الحقيقة كما أراها الحلقة الرابعة والأخيرة

الحقيقة كما أراها الحلقة الرابعة والأخيرة

حسين القزق

 علامات ظهور المسيح الموعود والمهدي المعهود

 كسر الصليب

يظن عامة الناس بأن المسيح عندما ينزل من السماء يأخذ السيف بيده، ويقتل الناس، ويكسر الصلبان، ويهدم الكنائس، ويهلك قسيسي النصارى، ويدخل المسيحيين وأهل الملل الأخرى في الإسلام قهرًا وجبرًا، حتى لا يقبل من أحدهم الجزية.

هذه العقيدة مزرية بالإسلام وتناقض القرآن المجيد؛ قال الله تعالى في القرآن المجيد:

وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ (الكهف: 30)

وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (يونس: 100)

لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ (البقرة: 257)

تبين هذه الآيات أن الإنسان حر في اختيار الدين الذي يتدين به. فكيف يحل للمسيح أن يقتل كل من لا يؤمن به؟ في حديث لرسول الله : عن أنس أن رسول الله قال:

“انْطَلِقُوا بِاسْمِ اللَّهِ وَبِاللَّهِ وَعَلَى مِلَّةِ رَسُولِ اللَّهِ وَلَا تَقْتُلُوا شَيْخًا فَانِيًا وَلَا طِفْلًا وَلَا صَغِيرًا وَلَا امْرَأَةً وَلَا تَغُلُّوا وَضُمُّوا غَنَائِمَكُمْ وَأَصْلِحُوا وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ. ولا تَقْتُلوا أصحَابَ الصَّوَامِعَ”.

فالمراد من كسر الصليب هو كسر العقيدة النصرانية حق الكسر وإبطالها بقوة البراهين الصادقة والحجج القطعية.

وضع الجزية

يعتقد بعض العلماء بأن المسيح لا يقبل الجزية من الكفار، بل يقطع عنق كل من لا يدين بدين الإسلام. هذه العقيدة باطلة ومنافية لما ورد في القرآن الكريم بأن الجبر ليس بجائز في الشريعة الإسلامية. فالمعنى الصحيح لوضع الجزية هو أن المسيح الموعود لا يكون ملكًا دنيويًا، بل يأتي بالحكومة السماوية الروحانية. فلذلك لا يقبل الجزية من الناس، بل يقبل الإيمان والإسلام فقط، ولا يأتي لسفك الدماء وقطع الأعناق.

قتل الخنزير

من أغرب الغرائب قول أهل الظاهر في تفسير هذه الألفاظ أن المسيح بن مريم يطارد الخنازير في البراري ليقتلها. ولكن المراد من الخنزير هنا.. الرجل الدنيء الذي يشبه بالخنزير في أفعاله وأخلاقه وشيمه.

يفيض المال حتى لا يقبله أحد

بعض العلماء يعتقدون أن المسيح الموعود حينما يأتي يملأ بيوتنا بالمال والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة. هذا مخالف لما جاء في القرآن:

وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ (الشورى: 28).

المعنى الحقيقي هو أن المسيح الموعود يأتي بخزائن معارف القرآن وحقائقه، فيملأ بيوت المؤمنين بمال العلم والرشد والهداية، ولكن الناس حينئذ يكونون منهمكين في دنياهم ومائلين إلى شهواتها، فلا يقبلون المال الذي يأتي به المسيح الموعود، فلذلك قال النبي :

“حَتَّى تَكُونَ السَّجْدَةُ الْوَاحِدَةُ خَيْرًا مِنْ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا”. (صحيح البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء).

النار

قال النبي : “أَوَّلُ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ نَارٌ تَحْشُرُ النَّاسَ مِنْ الْمَشْرِقِ إِلَى الْمَغْرِبِ”. (تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي، كتاب الفتن عن رسول الله)

إن النار نار الفتن التي جاءت من الغرب وأحرقت أثواب التقوى، فانظروا إلى فتن العلوم الغربية كيف تحشر الأحداث إلى المغرب، فأصبح كثير من المسلمين أمام ربهم يفسقون ويشربون الخمر ويزنون، ولا يرفعون يدًا إلى الصدقات، وإلى المنكرات هم باسطون.

