قتل الحسين سيد المظلومين

قال حضرة مرزا غلام أحمد القادياني، الإمام المهدي والمسيح الموعود ما تعريبه:

مَنْ مِنَ المؤمنين يمكن أن يشك في أنَّ الإمامين الحسن والحسين – رضي الله عنهما – كانا من الأخيار ذوي الكمال والعفة والعصمة وأئمة الهدى. وكانا، من دون شبهة، من آل النبي ظاهراً وباطناً. (ترياق القلوب، الخزائن الروحانية مجلد 15 ص 364)

وقال ما تعريبه:

كان الحسين ظاهراً مطهَّراً، ولا ريب أنه من الأخيار الذين يُطهِّرهم الله ويُترِعهم بمحبته؛ ولا جرم أنه من رؤساء أهل الجنة. وإنَّ بغضه، ولو مثقال ذرة، يؤدي إلى سلب الإيمان. إنَّ هذا الإمام أسوة حسنة لنا في تقواه وحبه لله، وصبره واستقامته وزهده وعبادته، وإنا على آثار هدي هذا الإمام المعصوم لمقتدون. لقد هلك القلب الذي عاداه، وقد أفلح القلب الذي أحبه بصورةٍ عملية، والذي انعكست في مرآته، نتيجة اتباعه الكامل له، جميعُ ملامحه من إيمان وخُلق وشجاعة وتقوى واستقامة وحب لله تعالى، انعكاسَ صورة الإنسان الجميل في المرآة الصافية. إنَّ هؤلاء القوم خافونَ عن أعين الدنيا، ولا يُدرك عظمتهم إلا الذي هو منهم. إنَّ عين الدنيا لا يمكن أن تعرفهم لأنهم بعيدون عنها كل البعد. وهذا هو السبب وراء استشهاد الحسين حيث لم تعرفه الدنيا. متى أحب أهل الدنيا شخصاً من الأطهار في عصره حتى يحبُّوا الحسين في عصره؟ إنَّ احتقار الحسين لمن الشقاوة البالغة والكفر البواح. ومن احتقر الحسين أو غيره من الأئمة المطهَّرين العظام، أو تفوّه بكلمة فيها استخفاف بهم، فقد أضاع إيمانه، لأنَّ الله – جلَّ شأنه – يصبح عدوّاً لمن يُعادي عباده المختارين المحبوبين. (مجموعة الاشتهارات مجلد 3 ص 545).

ويحكي سيدنا المسيح الموعود إحدى رؤاه فيقول ما نصه:

” كنت ذات يوم فرغت من فريضة المساء وسننها، وأنا مستيقظ، ما أخذني نوم ولا سِنَةٌ وما كنت من النائمين. فبينما أنا كذلك إذا سمعت صوت صَكِّ الباب. فنظرت فإذا المِدَكُّون يأتونني مسارعين. فإذا دنَوا مني عرفتُ أنهم خمسة مباركة.. أعني عليًّا مع ابنيه وزوجته الزهراء وسيد المرسلين. اللهم صل وسلم عليه وآله إلى يوم الدين. ورأيت أن الزهراء وضعتْ رأسي على فخذها ونظرتْ بنظراتِ تحنن كنتُ أعرف في وجهها. ففهمتُ في نفسي أن لي نسبة بالحسين وأشابهه في بعض صفاته وسوانحه، والله يعلم وهو أعلم العالمين. ورأيتُ أن عليًّا يريني كتابًا ويقول هذا تفسير القرآن.. أنا ألفته، وأمرني ربي أن أعطيك. فبسطتُ إليه يدي وأخذتُه. وكان رسول الله يرى ويسمع ولا يتكلم كأنه حزين لأجل بعض أحزاني، ورأيته فإذا الوجه هو الوجه الذي رأيتُ من قبل، أنارت البيت من نوره، فسبحان الله خالق النور والنورانيين. (التبليغ ص 108-109 طبعة 2004، إسلام آباد، المملكة المتحدة).

