الرحيل.. والقدرة الثانية

الرحيل.. والقدرة الثانية

مصطفى ثابت

تحت سلسلة السيرة المطهرة يتناول الكاتب سيرة حضرة ميرزا غلام أحمد الإمام المهدي والمسيح الموعود عليه السلام مُبرزاً الوقائع والأحداث الهامة من حياة حضرته المطهرة.

ذكرنا في الحلقة السابقة أن سيدنا أحمد قد تلقى من الله وحيًا يشير إلى اقتراب موعد وفاته، فكتب لجماعته كُتيبًا صغيرًا اسمه “الوصية” ليخبرهم بهذا الأمر، ويبشرهم أيضًا بأن الله تعالى سوف يتجلى عليهم بقدرة ثانية، وذلك بأن يقيم فيهم الخلافة على منهاج النبوة، كما سبق وأشار إلى ذلك رسول الله . وقد شرح لجماعته أن من سُنة الله أنه يحقق بعض النصر للنبي المبعوث أثناء حياته، ويحقق بعضه الآخر بعد وفاته، وعلى يد من يقيمه في مقام الخلافة، وأوضح ضرورة استمرار الإيمان والعمل الصالح.

من أجل هذا..كان سيدنا أحمد أشد حرصًا على أن يكون أتباعه الكرام متّصفين بكل من الصفتين اللّتَين يقتضيهما استمرار نعمة الخلافة بينهم.. وهما الإيمان والعمل الصالح.. تحقيقًا لوعد الله تعالى:

وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ ،

ولهذا فقد ضمّن كتابه “الوصية” نصائح خاصة لأفراد جماعته، حتى يكون بذلك قد أدّى واجبه أمام الله تعالى. ونقتطف فيما يلي باقة من هذه النصائح التي قال فيها ما تعريبه:

“عليكم أن تتعاطفوا فيما بينكم وتتزكّوا نفسًا لتنالوا نصيبًا من روح القدس، لأنكم لن تنالوا التقوى الحقيقية بدون روح القدس. تخَلَّوا عن ثوائركم النفسانية تمامًا، واسلكوا أعسَر الطرق وأضيقَها ابتغاء مرضاة الله تعالى. لا تجعلوا همَّكم لذائذَ الدنيا فإنها تُبعدكم عن الله تعالى، بل اختاروا حياةَ المرارة لوجهه تعالى، فإنَّ الألم الذي فيه رضاء الله خير من اللذة التي تستجلب غضبه، وإن الهزيمة التي تُرضي الله أفضل من النصر الذي يوجب غضبه. فأقلعوا عن المحبة التي تُدنيكم من غضبه.

لو أقبلتم على الله طاهري القلوب لنصركم في كل موطن، فلن يقدر عدوّ بعدها على النَّيل منكم. ولن تفوزوا برضاء الله تعالى ما لم تتخلوا عن رغباتكم وشهواتكم وعّزتكم وأموالكم وأرواحكم، وتختاروا المرارةَ التي هي بمثابة الموت. فإنكم لو اخترتم المرارة.. لكنتم كالطفل الحبيب في حضن الله، فيجعلكم وارثين لمن كان قبلكم من الصدّيقين، وتنفتح لكم أبوابُ كل نعمة. ولكن.. القليل من يفعل ذلك.

لقد خاطبني الله قائلاً: إنما التقوى غرسةٌ ينبغي زرعها في الفؤاد، لأن الماء الذي يغذّيها يَروي حديقة (النفسِ) بأجمعها. إنما التقوى جذرٌ إذا انعدم صار كل شيء بعده بلا طائل، وإذا سَلِمَ ذلك الجذر سلم كل شيء.

هكذا كان سيدنا أحمد حريصا شديد الحرص على أن يُربّي أفراد جماعته تربية روحانية عالية، وأن يوصلهم إلى أعتاب الله تعالى ليكونوا دائما في ظل الله، وليقضوا أعمارهم في معية الله، وليشهد لهم مساءُ كل يوم أنهم قضوه في طاعة الله، وليشهد لهم صباحُ كل ليلة أنهم قضوها في ذكر الله، حتى يكونوا من الذين يباهي بهم رسولُ الله الأممَ يوم القيامة.

ماذا يُفيد الإنسان تشدّقه بدعوى الإيمان إذا كان لا يخطو نحو الله بقدم الصدق؟ الحق.. والحق أقول: إنه لهالك من كان دينه مشوبًا بشيء من شوائب الدنيا. وإن جهنّم لقريبة جدًا ممن لم تكن نواياه كلها خالصة لله، وإنما كانت بعضها لله وبعضها للدنيا. فإن كانت النوايا مشوبة بشوائب الدنيا ولو مثقال ذرة فإن عباداتكم كلها عَبَثٌ، وعندها لن تكونوا مطيعين. فإنّكم في تلك الحال لا تنقادون لأمر الله تعالى، بل تتّبعون الشيطان. لا تتوقعوا أبدا، والحالة هذه، أن ينصركم الله؛ بل ستصبحون في هذه الحالة ديدان الأرض، وتُهلَكون في أيام معدودات كما تهلك الديدان وتُباد، فلا يكون الله معكم بل يرضى بتباركم. ولكن إذا تخليتم عن أهواء النفس يتجلى الله فيكم، ويكون معكم، وتتبارك تلك الدور التي تسكنونها، وتتنَزّل رحمة الله على جدران بيوتكم، حتى تتقدس المدينة التي يقطنها شخص مثلكم.

