الكفارة.. عقاب بريء على جرم ارتكبه غيره

هذا الكتاب دراسة تحليلية موثقة للدفاع عن الحق الذي قامت عليه المسيحية الأولى النقية التي صدع بها المسيح الناصري عيسى بن مريم . كما أنه بيان يكشف الحقيقة التي حجبها تجار الدين وسماسرة الخلاص، زبانية الترهيب وأصحاب صكوك الغفران.

والحق أن العقائد المسيحية قد اكتسبت صورتها الحالية من خلال عملية تغيير ممتدة على تاريخ المسيحية كله تقريباً. فبدلاً من الخوض في جدال لا نهاية له حول عملية التغيير تلك، اختار الكاتب دراسة العقائد المسيحية الحالية واختبارها على مِحكّ المنطق والعقل. وبالإضافة إلى موضوعات أخرى قد تم في هذا الكتاب بحث مسائل هامة كبنوة المسيح، الكفَّارة، الثالوث، المجيء الثاني للمسيح.

هذا عزيزي القارئ باختصار شديد هو محتوى هذا الكتاب القيّم: “المسيحية رحلة من الحقائق إلى الخيال” لحضرة ميرزا طاهر أحمد (رحمه الله رحمة واسعة). ورأت أسرة “التقوى” نشره على صفحاتها عبر حلقات متسلسلة نظراً إلى الدعاية الواسعة التي نشطت بشكل خطير في الآونة الأخيرة صوتاً وصورة وكتابة بُعيد الدمار الذي حلّ – ولا يزال يحلّ – بالمسلمين وأراضيهم من قِبل “الدجال”.. القوى المادية للمسيحية بالتواطؤ مع الصهاينة. ومما لا شك فيه أن هذا الكتاب بيان حُبٍّ صادق مخلص للمسيح والمسيحيين في جميع أنحاء المعمورة. كما أنه رسالة حبّ لهم، لأنه يقودهم إلى حقيقة مّن يحبّون، وما يحبون: المسيح الحق، والمسيحية الحقة. ولقد آن الأوان لأن تُفني المسيحية الحقة ضلال من حرّفها وضيّعها، ولتعود بأجيالها وعالمها كله إلى هداية رب العالمين.

وقد حصل شرف نقل الكتاب إلى اللغة العربية للكاتب السوري الأستاذ محمد منير الإدلبي وراجعه ثُلّة من أبناء الجماعة المتضلّعين في اللغة والدين. “التقوى”

الخطيئة الموروثة

لنفترض جدلاً أن آدم وحواء قد أخطآ بالمعنى الحرفي للخطيئة، كما يصف العهد القديم، وعوقبا على ما اقترفاه من خطيئة؛ وكما يُروى فإن العقوبة لم تقتصر عليهما فقط، بل امتدت لتشمل ذريتهما بأكملها!

وما دام الحكم بعقاب الخاطئين قد صدر وقد عوقبا به أيضاً فأين الحاجة إلى أي عقاب آخر؟ إذ من المنطقي أنه عندما يتم عقاب أحد على خطيئة، ينتهي الأمر؛ وعندما يصدر حكم فليس من حق أحد أن يضيف عقاباً فوق عقاب.

وفيما يتعلق بآدم وحواء فإنهما لم يؤنَّبا بشدة فحسب، بل نالا أيضاً من العقاب فوق ما كانا يستحقانه. وطبيعة العقاب التي امتدَّت إلى ذريتهما هي أيضاً موضع سؤال كبير. ولقد تحدثنا حول ذلك بما فيه الكفاية، ولكن ما نبغي التأكيد عليه هنا هو أمر يشكل انتهاكاً أشد فظاعة للعدل المطلق! فأن نُعاقب باستمرار على أخطاء آبائنا هو أمر، ولكن أن نُجبَر على الاستمرار بارتكاب الخطايا نتيجة لأخطاء آبائنا الأولين، فهو أمر شنيعٌ آخر.

دعونا ننظر في الأمر بالاستناد إلى الأسس المتينة للخيرة الإنسانية الواقعية، ونحاول من خلال خبرتنا اليومية فهمَ الفلسفة المسيحية المتعلقة بالجريمة والعقاب. لنفرض أن حُكماً قد صدر بحق مجرم، وكان الحكم قاسياً جداً بالنظر إلى الجرم المرتكب. إن ذلك طبعاً يمكن أن يؤدي إلى استنكار صارخ وشديد من قِبل كل إنسان عاقل، لكونه عقاباً غير عادل؛ إذ إنه لا يتناسب مع الخطيئة المرتكبة، بل هو أشد منها! فمن هذا المنطلق يصعب علينا جداً أن نؤمن أن العقاب الذي أُنزل على آدم جزاء خطيئته قد صدر عن إله عادل. إنه ليس قضية عقاب غير متناسب، بل هو – حسب مفهوم المسيحية للتصرف الإلهي – عقاب تجاوز زمن آدم وحواء وامتد إلى ذريتهما جيلاً بعد جيل. ومعاناة الأولاد بسبب خطيئة آبائهم، دون أدنى شك، هو التمادي الواضح في انتهاك العدالة إلى أقصى الحدود، لكننا لا نتحدث هنا عن ذلك. ولو قادنا سوء الحظ إلى أن نشهد قاضياً معاصراً يُصدر حُكماً على مجرم، فيجبر أولاده وأحفاده وأولاد أحفاده إلخ.. بحكم القانون، على الاستمرار في الخطيئة وارتكاب الجرائم، ثم يُعاقبهم على ذلك إلى الأبد؛ فماذا عساه أن يكون رد فعل المجتمع البشري المعاصر الذي يتمتع بشعور عالمي للعدالة نتيجة الحضارة الحديثة؟

