الأحمدية أم المحمدية

الأحمدية أم المحمدية

محمد طاهر نديم

الردُّ على تساؤل هام:

ما الحكمة في تسمية جماعتنا بالأحمدية وليس المحمدية

إن الله اسم جامع لجميع الصفات الجلالية والجمالية، وليست النبوءة إلا ظلا لهذه الصفات.

فمثلا كان موسى عليه السلام نبيّاً جلاليّاً حيث جاء بتعليم يحضّ على القصاص واستخدام القوة والشدة مقابل من يستخدمها، وذلك لأن هذا كان مقتضى الظروف آنذاك، أما عيسى عليه السلام فكان نبيّاً جماليّاً حيث جاء بتعليم: “لا تقاوموا الشر. بل، من لطمك على خدّك الأيمن فحوّل له الآخر أيضاً.” ( متى ٥:٣٩).

تلك كانت الوصفة الناجعة لمن بُعث إليهم.

كما أمر أتباعه بحب الناس جميعا بما فيهم أعداؤهم:

” أحِبّوا أعدائكم. بارِكوا لاعنيكم. أحسِنوا إلى مبغضيكم. وصَلُّوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم.” (متى٥:٤٤)

أما نبينا صلى الله عليه وسلم فكان نبيّاً إلى العالمين ، فكان جامعاً للصفات الجمالية والجلالية. وكان له صلى الله عليه وسلم اسمان هما: محمد وأحمد، فكان محمد رمزاً لصفته الجلالية، أما أحمد فكان يرمز إلى الصفات الجمالية. وظهرت صفته الجمالية في الفترة ما قبل الهجرة حيث تحمّل المسلمون الظلم والمصاعب، وعانوا أعنف أنواع العذاب والشدائد على يد الكفار دون أن يقاوموا بالسيف أو غيرها من الأساليب المستخدمة آنذاك لرد العدوان.

لكن صفته الجلالية ظهرت في فترة ما بعد الهجرة حيث أُذن للمسلمين أن يردوا العدوان ولو بالسيف والحرب، فقاموا بذلك وقد أُشير إلى هاتين الصفتين النبويتين في قول الله تعالى :

{مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا ۖسِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ  ذَٰلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ  وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} (الفتح:٣٠).

وتفهم من هذه الآية أن المثال الأول الجلالي الذي يشير إلى كون المسلمين “أشداء” قد بيّنه موسى عليه السلام الذي كانت صفته البارزة الجلال. والمثال الجمالي وهو مثال الزرع قد بيّنه عيسى عليه السلام الذي كان طابعه الجمال.

وثمة نبوءة في سورة الجمعة أن النبي صلى الله عليه وسلم سوف يُبعَث في الآخرين مرة أخرى كما فسرها النبي صلى الله عليه وسلم نفسه في حديث البخاري التالي: “عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كنا جلوساً عند النبي صلى الله عليه وسلم فأُنزلت عليه سورة الجمعة : {وآخرين منهم لما يلحقوا بهم} . قال: قلت: من هم يا رسول الله؟ فلم يراجعه حتى سأل ثلاثا، وفينا سلمان الفارسي، وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على سلمان، ثم قال: 《 لو كان الإيمان عند الثريا، لناله رجال، أو رجل، من هؤلاء》 (البخاري، كتاب التفسير) ولكن هل سيُبعث صلى الله عليه وسلم ثانيةٌ بصفته الجمالية أو الجلالية؟

والإجابة على هذا السؤال قد جاءت في القرآن الكريم في سورة الصف حيث بُشر بمجيئه صلى الله عليه وسلم هذا على لسان نبي كان نبيّاً جماليّاً وهو عيسى عليه السلام: { وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه “أحمد” فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين} .

إن ذكر اسمه أحمد هنا يدل على أن بعثته في الزمن الأخير سيكون بصفته “أحمد” أي بصفة جمالية فحسب . مما يدل على أن الهجوم على الإسلام في الزمن الأخير لن يكون بالسيف والسنان وإنما بالأساليب السلمية من الحجة والبرهان.