طلوع الشمس من المغرب

إن رسول الله قال:

“لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا فَإِذَا طَلَعَتْ فَرَآهَا النَّاسُ آمَنُوا أَجْمَعُونَ فَذَلِكَ حِينَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا”. (صحيح البخاري, كتاب الرقاق)

إذا أخذنا الحديث بظاهره، فهذا يخالف القرآن:

فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ (البقرة: 259).

لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ (يس: 41)

المعنى الصحيح أن الله ينور البلاد الغربية بشمس الصدق ويهدي الغارقين في الضلالة والكفر والظلمة منذ أمد بعيد إلى الإسلام، فكأن شمس الإسلام تطلع من مغربها.

خروج الدابة

هذا الكلام من قبيل الاستعارة ولا يدل على مدلوله الظاهر. وقد اختلفت الآثار في تبيينه وتعيينه ولم تتفق على شيء واحد، حتى أن بعض الصحابة زعم أن دابة الأرض عليّ ، والحال أن عليا قد أنكر كونه دابة الأرض، وسخط على الرجل الذي قال عنه أنه دابة الأرض.

قال كثير من أهل العلم بالأخبار أنها ذات وبر وريش، وزغب، إلخ. من الأوصاف. لقد ورد عن دابة الأرض في كتب الأحاديث اختلافات وتناقضات، فلا يمكن التوفيق بين هذه الأحاديث. فالحق أن المراد من دابة الأرض هم علماء السوء الذين يشهدون بأقوالهم أن الرسول حق والقرآن حق ثم يعملون الخبائث ويبيحون الحرام ويتبعون الدجال، كأن وجودهم متكون من جزئين: جزء مع الإسلام وجزء مع الكفر. أقوالهم كأقوال المؤمنين وأفعالهم كأفعال الكافرين. فأخبر رسول الله أنهم يكثرون في آخر الزمان. وسُموا دابة الأرض لأنهم أخلدوا إلى الأرض وما أرادوا أن يرفعوا أبصارهم إلى السماء، واطمأنوا بالدنيا وشهواتها، وما بقي لهم قلب كالإنسان واجتمعت فيهم عادات الدواب. تراهم مستكبرين متبخترين كأنهم بلغوا السماء ومسُّوها، ولم تخرج أرجلهم من الأرض من شدة انتكاسهم إلى الدنيا. فهم كالذي شدد أسره وكالمسجونين؛ لا تجد في كلماتهم طهارة وبركة واستقامة ونورانية ككلمات الصالحين.

قد ورد في المفردات أيضًا:

وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُم (النمل: 83).

فقد قيل أنها حيوان بخلاف ما نعرفه يختص خروجه بحين القيامة. وقيل عُني بها الأشرار الذين هم في الجهل بمنزلة الدواب. فتكون الدابة جمعًا اسمًا لكل شيء يدب.

وكذلك قال الله تعالى:

إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ (الأَنْفال: 23).

و إنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (الأَنْفال: 56)

والمعنى الثاني:

يقول الله تعالى:

وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ (النمل: 83).

إنه متى تمت الحجة على المنكرين يبعث مرسل من عند الله فيبلغهم دعوته ويكذبونه، فالله يعذبهم بدابة الأرض وهي تكلمهم لأن الناس كانوا بآيات الله لا يوقنون. ويعلق الأحمديون على حدث الدابة المذكورة في آية القرآن المجيد أنها قد ظهرت وأن الناس قد كذبوا المسيح الموعود الممثل بشخص مرزا غلام أحمد، ولم يوقنوا، فتفشى فيهم وباء الطاعون كعذاب من عند الله حسبما تنبأ حضرته: “وهنالك خطب آخر عظيم حملني على ذكره ما يجيش في صدري من عاطفة الرحمة، وإني لأعلم أنه سيسخر منه ويستهزئ به من لا خلاق له من الروحانية. بيد أن الواجب يقضي على أن أعلنه شفقة على بني الإنسان، وذلك أنني اليوم – يوم الأحد الذي هو السادس من شهر فبراير سنة 1898 العيسوية – رأيت ملائكة الله تغرس في بقاع عديدة من بنجاب أغراسًا سوداء دميمة الأشكال قصيرة القامات منظرها مريع مكرب للغاية. سألت بعض الغارسين ما هذه الأشجار؟ فقال أنها أشجار الطاعون. وقيل لي: إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.”

