً على حبّه. سبحان الله، كم هي رفيعةٌ مرتبةُ سيد الكون عند الحضرة الأحدية، وما أشدَّه قربًا من الله تعالى حيث يصير مُحِبُّه محبوبًا لدى الله تعالى، ويصبح خادمه مخدوم الناس…..

وتذكرتُ بهذه المناسبة أنني صلّيت في إحدى الليالي على النبي بكثرة حتى تعطرت بها روحي وقلبي، فرأيت في المنام في نفس الليلة أنهم (أي الملائكة) يأتون إلى بيتي بقِرَبٍ مليئة بالنور على شكل ماء زلال، وقال لي أحدهم: هذه هي البركات التي دعوتَ بها لمحمد . كما تذكرتُ قصة عجيبة أخرى حيث تلقيت إلهامًا مفاده أن الملأ الأعلى يختصمون، بمعنى أن المشيئة الإلهية في هياج لإحياء الدين من جديد، ولكن لم ينكشف بعد على الملأ الأعلى مَن هو المحيي، ولذلك يختصمون. ورأيت في هذه الأثناء في المنام أن الناس يبحثون عن محيٍ، فجاء أحدهم أمامي وقـال مشـيرًا إليَّ: “هذا رجلٌ يحب رسول الله”، وكان مراده من ذلك أن أعظم شرطٍ لتولّي هذا المنصب هو حبُّ الرسول ، وأن هذا الشرط متحقق في هذا الشخص.

وأما أمرُ الله تعالى، في الإلهام المذكور أعلاه، بالصلاة على آل النبي فالسرُّ فيه هو أن حبّ أهل البيت وثيق الصلة بنـزول فيوض الأنوار الإلهية، وأن الذي يدخل في زمرة المقربين عند الحضرة الأحدية إنما ينال مما تركه هؤلاء الطيبون الطاهرون، ويصبح وارثًا لهم في جميع العلوم والمعارف.” (البراهين الأحمدية، الجزء الرابع، الحاشية رقم 3 الخزائن الروحانية المجلد الأول صفحة 597- 59)

ضرورة الانضمام إلى جماعة المسيح الموعود عليه السلام

فمن أجل إحياء الدين في هذا العصر، ومن أجل استرداد المجد الغابر للإسلام، ومن أجل الدفاع عن النبي ، قد بعَث الله تعالى “جَرِيَّ الله”، وسترفرف الآن وإلى الأبد راية النبي والإسلام في العالم كله عالية خفاقة، إن شاء الله، من خلال اتّباع هذا المبعوث ومن خلال البراهين والدلائل التي أعطاه الله إياها ومن خلال العمل بتعاليمه.

وقد نبّه المسيح الموعود الناس إلى أهمية هذا العصر، مبينًا لهم أن الإسلام يمر اليوم بوقت عصيب، وأن الله تعالى قد أقام جماعةً لاسترداد مجده الغابر، فعلى المسلمين أن يتركوا الآن عنادهم، ويفكروا كيف يمكن لله عز وجل الذي يصلّي على نبيه ألا يغار على كرامته في حين قد صارت فيه شخصيته عرضةً للهجمات المتواترة من كل حدب وصوب؟

يقول المسيح الموعود : “كم هو مباركٌ هذا العصر حيث اتخذ الله تعالى في هذه الأيام الحرجة الحالكة هذا القرار المبارك وهيَّأ بمحض فضله الأسباب لنصرة الإسلام من الغيب، توطيدًا لعظمة النبي ، فأقام هذه الجماعة. إنني أسأل الذين يكنّون حبًّا وألمًا وتعظيمًا للإسلام: هل أتى على الإسلام زمان هو أسوأ من هذا العصر، حيث تعرض فيه الرسول للسباب والشتائم والإساءة، وجُعل القرآن الشريف عرضة للإهانة إلى هذه الدرجة؟ إنني أتأسف جدًّا على حالة المسلمين وأتألّم للغاية حتى لا يقرّ لي قرار في بعض الأحيان، إذ لا يوجد فيهم أي إحساس بتلك الإهانة. هل يظنون أن الله تعالى لم يرد لرسوله أي عزّ أو شرف حيث إنه، رغم هذه الشتائم والإهانات، ما أقام أي جماعة سماوية من عنده، ليَكُمّ أفواه أعداء الإسلام وينشر عظمة النبي وطهارته في العالم ثانيةً! ما دام الله تعالى وملائكته يصلّون على النبي ، فكم حريًّا أن تتم الصلاة عليه في هذا العصر الذي يُساء فيه إليه . فاعلموا أن الله تعالى قد هيأ الأسباب للصلاة على النبي بتأسيس هذه الجماعة. (ملفوظات المسيح الموعود المجلد الثالث ص 8-9)

