المسيح الموعود والأسئلة العشرة

المسيح الموعود والأسئلة العشرة

هاني الزهيري

  • نسب المسيح الموعود
  • انفراد المسيح الموعود بدعواه
  • صدقه وعدم غدره
  • المواجهات الروحانية وانتصاره فيها
  • بم يأمر المسيح الموعود؟
  • المقارنة بين معارض منصف وشيخ مغرض

__

روى البخاري في صحيحه حديثاً طويلاً يروي قصة دخول أبي سفيان على هرقل عظيم الروم، وفي أثناء الحديث أراد هرقل أن يتأكد من صدق محمد ، فوجه إلى أبي سفيان عشرة أسئلة ومن خلال إجابات أبي سفيان تبين هرقل صدقَ محمد .

فلو أخذنا الأسئلة العشرة وكأنها وُجهت من أحد معارضي المسيح الموعود إلى أحد المؤمنين به ، وانطبقت إجابات المؤمن وإجابات أبي سفيان، ألا يُعتبر ذلك دليلا على صدق المسيح الموعود الخادم الصادق للمصطفى ؟

هذه هي الأسئلة العشرة التي وجهها هرقل إلى أبي سفيان:

1. كيف نسبه فيكم؟

هو فينا ذو نسب، يقول المسيح الموعود ” قرأت في بعض كتب فيها تذكرةُ آبائي أنهم كانوا من سمرقند، وكانوا من بيت السلطنة والإمارة، ثم صُبّت عليهم المصائب فظعنوا عن بلدة دارهم وإِلْفِهم وجارِهم، حتى وصلوا إلى هذه الديار، وأناخوا بها مطايا التَسْيار، مع رِفقةٍ من خَدَمِهم وإخوانهم وأحبابهم وأعوانهم. ثم قصدوا أن يعتمروا مَلِكَ الهند “بابر”، ويسألوا عنه أن يُدخِلهم في أكابر، فوجدوا ما قصدوا من فضل الله الرحيم، وانتظموا في أمراء هذا المَلِكِ الكريم. ثم بدا لهم أن يتخذوا وطنهم هذه الديارَ، وأُعطوا قرى كثيرة من السلطنة المُغْلِيّة والأملاكَ والعَقارَ، ونسوا أيام الغربة والهموم والأفكار.” (كتاب لجة النور)

2. فهل قال هذا القول منكم أحد قط قبله؟

الجواب: كلا، الواقع أن دعوة سيدنا أحمد تختلف كل الاختلاف عن دعاوى السابقين وذلك للنقاط الآتية:

أ. الشخص الوحيد الذي ادعى أنه المهدي والمسيح

وهذه نقطة جوهرية فجميع الذين ظهروا في التاريخ الإسلامي كان الواحد منهم يدعى أنه هو الإمام المهدي فقط، ولم يدّع أنه المسيح لأن المسيح نبيّ حييّ في السماء في ذهن العامة وأنه سيعود هو هو. أما كونه المهدي فلا مشكلة فيها لأن المهدي من وجهة نظرهم ليس بنبيّ ولن ينـزل من السماء، وإنما مجرد مجموعة من الصفات التي وردت في روايات منسوبة إلى النبي إذا انطبقت على شخصٍ يكون هو الإمام المهدي، وهذا ما حدث مع الكثيرين من أدعياء المهدوية فالكثير منهم توهم أنه هو الإمام المهدي لمجرد أن انطبقت عليه بعض المواصفـات المذكـورة في الأحـاديث. وهذا الفـهم ظل سائدا عبر العصور الإسـلامية إلى أن جاء سيـدنا أحمد وأعلن أنه هـو الإمام المـهدي وهو المسيح، وشـرح معنى نـزول المسيـح من السمـاء وشـرح معاني نبـوءات الرســول ، وبالتـالي فإنه هو الشخـص الوحـيـد الذي أعـلن هذه الدعـوة.

المسيح الموعود لم يحمل سيفا ولم يخرج على حاكم. ولكن كل أدعياء المهداوية قد حملوا السيوف وقادوا الجيوش وخرجوا على الحكام. مثل المهدي محمد بن عبد الله تومرت الذي أزاح دولة المرابطين وأحل محلها دولة الموحدين. وغيره كثيرون ممن حملوا السلاح وقاتلوا.

