الكذبة الكبرى ضد الأحمدية

الكذبة الكبرى ضد الأحمدية

مصطفى ثابت

تحت سلسلة السيرة المطهرة يتناول الكاتب سيرة حضرة المهدي والمسيح الموعود مبرزاً الوقائع والأحداث الهامة من حياة حضرته المطهرة

نشرت مجلة التقوى فيما مضى العديد من حلقات كتاب “السيرة المطهرة”. وقد توقف نشر هذه الحلقات لبعض الوقت لأسباب خارجة عن قدرتنا، غير أنه يسر إدارتها مواصلة نشرها ابتداء من هذا العدد، مع الدعاء إلى الله تعالى أن ينفع المخلصين من قراء العربية بهذه الحلقات، ويشرح صدور الشرفاء لقبول الحق، وهو سبحانه وتعالى من وراء القصد، وهو نعم المولى ونعم النصير.

الفصل الثالث عشر

الكذبة الكبرى ضد الأحمدية

رأينا فيما سبق كيف أن انهزم المبشرين المسيحيين في ساحة الحجة والنضال أمام سيدنا أحمد عليه السلام كان سبباً في اشتعال نار الحقد والكراهية في نفوسهم تجاهه، وكيف أن سموم الإفك والبغضاء قد ملأت قلوبهم إزاءه، وأعماهم التعصب المقيت عن رؤية الحق، الذي كان سيدنا أحمد يحاول.. بكل ود وبكل محبة.. أ، يدعوهم إليه. ولم يكن في جعبتهم ما يدافعون به عن العقائد الباطلة، ولا من برهان يؤيدون به الأفكار الزائفة. فلم يكن أمام هؤلاء المسيحيين بدّ من الاحتيال بأساليب الخداع، ولا مناص من استعمال وسائل الدس والوقيعة، ومن هنا كانت الكذبة الكبرى التي نجحوا في حبك أطرافها، وتثبيت أسسها، ودق أسافينها بين المسلمين أنفسهم، الذين ساعدوهم.. ولا يزالون.. وهم لا يعلمون. ولو فكر المسلمون اليوم قليلاً.. لرأوا أنهم ما زالوا ضحايا لتلك الكذبة.. التي ما فتئت تستولي عليهم من حيث لا يشعرون.

ويتضح جليّاً من هذا النص أن سيدنا أحمد عليه السلام يحترم القساوسة الذين لا يسبّون رسول الله، ويذكرهم بالإكرام والتكرمة، وهذا الاحترام لا يخص القساوسة فحسب، بل هو لجميع العلماء من كافة الأديان

غير أنه لا بد من الإيضاح هنا.. والتأكيد على أن سيدنا أحمد عليه السلام قد شرح مراراً وتكراراً، أنه لا يَكره أحداً من خلق الله تعالى، وإنما يكره أعمالهم الفاسدة، وهو لا يُعادي المبشرين المسيحيين لمجرد أنهم يختلفون عنه في الدين، وإنما لتطاولهم على دين الإسلام، ولسبهم سيد الخلق وخير الأنام، وفي ذلك يقول:

“.. وإنا أُمرنا أن نُتم الحجة بالرفق والحلم والتؤدة، ولا ندفع السيئة بالسيئة، إلا إذا كثر سبّ رسول الله، وبلغ الأمر إلى القذف وكمال الإهانة، فلا نسُبُّ أحداً من النصارى، ولا نتصدى لهم بالشتم والقذف وهتك الأعراض، وإنما نقصد شطر الذين سبوا نبينا، وبالغوا فيه بالتصريح او الإيماض، ونُكرم قسوساً لا يسُبّون ولا يقذفون رسولنا كالأراذل والعامة، ونُعظّم القلوب النزيهة عن هذه العذرة، ونذكرهم بالإكرام والتكرمة. فليس في بيانٍ منّا حرف ولا نقطة يكسر شأن هذه السادات، وإنما نرد سبّ السّابّين على وجوههم جزاءً للمفتريات”. (الخزائن الروحانية: الجزء 14 – كتاب: نجم الهدى ص 79 “حاشية”)

