خطاب مرسي في باكستان عن البروفيسور عبد السلام

خطاب مرسي في باكستان عن البروفيسور عبد السلام

هاني طاهر

  • محمد عبدالسلام وباكستان والأمة والعالم
  • ليس بوسعك تكفير مسلم
  • ممن تلزم البراءة؟
  • موقف الأحمديين من الاضطهادات ودور الله

__

في زيارته لباكستان وتسلّمـِه الدكتـوراه الفخرية لم يجد الرئيس المصري محمد مرسي شيئا يمجّد فيه العِلْم والنهضة في باكستان في القرن العشرين سوى مثال البروفيسور الأحمدي محمد عبد السلام الحاصل على جائزة نوبل في الفيزياء، حيث قال: “ولقد أسهمت باكستان بعلمائها في القرن العشرين في نهضة المجالات العلمية والفنية، وكان حصول العالم محمد عبد السلام على جائزة نوبل في الفيزياء دليلاً على ذلك ومدعاة فخر لنا جميعًا.” وقد قوبل قوله هذا بتصفيق حار من الحضور، وإنْ ظَهَرَ امتعاضٌ على وجه رئيس وزراء باكستان خوفًا من المشايخ، على ما يبدو، الذين منعوا من ظهور هذا المقطع على التلفزيون الباكستاني حسب ما بلَغني.

أما الكاتب فهمي هويدي فقد تذمَّر في مقاله في مجلة المجلة عدد 883 بتاريخ 18/1/1997 تحت عنوان: “دعوة للتفكر بمنطق الإضافة لا الحذف، مأساة عالم مسلم تجاهلته أمّتُه لأنه أحمدي”.. تذمّر مِن عدم ذِكر وفاة عبد السلام في الصحف العربية “رغم أن موته أحدث صدمة في الأوساط العلمية العالمية التي عرفت قدره وتابعت إنجازاته وبحوثه التي أهَّلته للحصول على جائزة نوبل حتى كان أول عالم مسلم حصل على هذه الجائزة في العلوم” حسب تعبير هويدي.

وأسهبَ هويدي في الحديث عن إنجازات عبد السلام الفيزيائية والعلمية والبحثية المختلفة. ثم انتقل إلى موضوعه الرئيس، وقبل أن يتقدَّم فيه خطوةً أعلن أنه لا يتعاطف مع الأحمدية، ثم طرح تساؤله: ما موقفنا من رجل يعلن إسلامه ويلتزم بفرائضه بينما يتخلل عقيدته بعض الفساد الأصغر أو الأكبر؟ هل نقبله وبأي شروط، أم نرفضه ونحذفه من قائمة المسلمين؟ويجيب بقوله: ليس في وسعنا أن نكفِّر شخصا يعلن أنه مسلم، ناهيك عن أنه لا مصلحة لنا في ذلك.

وكما بدأ مقاله برُعْبٍ من المشايخ ختَمه بقوله: “لكنني فقط أدعو إلى التفكير في ذلك بغير عصبية أو تشنج أو سوء ظن”.

ليت المشايخ يقرأون القرآن! ليتهم يتدبرون فيه قليلا! يقول الله تعالى

لَا يَنْهَاكُمُ الله عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ الله يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (الممتحنة 9)،

فعلى فرضِ أن الأحمديين كفّار فالواجب هو بِرُّهم والإقساط إليهم كما تنصّ الآية بوضوح.

الفريقُ الذي تجب البراءة منه هو الذي يقاتلنا ويريد أن يخرجنا من ديارنا، قال تعالى

إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ الله عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (الممتحنة 10)،

فإذا كان الأحمديون يعتدون بالأسلحة فالواجب قتالهم، وإذا كانوا يطردون الآمنين من ديارهم فلا بد من التصدي لهم. لكنّ شيئا من هذا لم يحدث قطّ، بل هم الأحمديون المعروفون بالصبر وعدم التذمّر والإحسانِ إلى خلق الله ونشرِ السلام والأمنِ والمحبة، والتنظيرِ للتسامح والتعاون على البر والتقوى. هم الأحمديون وحدهم الذين واجهوا القنابل والرشاشات في مساجدهم بصبرٍ عزَّ نظيره، ولم يرفعوا بندقية بوجه أحد، ولم يتسببوا في أي فوضى، بل لم يخرجوا في مظاهرة، ولم يرفعوا أي شكوى لغير الله.

هذا الفكر الإقصائي الذي تعاملوا به معنا ينعكس على علاقاتهم فيما بينهم، بحيث لم يقتصر على اغتيالاتٍ متفرقة، بل إن الحرب الطائفية مشتعلة الآن في أكثر من مكان، وليس في سوريا وحدَها.

العلاقات بين السنة والشيعة كلها ريبة وتربص وكراهية وانعدامُ ثقة. مع أنهم يؤمنون بإله واحد ونبي واحد وكتاب واحد، وصلاتُهم واحدة، وحجّهم واحد، وقبلتُهم واحدة. بينما يتعاملون مع غير المسلمين بثقة وسلام، حتى إسرائيل يريدون الاتفاق معها ويتنازلون تنازلا تلو تنازل.

فما السبب في ذلك؟ إنما هو أنّهم يتعرضون لعذاب الله بسبب بعدهم عن دين الله، وقد كشف الله حالهم هذا ببعثة المسيح الموعود عليه السلام، ثم اتفاقُهم على تكفيره بدل الإيمان به ومناصرته، فهم لم يصبحوا شاذين بكفرِهم بحضرته، بل إنّ بعثةَ حضرته كشفتْ عن بواطنهم الشاذة سلفًا، فالذي يكفُر بمبعوث الزمان بعد معرفة حججـه هو أسوأ الناس قـلبًا وقـالبا.

فاللهَ ندعو أن يشرح صدورهم للحقّ حتى يتجنبوا هذا الدمار.

Share via
تابعونا على الفايس بوك