إن كانت حياتُكم ومماتكم، وكلُّ حركة من حركاتكم، ولِينُكم وشدَّتُكم، لوجه الله وحده، ولم تشتكوا الله عند مصائبكم ومرارتكم، ولم تقطعوا عنه صلتكم، بل سرتم إليه قُدُمًا، فالحق والحق أقول.. إنكم ستصبحون بذلك أمة الله المختارة.

إنكم بشر كمثلي، وإلهكم هو إلهي، فلا تُضيعوا قواكم القدسية. لو أنكم كنتم منيبين إلى الله حقًّا فإني أخبركم تبعًا لمشيئة الله.. أنكم ستصبحون أمّة الله المختارة. اغرسوا عظمة الله في قلوبكم، ولا تكتفوا بالإقرار بتوحيده باللسان فقط بل بالعمل أيضا، ليتجلى الله عليكم بألطافه وإحساناته. اجتنبوا البغض والضغينة، وعاملوا بني البشر بالمواساة الصادقة. اسلكوا كل سبيل من سبل الخير، لأنكم لا تدرون بأي السبل تُقبَلون.

لكم البُشرى! فميدان التقرّب إلى الله خالٍ، وكل أمة عاكفة على حبِّ الدنيا، وأعرضَ العالم عن الأمر الذي من شأنه أن يكسب لهم رضاء الله. فالذين يريدون أن يقتحموا هذا الباب بكل قوة، فالفرصة سانحة لهم ليُبدوا قدراتهم في هذا المجال وينالوا أفضال الله الخاصة.

لا تظنوا أن الله تعالى سوف يضيعكم، أنتم بَذْرَةٌ بَذَرَها الله تعالى في الأرض بيده. يقول الله تعالى: إن هذه البَذْرة سوف تَنمُو وتَزدَهِرُ وتَتَفَرَّعُ في كل طرف، ولَسَوف تصبح دَوحَةً عظيمةً. فطوبى للذي يؤمن بقول الله تعالى ولا يخاف الابتلاءات العابرة، لأنه لا بد من الابتلاءات أيضا لكي يختبركم الله مَن هو صادق منكم في ادّعائه للبيعة ومن هو كاذب. والذي يَزِلّ بسبب الابتلاء لن يضر الله شيئا وإنما يضر نفسه، والشقاوة سوف تُوصله إلى الجحيم، وإنه لو لم يُولَد لكان خيرًا له. ولكن الذين يصبرون إلى نهايةِ المطافِ سوف تأتي عليهم زلازل المصائب وتَهُبُّ عليهم عواصفُ الابتلاءات، وسوف تَسخَرُ منهم الأقوامُ وتستهزئ. وتُعاملُهم الدنيا بالكراهية؛ ولكنهم هم الذين سوف يفوزون في آخر الأمر، وسوف تُفتَح عليهم أبواب البركات على مِصراعَيْها.

لقد قال الله تعالى مخاطبا إيَّاي أن أخْبِرْ جماعتي بأن الذين يؤمنون إيمانا لا تشُوبُه شائبة من الدنيا، ذلك الإيمانَ الذي ليس مُلوثًا بالنفاق أو الجُبنِ وليس خاليًا من الطاعة، فإنهم مَرضِيُّون لدى الله تعالى. ويقول الله تعالى إنهم هم الذين قدمُهم قدمُ الصِدْقِ.