ولا بد هنا من تذكير القارئ الكريم بأن هذا المفهوم المتعلق بالخطيئة الموروثة إنما هو مجرد تفسير خاطئ من قبل “بولس”، ولا يصح أن يُعزى إلى تعاليم العهد القديم؛ وكتب العهد القديم حافلة بالبراهين المناقضة لهذا المفهوم. في القرن الخامس عشر دخل أغسطين مطران هيبو (Hippo) في مواجهة مع حركة البيلاجيين (Pelagian)، حول الجدل المتعلق بطبيعة سقوط آدم وحواء. فأعلن أن البلاجيين هراطقة، لأنهم كانوا يعلِّمون الناس أن خطيئة آدم قد أثّرت فيه وحده ولا يمتد أثرها إلى الجنس البشري كله؛ وإن كل إنسان يولد مُبرأ من الخطيئة؛ ولديه القدرة على أن يعيش حياة بلا خطيئة؛ وكان ثمة أناس قد نجحوا في ذلك. فهؤلاء الذين كانوا على الحق قد وُصموا بأنهم هراطقة! وهكذا جُعل النهار ليلاً والليلُ نهاراً! وحُوّلت الهرطقةُ حقيقة! والحقيقةُ هرطقةً!

انتقال الخطيئة

تعالوا معنا الآن لنعيد فحص مسألة أن الله لا يغفر للخاطئين دون أن يعاقبهم، لأن ذلك منافٍ لصفة العدل فيه تعالى.

يكاد المرء يمتلئ رعباً حين يدرك أنه على مدى قرن بعد قرن ظلّ المسيحيون يؤمنون بشيء هو بكل تأكيد منافٍ للعقل البشري ومناقض للضمير الإنساني. قولوا – بالله عليكم – كيف يمكن أن يغفر الله لشخص خاطئ – في الدنيا أو في الآخرة – لمجرد أن شخصاً بريئاً قد تطوّع لأن يعاقب بدلاً منه؟

ولا بد هنا من تذكير القارئ الكريم بأن هذا المفهوم المتعلق بالخطيئة الموروثة إنما هو مجرد تفسير خاطئ من قبل “بولس”، ولا يصح أن يُعزى إلى تعاليم العهد القديم؛ وكتب العهد القديم حافلة بالبراهين المناقضة لهذا المفهوم.

فمجرد أن يفعل الله ذلك يكون قد انتهك أهم أسس العدل ومبادئه. فالشخص الخاطئ هو الذي يجب أن يتحمل وزر خطاياه. وبالاختصار، فلو نُقل العقاب إلى شخص آخر لأدى ذلك إلى كثير من المشاكل المستعصية. يجادل بعض رجال الدين المسيحي بأن مثل هذا النقل أو التحويل للعقاب لا يناقض أي مبدأ للعدل، وذلك لأن شخصاً بريئاً تطوّع لتلقي العقاب بدلاً من الشخص الآخر. ويسألون: ماذا عساكم تقولون في حالة رجلٍ مثقَلٍ بديون لا يقدر على تسديدها، فيقوم رجل آخر محسن تقي ويقرر أن يفرّج عنه كربته ويسدد عنه كامل ديونه؟ جوابنا على هذا السؤال هو أننا نقدر جداً لهذا المحسن عملَه المتميّز بالرحمة والتضحية والكرم الكبير، ولكن ماذا عسى أن يكون رد فعل الشخص الذي يواجهنا بالسؤال التالي: إذا كانت الديون الواجب تسديدها تقدر بالتريليونات من الجنيهات الإسترلينية، ثم تصدى محسنٌ وأخرج من جيبه بنساً واحداً بغية إلغاء جميع تلك الديون الهائلة مقابل هذا البنس المقدّم! إن ما نجده في قضية يسوع المسيح بأنه عرض نفسه للعقاب على خطايا جميع البشر، هو في الحقيقة أمر أشد خيالاً وغرابة من ذلك. ثم إن الأمر لا يتعلق بمدِين واحد أو جميع المدينين في جيل واحد فحسب، بل إننا نتحدث هنا عن البلايين من البشر الخاطئين الذين قد وُلدوا أو سيولدون إلى يوم القيامة! ولكن ليس هذا كل ما في الأمر، لأن النظر في الجريمة من خلال قضية مَدين عليه دَينٌ لشخص آخر هو تعريف ساذج جداً للخطيئة لم أر نظيره من قبل! إن هذا السيناريو الذي يُقدَّم لَحَريٌ أن يشغل انتباهنا أكثر قليلاً قبل أن نتحول إلى جوانب أخرى تتعلق بالجريمة والعقاب.