إن رئيس تحرير مجلة نور الإسلام (لسان الأزهر) سابقًا قبل هذا التفسير بشيء من التأويل. فقال العلامة محمد فريد وجدي بعد تفنيد الروايات الواردة في دابة الأرض ما لفظه:

“وأحسن ما نراه في تفسير هذه الآية أن معنى تكلمهم تجرحهم، لأن الكلم بمعنى الجرح فيكون حيوانا من الأرض يجرحهم، فلا مانع أن يكون هذا الحيوان من نوع الحشرات الموجودة الآن ويكثر في المستقبل لأي سبب من الأسباب، فيكون هجومها على الناس على ضعفها وصغر حجمها وتحميلهم الأذى الكبير وعجزهم عن مقاومتها مع ما أُوتوه من بسطة العلم والحيلة آية من آيات الله. هذا ما يثلج الصدر والله أعلم.” دائرة المعارف للقرن العشرين المجلد الرابع ص 14.

الدجال وعلاماته

إن هنالك فتنة عظمى وهي أكبر من جميع الفتن حتى إن جميع الأنبياء قد أنذروا قومهم منها، إلا وهي فتنة الدجال. لفظ الدجال يعني: الداجل المموه الكذاب وبه سمي الدجال. الدجال يخرج في آخر هذه الأمة، سمي بذلك لأنه يدجل الخلق بالخلق بالباطل. وقيل لأنه يغطي الأرض بكثرة جموعه. والدجال والدجالة: الرفقة العظيمة تغطي الأرض بكثرة أهلها. قيل هي الرفقة تحمل المتاع للتجارة. إن أبا بكر خطب فاطمة إلى النبي فقال: إني وعدتها لِعليّ ولست بدجال، أي لست بخداع ولا ملبس عليك أمرك.

العلامة الأولى: أعور العين

إن النبي قال: “مَا بُعِثَ نَبِيٌّ إِلَّا قَدْ أَنْذَرَ أُمَّتَهُ الدَّجَّالَ الْأَعْوَرَ الْكَذَّابَ أَلَا وَإِنَّهُ أَعْوَرُ وَإِنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بِأَعْوَر”. (سنن أبي داوود، كتاب الملاحم)

والمراد من كون الدجال أعور وأن الله ليس بأعور هو أن الدجال يكون أعمى في الأمور الدينية من حيث الروحانية، ولا يتفكر في عقباه، ويكون ناكبًا عن الصراط المستقيم، وينسى بما أوصاه المسيح الناصري كما قال لهم :

  إِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (مريم: 37).

أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ (الرعد: 20)

لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ (الأَعراف: 180).

والعمى الظاهر ليس بشيء في الحقيقة، انظر إلى عبد الله بن أم مكتوم إنه كان أعمى ولكن نزل القرآن فيه: عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى (عبس: 2-3)

وكذلك ورد في الحديث:

“إن الله لا ينظر إلى صوركم”.

ولا يراد هنا العمى الجسماني بل العمى الروحاني. ومعنى العمى هنا العماية والضلال وذهاب بصر القلب لا غير. هذا هو المعنى المراد في حق الدجال.

وأما كونه أعور العين اليمنى فهذه رواية البخاري وهو أصح الكتب بعد كتاب الله، وهي ترجح على روايات أخرى. والجانب الأيمن يشبه بالشيء النفيس عموما، ولذا يراد بالعين اليمنى العين الدينية، فالمعنى أنه يكون غافلا عن سوء عاقبته. يقول الله تعالى عن مثل هؤلاء الغافلين:

لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (ق: 23).

أما كون عينه الثانية كأنها كوكب دري فمعناه أنه يكون ماهرًا في العلوم الأرضية وبارعًا في الفنون الدنيوية.