ويتضح جليّاً من هذا النص أن سيدنا أحمد عليه السلام يحترم القساوسة الذين لا يسبّون رسول الله، ويذكرهم بالإكرام والتكرمة، وهذا الاحترام لا يخص القساوسة فحسب، بل هو لجميع العلماء من كافة الأديان، كما يبين ذلك النص التالي من كتاب آخر:

“..ونزّهنا كتابنا هذا عن إزاء الأخيار الذين هم على دين من الأديان، ونعوذ بالله من هتك العلماء الصالحين، وقدح الشرفاء المهذبين، سواء كانوا من المسلمين أو المسيحيين أو الآرية، بل لا نذكر من سفهاء هذه الأقوام إلا الذين اشتهروا في فضول الهذر والإعلان بالسيئة. والذي كان هو نقي العرض عفيف اللسان، فلا نذكره إلا بالخير ونُكرمه ونعزّه ونحبّه كالإخوان، ونسوّي فيه حقوق هذه الأقوام الثلاثة، ونبسط لهم جناح التحنن والرحمة، ولا نعيب هؤلاء الكرام تصريحاً ولا تعريضاً رعاية للأدب”. (الخزائن الروحانية: الجزء 16 – كتاب: لجة النور ص 409)

الخلفية التاريخية

وقبل أن نخوض في تفاصيل هذه الكذبة الكبرى، نود أن نوضح للقارئ الكريم شيئاً عن ظروف المسلمين، التي كانت سائدة في الهند بصفة عامة، وفي البنجاب بصفة خاصة، حيث وُلد وعاش سيدنا أحمد عليه السلام. فبعد أن ضعفت حكومة المسلمين في الهند، ووقع بين أمرائهم الشقاق، وكثرت المؤامرات فيما بينهم، بدأ نجمهم في الأفول، وأخذ نجم الهندوس والسيخ في الصعود. وفي مقاطعة مثل البنجاب.. كانت حالة المسلمين على أسوأ ما يكون.. إذ حُرّم على المسلمين أداء شعائرهم الدينية، ومُنِع المؤذن من رفع صوته بالأذان، وأصاب المسلمين اضطهاد عظيم على يد الهندوس والسيخ. وكتب الإمام المهدي يصف تلك المرحلة، فقال ما تعريبه:

“يعلم المعمّرون إلى الستين أو السبعين جيداً أنه قد مرّ علينا عهد السيخ الحافل بأنواع الآفات التي ترتعد لذكرها الفرائص، وتنخلع لهولها القلوب. فقد حُرِّم على المسلمين يومذاك القيام بالعبادات والشعائر الدينية التي كانت أحب وأعز شيء إلى نفوسهم، وكان من المحظور أن يرفع أحدهم صوته بالأذان الذي نستهل به صلاتنا، ولو جهر المؤذن بالتكبير سهواً قُتِل فوراً، كما أنهم تدخّلوا في أمور المسلمين المتعلقة بالحلال والحرام، وحدث مرة أن قُتل خمسة آلاف من المسلمين في قضية ذبح بقرة”. (تقرير حول الاجتماع للدعاء، الخزائن الروحانية ج 5 ص 605)

ويصف تلسي رام في كتابه “عادات السيخ” الحالة كما يلي:

“في أوائل أمرهم كانت عادة السيخ الإغارة والنهب والقتل، وسلب ما تقع عليه أيديهم وتوزيعه فيما بينهم، وكان لهؤلاء القوم مع المسلمين عداوة شديدة، فكانوا لا يسمحون لهم برفع الصوت بالأذان، واستولوا على مساجدهم”.

ويقول السيد أحمد البريلوي المجاهد الإسلامي الأفغاني في كتاب “سوانح أحمدي”، وهو الذي كان يجاهد ويحارب السيخ إلى أن استشهد بأيديهم:

“ذهبنا أثناء سفرنا في بلاد البنجاب إلى بئر لنشرب الماء، فألقينا بعض النسوة من السيخ يستقين. ولما كنا لا نعرف لغة القوم، وضعنا أيدينا على الفم إشارة إلى إننا نريد أن نشرب الماء. فتلفتت النسوة حولهن وقلن بالأفغانية: إننا بنات مسلمات أفغانيات من القرية الفلانية والناحية الفلانية، وإن السيخ كانوا قد أغاروا على قريتنا وساقونا عنوة”.