وبصفته حكماً عدلاً قد أصدر حكمه الفيصل في النزاع الدائر بين أهل السنة والشيعة، فقال ما نصّه:

“العجب أنَّ الشيعة يُقرّون بأنَّ أبا بكر الصدّيق آمن في أيام كثرة الأعداء، ورافق المصطفى في ساعة الشِدّة والابتلاء، وإذا خرج رسول الله فخرج معه بالصدق والوفاء، وحمل التكاليف وترك المألف والأليف، وترك العشيرةَ كلها واختار الرب اللطيف، ثم حضر في كل غزوة وقاتل الكفار وأعان النبي المختار، ثم جُعل خليفةً وقت ارتدت جماعةٌ من المنافقين، وادَّعى النبوة كثيرٌ من الكاذبين، فحاربهم وقاتلهم حتى عادت الأرض إلى أمنها وإصلاحها وخاب حزب المفسدين.

ثم مات ودُفن عند قبر سيد النبيين وإمام المعصومين، وما فارق حبيبَ الله ورسوله لا في الحياة ولا في الممات، بل التقيا بعد أيامٍ معدودة فتهادا تحية المحبين. والعجب كل العجب أنَّ الله جعل أرض مرقد نبيه، بزعمهم، مشترَكةً بين خاتم النبيين والكافرين الغاصبين الخائنين!! وما نجّا نبيه وحبيبه من أذيّة جوارهما بل جعلهما له رفيقين ومؤذيين في الدنيا والآخرة، وما باعده عن الخبيثين!! سبحان ربِّنا عمّا يصِفون، بل أَلحَق الطيبين بإمام الطيبين. إنَّ في ذلك لآياتٍ للمتبصّرين.

فتفكّر يا من تحلّى بفهمٍ، ولا تركَنْ من يقين إلى وهم، ولا تجترئ على إمام المعصومين. وأنت تعلم أنَّ قبر نبينا صلّى الله عليه وآله وسلّم روضةٌ عظيمةٌ من روضات الجنة، وتبوَّء كلَّ ذروة الفضل والعظمة، وأحاط كل مراتب السعادة والعزّة، فما له وأهل النيران؟ فتفكَّرْ ولا تختَرْ طرق الخسران، وتأدَّبْ مع رسول الله يا ذا العينين، ولا تجعل قبره بين الكافريْن الغاصِبيْن، ولا تُضعْ إيمانك للمرتضى أو الحسيْن، ولا حاجة لهما إلى إطراءك يا أسير المــَيْن، فاغمِدْ عَضْبَ لسانك وكُنْ من المتقين. أيرضى قلبك ويسرّ سربك أن تُدفَن بين الكفار وكان على يمينك ويسارك كافران من الأشرار؟ فكيف تُجوِّز لسيد الأبرار ما لا تُجوّز لنفسك يا مورد القهّار؟ أَتُنزِلُ خيرَ الرسل منزلةً لا ترضاها، ولا تنظر مراتب عصمته وإيّاها؟ أين ذهب أدبك وعقلك وفهمك، أو اختطفه جنُّ وهمك وتركتك كالمسحورين؟ وكما صُلتَ على الصدّيق الأتقى كذلك صُلتَ على عليّ المرتضى، فإنّك جعلتَ عليّاً.. نعوذ بالله.. كالمنافقين، وقاعداً على باب الكافرين….”

ثم يقول حضرته أنَّ الشيعة المتعصِّبين إذا سُئلوا: “مَن كان أول من أسلم من الرجال البالغين وخرج من المنكرين المخالفين، فلا بد لهم أن يقولوا إنّه أبو بكر.

ثم إذا سُئل: من كان أول من هاجر مع خاتم النبيين ونبذ العلق وانطلق حيث انطلق، فلا بدّ أن يقولوا إنه أبو بكر. ثم إذا سُئل: من كان أول المستخلفين ولو كالغاصبين، فلا بد لهم أن يقولوا إنّه أبو بكر. ثم إذا سُئل: من كان جامع القرآن ليُشاع في البلدان، فلا بدّ لهم أن يقولوا إنّه أبو بكر. ثم إذا سُئِل من دُفنَ بجوار خير المرسلين وسيد المعصومين، فلا بدّ لهم أن يقولوا إنه أبو بكر وعمر.