يا من يملكون السمع.. أنصتوا! ماذا يريد الله منكم. يريد فقط أن تكونوا له وحده. لا تشركوا به أحدًا.. لا في السماء.. ولا في الأرض. إن إلهنا هو ذلك الإله الذي هو حيٌّ الآن كما كان حيًّا من قبل، ويتكلم الآن كما كان يتكلم من قبل، ويسمع الآن كما كان يسمع من قبل. إنه لظنٌّ باطل بأنه يسمع الآن ولكنه لم يعد يتكلم. كلا، بل إنه يسمع ويتكلم أيضًا. إن صفاته كلها أزلية أبدية، لم تتعطل منها صفة قط، ولن تتعطل أبدًا. إنه ذلك الأحد الذي لا شريك له، ولا ولد له، ولا صاحبةَ له. وإنه ذلك الفريد الذي لا كفوَ له.. إنه قريب مع بُعده، وبعيد مع قربه، وإنه يمكن أن يُظهر نفسه لأهل الكشف على سبيل التمثُّل، إلا أنه لا جسمَ له ولا شكل. وإنه فوق الجميع، ولكن لا يمكن القول إن أحدًا تحته؛ وإنه على العرش، ولكن لا يمكن القول إنه ليس على الأرض.. هو الواحد في ذاته وصفاته وأفعاله وقدراته. لقد سُدّت أبواب الوصول إليه إلا بابٌ فَتَحَه القرآن المجيد، ولم تعد هناك حاجة لاتّباع جميع الرسالات والكتب السماوية السابقة، لأن النبوة المحمدية احتوتها جميعًا؛ فالأبواب كلها مُغلّقة إلا بابها. إنها مشتملة على كل الحقائق الكونية الموصلة إلى الله تعالى. ليس بعدها حقيقة جديدة، وما من حقيقة سابقة إلا ووُجدت فيها. لذلك.. قد خُتمت عليها كلّ نبوّة، وهذا ما كان ينبغي، لأن لكل بداية نهاية.

وليست النبوّة المحمّدية بعاجزة عن الإفاضة الذاتية، بل إن فيضها يفوق سائر الرسالات، وطاعة هذه النبوّة تُوصِل المرء إلى الله بأسهل الطرق، وباتّباعها يتشرّف المرء بالمحبّة الإلهية، والمكالمة والمخاطبة، أكثر مما كان مُتاحًا من قبل. ولا يُقال لتابعها الكامل نبيًّا مستقلا، لأن في ذلك انتهاكًا للنبوة المحمدية الكاملة، بل ينطبق عليه في آن واحد تعبيران: “نبي وأُمّتي” (أي من أمة محمد )، لأنه ليس في ذلك الفيضان الروحاني إساءة إلى كمال النبوّة المحمدية التامة، بل إن هذا يزيدُها حسنا ولمعانًا [1]. وعندما تصل هذه المخاطبة والمكالمة إلى حد الكمال في كيفيتها وكميتها، ولا يبقى فيها من نقص ولا شائبة، بل تشتمل على الأمور الغيبية بصورة واضحة، فهي تسمّى بالنبوّة بتعبير آخر.. الأمر الذي اتفق عليه الأنبياء جميعهم. فمن المستحيل أن يُحرم كل أفراد هذه الأمة من هذه المرتبة الرفيعة ولا ينالها فرد منهم، مع أنها الأمّة التي قيل بحقها:

كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ (آل عمران: 11)،

والتي عُلِّمت هذا الدعاء:

اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ .

ولو كان الأمر كذلك لكانت الأمّة المحمدية ناقصة يعُوزها الكمال، ولصار أفرادها كلهم كالعميان، بل ولكان فيضان الرسول عرضة للطعن وصارت قوّته القدسية ناقصة، ولصار من العبث دعاءُ سورة الفاتحة الذي علمنا الله إياه وأمرنا أن ندعو به في صلواتنا الخمس.كذلك إذا نال أحد الأفراد هذه المرتبة مباشرة بغير إتِّباع نور النبوّة المحمّدية لكانت هذه مفسدة أخرى يبطل بها معنى ختم النبوة. ولكي يحفظ الله تعالى النبوّة المحمدية من هاتين النقيصتين.. أعطى بعض أفراد الأمّة شرف المكالمة والمخاطبة الكاملة التامّة المطهّرة المقدّسة، مِمَن بلغوا مرتبة التفاني في الرسول على الوجه الأتم، حتى أُزيلت من بينهم الحجب، وتحقَّق فيهم مفهوم اصطلاح “الأمّيُّ والتابع” على الوجه الأكمل والأتم بحيث لم يعد لكيانهم الشخصي أي أثر، بل إن شخص المصطفى قد انعكس في مرآة تفانيهم، ونالوا كالأنبياء شرفَ مكالمة الله ومخاطبته على الوجه الأكمل والأتم.

وعلى هذه الشاكلة.. نال بعض الأفراد لقب نبي، مع كونهم من الأمّة، لأن هذا النوع من النبوة ليس بمنفصل عن النبوّة المحمدية، بل لو دققتم النظر.. لرأيتم أنها هي النبوّة المحمدية التي تجلّت في ثوب جديد. وهذا هو معنى قوله عن المسيح الموعود إنه “نبي الله”، وقوله: “وإمامكم منكم”، بمعنى أنه نبي ولكنه أيضا من أمّته . وإلا فليس هناك موطئ قدم في هذا المقام لمن ليس من أمته . فمبارك مَن أدرك هذه الحقيقة ونجا من الهلاك”. (الوصية، الخزائن الروحانية ج 20 ص 307-312)

كل إنسان مخلص يقرأ هذه الكلمات بعين الإنصاف والمحايدة.. يستطيع أن يرى في كاتبها مقدار حرصه الشديد على أن يقف أتباعه دائما في جانب الله وليس في جانب الدنيا، وأن يُطهروا أنفسهم حتى ينالوا نصيبًا من روح القدس، وألا يُدنسوا أنفسهم بجيفة الدنيا، وأن يكونوا لله تعالى بكل قواهم وملء قلوبهم، لا يشركون بعبادة ربهم أحدا، ولا يبغون عنه حِوَلاً.

