و إنه ما كان أبا أحد من الرجال من حيث الجسمانية
  • النبي محمد صلى الله عليه وسلم في حلة جديدة
  • لا قبول بدون قبول محمد صلى الله عليه وسلم

__

ونعني بختم النبوة ختم كمالاتها على نبينا الذي هو أفضل رسل الله وأنبيائه، ونعتقد بأنه لا نبي بعده إلا الذي هو من أمّته ومن أكمَلِ أتباعه، الذي وجد الفيضَ كله من روحانيته وأضاء بضيائه. فهناك لا غير ولا مقام الغيرة، وليست بنبوة أخرى ولا محلَّ للحيرة، بل هو أحمَدُ تجلّى في سَجَنْجَلٍ آخرَ، ولا يغار رجل على صورته التي أراه الله في مِرْآة وأظهَرَ. فإن الغيرة لا تهيج على التلامذة والأبناء، فمن كان من النبي.. وفي النبي.. فإنما هو هو، لأنه في أتمّ مقام الفناء، ومصبَّغ بصبغته ومرتدي بتلك الرداء، وقد وجَد الوجودَ منه وبلَغ منه كمالَ النشوّ والنماء. وهذا هو الحق الذي يشهد على بركات نبينا، ويري الناسَ حُسْنَه في حُلل التابعين الفانين فيه بكمال المحبة والصفاء، ومن الجهل أن يقوم أحد للمِراء، بل هذا هو ثبوت من الله لنَفْيِ كونِه أبتَرَ، ولا حاجة إلى تفصيل لمن تدبَّرَ. وإنه ما كان أبا أحد من الرجال من حيث الجسمانية، ولكنه أب من حيث فيض الرسالة لمن كمّل في الروحانية. وإنه خاتم النبيين وعَلَمُ المقبولين. ولا يدخُل الحضرةَ أبدا إلا الذي معه نقشُ خاتمه، وآثار سنته، ولن يُقبَل عمل ولا عبادة إلا بعد الإقرار برسالته، والثباتِ على دينه وملته. وقد هلك من تركه وما تبِعه في جميع سننه، على قدر وُسْعِه وطاقته. ولا شريعةَ بعده، ولا ناسخَ لكتابه ووصيته، ولا مبدِّلَ لكلمته، ولا قَطْرَ كمُزْنتِه. ومن خرج مثقالَ ذرّة من القرآن، فقد خرج من الإيمان. ولن يفلح أحد حتى يتّبع كلَّ ما ثبت من نبينا المصطفى، ومن ترَك مقدار ذرة من وصاياه فقد هوى. ومن ادّعى النبوة من هذه الأمة، وما اعتقد بأنه رُبّيَ من سيدنا محمدٍ خيرِ البريّة، وبأنه ليس هو شيئا من دون هذه الأسوة، وأن القرآن خاتم الشريعة، فقد هلك وألحَقَ نفسه بالكفَرة الفجَرة. ومن ادعى النبوة ولم يعتقد بأنه من أمته، وبأنه إنما وجَد كلَّ ما وجَد من فيضانه، وأنه ثمرة من بستانه، وقطرة من تَهْتَانِه، وشَعْشَعٌ من لمعانه، فهو ملعون، ولعنة الله عليه وعلى أنصاره وأتباعه وأعوانه.  (كتاب مواهب الرحمان)

Share via
تابعونا على الفايس بوك