ب. الوحيد الذي أعلن النبوة الظلية وتلقّي الوحي

هذه من وجهة نظري أعتبرها أهم دليل على صدقه . فلو نظرنا في أحوال العالم الإسلامي ومعتقدات المسلمين من اعتبار انقطاع الوحي وإغلاق باب النبوة عند غالبية المسلمين وانتشار المعتقدات الخاطئة عن الجهاد وعن الله ورسله الكرام. وبافتراض أن سيدنا أحمد كما يقول الخصوم رجل خرج ليفسد الدين ويساعد الانجليز، فهل من الأسهل أن يدعى النبوة ويدخل في مناقشات ومساجلات مع العلماء ليثبت لهم صدق دعواه ويتعرض للتكفير ويعرض حياته للمخاطر، ويبذل كل جهد ووقت في سبيل إقناع الناس بنبوته التابعة. أم يدعى أنه الإمام المهدي فقط بدون أي نبوة ويدعو الناس للولاء للانجليز مباشرة؟ أيهما أسهل؟ إذاً فكونه ادعى النبوة والوحي دليل على أنه لم يدَّعِ هذه الدعوة من عند نفسه. وهذه نقطة أيضا تميزه عن غيره ممن ادعى المهدوية. وبالتالي فإن سيدنا أحمد ادعى بدعوى لم يأت به أحد من قبله وهي أن المهدي نبي ظليّ في الأمة الإسلامية.

ت. الوحيد الذي ادعى خروج الدجال و يأجوج ومأجوج

لم يدّع أحد قبله خروج الدجال في عصره. وبالرغم من أن مهدي السودان على سبيل المثال والذي كان معاصرا لسيدنا أحمد كان أيضا في عصر الدجال ويأجوج ومأجوج ولكن لم يذكر مهدي السودان أن الدجال قد خرج وأن يأجوج ومأجوج قد خرجوا. ولكن سيدنا أحمد قال ذلك في أكثر من موضع من كتبه مما يؤكد على أن هذا الفهم لحقيقة الدجال ويأجوج ومأجوج لم يكن من عند نفسـه بل من الله . وهـذه أيـضا دعوى لم يـدع يها أحد غـيره.

ج. الوحيد الذي قال إن ملكه روحاني

كما كان المسـيح مؤسسا لمملكة روحـانية وقـال مملكتي ليسـت من هذا العـالم. هـكذا كان سيـدنا أحمد مؤسـسا لممـلكة روحانيـة ليسـت من هذا العـالم. وبهذا فهو يختـلف عن جميـع من ادعـو المهـدوية من قبلـه.

ح. الوحيد الذي لم يحمل سيفا ولم يخرج على الحاكم

المسيح الموعود لم يحمل سيفا ولم يخرج على حاكم. ولكن كل أدعياء المهدوية قد حملوا السيوف وقادوا الجيوش وخرجوا على الحكام. مثل المهدي محمد بن عبد الله تومرت الذي أزاح دولة المرابطين وأحل محلها دولة الموحدين. وغيره كثيرون ممن حملوا السلاح وقاتلوا. ولكن سيدنا أحمد لم يحارب ولم يقاتل ومع ذلك فُتحت له أبواب النصر فهزم المبشرين المسيحيين في كل موطن وغزا العقول بقوة كلامه وفتح القلوب واستوطنها. واليوم بعد مرور أكثر من مائة عام على وفاته يصلى عليه صلحاء العرب وأبدال الشام. ويتبعه ملايين من الناس في كل قارات الدنيا ويذكرون اسمه بكل احـترام وتوقير. وهذه أيـضا لم تُعط لأحد من أدعيـاء المهـدوية.

خ. لم يربط دعوته بفساد نظام الحكم

كذلك لم يربط دعوته بفساد الحكام وحدهم وإنما بفساد المحكومين أيضا وهذا أمر طبيعي فإن مملكته ليست من هذا العالم وهدفها هو إصلاح الناس وإقامة المجتمع المسلم وليس المملكة الإسلامية.