هكذا كان سيدنا أحمد حريصا شديد الحرص على أن يُربّي أفراد جماعته تربية روحانية عالية، وأن يوصلهم إلى أعتاب الله تعالى ليكونوا دائما في ظل الله، وليقضوا أعمارهم في معية الله، وليشهد لهم مساءُ كل يوم أنهم قضوه في طاعة الله، وليشهد لهم صباحُ كل ليلة أنهم قضوها في ذكر الله، حتى يكونوا من الذين يباهي بهم رسولُ الله الأممَ يوم القيامة. ورغم أن سيدنا أحمد كان قد وهن منه العظم واشتعل رأسه شيبا، ورغم أنه كان يعاني من مرضين ظلا يلازمانه معظم أيام حياته، هما مرض الصداع المزمن ومرض كثرة التبول، بالإضافة إلى بعض الأمراض الأخرى التي كانت تصيبه من حين لآخر، إلاّ أنه لم يصبه الوهن أبدا في حمل وأداء رسالته، وتبليغ دعوته، وتربية أفراد جماعته، وإقامتهم على البر والتقوى.

لقد ظل حتى أواخر أيام حياته الشريفة الطاهرة يعمل بكل جد وكد، وبكل حيوية ونشاط، مشرفًا على أمور الجماعة التي انتشر أفرادها في جميع أنحاء الهند، وتواجدوا خارجها أيضا، في أفغانستان والعراق والشام ومصر والحجاز وإنجلترا وأمريكا.

كان يقوم على رأس هيئة كبيرة يشرف على بعث المندوبين إلى كثير من الأماكن، ويشرف على طباعة الكتب والجرائد والمجلات، وإرسالها إلى القراء والمشتركين، ويراقب كل ما ينشره أعداء الإسلام من الهندوس والمبشرين المسيحيين، ويتصدى لهم بسرعة البرق أو كالشهاب الثاقب. وإلى جانب أداء الفروض في المسجد كان سيدنا أحمد يعقد مجالس العرفان حيث يعظ ويربّي أفراد جماعته. ويقرأ كل الخطابات التي كانت تنهمر عليه من مختلف بقاع الأرض، ويرد بنفسه على كل منها. ويستقبل كذلك الوافدين إليه للاستعلام والاستفسار، ويقدم لهم الضيافة بكل اهتمام من طعام وسكن في قاديان التي لم يكن يوجد بها ولا فندق واحد. كان قد تلقى من قبلُ وحيًا يقول: “وسِّعْ مكانَك”، ويشير إلى ضرورة استمرار التوسع نظرا لازدياد أعداد المبايعين والداخلين في الجماعة. كذلك جاءه الوحي يقول: “ولا تَسأَمْ من الناس”، وكان هذا الوحي أيضا يشير إلى كثرة الوافدين عليه تحقيقا لوحي آخر كان قد تلقاه سابقًا يقول: “يأتون من كل فجّ عميق”. لذلك فقد أقام دارا للضيافة، يقدَّم فيها الطعام والسكن للضيوف والفقراء عامة، سواء أكانوا من المسلمين أو من السيخ أو من الهندوس أو غيرهم. وقد تحدث بنعمة الله العظيمة هذه، وفي بيت من الشعر الذي تضمنته إحدى قصائده، فقال:

لُفَاظَاتُ الْمَوَائِدِ كَانَ أُكْلِي

وَصِرْتُ الْيَوْمَ مِطْعَامَ الأَهَالِي

وقد أشار في هذا البيت من الشعر إلى أيام الضيق التي قضاها بعد وفاة والده والتي سبقت الإشارة إليها في الحلقات الماضية.

ومع كل تلك المسؤوليات كان زوجًا صالحًا ووالدًا حنونًا يرعى أسرته ويشرف على تربية أولاده. كما استمر في تأليف الكتب والإشراف على طبعها ونشرها حتى بعد أن نشر كتابه الوصية. فقد ألَّف كتابا بعنوان “ينبوع المسيحية”، تناول فيه عقائد المسيحية وفنّدها، وكتابا آخر باسم “نحن والآرية في قاديان”، ثم أصدر الجزء الخامس من كتابه الشهير “البراهين الأحمدية”. ثم ألَّف كتابًا ضخمًا سمّاه “حقيقة الوحي” بالأردية وضمّنه باللغة العربية خطابًا اسمه “الاستفتاء” الذي أراد أن يقدم فيه لعلماء الإسلام أسئلة عما يمكن أن تحكم به ضمائرهم فيما يختص بدعوته. ثم بدأ في تصنيف آخرِ كتاب باسم “رسالة الصلح” لكي يرسي قواعد السلام في المعاملات بين المسلمين والهندوس.

