حتى لا نكون في عداد الظالميـن

حتى لا نكون في عداد الظالميـن

التحرير

  • آفة السحر وتورط المشايخ بالترويج له
  • يروجون ثم يحرمون!
  • دراسات ميدانية لاستطلاع انتشار الآفة

__

من المعتقدات والممارسات التي شاعت وراجت في الأمم القديمة.. السحر والشعوذة والتي ضلَّت عن هدي السماء بل راحت تتهم رسل الله وأنبياءه بخضوعهم لتأثيره تارة وأخرى بممارسته. ويمكن التماس ذلك مما أورده القرآن الكريم في مواضع شتى:

قَالَ مُوسَى أَتقُولُونَ للْحَقِّ لَمَّا جَاءكُمْ أَسِحْرٌ هَـذَا وَلاَ يُفْلِحُ السَّاحِرُون (يونس:77) وَقَالُوا يَا أَيُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَ إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ (الزخرف:50) وَعَجِبُوا أَن جَاءهُم مُّنذِرٌ مِّنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ (ص:5) و كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (الذاريات: 53)

وما زالت هذه البدعة راسخة في عقول كثير من الشعوب المتقدمة والمتخلفة على حد سواء وبالتحديد المجتمعات العربية والإسلامية التي تعتبر بدعة السحر قوة خارقة للعادة. وما زالت وسائل الإعلام المختلفة تطالعنا بين فينة وأخرى بقضايا ذات أوجه مختلفة عن وقائع وأحداث وقضايا اجتماعية ذات صلة بهذا الموضوع. ولقد استغربتُ من هذه الهالة الوهمية الخرافية للسحر التي  أصبحت عند شريحة عريضة من المجتمعات من المسَلَّمَات اليقينية بل والإيمانية. وفي الحقيقة لا يوجد ما يدعو للحيرة والعجب حيث إن الفكر التقليدي الذي يروج له المشائخ يعتقد بحقيقة السحر وفاعليته ثم وفي الوقت نفسه ينهى عن ممارسته أو إتيانه. وكيف لا يثق العوام بصحته وقد جاءهم من شيخ مشهور يقوم بالتأصيل الباطل له بشبهات عديدة منها أن النبي الأكرم محمد لم يسلم من تأثير السحر الذي صنعه له  لبيد بن الأعصم؟! فما بالك بعامة الناس؟ هذا بالإضافة إلى القراءة التفسيرية الخاطئة لما جاء في القرآن الكريم عن قصة هاروت وماروت والتي أصبحت على لسان كل من يعتقد بصحة فاعلية السحر من المشائخ والعوام والمشعوذين على حد سواء.

إن هذه الشبهات والمفاهيم التفسيرية الخاطئة التي تُروى لعوام الناس تجعلهم يفزعون من سلطان السحر المزعوم ويخشونه. إذ لا يرون دليلا كافيا على حقيقة السحر غير هذه القراءات التفسيرية الباطلة.. ولسنا هنا أخي القارئ في معرض الرد وتقديم أدلة وشروحات الفكر الإسلامي الأحمدي في نقض تلك التفسيرات التقليدية. ولكل من يبتغي معرفة الحق الذي نحن عليه أن يراجع أدبيات الجماعة..

لقد هالني ما تناقلته وسائل الإعلام مؤخرا عن امرأة أمية في أرض نجد والحجاز اعتقلتها شرطة ما يسمى بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وأُدينت بتهمة ممارسة السحر وحُكم عليها بالإعدام. مما حدا بمنظمات حقوق الإنسان لترفع صوتها منددة بالحكم. والأدهى والأمَرّ هو ما بررت به تلك السلطات القضائية موقفها من أن تلك الساحرة قد أضرت بسحرها الخارق بأحد الأشخاص بعجز جنسي مما حدا به إلى رفع القضية إلى القضاء للقصاص له منها!!

ولعل تلك المرأة السعودية التي تحترف الدجل والخرافة لها عذرها كونها أمية جاهلة كما أفادت التقارير وفي المحصلة فهي نتاج ما أصّلَهُ فكر ديني  تقليدي سائد.

ومما يدعو إلى السخرية والضحك أن تتساوى مفاهيم العوام والمتعلمين مع رجال القضاء الشرعي باعتبار السحر  حقيقة فاعلة خارقة للعادة؟؟ ولعل تلك المرأة السعودية التي تحترف الدجل والخرافة لها عذرها كونها أمية جاهلة كما أفادت التقارير، وفي المحصلة فهي نتاج ما أصّلَهُ فكر ديني  تقليدي سائد. إن الجاهل معذور ما لم يتم توعيته وإقامة الحجة عليه، وكان حريا  قبل محاكمة أمية جاهلة أن يحاكم فكر سائد بمجمله يؤصل للسحر باسم الإسلام باعتباره حقيقة.. فليت هؤلاء حاكموا فكرهم الرجعي المتخلف وراجعوه ليُخلصوا مجتمعاتهم من تلك الخرافات التي تم صبغها بصبغة الإسلام، والإسلام الحق منها براء.. ولا شك أن التأصيل للسحر يرتبط بانعدام الوعي وبفهم خاطئ للنصوص الدينية، وبتجذر الفكر الخرافي في المجتمعات الإسلامية الذي ما زال يؤمن بهذه الظاهرة كحقيقة عقائدية.

ومما أشارت إليه دراسات في هذا المجال هو أن المجتمعات العربية تنفق ما قدره خمسة ملايين دولار سنويا على السحر والشعوذة حيث أصبحت هذه الظاهرة تفرض نفسها على المجتمع العربي بشكل خطير حتى تحولت إلى جزء من ثقافته الدينية والاجتماعية. ولا ينحصر الاعتقاد بالسحر والشعوذة على فئة المتعلمين بل تعدى الأمر إلى نخب مثقفة ذات تعليم عالٍ. و قد أشار موقع  أشهر قناة إخبارية عربية إلى أن 55 في المائة من المترددات على السحرة وأدعياء فك السحر المزعوم بالرقية من المتعلمات والمثقفات، و 24 في المائة ممن يجدن القراءة.. الأمر الذى يدل على أن ظاهرة “الشعوذة والسحر” تُعد مؤشرا حقيقيا على وجود أزمة ثقافية واجتماعية ودينية. أعاذنا الله من الجهالة والضلال وهدى أمة المصطفى من ضلالات الزمن الأخير الذي أشار إليه بقوله: إن بين يدي الساعة أياما يُرفع فيها العلم، وينـزل فيها الجهل.. ووفقهم لقبول دعوة الحق دعوة المسيح الموعود الذي نزّه القرآن من حقيقة السحر الوهمية ونزّه شخص الرسول من دعوى السحر المزعوم حتى لا نكون في عداد أولئك الظالمين الذين اتهموا رسولنا الأكرم عليه ألف صلاة وسلام:

إِذْ يَقُولُ الظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُورًا (الإسراء: 48)
Share via
تابعونا على الفايس بوك