العلامة الثانية:

“مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ كَافِرٌ يَقْرَؤُهُ كُلُّ مُؤْمِنٍ كَاتِبٍ وَغَيْرِ كَاتِبٍ” (صحيح مسلم، كتاب الفتن وأشراط الساعة)

إن هذه العلامة ليست من العلامات التي تكون موجودة من حيث الظاهر في الدجال، إذ أن هذه العلامة ما كانت موجودة في ابن صياد الذي قال عنه الصحابة أنه هو الدجال. ومن الذي يرتاب في كونه دجالاً مع وجود هذه العلامة الباهرة الواضحة؟

فخلاصة القول أن كتابة حروف (ك ف ر) في الحقيقة أمر غير جائز ولا يسيغه العقل الإنساني! بل هي استعارة تومئ إلى أن الدجال يلبس الحق بالباطل، ويزخرف القول في أعين الناس، ويأتي بعقائد فاسدة وخيالات باطلة تنزع الإيمان من جذور القلوب، ويظهر على الخلق أنه على الحق، ولا يكون له دليل حقيقي على صدقه، بل يكون كفره أمرًا بواحًا، كأنما تتجلى سمة الكفر على جبينه، ويدرك على الفور أنه كافر. فمعنى لفظ مكتوب بين عينيه كفر ويقرأه كل مؤمن قارئ أو غير قارئ أن المؤمن الراسخ في إيمانه يستطيع أن يفرق بين الكفر والإيمان ويتفرس بنور القلب في الأمور الدقيقة ويأمن العقائد المضلة، فلا تزل قدمه.

العلامة الثالثة: إنزال الغيث

قال رسول الله : خمْسٍ لَا يَعْلَمُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ ثُمَّ تَلَا : إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ”. (صحيح مسلم، كتاب الإيمان)

هذا مجاز يشير إلى أن الدجال يحفر الترع من الأنهار ويذهب بها إلى القفار والأرض الخربة، ويعمرها ويستفيد منها كثيرًا، ويخرج كنوزها التي كانت مدفونة فيها من قبل. والمعنى الثاني لنسبة إنزال الغيث إلى الدجال أنه سيخترع الوسائل التي تؤدي إلى إنزال المطر الاصطناعي الذي قد ترى أحيانًا مظاهره عند التجارب العلمية في بعض البلاد، لأن المطر الحقيقي لا ينزله إلا الله.

العلامة الرابعة: حمار الدجال

“وَلَهُ حِمَارٌ يَرْكَبُهُ عَرْضُ مَا بَيْنَ أُذُنَيْهِ أَرْبَعُونَ ذِرَاعًا”. (مسند أحمد، كتاب باقي مسند المكثرين)

وفي رواية: “تحته حمار أقمر طول كل أذن من أذنيه ثلاثون ذراعا، ما بين حافر حماره إلى الحافر مسيرة يوم وليلة، تطوى له الأرض، يتناول السحاب بيمينه، ويسبق الشمس إلى مغيبها، يخوض البحر إلى كعبيه، أمامه جبل دخان وخلفه جبل أخضر، ينادي بصوت له يسمع به ما بين الخافقين: إليّ أوليائي، إليّ أحبائي. (كنز العمال)

إن الحديث إشارة واضحة إلى مركب جديد يُخترع في آخر الزمان، ويسهل السفر ويكون سريع السير، ويصوت بصوت جمهوري يسمع به ما بين الخافقين، لسرعة سيره وسهولة السفر به لا يلتفت الناس إلى مراكب أخرى، حتى أن الجمال التي كانت تقطع معظم الطرق في أيام خالية لا يعتد بها. وإليه أشار الله سبحانه وتعالى بقوله: وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ (التكوير: 5).

استغنى الناس في هذه الأيام عن العشار والقلاص لوجود البواخر والسيارات والقطارات والطائرات التي تجري بسرعة ليلاً ونهارًا، وتنادي الركاب بصوت جهوري، وهي لا تتعب ولا تكل، والدخان يصاحبها. وأما خوضه في البحر إلى كعبيه فلا يخفى على الذي رأى البواخر سابحات في البحار.

هل الدجال فرد واحد؟

إن النبي قال:

“مَنْ حَفِظَ عَشْرَ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ الْكَهْفِ عُصِمَ مِنْ فِتْنَةِ الدَّجَّالِ”. (سنن أبي داوود، كتاب الملاحم) “.

إن أمر رسول الله بقراءة فواتح سورة الكهف وأواخرها عند ظهور الدجال لم يكن إلا لأنه يوجد فيها ذكر الدجال. ألا وهم القوم الذين اتخذوا المسيح بن مريم ولدًا لله وإلها من دونه، وضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا! وإن أكبر فتنة في الدنيا هي عقيدة اتخاذ الولد لله .