استمر في هذه الحياة من الجهاد والكفاح حتى حلول عام 1326 الهجري الموافق عام 1908، وكان عمره الشريف قد جاوز الخامس والسبعين عاما، ومع هذا فقد ظل يقوم بحمل تبعاته وأداء واجباته خير قيام.

غير أنه في شهر أبريل/نيسان 1908 أحسّ بأن صحته قد ضعفت وأنه في حاجة إلى العناية الطبية، وتصادف أن زوجته (أم المؤمنين)، السيدة نصرة جهان بيغم، كانت أيضا تشكو من اعتلال صحتها، مما حدا به أن يُفكر في الذهاب إلى لاهور.. عاصمة البنجاب.. حيث يمكن له أن يوفّر العناية الطبية اللازمة لزوجته ولنفسه. وقبل أن يقرر موعدًا للسفر كان كعادته يستخير الله تعالى، كما أنه كان يطلب من بعض المقرّبين إليه أن يتوجهوا إلى الله بالدعاء. وفي هذه المرة كان يشغل باله أمرٌ مّا، حتى طلب من ابنته “نواب مباركة بيغم” أن تدعو الله تعالى من أجل ذلك الأمر الذي يشغل فكره، وطلب إليها أن تُبلغه فورًا إذا تلقت أية إشارة أو رؤيا من الله تعالى. وقامت الابنة بتنفيذ طلب والدها، فرأت رؤيا شاهدت فيها حضرة مولانا نور الدين، الذي كان أحبَّ وأقربَ صحابته إليه، والذي كان له شرف أن يكون أول المبايعين على يده . رأته في الرؤيا يجلس في غرفة علوية وفي يده كتاب، فلما رآها قال لها: هذا الكتاب يحتوي على وحي تلقّاه سيدنا أحمد وهذا الوحي يخصّني، فأنا أبو بكر. ولما كان سيدنا أبو بكر هو الخليفة الأول بعد رسول الله ، فإن هذه الرؤيا كانت تشير إلى أن مولانا نور الدين سيكون الخليفة الأول لسيدنا أحمد . وقد اطمأن حين أخبرته ابنته بهذه الرؤيا، غير أنه أمرها ألا تذكر هذه الرؤيا لأحد ولا حتى لوالدتها.

وقرر سيدنا أحمد بعد أن استخار الله تعالى أن يكون موعد السفر إلى لاهور في يوم 27 أبريل/نيسان 1908. وفي الساعات الأولى من صباح يوم 26 تلقى وحيا باللغة الفارسية وتعريبه: “لا تأمَنْ تقلباتِ الحياة”. وقد فهم من هذا الوحي ومن إشارات أخرى أن رحلة حياته قد تنتهي في لاهور، غير أنه قرر أن يسافر في الموعد الذي تحدد من قبل. فغادر قاديان صباح يوم 27 أبريل، حيث توقف في مدينة “بطالة” وقضى فيها يوما، ثم عاود سفره إلى لاهور، فوصلها يوم 29 أبريل/نيسان 1908. كان الركب الذي صحب سيدنا أحمد وأم المؤمنين من قاديان، يتكون من ابنيهما ميرزا بشير الدين محمود أحمد وميرزا بشير أحمد، وابنتهما مباركة بيغم، ونواب محمد علي، ووالد أم المؤمنين مير ناصر نواب، ومولانا نور الدين، والبعض الآخر من الأهل والصحابة.

وقد اتخذ مقامه في “مبنى الأحمدية”. وفي 9 مايو/أيار تلقى وحيا باللغة العربية يقول: “الرحيل ثم الرحيل”. وقد أدرك معنى هذا الوحي، غير أنه أراد أن يعمل بالوحي حرفيا، فارتحل من مكان إقامته إلى مكان آخر.

كان طوالَ إقامته في لاهور شديدَ الانشغال في استقبال الضيوف والزوار والأتباع، كان أحد هؤلاء الزوار من الشخصيات المتميزة، وهو البروفسور كلمنت ريج (Clement Rigg) الأستاذ الجامعي في علوم الفلك في بريطانيا، وقد استقبله سيدنا أحمد ، وقضى معه وقتا طويلا يجيب على أسئلته واستفساراته العلمية والفلسفية. وقد انبهر البروفسور، وتأثر تأثرا شديدا بأجوبته ، مما حدا به فيما بعد أن يدخل الإسلام، وينخرط في سلك الجماعة الإسلامية الأحمدية، وكان على اتصال مستمر بواسطة الرسائل مع أحد صحابة سيدنا أحمد ، الذي كان يجيد اللغة الإنجليزية، وهو مفتي محمد صادق، الذي صار فيما بعد أول داعية إسلامي بعثته الجماعة إلى الولايات المتحدة الأمريكية.