وورد في كتاب دائرة المعارف السيخية Encyclopedia of Sikh Literature:

“لقد كان السيخ يبغضون المسلمين أشد البغض، وقد قُتل من المسلمين على أيديهم أعداد كبيرة.. من الرجال والنساء والأطفال.. بغاية القسوة، ودُمّرت عليهم قراهم تدميراً كاملاً، وانتهكوا حرمة النساء، وهدموا المئات من مساجدهم” (ص127).

وفي نشرة “ترغيب الجهاد” التي نشرها أحد المسلمين يقول فيها: “حَكَمَ السيخ لاهور وغيرها من المدن مدة من الزمان، فتجاوزت مظالمهم كل الحدود، فقد قتلوا ألوفا من المسلمين وأذاقوهم الذل والهوان، ومنعوا الأذان وحرموا عليهم ذبح البقر. وتجاوزوا الحدود حتى بلغ السيل الزبى. فنهض السيد أحمد البريلوي رحمه الله للذود عن الدين القويم، وحشد حوله لفيفاً من المسلمين، وذهب بهم إلى بشاور وكابول حيث أيقظ المسلمين من غفلتهم، ولبى دعوته للجهاد عدة آلاف من المسلمين.

ونظراً لهذه الأمور الخطيرة.. أعلن حضرته الجهاد على السيخ في 21 من ديسمبر (كانون الأول) عام 1826، فحالفه النجاح في غزواته، ولكنه ما لبث أن استشهد بأيدي السيخ في عام 1831”. كان كل ذلك قبل ولادة سيدنا أحمد عليه السلام، بينما كان الإنجليز يتولون إدارة بعض المناطق من البنجاب فيما وراء مدينة لدهيانه وسائر أنحاء الهند.. ويقول مؤلف “سوانح أحمدي” حكاية عن الغازي الشهيد السيد أحمد البريلوي:

كان سيد أحمد الشهيد البريلوي – رحمة الله عليه – من المناطق الهندية التابعة للإنجليز، اتجه إلى إقليم “سرحد” (قرب الحدود الأفغانية) لمحاربة السيخ. ويقول كاتب سيرته السيد محمد جعفر التهانيسري:

“سأله سائل: تسافر هذه المسافة البعيدة لمحاربة السيخ، ولم لا تحارب هنا الإنجليز الحاكمين لهذه البلاد والمنكرين للإسلام، فتنزع منهم البلاد؟ فقال: لا شك أن الحكومة الإنجليزية كافرة بالإسلام، ولكنها لا تظلم المسلمين ولا تمنعهم من أداء عبادتهم، وواجباتهم الدينية. نقوم تحت حكمهم بواجب التذكير وترويج الدين علناً، وإنها لا تتصدى لنا ولا تمنعنا أبداً. وإن واجبنا الحقيقي إنما هو نشر التوحيد الإلهي وإحياء سنن سيد المرسلين ونؤدي هذا الواجب في هذه البلاد بدون أي مانع. فلأي سبب نحارب الحكومة الإنجليزية، ونسفك الدماء من الجانبين مخالفين بذلك أحكام الإسلام؟ (سوانح أحمدي كلان، ص 71)