فالعجب كل العجب أنَّ كل فضيلة أُعطيت للكافرين المنافقين، وكل خير الإسلام ظهرت من أيدي المعادين! أَيزعم مؤمنٌ أنَّ أول لبنة الإسلام كان كافراً ومن اللئام؟ ثم أول المهاجرين مع فخر المرسلين كان كافرين ومن المرتدين؟ وكذلك كل فضيلة حصلت للكفّار حتى جوار سيد الأبرار، وكان عليّ من المحرومين؟ وما مال إليه الله بالعدوى وما أجدى من جدوى، كأنه ما عرفه وأخطأ من التنكير واحْرَوْرَفَ في المسير، وإنْ هذا إلا كذبٌ مبين.

فالحق أنَّ الصدّيق والفاروق، كانا من أكابر الصحابة وما أَلَتا الحقوق، واتّخذ التقوى شرعة، والعدل نُجْعة، وكانا ينقّبان عن الأخبار ويفتّشان من أصل الأسرار، وما أرادا أن يلفيا من الدنيا بغية، وبذلا النفوس لله طاعةً. وإنّي لم ألقَ كالشيخين في غزارة فيوضهم وتأييد دين نبي الثقلين. كانا أسرع من القمر في اتّباع شمس الأمم والزمر، وكانا في حبه من الفانين. واستعذبا كل عذاب لتحصيل صواب، ورضوا بكل هوان، للنبي الذي ليس له ثان، وظهرا كالأسود عند تلقّي القوافل والجنود من ذوي الكفر والصدود، حتى غلب الإسلام وانهزم الجميع، وانزوى الشرك وانقمع، وأشرقت شمس الملّة والدين، وكانت خاتمة أمرهما جوار خير المسلمين، مع خدماتٍ مُرضيةٍ في الدين، وإحساناتٍ ومننٍ على أعناق المسلمين.

إنَّ الذين يُفضّلون عليّاً على الصدّيق لا يرجعون إلى هذا التحقيق، ويتهافتون على ثناء المرتضى ولا ينظرون مقام الصدّيق الأتقى، فاسأل الذين يُكفّرون الصدّيق ويلعنون، وسيعلم الذين ظلموا بأي منقلبٍ ينقلبون.” (سر الخلافة، الخزائن الروحانية مجلد 8 ص 343-346)

وأضاف قائلاً: “أُوذيَ المرتضى من الأقران، ودِيستْ خلافته تحت أنواع الفتن وأصناف الافتنان. وكان فضل الله عليه عظيماً، ولكن عاش محزوناً وأليماً، وما قدر على أن يُشيع الدين ويرجم الشياطين كالخلفاء الأولين. بل ما فرغ عن أسنّة القوم، ومُنِع من كل القصد والرَّوُم، وما ألّبوه بل أضبوا على إكثار الجور، وما عدوا عن الأذى بل زاحموه وقعدوا في الــمَور، وكان صبوراً ومن الصالحين. فلا يمكن أن نجعل خلافته مِصداق هذه البشارة، فإنَّ خلافته كانت في أيام الفساد والبغي والخسارة، وما ظهر الأمن في ذلك الزمن، بل ظهر الخوف بعد الأمن، وبدأت الفتن، وتواترت المحن، وظهرت اختلالات في نظام الإسلام، واختلافاتٌ في أمة خير الأنام، وفُتحت أبواب الفتن، وسدّد الحقد والضغن. وكان في كل يومٍ جديد نزاعُ قومٍ جديد، وكثرت فتن الزمن، وطارت طيور الأمن، وكانت المفاسد هائجة، والفتن مائجة، حتى قُتِلَ الحسين سيد المظلومين.” (سر الخلافة، الخزائن الروحانية مجلد 8 ص 353).

Share via
تابعونا على الفايس بوك