دعونا نتفكر الآن في قضية مَدين اسمه زيد وهو مدين بمئة ألف من الجنيهات لشخص اسمه عمرو. لو أن محسناً، بكامل قواه العقلية، يريد بجدية وإخلاص أن يريح المَدين من عبء ديونه، فإن العرف يلزمه أن يسدّد لعمرو جميع الدَّين المستحق على زيد. ولكن لنفترض أن المحسن المشار إليه يتقدم ويلتمس أن يُعفى زيد من جميع مسؤولياته المتعلقة بدفع ما عليه من دين لعمرو، وبدلاً من ذلك يُجلد (المحسن) ويُضرب قليلاً أو يُسجن لمدة ثلاثة أيام على الأكثر بدلاً من زيد. فلو حدث مثل ذلك فعلاً في الحياة الواقعية لكان من الممتع مشاهدةُ وجوه القاضي المذهول المتحير وعمرو الدائن والمحسن المسكين!

ولكن المحسن لا يزال يريد إتمام التماسه الرحمة للمدين، ويشترط المزيد قائلاً: “سيدي القاضي، ليس هذا كل ما أبغيه مقابل تضحيتي، بل أرجو أيضاً أن يُعفى من الديون جميعُ المدينين في كل أنحاء المملكة، سواء الأحياء منهم أو الذين سيولدون فيما بعد حتى نهاية الزمن، وذلك مقابل معاناتي لثلاثة أيام وثلاث ليال. عند هذا الحد يحتار العقل ويكاد يصاب بالجنون!!

لكَم يتمنى الإنسان هنا أن يقترح على الله العادل أن يُعوّض، ولو إلى حد ما، أولئك الذين نُهبت ثمار جهودهم وما ادّخروه لحياتهم. ولكن يبدو أن الإله المسيحي على المجرمين أرحمُ منه على الأبرياء الذين يعانون على أيدي المجرمين!!

إنه تصور غريب حقاً للعدالة التي تؤدي إلى مغفرة اللصوص والمغتصبين والمسيئين للأطفال ومعذّبي الأبرياء ومرتكبي جميع أنواع الجرائم الوحشية في حق البشرية، بشرط أن يؤمنوا بيسوع المسيح ولو في آخر لحظات حياتهم! وماذا عن الدَّين الذي تراكم بلا حدود على هؤلاء المجرمين والذي يدينون به لضحاياهم المعذَّبة؟ فهل الدقائق المعدودة التي قضاها يسوع المسيح في الجحيم تبدو كافية لتطهير حياتهم الحافلة بالجرائم البشعة على مدى الأجيال، والتي لم يُعاقَبوا عليها؟

استمرارية العقاب

لنحاول الآن أن نتفكر في نوع آخر من الجريمة التي هي أشد خطراً مما سبق ذكره، ولا يمكن للفطرة البشرية أن تقبل تحويل عقوبتها ومسؤوليتها لشخص آخر. مثلاً لو أساء أحد إلى طفلة واغتصبها ثم قتلها، فإن المشاعر البشرية في مثل هذه الحالة ستُنتهك إلى حد لا يُطاق. ولنفترض أن مثل هذا الشخص يستمر في ارتكاب مثل هذه الجرائم أو ما هو أبشع منها مسبباً المعاناة لمن حوله، دون أن يُقبض عليه ويقدّم للعدالة؛ وبعد أن يكون قد عاش حياته مجرماً، دون أن يعاقبه بشر، ويقترب من الموت، ولكنه حتى يفلت من العقاب الذي ينتظره يوم القيامة على ما اقترفه، يقرر فجأة أن يؤمن بيسوع المسيح كمخلِّص له؛ فهل تذوب فجأة جميعُ جرائمه وخطاياه وتصير عدماً، وهل سيُترك حراً يدلف إلى العالم الآخر نقياً من الذنوب كمن ولدته أمه؟

ربما مثل هذا الشخص الذي يؤجّل إيمانه بالمسيح حتى يوم موته يكون أكثرَ حكمةً من الذي يؤمن به في فترة مبكرة من حياته. إذ يظل هناك، بالنسبة إلى ألأخير، دائماً خطر أن يرتكب الخطيئة بعد إيمانه بيسوع المخلِّص، وأن يقع فريسةً لإيحاءات الشيطان وخُططه. فلِمَ لا ينتظر الإنسان حتى يوشك على الموت، وبذلك يتيح للشيطان القليل من الوقت ليسلبه إيمانه بيسوع المسيح؟