وقد بسط الإنجليز نفوذهم على كل البنجاب بين 1846 و1849، وكان سيدنا أحمد في ذلك الوقت صبياً بين سن الحادية عشرة والرابعة عشرة من عمره. وكان السير سيد أحمد خان في ذلك الوقت قاضياً في مدينة دلهي. وقد استتب الأمن في بلاد البنجاب بعد استيلاء الإنجليز عليها، وتوقفت مذابح المسلمين التي كانت تتم على أيدي السيخ، ومُهّدت الطرق وأنشئت المرافق العامة، وبُنيت المدارس والمستشفيات في المدن الكبيرة. ويقول سيدنا أحمد عليه السلام عن تلك الأيام ما معناه: “سمعتُ أن الإنجليز لما احتلوا هذه البلاد في أول الأمر أذّن المؤذن بصوت عال في مدينة هوشياربور. وبما أن الهندوس والسيخ كانوا حديثي العهد بالإنجليز فأمسكوا المؤذن وذهبوا به إلى المتصرف البريطاني في حشد كبير من الناس، بينهم رؤساء الهندوس وكبار تجارهم، وشكوا إليه أن عجينهم وأوانيهم قد تنجست بسبب أذانه. فاستغرب الإنجليزي غاية الاستغراب أن يكون للأذان هذا التأثير الغريب في المأكولات، وطلب من مساعده أن يُجرب تأثير الأذان في المأكولات على حد زعمهم حتى يقضي في الأمر. فأمر المؤذن أن يعيد الأذان بصوت عال كما فعل من قبل، فخاف المسكين على نفسه من عقاب الجرم المتكرر، وأحجم عن الأذان. ولما طمأنه الحاكم وسكّن روعَه.. رفع صوته بالأذان. فقال الحاكم حينذاك: لم يصبني شيء من الدنس بأذانه. ثم سأل مساعده: هل أصابه شيء من الدنس؟ فنفى ذلك بالطبع. فأطلق سراح المؤذن وسمح له بالأذان كما يشاء.

وفي قريتنا هذه، حيث مسجدنا الجامع.. كان هنالك مكتب للحكومة، وكنت صغيراً آنذاك، فسمعت من أناس ثقات أن القانون السابق ظل معمولاً به أياماً عدة بعد دخول الإنجليز. وفي تلك الأيام قدم هنا مأمور جديد، بصحبة أحد رجال البوليس من المسجد وأمر المؤذن أن يؤذن، فأذن المؤذن خائفاً وبصوت خافت. ولما استفسر الشرطي المسلم أجابه بأننا نؤذن على هذه الصورة. فأمره بالصعود إلى سطح المسجد ورفع الأذان بصوت جهوري قدر الإمكان. فخاف المؤذن من سوء العاقبة، ولكنه أذن بصوت عال بعد إصرار الشرطي. فإذا بالمسجد يزدحم بالهندوس، الذين أمسكوا المؤذن. فذعر المسكين ذعراً شديداً، وظن أن المأمور سوف يشنقه، ولكن رجل البوليس المسلم سكّن جزعه بقوله: لا تخف إني معك. وساقه البراهمة القساة السفاكون إلى مأمور الحكومة، وشكوا إليه أن المؤذن دنسهم جميعاً. وكان المأمور يعلم أن الحكومة قد تغيرت، ولم يبق ثمة مجال للاستبداد السيخي. ومع ذلك سأل المؤذن بصوت خافت: لماذا رفعت الصوت بالأذان؟ فتقدم رجل البوليس المسلم وقال: أنا الذي أذنت وليس هو. فقال المأمور للبراهمة: ويلكم.. لماذا هذا الضجيج كله؟ إن الأبقار تُذبح علانية في مدينة لاهور، وأنتم ترفعون العقيرة على الأذان! اذهبوا، والزموا دوركم صامتين”. (تقرير حول الاجتماع للدعاء، الخزائن الروحانية ج 15، ص 608-610)

كان من الطبيعي في ذلك الوقت أن يُرحب المسلمون بمقدم الإنجليز، فقد كان الإنجليز بالنسبة لهم جيش الخلاص الذي أرسلته السماء، لرفع المعاناة والعذاب والمذابح والآلام التي كان يعاني منها المسلمون أثناء حكم السيخ الأسود. ومع ذلك، كانت هناك أيضاً الشراذم الباقية من الفرق التي كان قد أنشأها المجاهد الشهيد السيد أحمد البريلوي أثناء قتاله مع السيخ. ويبدو أن الكثير من تلك الفرق.. بعد استشهاد المجاهد الكبير.. قد تحولت إلى عصابات تعيش على الإغارة والقتل والسلب ضد السلطة، في محاولاتها للاستيلاء على الحكم. ولعل ما حدث في أفغانستان من قتل وتخريب وإرهاب على أيدي من كانوا يسمونهم: “المجاهدين الأشقاء”، يمكن أن يُقرّب الصورة إلى أذهان القراء، عما كان يحدث في البنجاب في تلك الأيام، على أيدي في تلك الأيام، على أيدي تلك الشراذم من المجاهدين السابقين، ومن يؤيدهم من المولويين، الذين كانوا يريدون أن يجمعوا الأموال من الناس باسم الجهاد وباسم الدين.

