العلم والدين.. طريق اليقين

العلم والدين.. طريق اليقين

التحرير

  • حديث الأنبياء المنطقي
  • القرآن والعلم
  • التجديد في الدين

__

إن العلاقة بين العلم والدين هي من أكثر المسائل جدلا، ومن أهم القضايا إثارة. فإذا تصفحنا تاريخ الديانات السماوية سنلامس انسجام الجانب الروحي بالجانب المنطقي الذي لا يخالف العقل والسنن الطبيعية التي وضعها الله تعالى. وعلى النقيض من ذلك نجد في عبارات جدل معارضي الأنبياء ما يخالف العقل والمنطق والسنن الإلهية. ولقد دوَّن القرآن الكريم بعضا من مواقف الأنبياء ومخالفيهم، ليتبين للإنسانية قاطبة أن المنطق الذي هو أساس المعارف العلمية هو فعلا جزء لا يتجزأ من المفاهيم الدينية.

ولا شك أن الأديان السماوية في أصولها بُنيت على أسس سليمة متوازنة قبل أن تفعل بها أيادي المحرفين فاعلة. وبما أن تعاليمها لم تكن موجهة للإنسانية جمعاء، ولم يَعدِ الله بحفظها ورعايتها، فقد اندثرت هذه الحقائق وتلاشت مع الزمن.

إن القرآن الكريم كلام الله ، وما يجري في الكون هو فعله الذي يتم حسب نواميس وضَعَها وهي غير قابلة للتغير. إلا أنه وإلى يومنا هذا لم يحظَ الإنسان إلا باكتشاف ما يسر له رب العزة. وهكذا يفتح القرآن الكريم الآفاق على المؤمنين كي يُبحروا في محيط العلوم مستنيرين بنوره ومسترشدين بهديه. كما أنه من خلال معارفه وأسلوبه وكنوزه الظاهرة والباطنة، يقوِّم الفكر الإنساني وينميه ويجعل الإنسان أكثر قدرة على رؤية حقائق الأشياء.

ولا يسعنا في هذا المقام إلا أن نستخلص بأنه بالعلم والدين نُبحر في طريق اليقين.

فالسنن الطبيعية وأسرار الحياة المنكشفة منها والخفية، يستحيل أن تخالف المُسلَّمات التي حواها الكتاب الكامل. ولهذا فالقرآن الكريم هو دعوة تخاطب الألباب أي العقول، وتدين التقليد والتسليم دونما دليل أو برهان. فللعقل في القرآن الكريم مكانة راقية أكدتها آيات عديدة مثنية على الذين يتفكرون ويتدبرون. فالدين الإسلامي يحترم العقل البشري ولا يعطله كما فعل الكهنة والرهبان ورجال الكهنوت عبر التاريخ. وهذا هو سر تلك الروح التي نُفخت في المسلمين فوضعت معالم الحضارة الإنسانية التي انبعثت من الحجاز، بغداد، دمشق، سمرقند والأندلس وغيرها من الأمصار الإسلامية. وهكذا كان للمسلمين سبق في المعارف والعلوم على باقي أمم الأرض. فمن لم يسمع بابن سينا وابن الهيثم والخوارزمي وابن رشد وابن خلدون وغيرهم الكثيرون الذين وضعوا حجر أساس العلوم المعاصرة. إن الفكر الإسلامي الأحمدي البديع أدرك مكانة العقل التي نص عليها القرآن الكريم وبالتالي وفَّر مناخا مناسبا لقبول وانتشار أدبياتها شرقا وغربا، مؤيدين ومؤمنين، من خلال رسالتها التجديدية في الإسلام. ولعل ما قدمته من شروحات وخدمات وإنجازات كانت كافية لسد أفواه الطاعنين في صدق القرآن الكريم وتعاليمه. هذا في الوقت الذي عجز فيه رجال الدين التقليديون عن تقديم إسلام يتجاوب مع القضايا المعاصرة، وتقديم حلول لها.

وليس ما نقوله هو محض كلام، بل إن نتاج ما ساهم به ثلة من أبناء الجماعة في إثراء المحاصيل العلمية في عصرنا الحالي لأحسن دليل على حث إيمانهم الراسخ إياهم للتبحر في المجالات العلمية. وخير مثال على ذلك ما صرح به ابن الجماعة البار، الفيزيائي الشهير الدكتور عبد السلام.. إن دراسته العميقة للقرآن الكريم مهدت وأنارت طريقه في البحث العلمي. ولو لا نص الكتاب الحكيم لما توصل إلى اكتشافه العظيم الذي أحرز من خلاله جائزة نوبل في الفيزياء. والجدير بالذكر أنه كان أول عالم إسلامي يحرز هذه الجائزة.

ولقد أكد جميع الخلفاء في جماعتنا على أفرادها على تحصيل العلم واستعماله في ما ينفع الناس. ليس هذا فحسب بل إن الخلفاء الكرام كانوا أول من ظهر منهم مدى العلم والمعرفة بدقائق الأمور وذلك من خلال خطبهم والمجالس المنعقدة معهم وكتبهم. وما دمنا في هذه الأيام نحتفل بذكرى تحقق نبوءة الابن الموعود لسيدنا المسيح الموعود سنختصر الحديث في هذا العدد عن خصال هذا الإمام الهمام وما ظهر عليه من مدى العلم والمعرفة من علوم ظاهرية وباطنية. تجد عزيزي القارئ في هذا العدد خطبة جمعة لحضرة أمير المؤمنين – أيده الله بنصره العزيز – بهذا الخصوص.ولا يسعنا في هذا المقام إلا أن نستخلص بأنه بالعلم والدين نُبحر في طريق اليقين.

نسأل الله تعالى أن يجعلنا وإياكم من أولي الألباب ومن المتفكرين المتدبرين في آياته. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا ومولانا محمد المصطفى وعلى آله وصحبه أجمعين، آمين.

Share via
تابعونا على الفايس بوك