إن الحياة الحرّة المتسمة بالجريمة والمتعة هنا على الأرض، ثم الولادة الجديدة بحال من الخلاص الأبدي ليست بصفقة عادلة منطقية! هل هذه هي حكمة العدالة التي ينسبها المسيحيون إلى الله؟ إن مثل هذا الفهم للعدالة ومثل هذا الإله يرفضهما تماماً الوجدانُ البشري الذي خلقه الله بنفسه ومنحه القدرة على التمييز بين الحق والباطل. ونظراً إلى السؤال ذاته، على ضوء الخبرة والفهم البشرييَن، فإنه يحق للإنسان تماماً أن يُدين هذه الفلسفة على أنها لا أساس لها ولا معنى، ولا جوهر ولا حقيقة. إن الخبرة البشرية تعلّمنا أن منحَ المغفرة أو عدمَها إنما هو دائماً من حق أولئك الذين يعانون على أيدي الآخرين. تقوم بعض الحكومات أحياناً، لدى احتفال يوم فرح وطني او لأسباب أخرى، بإعلان عفو عام للمجرمين دونما تمييز، ولكن ذلك في حد ذاته لا يبرر عملية العفو في حق أولئك الذين قد أوقعوا أذى لا يمكن تلافيه، وتسببوا في معاناة دائمة لإخوتهم المواطنين الأبرياء.

إذا كان العفو دون تمييز الذي تمنحه الحكومات يمكن تبريره بشكل من الأشكال، وإذا لم يُعدّ ذلك من قِبل رجال الدين المسيحي انتهاكاً لمفهوم العدالة، فلماذا إذاً لا يقبلون أن تصدر مثل هذه المِنّة الرحيمة من الله ويعترفون له بحق المغفرة، كما يشاء وحين يشاء؟ وهو الحاكم الأعلى المطلق وخالق كل شيء وأرحم الراحمين!

إذا غفر الله لأحد جريمة قد ارتكبها بحق الآخرين، فإن ذلك السيد القادر المطلق يملك القدرة الكاملة أن يعوِّض المبتلى بِكَرَمٍ منه بحيث يرضى بحكمه كليةً. وإذا كان الأمر كذلك فأين الحاجة أن يضحي الله ابنه البريء؟ إن هذا، في حد ذاته، لسخرية من العدالة!

لقد خُلقنا بصفات متناغمة مع الصفات الإلهية، وهذا ما يصرح به الكتاب المقدس: “وقال الله: لتصنع الإنسان على صورتنا، كمثالنا.” (سفر التكوين 26: 1). حول الموضوع نفسه يقول الله عز وجل في القرآن الكريم: (فِطرةَ اللهِ التي فَطَرَ الناسَ عليها) (الروم: 31)

إن هذه العقيدة المشتركة بين المسيحيين والمسلمين تستلزم أن يكون الضمير الإنساني أفضل مرآة تعكس لنا التصرفَ الإلهي في حالة معينة. وإنها لتجربة يومية لنا أننا نَغفِر أحياناً كثيرة دون أن يكون في ذلك أدنى مخالفة لمفهوم العدالة. وإذا أخطأ أحد في حقنا فيمكننا أن نسامح المجرم إلى أي حد نشاء. وإذا ما آذى ولدٌ والديه بعصيانه لهما او بتحطيمه شيئاً ثميناً من الأدوات المنزلية، أو بجلبه لهما سمعة سيئة؛ فإنه يكون قد أذنب في حقهما، ويمكن لوالديه أن يغفرا له ويسامحاه دون أن يؤنبهما ضميرُهما بأنهما قد انتهكا مبدأ العدل. ولكنه إذا حطّم شيئاً يخص الجيران، أو آذى طفلَ شخص آخر، فكيف يمكنهما أن يسامحاه على ما سببه من معاناة للآخرين؟ ولو فعلا ذلك لكان منافياً للعدل حتى بحسب ضميرهما أيضاً. إن علاقة الجريمة بالعقاب هي كعلاقة السبب بالنتيجة، ويجب أن تكون العلاقتان متناسبتين ولو إلى حد ما. وقد ناقشنا موضوع الصلة بين الجريمة والعقاب بصورة موسعة بالنسبة لقضية مالية بين شخص وآخر. والمبدأ نفسه ينطبق بشكل أكبر بالنسبة لجرائم أخرى مثل الجرح او التشويه أو قتل مواطنين أبرياء أو انتهاك شرفهم بأي شكل كان. وكلما ازدادت بشاعة الجريمة كلما كان من المتوقع أن يكون العقاب أشد. وإذا كان الله قادراً على أن يغفر كل شيء بلا استثناء – كما أؤمن وأعتقد أنه هو الوحيد الذي يستطيع أن يفعل ذلك – فإن مسألة الكفارة أي عقاب بريء على جرم ارتكبه غيره تصبح لا مكان لها مطلقاً. وعلى كل حال، فإننا لو قبلنا جدلاً أن يتم تحويل العقوبة إلى بريء اختار لنفسه ذلك، فإن مقتضيات العدل في هذه الحالة توجب أن يتم تحويل العقوبة كاملة غير منقوصة ودون أدنى تخفيف. ولقد تحدثنا عن هذه المسألة أيضاً بما فيه الكفاية.