وفي يوم 15 مايو/أيار استقبل سيدنا أحمد إحدى الشخصيات البارزة في الهند، وهو الأستاذ فضل حسين، الذي نال فيما بعد لقب “السير”، وكان من أكابر رجالات القانون في الهند. وقد تقدم الأستاذ فضل حسين بعدة أسئلة لسيدنا أحمد ، وتلقى منه الاجابات الشافية.

في يوم 14 من ربيع الثاني عام 1326هـ الموافق 17 مايو/أيار تلقى سيدنا أحمد وحيًا بالفارسية ترجمته: “لا تَثِقْ بالحياة الفانية”، وكانت القيمة العددية لحروف هذا الوحي تشير إلى العام الهجري الجاري: 1326هـ. وكان هذا من ضمن المؤشرات العديدة التي تشير إلى قرب موعد الانتقال إلى الرفيق الأعلى.

وفي نفس ذلك اليوم استقبل سيدنا أحمد وفدًا كبيرًا من علماء وقادة المسلمين في لاهور، في مأدبة غداء وقضى معهم وقتًا طويلاً. وأراد أن يشرح لهم معنى النبوة التابعة، أنها نوع فريد من النبوة خصصها الله تعالى لأمة رسول الله ، وفي حين كان الناس يفهون أن النبوة تقتضي أن يكون للنبي كتاب وتشريع، كما كانوا يفهمون ذلك عن كل من موسى وعيسى وسيدنا محمد عليهم جميعًا أفضل السلام، لذلك أراد أن يُبيّن لهم أنه ليس نبيًّا بهذه الصفة. وكان ضمن محادثاته معهم قوله :

“إن دعواي هي أن الله تعالى قد أرسلني لإزالة الفساد السائد. وما كان لي أن أُخفي أن الله تعالى شرّفني بالمكالمة والمخاطبة، ويكلمني تكليمًا، وهذا ما أقصده بالنبوة، إلا أنها ليست النبوة الحقيقية. إن “النبأ” لفظٌ عربي ويعني الخبر، وعليه فالذي يتلقى الخبر من الله تعالى ثم يكشفه على الخلق فهو يسمَّى بالنبي في اللغة العربية. لا أدّعي بشيء منفصلاً عن نبينا . إذن فليس الخلاف سوى خلاف في الألفاظ، لأن كثرة المحادثة مع الله تعالى تُسمَّى النبوةَ بكلمات أخرى. وقد صرّحت بذلك السيدةُ عائشة رضي الله تعالى عنها في قولها: “قولوا إنه خاتم النبيين ولا تقولوا لا نبي بعده”. فلو لم يوجد في الأمة الإسلامية النبوةُ، لكان الإسلام أيضًا دينًا ميّتًا، ولم تبق له أيةُ سمة بارزة أيضًا.” (الملفوظات ج 10 ص 421)، وفي يوم 17 من ربيع الثاني عام 1326هـ الموافق يوم 20 مايو/أيار 1908..تلقى سيدنا أحمد الوحي التالي باللغة العربية: “الرحيل ثم الرحيل والموت قريب”. وقد فهم أن أجله قد اقترب، وأن سفره إلى الدار الآخرة سيبدأ في أي يوم أو في أية ساعة. وحين علمت السيدة زوجته بهذا الوحي، اقترحت العودة فورًا إلى قاديان استعدادًا لكافة الاحتمالات، ولكن سيدنا أحمد قال: “سنعود حين يأخذنا الله تعالى إلى هناك”.

رغم كل هذه المؤشرات التي كانت تنبئ عن قرب موعد الرحيل.. إلا أنه لم يفتّ في عضده ولم يستكن، وكأنه كان يُسابق الزمن. فقد نشرت جريدة “أخبار عام” التي تصدر في لاهور خبرًا عن الاجتماع الذي عقده مع قادة المسلمين وزعمائهم يوم 17 مايو/أيار، وزعمت الصحيفة أنه تراجع عن دعوى النبوة، وفي الحال كتب حضرته خطابًا إلى رئيس التحرير قال فيه:

“جناب السيد رئيس تحرير جريدة “أخبار عام”

ورد في جريدة “أخبار عام” عدد 23 مايو 1908 خبر يقول بأني قد أنكرت في جلسة المأدبة دعوى النبوة في حقي. وليكن واضحًا، ردًّا على ذلك، أن كل ما قلت أثناء خطابي في هذه الجلسة هو أنني لم أزل أخبر الناس بواسطة كتبي -وها أنا أكشف لهم الآن أيضًا- أنني أُتَّهَمُ باطلاً بأنني قد ادعيتُ النبوة بحيث لا علاقة لي بالإسلام.. أي وكأنني أعتبر نفسي نبيًّا مستقلاً بحيث لا أرى حاجة لاتّباع القرآن الكريم، وأتّخذُ لي شهادةً مستقلةً، وقبلةً مستقلة، وأنسخ شرع الإسلام، وأخرجُ عن طاعة النبي واقتدائه. إنها لتهمة باطلة، بل إن دعوى النبوة كهذه كفر عندي. وليس اليوم بل لم أزل دومًا أسجل في كل كتاب لي أنني لا أدعي بمثل هذه النبوة أبدًا، وأنها تهمة باطلة أُرمى بها.