فترون أن هذه العبارة تكشف لنا مدى المسؤولية التي تترتب على أفراد الجماعة الإسلامية الأحمدية الذين ينسبون أنفسهم إلى المسيح الموعود . لا شك أن الله تعالى وملائكته يصلّون عليه وسيظلون يصلّون في وقت هذه الضجّة الكبيرة من الإساءة والشتائم ضد النبي ولكن من واجبنا نحن أيضًا، الذين آمنّا بإمام هذا الزمان وبهذا المحب الصادق للنبي ودخلنا في جماعته، أن نحوِّل أدعيتنا إلى الصلاة على النبي وأن نملأ الجو بهذه الصلاة النابعة عن صدق القلب، حتى تفوح كل ذرة من الجو بعطر هذه الصلاة، وحتى تصل كل أدعيتنا إلى الله تعالى وتُستجاب ببركة هذه الصلاة. هذا هو الأسلوب الصحيح للتعبير عن حبنا للرسول ، وهكذا ينبغي أن يكون حبنا لرسول الله ولأهل بيته.

إننا ندرك جيدًّا أن هذه الفتوحات لن تتم بالسيوف والبنادق والمدافع والقنابل، بل إن أكبر سلاح فيها هو الدعاء، ثم سلاح الأدلة والبراهين الذي أُعطي المسيح الموعود ، والذي به سيغلبُ الإسلام، إن شاء الله تعالى.

ندعو الله تعالى أن يلهم الأمة الإسلامية العقل والصواب حتى يعرفوا هذا المبعوث الإلهي وأن ينضموا إلى جماعة هذا الابن الروحي للرسول ، الذي يسعى لتوطيد المكانة الرفيعة لرسول الله ثانية، وذلك بخلقه جوَّ الأمن والسلام والوئام في العالم. نبتهل إلى الله تعالى أن يهب الرشد لهؤلاء المسلمين، الذين هم رغم انتسابهم للرسول الأكرم لأربعة عشر قرناً، يريقون دماء بعضهم البعض في نفس الشهر أي الشهر المحرم وعلى نفس الأرض(3)، دون أن يتلقنوا أي درس. ليهبهم العقل ليرتدعوا عن أعمالهم الشريرة، ويشعروا بخشية الله في قلوبهم، ويعملوا بتعاليم الإسلام الحقة. فإن كل ما يقع فيه المسلمون اليوم إنما سببه أنهم لم يعرفوا إمام هذا الزمان رافضين ما أمر به رسول الله .

لذا فمن واجب كل أحمدي – وهو واجب كبير جدًّا لأنه عرف إمام هذا الزمان- أن يكثر من الصلاة على النبي بدافع الحب له، وأن يكثر من الدعاء لنفسه وللمسلمين كلهم لكي ينقذ الله تعالى أمة الإسلام من الدمار. إن حبّنا للنبي يفرض علينا أن ندعو للأمة المسلمة كثيراً. ذلك لأن العدو يتربص بالمسلمين الدوائر، ولا ندري كم سيعاني المسلمون من الشدائد والابتلاءات والمصائب في المستقبل، ولا ندري ما هي المؤامرات التي تُحاك ضدهم. ندعو الله تعالى أن يرحمنا، ويهدينا إلى الصراط المستقيم، وأن نكون عباده الشاكرين. علينا أن نشكر الله تعالى بأنه قد وفقنا لمعرفة إمام هذا الزمان، وندعوه أن يوفِّقْنا الآن أن نؤدي حق هذا الإيمان، وأن نسير في سبل رضاه دومًا.

Share via
تابعونا على الفايس بوك