هل يؤمن المسيحيون أن هذا المفهوم للعدل قد طبّقه الله (الأب) على يسوع (الابن)؟ إذا كان الأمر كذلك فهذا يعني أن كل العقاب المفروض على جميع المذنبين في العالم المسيحي المولودين زمن المسيح أو في أي وقت بعده وحتى يوم القيامة، سوف يُجمَع ويصبح هذا الحجم الرهيب من العذاب المستحَق على جميع المذنبين إلى يوم القيامة مساوياً للمعاناة التي لاقاها يسوع لمجرد ثلاثة أيام وثلاث ليال! وإذا كان الأمر كذلك فينبغي ألا يعاقَب أي مسيحي على الأرض من قِبل أية حكومة مسيحية على الإطلاق، وإلا لكان ذلك عملاً منافياً تماماً للعدالة. كل ما ينبغي على المحاكم القضائية فعله، بعد وصول قُضاتها إلى قرار الإدانة، هو أن يطلبوا من المجرم المسيحي أن يدعو يسوع (الابن) ليخلّصه. وبذلك يجب أن يُغلق ملف القضية وتُعتبر منتهية عند ذلك الحد. وبكل بساطة، فإن الأمر سيكون مجرد تحويل حسابِ المجرم إلى حساب يسوع المسيح.

واسمحوا لنا بغية الإيضاح، بأن ننظر إلى الولايات المتحدة الأمريكية بشكل محدد، ثم نركز اهتمامنا على حالة الجريمة هناك، حيث جرائم السلب والقتل منتشرة بكثرة بحيث يتعذر إحصاؤها.

أتذكر أنني وجَّهتُ ذات مرة في نيويورك مؤشر المذياع على المحطة المخصصة لإذاعة التقارير المتعلقة بالجرائم الكبرى، ويالها من تجربة مروِّعة! لقد كانت مؤلمة لدرجة أنني لم أستطع تحمّل الاستماع لأكثر من نصف ساعة فقط. إذ إن جريمة قتل كانت تُرتكب في أمريكا كل خمس دقائق تقريباً، وكانت أحياناً تُنقل بتغطية مروِّعة من قِبل مراسلين كانوا شهداء على تلك الجرائم حال ارتكابها. نحن لا نقصد هنا أن نقدّم صورة مفصّلة عن الجريمة في أمريكا، ولكنها مسألة معرفة عامة أن أمريكا تأتي على رأس قائمة الدول التي تنتشر فيها جميع أنواع الجرائم بشكل فظيع، وخاصة في المدن الكبرى مثل شيكاغو ونيويورك وواشنطن. في نيويورك تجد جرائم سلب المال وتشويه المواطنين الأبرياء الذين يجرؤون على المقاومة من الأمور الشائعة بكثرة. إن مثل هذه الحوادث اليومية تؤدي إلى أبشع صور القتل والتشويه من أجل سلب زهيد تافه! ولنترك جانباً – ولو لبعض الوقت – نزعة القتل المتنامية في العالم، فبالنسبة إلى أمريكا وحدها لا بد للمرء أن يتساءل عن العلاقة بين المفهوم المسيحي للخطيئة والكفارة وبين الجرائم التي تُرتكب يومياً. إذ مهما كان أولئك المجرمون بعيدين عن القيم المسيحية في ممارساتهم الإجرامية، إلا أنهم على الأقل يؤمنون بعقيدة الخطيئة والفداء المسيحية، وأيضاً بالمسيح كمخلّص لهم، ولكن – واحسرتاه – لأي نفع أو جدوى! إن أغلبية المجرمين في أمريكا هم ممن يُسمَّون مسيحيين، وإن لم يكن المسلمون وغيرهم استثناء. فهل يغفر الله لجميع هؤلاء المجرمين المسيحيين لمجرد انتمائهم إلى المسيحية وإيمانهم بتضحية يسوع التطوعية من اجل المذنبين؟ وإذا كان الأمر كذلك فبأي طريقة؟ في نهاية المطاف لا بد من أن يُلقى القبض على نسبة كبيرة منهم ويُعاقبوا بموجب قانون المحاكم الأرضية؛ ولكن بالرغم من ذلك، فإن عدداً كبيراً منهم سوف يظلون طلقاء لم يُقبض عليهم، أو سيُعاقبون على جزء فقط من جرائمهم التي ارتكبوها على مدى سنين طويلة.

