الإتتاحية

أخط هذه الأسطر وأنا في دوامة من المشاعر المتباينة من السعادة والحزن. إني سعيد بمناسبة المولد النبوي الشريف وأهنئكم بها، وحزين لرؤية ما صارت إليه أمة سيدنا الحبيب ونبينا المصطفى محمد ، من حالة سيئة، بسبب فقدان قيادة حكيمة تقية. ومما يدمي القلب أكثر أنهم لا ينفكون يجلبون عليهم، وعلى دينهم، وعلى رسولهم، الخزي والعار، بأيديهم وبأيدي الكافرين.

فلم يكن أهل الإسلام ليتخلصوا من الفتن والمحن الدائرة في فلسطين ولبنان وكشمير حتى انفجرت أزمة الخليج بصورة مروعة للغاية، لتنقسم البلاد الإسلامية على نفسها، وذلك بسعي ودجل الغرب. فتفاقمت المصائب بشكل مخيف جدًا.

أما وكيف التخلص من هذا المأزق بل الكارثة، فلا يعرف عن ذلك أحد.

ولكن لا يزال هناك بارقة أمل، ففي هذا العدد نقدم إلى المحبين المخلصين للأمة الإسلامية خطبتين ألقاهما بتاريخ 3، ۸، ۹۰ و۱۷، ۸، ۹۰ بلندن، إمام الجماعة الإسلامية الأحمدية سيدنا مرزا طاهر أحمد أيده الله، ينبه فيهما العالم الإسلامي بخطورة الموقف، وبالأخطار التي تحوم حولهم عيانًا، أو التي لم تظهر بعد، ويهديهم إلى طريق الخلاص منها. كما يحذر حضرته القيادات الإسلامية بأن لا يتحاكموا إلى الطاغوت الغربي، إذ يشهد التاريخ أن الحكام المسلمين كلما تحاكموا إلى أعداء الإسلام، كلما نال الأعداء منهم، بل لا يزال العالم الإسلامي يقاسي نتيجة أخطاء أولئك الحكام الجاهلين. فليس أمام القيادات الإسلامية إلا أن يرجعوا إلى تعاليم القرآن، وأن يسووا خلافاتهم فيما بينهم بالعدل والتقوى، وإلا سوف يعرضون بلادهم، لا قدر الله، لدمار شامل. فياليتهم، يستمعون إلى الناصحين قبل فوات الأوان.

كما نقدم إلى حضراتكم مقالاً تاريخيًا كتبه سيدنا الخليفة الثاني لسيدنا المهدي والمسيح الموعود ، عند تأسيس دولة إسرائيل، حثَّ فيه حضرته القيادات الإسلامية على مساعدة العرب ضد عدوهم. فلم ينتبه العالم الإسلامي إلى هذا الناصح الأمين، مما عرض البلاد الإسلامية في الشرق الأوسط إلى ويلات لا تنتهي.

في ۲۰ أغسطس الماضي تظاهر أمام السفارة السعودية في لندن وبقيادة المشائخ حوالي ۲۰۰۰ مسلم أكثرهم من الهنود والباكستانيين، وجاءوا من عدة مدن بريطانية، احتجاجًا على دعوة الحكام السعوديين للقوات الأمريكية وغيرها للتدخل في أزمة العراق والكويت. كال هؤلاء المتظاهرون للحكام السعوديين والأمريكان سبًّا فاحشًا مثل: الهلاك للسعودية. ابن السعود.. ابن اليهود. الملك فهد.. الشيطان الأكبر. الملك فهد.. ابن بوش. السعودي.. اليهودي. تبًا للمقامرين السعوديين، وما شابه ذلك.

إننا نبدي مزيد من الأسف على هذه الأخلاق غير الإسلامية. فوالله، لم يكن خلق محمد كخلقهم، وإنما كان خلقه القرآن. فليس لأحد أيا كان أن يفسد أخلاق أمة محمد ويشوه سمعة الإسلام باسم الدين، بسبب خلاف مع السعودية أو العراق.

نستنكر هذه الشتائم رغم أن السعودية هي الدولة التي كانت ولا تزال ترتكب ضد الجماعة الإسلامية الأحمدية أشنع المظالم، وذلك بواسطة «رابطة العالم الإسلامي». وأكبر هذه المظالم أن الحكام السعوديين قد منعوا المسلمين الأحمديين من أداء فريضة الحج لبيت الله الحرام ظلمًا، متناسين قول الله القهار:

وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ .

لقد منعونا من الحج ولسنا من المشركين، وإنما نؤمن ونتمسك من الأعماق بأركان الإسلام كلها، فلا يدخل في جماعتنا، كما يقول حضرة الإمام المهدي والمسيح الموعود ، إلا الذي دخل في دين الإسلام واتبع كتاب الله وسنن سیدنا خير الأنام، وآمن بالله ورسوله الكريم الرحيم، وبالحشر والنشر والجنة والجحيم، ويعد ويقر بأنه لن يبتغي دينًا غير دين الإسلام، ويموت على هذا الدين دين الفطرة متمسكًا بكتاب الله العلام، ويعمل بكل ما ثبت من السنة والقرآن وإجماع الصحابة الكرام. ونؤمن ونتبع جميع تعاليم القرآن التي منها أداء الحج.

إننا إذ نستنكر هذه الشتائم البذيئة والأخلاق غير الإسلامية، نذكّر الحكام السعوديين بأنهم كانوا ولا ينفكون يغدقون الملايين على المشائخ المستأجرين الذين استخدموا ضد قادة الأحمدية لغة بذيئة فاحشة جدًا، ولكنهم (السعوديين) لم يشعروا أبدًا بتوبيخ الضمير. لعل هذه الأحداث توقظ ضمائرهم، فلا يفسدوا أخلاق المسلمين باسم الإسلام. (المحرر)

Share via
تابعونا على الفايس بوك