رغم كل هذه المؤشرات التي كانت تنبئ عن قرب موعد الرحيل.. إلا أنه لم يفتّ في عضده ولم يستكن، وكأنه كان يُسابق الزمن.

والأساس الذي أدعي النبوة بناءً عليه هو أنني أتشرف بكلام الله تعالى، وأنه يحاورني ويكلّمني بكثرة، ويجيب على أسئلتي، ويُظهرني على الكثير من أنباء الغيب، ويكشف لي أسرار المستقبل بحيث لا يكشفها لأحد مالم يكن محظوظًا بقرب خاص من عنده سبحانه وتعالى. وبسبب كثرة هذه الأمور إنه سمّاني نبيًّا. فإنني نبي وفق حكم الله تعالى، ولو أنكرتُ ذلك لكنت عاصيًا. وما دام الله هو الذي سمّاني نبيًّا فكيف يمكن أن أنكر ذلك. وإنني سوف أبقى ثابتًا على هذا إلى أن أرحل من هذه الدنيا. غير أنني لست بنبيٍّ بحيث أنفصل عن الإسلام، أو أنسخ حكمًا من أحكامه. كلا، بل إن رقبتي هي تحت نِير القرآن الكريم. وليس لأحد أن ينسخ حتى نقطة أو حركة من القرآن الكريم.

إنني أُسمَّى نبيًّا لأن كلمة “نبي” تعني -في اللغتين العربية والعبرية- مَنْ يُدلي بكثير من الأنباء بناء على وحي الله تعالى. وبدون كثرتها لا يمكن أن ينطبق هذا المعنى (على أحد)”. (مكتوب لحضرته نُشر في جريدة “أخبار عام” في 26 مايو 1908م)

وهكذا كان .. حتى آخر أيام حياته الشريفة.. يُبين حقيقة دعوته للناس، ولا يترك فرصة ولا مجالاً دون أن يشرح ويوضّح دعواه. وقد بدأ وهو في لاهور بتأليف آخر كتاب له من أجل تحقيق السلام بين المسلمين والهندوس، فاقترح أن يتعهد المسلمون من أتباعه بعدم الإساءة لا إلى كتاب الهندوس المقدس، ولا إلى أولئك الذين يعتبرهم الهندوس من المقدسين، على أن تُفرض غرامةٌ مالية ضخمة على الجماعة الإسلامية الأحمدية إن أخلَّتْ بهذا الاتفاق، وقد حدّد تلك الغرامة المالية بمبلغ ثلاثمائة ألف روبية، وهو مبلغ قد يوازي اليوم ما يقرب من ثلاثين مليون دولار، (حسب القوة الشرائية لهذا المبلغ وليس حسب قيمة العملة)، وفي مقابل هذا يتعاهد الهندوس أنهم لن يسيئوا إلى سيدنا محمد المصطفى وسيحترمونه بكونه رسولاً من عند الله تعالى، وإذا أخلّوا بشروط هذا الاتفاق، يكونون ملزمين بدفع الغرامة المالية المحددة والمتفق عليها، إلى إمام الجماعة الإسلامية الأحمدية.

وقد قال :

“وما آذَى قلبي شيءٌ كاستهزائهم في شأن المصطفى، وجَرْحِهم في عِرْضِ خيرِ الوَرى. ووالله، لو قُتِّلتْ جميعُ صبياني، وأولادي وأحفادي بأعيني، وقُطِّعتْ أيدي وأَرجُلي، وأُخرجتِ الحَدَقَةُ من عيني، وأُبْعِدتُ من كلِّ مرادي وأَوْني وأَرَني.. ما كان عليّ أشقَّ من ذلك.” (مرآة كمالات الإسلام، الخزائن الروحانية المجلد 5 ص 15)

ثم يقول حضرته :

“الحق والحق أقول إننا من الممكن أن نعيش بسلام مع أفاعي الفلوات وسباع البراري، ولكننا لا يمكن أن نتصالح مع أولئك الذين لا يرتدعون عن الإساءة إلى أنبياء الله الأطهار. (رسالة الصلح، الخزائن الروحانية ج 23 ص 386)

وقد انتهى من تأليف هذا الكتاب الذي أسماه “بيغام صلح” أي “رسالة الصلح” في يوم 22 من ربيع الثاني الموافق 25 من مايو/أيار 1908.