ماذا يمكن للمسيحية أن تقدّم لأولئك الذين يُعاقَبون بالقانون؟ وبماذا تَعِد أولئك الذين ظلوا طلقاء على الأرض؟ هل سيعاقَب كلا الفريقين بدرجات متفاوتة أو سيعاقبون دون تمييز؟

وثمة معضلة أخرى تتعلق بفداء مجرم لكونه يؤمن بيسوع المسيح وتنتج عن حالةٍ أكثر إبهاماً. فمثلاً إذا ارتكب مسيحي جريمة في حق شخص بريء غير مسيحي فسوف يُسامَح ويُغفر له طبعاً بسبب بركة إيمانه بيسوع؛ لأن عقوبة جريمته سوف تحوّل إلى حساب يسوع بدلاً عنه، ولكن ماذا سيكون حساب الربح والخسارة لغير المسيحي؟ فيسوع المسكين والضحية المسكين الذي وقع عليه الجرم كلاهما يعانيان بسبب جريمة لم يرتكباها!

إن عقولنا لتحار عندما نحاول تصوّر هولِ حجم الجرائم التي ارتكبها البشر منذ فجر المسيحية وحتى زمن غروب الشمس عن الحياة البشرية! فهل حقاً تم تحويل جميع هذه الجرائم إلى حساب يسوع المسيح ؟ وهل تم الحساب عن جميع هذه الذنوب في الفترة القليلة من ثلاثة أيام وثلاث ليال التي يظنون أن المسيح قد عانى خلالها؟

ويبقى المرء متعجباً كيف يمكن لذلك البحر الواسع من المجرمين المسمَّم بالأعمال الإجرامية أن يُطهَّر وينظَّف كليةً من آثار تلك الجرائم لمجرد كون مرتكبيها مؤمنين بيسوع؟ ثم ترجع أفكار المرء إلى الماضي البعيد، حين ارتكب آدم وحواء خطيئتهما الأولى لمجرد أنهما قد خُدعا بمكر الشيطان فوقعا في شراكه! لِمَ لمْ تُمح خطيئة آدم وحواء؟ ألم يكونا مؤمنين بالله (الأب)؟ وهل كان الإيمان بالله (الأب) عملاً أقل قيمة من الإيمان بـ (الابن)؟ وهل كانت خطيئتهما أنهما لم يُخبَرا عن ابنٍ يعيش مع الإله الأب منذ الأزل؟ لماذا لم يرحمهما “الابن الإلهي” ولم يتوسّل إلى الإله الأب ليعاقبه هو على خطيئتهما بدلاً منهما؟

ولكم يتمنى المرء أن يكون ذلك قد حدث فعلاً، إذ ربما كان أكثر يُسراً أن يتم عقابُ آدم وحواء فيها. ولو تم ذلك لأُعيدت بالتأكيد كتابة قصة البشرية كلها في كتاب القدر، ولخُلقت أرض سماوية بدلاً من هذه الأرض، ولما أُخرِج آدم وحواء من الجنة إلى الأبد مع أعداد لا تحصى من ذريتهما، ولكان المسيح وحده قد أُخرج من الجنة ولمدة ثلاثة أيام وثلاث ليال فقط، ولكان ذلك كل ما حدث! ولكن مع الأسف لم يفكر الله (الأب) ولا يسوع (الابن) بهذا الأمر. انظروا كيف أن حقيقة عيسى المكرّمة المحبّبة تحوّلت للأسف إلى أسطورة غريبة لا تُصدّق!

العدل والمغفرة

إن الفلسفة المسيحية المتعلقة بالجريمة والعقاب ليست محيّرة ومربكة للعقل البشري المحايد فقط، بل تُثير أسئلة كثيرة أيضاً لا تقلّ إرباكاً. فالعلاقة بين العدل والمغفرة، كما هي مطروحة في الفلسفة المسيحية المتعلقة بعقيدة الكفارة، تحاول أن تشرح لماذا لم يقدر الله أن يغفر بنفسه؛ إن هذه الفلسفة تعتمد كلياً على مفهوم اعتباطي وخاطئ للعدل، إذ تقول بأن العدل والمغفرة لا يمكن أن يسيرا جنباً إلى جنب. فإذا كان الأمر كذلك فلماذا يشدد العهد الجديد على العفو والمغفرة حين يكون الأمر متعلقاً بتعامل الناس بعضهم مع بعض؟

لم أقرأ في أي كتاب سماوي لأي دين عالمي تعليماً يميل إلى اتجاه واحد، ويبالغ في التشديد على دور المغفرة. يا له من تناقض هائل مع التشديد التقليدي على العدل الموجود في التعاليم اليهودية: العين بالعين والسن بالسن. هذا هو العدل النقي البسيط الذي لا هوادة فيه! ويا له من انحراف بالغ من هذه التعاليم إلى التعاليم المسيحية التي تأمر مَن يُضرب على خدّه أن يحوِّل الخد الآخر أيضاً. من أعطى هذه التعاليم الخيرة التي تناقض تعاليم التوراة التي سبقتها؟