قال النبي : “تَقُومُ السَّاعَةُ وَالرُّومُ أَكْثَرُ النَّاسِ”. (صحيح مسلم، كتاب الفتن وأشراط الساعة). والروم هم النصارى.

لقد ثبت من هذه الأدلة أن الدجال هي فرقة عظيمة غاوية مغوية خادعة، وهم قسوس النصارى وفلاسفتهم الذين انتشروا في مشارق الأرض ومغاربها، وغطوا وجه التوحيد بحجاب التثليث، فنعوذ بالله من فتنتهم وأباطيلهم، ونرجع إليه فهو نعم المولى ونعم النصير.

العلامة الخامسة: خسوف القمر وكسوف الشمس

من أمارات ظهور المسيح الموعود والمهدي المعهود خسوف النيرين في شهر رمضان. إن الله تبارك وتعالى قد أخبر عن هذا النبأ العظيم في القرآن الحكيم حيث قال:

فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ * وَخَسَفَ الْقَمَرُ * وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ * يَقُولُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ (القيامة: 8-11).

لقد جاء في سنن الدار قطني: “إن لمهدينا آيتين لم تكونا منذ خلق السماوات والأرض ينخسف القمر لأول ليلة من رمضان وتنكسف الشمس في النصف منه”.

يقول الأحمديون ويعلنون بقوة وبتحد أن خبر الخسوف والكسوف كان في حيز الخفاء والستر حتى ظهر المهدي الموعود؛ تجلت آية خسوف القمر وكسوف الشمس في سنة 1311 هجرية تصديقًا لدعوى مرزا غلام أحمد . علمًا بأن رواية الدار قطني تحتوي على أربع حقائق: (الأولى) خسوف القمر في رمضان لأول ليلة من ليالي الخسوف وهي 13، 14، 15. و(الثانية) كسوف الشمس في شهر رمضان ليوم وسط من أيام كسوف الشمس وهي 27، 28، 29. و(الثالثة) وقوع خسوف القمر وكسوف الشمس في شهر واحد أي في شهر رمضان. (الرابعة) ظهور المهدي قبل وقوع هذه الآية حتى تكون دليلاً على صدق دعواه (لمهدينا).

إن كافة الطوائف الإسلامية قد أجمعت على أن ظهور المهدي يجب أن يكون في القرن الرابع عشر الهجري، وها نحن الآن في القرن الخامس عشر الهجري ولم يأت من يدعي بأنه المهدي سوى مرزا غلام أحمد، الذي توفي وفاة طبيعية، وجماعته مستمرة في تحقيق ما جاء على لسان مؤسسها، ألا وهو كسر الصليب بالحجة والبرهان.

لقد كتب المسلمون الأحمديون كثيرًا في وفاة عيسى وأنه مدفون في سرينجر – كشمير في الهند. كما جاء في كتاب “دعوة إلى الحق” لمؤلفه مرزا بشير الدين محمود أحمد:

“إن المسيح الناصري لم يصعد إلى السماء بعد حادث الصليب، بل قام برحلة طويلة إلى فارس وأفغانستان والهند، كما ورد في الإنجيل أن المسيح قال: “لَمْ أُرْسَلْ إِلاَّ إِلَى خِرَافِ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ الضَّالَّةِ”. (مَتَّى 15 : 24) ، “وَلِي خِرَافٌ أُخَرُ لَيْسَتْ مِنْ هذِهِ الْحَظِيرَةِ، يَنْبَغِي أَنْ آتِيَ بِتِلْكَ أَيْضًا فَتَسْمَعُ صَوْتِي” (إيُوحَنَّا 10 : 16).

وعلاوة على الشواهد الإنجيلية، قد أثبت مرزا غلام أحمد هذه الدعوى بالشواهد التاريخية والجغرافية كما استشهد بالتواريخ المسيحية القديمة أن حواريي المسيح كانوا يترددون إلى الهند، وأنه لا يوجد ببلاد “تبت” كتاب شبيه بالأناجيل تمام الشبه وهو يتضمن الادعاء بأنه يحتوي على تاريخ المسيح. الأمر الذي ينم على أن المسيح قد جاء بالتأكيد إلى هذه البلاد. والتاريخ القديم يشهد والآثار القديمة بأفغانستان وكشمير وأسماء المدن بها تدل على أن اليهود كانوا استوطنوا هذه البلاد بعد الجلاء. كما أن كلمة “كشمير” أصلها “كشير” كما يتبين من كلام سكانها، أي مثيل سوريا، والكاف فيها للتشبيه، و”شير” من أسماء الشام. كذلك أسماء المدن الأفغانية تشابه أسماء المدن الشامية ككابل وغيرها، وكذلك الهياكل العظمية لوجوه الأفغانيين وأهل كشمير تشابه بنية الوجوه الإسرائيلية.