كان يُعاني من مرض الدوسنطاريا الذي كان يعاوده من حين لآخر، وفي الليلة الواقعة بين 25 و 26 مايو/أيار الموافق 23 من ربيع الثاني، عاوده المرض، فجمع صلاتي المغرب والعشاء، وتناول قليلاً من الطعام. ثم أحس بالرغبة في قضاء حاجته فذهب إلى بيت الخلاء، ثم عاد إلى غرفته لينال قسطًا من الراحة. ونام بعض الوقت، ولكنه استيقظ مرة أو مرتين أثناء الليل لقضاء حاجته. وعند الساعة الحادية عشرة ليلاً استيقظ مرة أخرى وشعر بضعف شديد، فأيقظ زوجته. وبعد قليل ازداد شعوره بالضعف، فاستأذنته زوجتُه أن تدعو مولانا نور الدين عنه، الذي كان طبيبًا حاذقًا وهو أيضًا أقرب وأحب صحابته إليه، فوافق حضرته، وطلب أيضًا استدعاء ابنه الأكبر بشير الدين محمود أحمد ، الذي كان في التاسعة عشرة من عمره. ولما حضر مولانا نور الدين والدكتور محمد حسين والدكتور يعقوب بيك قال لهم سيدنا أحمد : إنه يعاني من الدوسنطاريا، وطلب منهم أن يصفوا له دواء، ثم أضاف قائلاً: “في الحقيقة إن الدواء موجود في السماء، فعليكم بالدواء والدعاء”. قام الأطباء بمعالجته، ولكن الضعف ظلّ يزداد. كان يشعر بالجفاف في لسانه وحلقه، غير أنه راح يردد بين حين وآخر: “يا إلهي، يا حبيبي”. ولعل هذا يُذكّرنا بما قاله سيدنا رسول الله في مرضه الذي توفي فيه، إذ ورد في صحيح البخاري بأن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: كان رأس النبي على فخذي، فغُشي عليه، ثم أفاق، فأشخص بصره إلى سقف البيت ثم قال: “اللهم الرفيق الأعلى.” (صحيح البخاري، كتاب المغازي)

كان صحابة سيدنا أحمد وجميع الحاضرين في حالة عجيبة من القلق والاضطراب، وكان بعضهم يقوم بخدمته وبعضهم الآخر يؤدي صلاة التهجد. وقد كتب ابنه ميرزا بشير أحمد عن هذه الحالة فقال: “… حينما رأيت وجهَ والدي في صباح ذلك اليوم انتابني القلق، واستولى عليّ شعور بأن هذا ليس إلا مرض الموت.”

حول الساعة الخامسة فجرًا وصل نواب محمد علي ، وهو زوج ابنة المسيح الموعود، ولما دخل سلّم على سيدنا أحمد فردّ وسأل: هل حان وقت صلاة الفجر؟ قيل نعم. فضرب بكفيه على الفراش وتيمم، ثم أخذ يُصلي الفجر. ولكنه غُشي عليه أثناء الصلاة، وبعد قليل أفاق، فسأل ثانية: هل حان وقت صلاة الفجر؟ فقيل: نعم. فنوى لصلاة الفجر ثانية، وراح يؤدي الصلاة حتى فرغ منها، ثم غُشي عليه وهو يردد: “يا إلهي، يا حبيبي.”

وفي الساعة الثامنة صباحًا سأله أحد الأطباء الذين كانوا يتولون علاجه، عمّا إذا كان يشعر بألم أو أذى في أي جزء من أجزاء جسده الشريف، ولكنه لم يستطع أن يجيبهم بسبب شدة الضعف، وأشار إليهم أن يُحضروا ورقة وقلمًا، فكتب أنه يشعر بضعف شديد لذلك فإنه لا يرد عليهم. وفي الساعة التاسعة صباحًا تدهورت حالته وكانت أنفاسه الشريفة قد تطاولت، وبات واضحًا أنه في اللحظات الأخيرة من حياته. وقرب الساعة الحادية عشرة قبيل ظهر ذلك اليوم 26 مايو، فاضت روحه الطاهرة للقاء حبيبها، وانتقلت إلى الرفيق الأعلى في جنة الخلد، وإنا لله وإنّا إليه راجعون.

وبذلك انقضت أيام عمره المبارك الذي بلغ فيه الخامس والسبعين ونصف العام.

[1] ومع ذلك فاذكروا جيدا أن باب النبوة التشريعية بعد النبي قد أُغلق كليًّا، فلا كتاب بعد القرآن الكريم يأتي بأحكام جديدة أو ينسخ أمرا من أوامر القرآن الكريم، أو يعطّل اتّباعه بل هو معمول به إلى يوم القيامة. (من المؤلف)
Share via
تابعونا على الفايس بوك