يظل المرء هنا في حيرة يتساءل: هل كان التعليم التوراتي الأول حقاً من قِبل الإله الأب مقابل تعليم المسيح الإله الابن المناقض والمعاكس تماماً والوارد في العهد الجديد؟ وإذا كان الأمر كذلك فلماذا خالف الإله الابن أباه بهذا الشكل العنيف؟ وهل يمكن اعتبار هذا الخلاف ناشئاً عن عيب خَلقي أم هو تغيّر تطوّري؟ أم هل كان هذا الموقف المسيحي المتعلق بالمغفرة المطلقة مناقضاً تماماً للتشديد اليهودي على الانتقام، وهو مثال على التغير المفاجئ من جهة الإله الأب، حيث يبدو وكأنه سبحانه وتعالى قد ندم على ما عَلَّمه موسى وأهل الكتاب من قبل، فأراد أن يُصلح خطأه!

إننا نحن المسلمين نرى أن هذا الأمر إنما هو تحوّل جذري فيما يجب الاهتمام به في مرحلة دون أخرى، ولا نرى في ذلك أي تناقض؛ لأننا نؤمن بإله يملك كلتا الصفتين: العدل والمغفرة، دون أي تناقض داخلي بينهما. وإننا لندرك أن التحوّل من التعاليم اليهودية إلى تعاليم عيسى المسيح ليس تصحيحاً لتلك التعاليم الأساسية، بل كان تصحيحاً للتطبيق الخاطئ لهذه التعاليم من قِبل اليهود.

وإننا نحن المسلمين نؤمن بأن الله تعالى ليس عادلاً فحسب، بل إنه غفور رحيم محسن أيضاً؛ وإذا أراد أن يغفر للمذنب فإنه لا يحتاج إلى أية مساعدة خارجية. ولكن المشكلة من وجهة النظر المسيحية تأخذ أبعاداً هائلة، ويبدو أن إله التوراة كان لا يعرف إلا العدل فقط، ولم يكن يتّصف بالرحمة أو الرأفة؛ وكان غير قادر على المغفرة مهما اشتدّت رغبته في ذلك! ثم جاء، ويا للعجب، الإله الابن لينقذ الأب من معضلته العويصة. ويبدو أن الابن كان كله رحمة على عكس أبيه الذي هو انتقام كله! لا يقتصر الأمر على سخافة تصور “الإله الابن” المنافي للعقل والمحير للمنطق الإنساني، بل إنه يثير من جديد قضية التناقض بين شخصيتي الإله الأب والإله الابن بحيث يبدو أن يسوع ليس بابن حقيقي لأبيه! ربما هي مسألة عيب وراثي مرة أخرى!

وإننا لندرك أن التحوّل من التعاليم اليهودية إلى تعاليم عيسى المسيح ليس تصحيحاً لتلك التعاليم الأساسية، بل كان تصحيحاً للتطبيق الخاطئ لهذه التعاليم من قِبل اليهود.

وهناك مجال آخر للبحث وهو موقف أديان العالم الأخرى من الخطيئة وعواقبها. فالمسيحية طبعاً ليست الدين الوحيد الموحى به من السماء، وإن عدد غير المسيحيين يفوق عدد المسيحيين. لقد شهِد العالمُ، منذ آلاف السنين من تاريخ البشرية المعروف وقبل ظهور يسوع المسيح، كثيراً من الديانات نشأت وضربت بجذورها في بيئات بشرية مختلفة في شتى أنحاء العالم. فهل تحدّثت هذه الديانات مرة عن فلسفة المغفرة بطريقة تشبه – ولو إلى أدنى حد – العقيدة المسيحية في الكفارة؟ ما هو تصورهم عن الله، أو عن الآلهة إذا كانوا قد أصبحوا يؤمنون بأكثر من إله واحد؟ ما هو مفهومهم عن موقف الله تعالى من البشرية الخاطئة؟

نجد أن الهندوسية هي ربما أقرب الديانات إلى المسيحية في هذا الصدد، ولكن بشكل جزئي فقط. فالهندوس يؤمنون بإله عادل مطلق، توجب عدالتُه أن يعاقب كل خاطئ بشكل أو بآخر. ولكن تشابهها مع المسيحية ينتهي هنا، إذ ليس هناك عندهم أدنى ذكر لابن لله يحمل على كتفيه العواقب الكاملة لجميع خُطاة العالم، بل على العكس من ذلك إنهم يخبروننا عن سلسلة غير منقطعة من الجريمة والعقاب في عدد لا ينقطع من تناسخات الروح في أجساد الحيوانات؛ ولا يتيسر الخلاص إلا بعد تناسخات كثيرة للروح تنال من خلالها عقاباً يتناسب تماماً مع مجموع جرائمها التي ارتكبتها خلال مرورها بتجارب التناسخ المشؤومة كلها.

