رحم الله فقيد الإسلام..

رحم الله فقيد الإسلام..

رسالتا عزاء

تنشر “التقوى” رسالتي عزاء انتقتهما من الكَمّ الهائل من الرسائل التي وصلتنا من بقاع شتى لدى وفاة إمامنا الهمام حضرة مرزا طاهر أحمد -رحمه الله تعالى- الخليفة الرابع لسيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود . ونكون بهذا قد ساهمنا في التعبير عن مشاعر الملايين من أبناء الجماعة المخلصين من أسى الفقدان ولوعة الفراق.

وإليكم فيما يلي هاتين الرسالتين:

[1]بسم الله الرحمن الرحيم

نحمده ونصلي على رسوله الكريم

وعلى عبده المسيح الموعود

مولاي الخليفة: أيها الجرح الغائر عميقا في مآقينا وقلوبنا وضمائرنا. أيها العزيز الغائب الحاضر في كل لحظة وفي كل حين.

أيها الملاك الذي شاركتنا أحزاننَا وآلامنَا.. فشاطرناك نبضَ قلبك، ورمشةَ هدبك، وسكينةَ نفسك، وبسمةَ شفتك.

مولاي يا أمير المؤمنين، السلام عليك والرحمة يوم رحيلك عن عالمنا، لتلقى وجه ربك بسجلٍ ناصعٍ إن شاء الله، تحمل بيمينك صحيفة أعمالك، وتكلل هامك بشهادة هجرتك عن وطنك، وتكون حجتُك أمام خالقك كلمة أن (لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله).. تلك الكلمة التي أخذت على عاتقك أن تنشرها في جنبات هذا الكون الفسيح. فكانت هجرتك في سبيل الله.. وكانت ميتتُك شهيدًا على عتبات الله بمثابة جواز المرور إلى السماوات العلى، حيث المكان اللائق بك وبأمثالك من عباد الرحمن الذين كانوا يمشون على الأرض هونًا، ويتفانون في خدمة دين الله والذود عن حياض شرف وكرامة رسول الله محمد النبي عليه وعلى آله أفضل السلام وأتم التسليم.

ياوالد الجميع، برحيلك عن عالمنا حلّ اليُتمُ في كل بيت من بيوت الجماعة الإسلامية الأحمدية، فبكتك عيوننا دمعا، بكتك دموعنا دمًا، وبكتك ألسنتنا ثناء وذكرًا طيبا، وبكتك ليالينا سهادًا وأرقًا، وبكتك عقولنا خوفًا وتفكرًا، وبكتك صلواتنا دعاءً وابتهالاً. وحين جلسنا أمام شاشات التلفاز كعادتنا كل يوم افتقدنا طلعتَك البهية وحديثَك العذب، فبكيناك ثانية من كل جوارحنا وبكل جوارحنا. فكنا في مأتمك أطفالاً. فليرحمك الله ياسيدي، ولينزل عليك السكينة والأمن والطمأنينة، وليمتعك بما وعد به عباده الصالحين. آمين يا رب العالمين.

لقد أفنيتَ حياتَك الكريمة سيفًا مشرعًا في خدمة الدين الحنيف، وفي الذود عن كرامة سيد المرسلين، وفي السهر على راحة عيال الله.

حَنيتَ على صغيرنا، وعملتَ على تربية وتهذيب يافعنا، وساعدت فقيرنا ومحتاجنا، ورَبَّت على كتف متعَبنا ومظلومنا، وواسيتَ عوائلَ شهدائنا، وسهرتَ على راحة مرضانا، وأَرِقتَ لغائبنا، وحزِنت لأجل عاصينا ودعوتَ لتائهنا، وخفَّفت من روع خائفنا، وسقَيتَ عطشاننا، وكنت الأبَ الجنون لأبنائنا وبناتنا، وكنتَ المعلمَ للجميع، والناصح للجميع، والدليل للجميع، والملاذ الآمن للجميع.

هدّأتَ من ثوراتنا، وشحّذتَ هممنا، ثم قّدمتَ شبابك وشيخوختك قربانا على مذبح راحتنا وأمننا وطمأنينتنا. سهَرتَ ونمنا مَلءَ جفوننا، وتعبتَ حين أخلدنا للراحة. وهاجرتَ في حين نَعمنا بالدفء في بيوتنا مع أزواجنا وأولادنا، وبكيتَ لأجلنا طويلا في حين استمتعنا بأفراحنا ومسراتنا، ودعوتَ من أجلنا حين نسينا الدعاء حتى لأنفسنا.

يا سيدي، لقد كنتَ عظيمًا في حياتك، وكنت عظيمًا في عطائك، وكنت عظيمًا في مواقفك، وكنت عظيما في تحديك لخصمك، وكنت عظيمًا يوم رحيلك.

فما عسانا أن نفعل وقد أفقَدَ رحيلُك الأمن والأمان. وما عسانا أن نقول وقد خَرِستِ الألسنُ. وما عسانا أن نكتب وقد جَفَّتِ الأقلامُ.

فلا حول ولا قوة إلا بالله، وإنا لله وإنا إليه راجعون. إلهي، ندعوك ونبتهل إليك ونتضرع بملء قلوبنا وحناجرنا أن تحسن وفادة راحلنا، وأن تُفرغ علينا صبرًا، وتثبّت لنا قدمًا، وتهيء لنا من أمرنا رَشَدًا، إلى أن نلقاك وأنت راضٍ عنا.

إلهي، لا تُشمت بهذه الجماعة عدوًا، ولا تحزن عليها صديقًا. إلهي، انصُر دينك ودين نبيك بنصرك لها لأن المتربصين بها كثر، والمصاب على أفرادها جلل.

إلهي، برحمتك وجلالك قيّضْ لهذه الجماعة مَن يحسن القيام على أمرها، ليصل بها إلى بر الأمان، كي تعلو كلمتك في هذا الكون. وانصُرها نصرًا باهرًا حتى يتم على أيديها نشرُ العدل والسلام، فهي جماعة مسيحك الموعود.

يا رب احفَظ هذه السفينةَ الأحمدية ومَن التجأ إليها من كل سوء أو كرب أو مكروه.

آمين ثم آمين، والحمد لله رب العالمين.

[1] هنيئاً لك أيها الأخ الميمون فقد استجاب الله كل أدعيتنا وابتهالاتنا رحمة منه وفضلاً، والحمد لله حمدًا كثيرًا أولاً وآخرًا وظاهرًا وباطنًا.

كما نشكرك على القصيدة الرائعة التي ضمنتها رسالتك، والتي نشرناها في الصفحة التالية. “التقوى”

Share via
تابعونا على الفايس بوك