د. الوحيد الذي ظهرت على يديه المعجزات

كذلك هو الوحيد من بين هؤلاء الذين ظهرت على يديه المعجزات، فالنبوءات التي تحققت في عصره كثيرة، ونبوءاته التي نشاهد تحققها اليوم أكثر. وكذلك استجابة الدعاء، وشفاء المرضى، وهزيمة أعداء الإسلام على يديه، وغير ذلك الكثير. وهذه ميزة لم تكن لمدع للمهدوية من قبل.

ذ. الوحيد الذي أسس الخلافة التي استمرت بعده إلى الآن

من أدعياء المهدوية مَن أسس دولاً وممالك عظيمة لكن أين هي الآن؟ أين دولة الموحدين؟ وأين دولة مهدي السودان؟ أين خلفاؤهم؟ لم يبق لهم ذكر. ولكن سيدنا أحمد قد أسس الخلافة وهي قائمة إلى اليوم بكل ثبات وتقدم وستستمر إلى يوم القيامة بإذن الله .

هذه النقاط تجعل من المستحيل تشبيه دعوة المسيح الموعود بدعاوي غيره من الأدعياء.

3. فهل كان من آبائه من مَلِك؟

الجواب: لم يكن من آبائه من مَلِك، وبالتالي فهو ليس برجل يطلب مُلْكَ أبيه.

علمًا أن أجداده وإن امتلكوا قرى وضيعات ولكن حضرته معرضًا عنها وزاهـدا فيها، وعـاكفا على دراسة الدين والدفاع عن الإسـلام.

4.فأشراف الناس يتبعونهأم ضعفاؤهم؟

الجواب: بل ضعفاؤهم

5. أيزيدون أم ينقصون؟

الجواب: بل يزيدون، ويتقدمون كل يوم وينتشرون، ووجودهم أصبح ملموساً، بل أمراً واقعاً.

6. فهل يرتد أحد منهم سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه؟

الجواب: كلا

7. فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟

الجواب: لم يتهمه أحدٌ بالكذب، حتى ألد أعداءه لم يفعل.

يقول المسيح الموعود “إنكم لا تستطيعون أن تجدوا عليّ ذنبا ولا كذبا ولا افتراءً ولا خداعا في سابق حياتي، فيُقال إن شخصا كان قد تعَوّد على الكذب والافتراء وقد أضاف الآن إلى كذبه كذبة أخرى. أيّكم يستطيع أن يجد عيبًا في أي أمر من أمور حياتي السابقة؟ لقد شملني فضل الله تعالى منذ نعومة أظفاري، فأقام حياتي على التقوى، وإن في ذلك لآية للمتفكرين”. (تذكرة الشهادتين، الخزائن الروحانية مجلد 20 ص 64)

8. فهل يغدر؟

الجواب: كلا

يقول المولوي محمد حسين البطالوي:

“إن المؤلف (ميرزا غلام أحمد) قد أثبت أنه رجل مثابر في خدمة الإسلام، بالقلم واللسان، والحال والمال، وغير ذلك.. حتى أنه من النادر أن تجد له مثيلا بين المسلمين….. “إن مؤلف البراهين الأحمدية.. في شهادة أصدقائه وأعدائه على السواء.. قد أقام حياته على شريعة الإسلام، وإنه تقي ورع”. (المجلد السابع من جريدة إشاعة السُنّة).

9. فهل قاتلتموه؟ فكيف كان قتالكم إياه؟

الجواب: كان قتال المسيح الموعود روحانياً، ولم يخرج إلى غزوة وإلا وعاد منها مرفوع الجبين.

10. ماذا يأمركم؟

يقول المسيح الموعود :

“لا يدخل في جماعتنا إلا الذي دخل في دين الإسلام، واتّبع كتابَ الله وسُننَ سيدنا خير الأنام، وآمن بالله ورسوله الكريم الرحيم، وبالحشر والنشر والجنة والجحيم. ويعِد ويقرّ بأنه لن يبتغي دينا غير دين الإسلام، ويموت على هذا الدين.. دين الفطرة.. متمسكا بكتاب الله العلام، ويعمل بكل ما ثبت من السنّة والقرآن وإجماع الصحابة الكرام. ومن ترك هذه الثلاثة فقد ترك نفسه في النار، وكان مآله التباب والتبار”.(كتاب مواهب الرحمن).