قد يبدو هذا للبعض غريباً عجيباً حقاً، ولكن مع ذلك ثمة بعض العدالة الأخلاقية حتماً في هذه الفلسفة الهندوسية، وهناك شيء في هذه الفلسفة الهندوسية، وهناك شيء من التوازن والتناسب في هذا المفهوم الهندوسي الذي ينسجم مع مفهوم العدل المطلق. ولنترك جانباً الهندوسية والأديان الأخرى المؤيدة لفلسفة التناسخ بجميع تعقيداتها المتعلقة بالسبب والنتيجة، ولنسأل: ما هو دور مغفرة الله في الأديان العظمى والصغرى في العالم؟ يبدو أن جميع هذه الأديان، بالإضافة إلى البلايين من المؤمنين بها كالهندوس مثلاً، تجهل اسطورة الكفارة تماماً ولا تعلم عنها شيئاً. وهذا الأمر محيّر حقاً. مَن الذي كان في اتصال دائم بالبشر في الأماكن الأخرى على مدى تاريخ الأديان؟ لو لم يكن هو الله الأب – كما في العقيدة المسيحية – فهل كانت القيادة الدينية كلها، ما عدا يسوع المسيح، تلامذة للشيطان؟ ثم أين كان الإله الأب غائباً؟ لماذا لم يأت لإنقاذ البشرية عندما كان الشيطان يُضلّهم باسمه تعالى؟ أن إن هذه البقية من البشر كانت مخلوقات خالق آخر غير الذي يُدعى الله الأب؟ ثم لماذا عوملت هذه البقية من البشر على طريقة العم زوج الأم، وتُركوا فريسة للشيطان؟

ولنتوجه لآن إلى هذه المسألة بالرجوع إلى الخبرة البشرية الشائعة والعامة. يمكننا أن نؤكد، من خلال هذه الخبرة، أن المغفرة والعدل متوازنان ويمكن أن يوجدا معاً، وإن الواحد منهما لا يُناقض الآخر دائماً. ومن متطلبات العدالة أن تُمنح في أحيان أخرى. فلو غُفر لطفل ونتيجة لذلك تشجع على ارتكاب المزيد من الجرائم لكانت المغفرة عندئذ أقربَ إلى الجريمة ومُخالِفةً لمفهوم العدالة. ولو أن مجرماً غُفر له فاستمر في ارتكاب المزيد من الأعمال الإجرامية، وتسبب في معاناة من حوله لكان ذلك مناقضاً للعدل وإساءة إلى المواطنين الأبرياء. ثمّة عددٌ لا يحصى من هذا النوع من المجرمين المتسترين برداء كفارة يسوع المسيح، وإن ذلك في حد ذاته مناقض للعدل.

ولكن إذا تاب طفلٌ مثلاً، واقتنعت أمُّه بأن الذنب لن يتكرر منه، فإن معاقبة الطفل عندئذ ستكون مناقضة لمفهوم العدل. والتائب من الذنب عندما يتعذب في نفسه فهذه المعاناة في حد ذاتها عقاب يتجاوز كثيراً، في بعض الأحيان، العقوبة المفروضة من الخارج. إن ذوي الضمائر الحية من الناس يتعذبون في داخلهم دائماً بعد ارتكاب الخطيئة، وقد يصل عذاب وخز ضميرهم إلى الدرجة التي تجذب رحمة الله تعالى لهذا العبد الضعيف الذي تتكرر أخطاؤه ويتكرر ندمه وتوبته. هذه هي العبرة المتعلقة بالصلة ما بين العدل والمغفرة التي يستنتجها ذوو العقول المفكرة والعادية أيضاً، على حد سواء، من خلال الخبرة البشرية العامة.

لقد آن الأوان ليفيق المسيحيون من حالة السُبات تلك التي تفرض عليهم قبول العقيدة المسيحية دون مناقشة حكمتها. ولو أعاد المسيحيون النظر في عقيدتهم على ضوء المنطق والفهم العام، فلربما يظلون مسيحيين صادقين فعالين ولكن بصورة مختلفة وأكثر واقعية. إنهم عند ذلك سيؤمنون بعمق أكثر وبحب وبتفان أعظم بالحقيقة البشرية للمسيح مقارنة بذلك المسيح الذي لم يكن إلا نتاج خيالاتهم ولا يمت إلى الواقع بصلة. إن عظمة المسيح ليست في أسطورة ملفَّقة حوله بل تكمن في تلك التضحية الكبرى التي قدمها المسيح الإنسان والرسول.. تلك التضحية التي تهز القلب بقوة أكثر وعمقٍ أكبر مما تهزّه أسطورةُ موته على الصليب، وقيامتُه من الموتى، بعد أن أمضى في الجحيم ساعات قليلة مروّعة!

Share via
تابعونا على الفايس بوك