ولهذا فقد استشعر الإنجليز الخطر من المسلمين، غير أن المثقفين من المسلمين، وكذلك العلماء منهم، طمأنوا الإنجليز على صدق إخلاصهم وموالاتهم وتأييدهم للحكومة البريطانية. ولكن تحرّج الموقف حين قامت حركات من التمرد بين صفوف الجنود السيخ العاملين في الجيش البريطاني، وشاركهم فيها الجنود المسلمون، وسرعان ما اشتعل الموقف عام 1857 حين راح المولويون يضرمون النيران بصيحات الجهاد ضد الإنجليز، وهم لا يعلمون أنهم بذلك يخدمون مصالح السيخ والهندوس، الذين كانوا يتطلعون إلى التخلص من الإنجليز حتى يستردوا أمجادهم الغابرة.

علماء وقادة المسلمين يستنكرون الجهاد ضد الإنجليز

وقد كتب السير سيد أحمد خان.. الذي كان قاضياً معروفاً وأحد رموز الطبقة المثقفة في الهند.. كتاباً في أسباب الثورة الهندية، وأوضح فيه مسألة الجهاد، ونصح فيه المسلمين بالتزام الطاعة والوفاء للحكومة الإنجليزية، واعتبر تلك الثورة عصياناً وتمرداً ممقوتاً، وسماها لصوصية ومن أعمال الغدر. وكتب الشيخ “محمد حسين البطالوي” – وهو الذي كان من ألد أعداء سيدنا الإمام المهدي، وكان رئيس طائفة الوهابيين من أهل الحديث – في مجلته “إشاعة السُنة” يقول:

“إن المسلمين الذين شاركوا الهندوس في ثورة 1857 كانوا عصاة آثمين فاجرين بحكم القرآن والحديث”. (المجلد العاشر ج 9 عام 1878)

وصدرت فتوى من العلماء السبعة الكبار في 17 يوليو (تموز) عام 1870، فحواها أنه لا يجوز الجهاد ضد الإنجليز. وقد استفتى علماء الأحناف والشافعية والمالكية من علماء مكة في ذلك الوقت، عما إذا كانت الهند تُعتبر دار حرب أم دار الإسلام، فأفتوا بأنها لا تعتبر دار حرب، ولا يجوز إعلان الجهاد فيها، ما دامت لا توجد فتنة للناس وليس هناك إكراه في الدين.

وفي 23 نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1870، عقَد منتدى جمعية الآداب المحمدية بمدينة كالكوته اجتماعا كبيرا تحدث فيه أحد علماء الهند المشهورين، وهو “كرامت الله الجنفوري”، وألقى محاضرة حول موضوع موقف المسلمين من رعايا الهند البريطانية تجاه الحكومة الإنجليزية، وأثبت فيها بالأدلة أنه لا يجوز الجهاد ضد الحكومة الإنجليزية.

وقد نُشر للكاتب الشيعي الشهير “السيد أمير علي” نشرة في الجهاد، أثبت فيها أنه حسب الفقه الشيعي فإن الجهاد ضد حكومة الملكة فيكتوريا غير مشروع، وأنه لا يصح القتال بغير الإمام. وهكذا كان علماء المسلمين.. من أهل السنّة، ومن أهل الشيعة، ومن الوهابيين، يتسابقون في إظهار الولاء والإخلاص للحكومة الإنجليزية، وأصدروا الفتاوى ونشروا الأحكام الشرعية بتحريم الجهاد ضد الإنجليز. وقد ألّف السير وليم ولسن هنتر (Sir W.W. Hunter) في 1871 كتاباً أسماه “مسلمو الهند”، جمع فيه هذه الفتاوى وبحث فيها، وقارن بين فتاوى أهل السنة وأهل الشيعة، ثم استخلص من كل ذلك أنه لا يتوقع الخطر الكبير من المسلمين في الهند، فقال في ص 137: “أقصى ما يمكننا أن نتوقعه من المسلمين هو عدم المقاومة”. (يُتبع)

Share via
تابعونا على الفايس بوك