والآن لنر إجابات أبي سفيانعلى أسئلة هرقل:

ثم كان أول ما سألني عنه أن قال: كيف نسبه فيكم؟ قلت: هو فينا ذو نسب. قال: فهل قال هذا القول منكم أحد قط قبله؟ قلت: لا. قال: فهل كان من آبائه من ملك؟ قلت: لا. قال: فأشراف الناس يتبعونه أم ضعفاؤهم؟ فقلت: بل ضعفاؤهم. قال: أيزيدون أم ينقصون؟ قلت: بل يزيدون. قال: فهل يرتد أحد منهم سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه؟ قلت: لا. قال: فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ قلت: لا. قال: فهل يغدر؟ قلت: لا، ونحن منه في مدة لا ندري ما هو فاعل فيها. قال: ولم تمكني كلمة أدخل فيها شيئا غير هذه الكلمة. قال: فهل قاتلتموه؟ قلت: نعم. قال: فكيف كان قتالكم إياه؟ قلت: الحرب بيننا وبينه سجال، ينال منا وننال منه. قال: ماذا يأمركم؟ قلت: يقول: اعبدوا الله وحده ولا تشركوا به شيئا، واتركوا ما يقول آباؤكم، ويأمرنا بالصلاة والصدق والعفاف والصلة.(صحيح البخاري- كتاب بدء الوحي)

ليس في قلب هرقل عنصرية، فلم يرفض النبي لكونه عربياً وليس رومياً.هذه صفات توفرت في هرقل، فهل توفرت في المشايخ؟

موقف هرقل

فقال للترجمان: قل له: سألتك عن نسبه فذكرت أنه فيكم ذو نسب، فكذلك الرسل تبعث في نسب قومها. وسألتك هل قال أحد منكم هذا القول، فذكرت أن لا، فقلت لو كان أحد قال هذا القول قبله، لقلت رجل يأتسي بقول قيل قبله. وسألتك هل كان من آبائه من ملك، فذكرت أن لا، قلت: فلو كان من آبائه من ملك، قلت رجل يطلب ملك أبيه. وسألتك هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال، فذكرت أن لا، فقد أعرف أنه لم يكن ليذر الكذب على الناس ويكذب على الله. وسألتك أشراف الناس اتبعوه أم ضعفاؤهم، فذكرت أن ضعفاءهم اتبعوه، وهم أتباع الرسل، وسألتك أيزيدون أم ينقصون، فذكرت أنهم يزيدون، وكذلك أمر الإيمان حتى يتم. وسألتك أيرتد أحد سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه، فذكرت أن لا، وكذلك الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب. وسألتك هل يغدر، فذكرت أن لا، وكذلك الرسل لا تغدر. وسألتك بما يأمركم، فذكرت أنه يأمركم أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا، وينهاكم عن عبادة الأوثان، ويأمركم بالصلاة والصدق والعفاف، فإن كان ما تقول حقا فسيملك موضع قدمي هاتين، وقد كنت أعلم أنه خارج، لم أكن أظن أنه منكـم، فلو أني أعلم أني أخـلص إليه، لتجشـمت لقاءه، ولو كنت عنده لغـسلت عن قدمه.. (صحيح البخاري – باب بدء الوحي)

السؤال الذي يطرح نفسه:

هذه الأسئلة العشرة كانت كافية لهرقل لكي يتضح له صدقُ محمد ، فلماذا لا تكون كافية لإظهار صدق المسيح الموعود ؟

الجواب: هناك عوامل أو مميزات في شخصية هرقل جعلته يكتفي بهذه الأسئلة، منها:

1. حُسن الظن.

2. إنه رجل يبحث عن الإيمان الحقيقي.

3. إنه رجل يرفض التقليد الأعمى الذي يقتل العقل.

4. ليس في قلبه عنـصرية، فلم يرفـض النبي لكونه عربياً وليس رومياً.

هذه صفات توفرت في هرقل،

فهل توفرت في

المشايخ؟

Share via
تابعونا على الفايس بوك