إذن فما هي الوسائل التي ستُستخدم لمجيء الإسلام في الزمن الأخير؟ جاء بيان ذلك في الآية التالية حيث قال تعالى: {يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره} أي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سيظهر كأحمد في زمن لن يُهاجَم الإسلامُ فيه بالسيف وإنما تكون المواجهة بالأدلة الزائفة المزعومة ، وعبر عنها بكلمة “بأفواههم”

لقد كان الإسلام في زمن النبي صلى الله عليه وسلم يهاجَم بالسيوف بغية القضاء عليها، وما تمت فيه محاولات إطفاء نور الله بأفواه الناس كما في الزمن الأخير أما اليوم فإن المحاولات على أشدها لإطفاء نور الإسلام بالأفواه أي بالأدلة الزائفة. لذلك وعدنا بمجيء النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الزمن بصفته “أحمد” الجمالية.

ولكن هل سيُبعث النبي صلى الله عليه وسلم نفسه بجسمه وروحه ثانيةً، أم سيأتي خادما له يحمل صفاته ؟ تعالوا نقرأ الآية التالية للإجابة عليها حيث قال تعالى: { هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله}.

وهنا نجد إجماعاً للمفسرين حول هذه الآية على أن ظهور الإسلام على الدين كله سوف يتم في زمن المهدي وعند خروج عيسى عليه السلام، وذلك للحديث النبوي الشريف عن المهدي:

“…ويُهلك الله في زمانه الملل كلها إلا الإسلام.”

(سنن أبي داؤد، كتاب الملاحم) ، ولما ورد في تفسير جامع البيان للطبري وتفسير القرطبي والتفاسير الأخرى : “{ هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله} : ذلك عند خروج عيسى”.

كما ورد القول التالي عن أبي هريرة :{ليظهره على الدين كله} قال: حين خروج عيسى ابن مريم .

فتتضح الصورة هنا أننا وُعدنا ببعثة نائب للنبي صلى الله عليه وسلم في الزمن الأخير يحمل صفات النبي صلى الله عليه وسلم الجمالية وسيكون مصداقاً للنبوءة الواردة عن بعثة أحمد صلى الله عليه وسلم، الذي في زمنه سيتم ظهور الإسلام على الدين كله.

وهذا الشخص بإجماع العلماء المهدي وعيسى عليه السلام، وهما شخصية واحدة لحديث النبي صلى الله عليه وسلم : ” لا المهدي إلا عيسى ابن مريم.” ألا وهو سيدنا مرزا غلام أحمد القادياني الإمام المهدي والمسيح الموعود عليه السلام.

يقول حضرته : “لقد سُمّيت هذه الفرقة ب ” الفرقة المسلمة الأحمدية” لأن نبينا صلى الله عليه وسلم كان له اسمان اثنان؛

أحدهما محمد صلى الله عليه وسلم والآخر أحمد صلى الله عليه وسلم . أما محمد صلى الله عليه وسلم فكان اسماً جلاليّاً ، وكان يتضمن نبوءة أن النبي صلى الله عليه وسلم يعاقب بالسيف هؤلاء الأعداء الذين هجموا على الإسلام بالسيف فقتلوا مئات من المسلمين. ولكن أحمد صلى الله عليه وسلم كان اسماً جماليّاً ، وكان يشير إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم سينشر الأمن والصلح في العالم. فلقد قسّم الله هذين الاسمين بهذا الشكل بأنه تم ظهور اسم أحمد صلى الله عليه وسلم في الفترة الملكية من حياة النبي صلى الله عليه وسلم حيث كان التعليم هو التحلي بالصبر . ثم تمّ ظهور اسم محمد صلى الله عليه وسلم في الفترة الملكية حيث اقتضت حكمة الله تعالى ومصلحته قطعَ دابر المعارضين. ولكن أُنبئ أيضاً أن ظهور اسم أحمد سوف يتمّ مرة أخرى ، وسوف يُبعث شخص تظهر بواسطته الصفات الأحمدية للنبي صلى الله عليه وسلم أي الصفات الجمالية، فبالتالي سيتم القضاء على جميع الحروب . فبهذا السبب رأيتُ مناسباً أن تُسمى هذه الفرقة بالفرقة الأحمدية، ولكي يفهم كل واحد عند سماع اسمها أن هذه الفرقة أنشئت لنشر الأمن والصلح في العالم، ولا علاقة لها مطلقاً بالحرب والجدال.” (مجموعة الإعلانات ج٣ ص ٣٦٥-٣٦٦)

Share via
تابعونا على الفايس بوك