لكن الأهم من كل ذلك أن حضرة مرزا غلام أحمد استخرج من التواريخ آثار قبر المسيح الناصري بكشمير، وأنه في مدينة “سرينجر” محلة “خانيار”. ويتبين من تاريخ كشمير القديم أن هذا القبر لنبي كان يدعى “شهزاده نبي” الذي كان هاجر إلى كشمير قبل تسعة عشر قرنًا. ويُعرف هذا القبر عند قدماء الكشميريين بقبر عيسى.

وقصارى القول أن حضرة مرزا غلام أحمد أثبت بروايات عديدة الطرق أن المسيح الناصري توفي ودفن في كشمير، وقد تحقق وعد الله:

وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ (المؤمنون: 51).

قد جاء في كتاب “حياة المسيح” للكاتب عباس محمود العقاد الصادر عن دار الهلال:

“ومن الأخبار التاريخية خبر لا يصح إغفاله في هذا الصدد، لأنه محل نظر كبير، وهو خبر الضريح الذي يوجد في طريق “خان يار” بعاصمة كشمير، ويسمونه هناك ضريح النبي أو ضريح عيسى. وروى تاريخ الأعظمي الذي دوّن قبل ألفي سنة، وينقل المولوي محمد علي في ترجمته للقرآن الكريم عن كتاب عربي ويسمى “إكمال الدين” محفوظ من ألف سنة أن اسم “عوس آصف” مذكور فيه، وأنه قال عنه أنه رحالة ساح في بلاد كثيرة. وأن كتاب “برلام ديو شافاط” في صفحة 111 يذكر عن عوس آصف أنه صاحب “بشرى”، وأنهم يحفظون مثلاً من أمثاله في تعليمه يشبه مثل المسيح عن الزراع والبذور. ولقد أورد المولوي محمد علي على هذا التعليق في تفسير الآية الكريمة:

وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ .

وأورد تعليقًا يقرب منه في تفسير قوله تعالى: إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيّ وغيرها من الآيات القرآنية التي تناولت حياة عيسى بن مريم .

ما زلت أرجو من مقالي هذا أن يستجيب علماؤنا الأفاضل، فيخرجوا من عزلتهم، وينفضوا عنهم غبار السلبية في مواجهة قضية هامة، كالتي نناقشها اليوم، ويثبتوا للبشرية أنهم ما زالوا أهلاً لهذا الشرف العظيم الذي وهبهم إياه النبي الكريم خاتم الأنبياء والمرسلين محمد المصطفى ، ويتدارسوا هذا الأمر مع كافة العلماء من جميع الطوائف ومن بينهم الجماعة الإسلامية الأحمدية، ويظهروا لنا قرارهم العظيم في صحة ما جاء به الأحمديون، أو يطرحوا ما هو بديل كي تستقر نفوس المسلمين، وينقذ أهل الدين الذين آلوا على أنفسهم الاستجابة لله وللرسول، ولقوله تعالى:

آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ (البقرة: 286). ولكي نعرف:

  • ما هي علامات وأمارات المهدي المنتظر؟ وكيف يتم تحديد شخصيته والتعرف عليها والتأكد من صدق دعواها؟
  • إذا ما جاء من يدعي أنه المسيح أو المهدي المنتظر، فكيف يتم التعرف عليه؟

أمن مظهره الخارجي أم من فعله وقوله وتأييد الله تعالى له؟

  • ما هي الدرجة الروحانية التي يكون عليها المهدي المنتظر، وموقعها من الدرجات الأربع التي جاء ذكرها في القرآن الكريم: النبوة أم الصديقية أم الشهادة في سبيل الله أم الصالحية؟ في حال سماع الناس بظهور المهدي وبعد التحقق منه، وهل يستوجب علينا الإيمان به أم لا؟
Share via
تابعونا على الفايس بوك